يستعد الاتحاد العام للتجار والحرفيين لإطلاق حملة لخفض أسعار الألبسة والمستلزمات الخاصة بإحياء مناسبة العيد، ابتداء من الأسبوع الثاني لرمضان، بعد أن...
هنأ الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، مستخدمات الجيش الوطني الشعبي، العسكريات...
أكّد وزير التربية الوطنية محمد صغير سعداوي، على إلزامية توحيد إجراءات تنفيذ أحكام المرسوم التنفيذي 25-54 المتضمن القانون الأساسي الخاص بالموظفين...
وجهت الجزائر تحذيرات إلى الحكومة الفرنسية بشأن مشروع المناورات العسكرية التي تعتزم القيام بها بالاشتراك مع المغرب قرب الحدود الجزائرية، ونبهت إلى خطورة هذه المناورات...
يحيي عموم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها اليوم ليلة القدر؛ إجلالا لقدرها، واغتناما لعظمة الثواب فيها، واعتزازا بالقرآن الذي أنزل فيها، وعزما على السير على هديه بعهد جديد مع الله سبقته في ليالي رمضان وأيامه توبة نصوح وبر وإحسان وصيام وقيام بإيمان واحتساب، فيقبلون على العبادة والصدقة والدعاء في هذه الليلة المباركة التي جعل الله تعالى العبادة فيها خير من العبادة في ألف شهر؛ علاوة على ما تحمله هذه الليلة من معاني إيمانية عظيمة تتنزل فيها الملائكة، وتتوحد مشاعر المسلمين.
وقد وردت في فضائلها نصوص شرعية من الكتاب والسنة، جعلت منها أفضل الليالي على الإطلاق؛ وخصتها بالأمة المسلمة رحمة بها وفضلا من الله تعالى؛ فقد قال الله تعالى: ((إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)))، وقال تعالى: (( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5) رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (6)))، فمن هذه الآيات يتبين أنها ليلة القدر والشرف، وأنها ليلة مباركة، وأنها ليلة السلام، وأنها ليلة تنزل الملائكة وجبريل عليه والسلام على الأرض، وأنها ليلة الخير، وأنها الليلة التي تقدر فيها المقادير.
وقد جرت العادة أن يورد البعض علامات لهذه الليلة، على غرار قولهم: إن الشمس تظهر صيحتها لا شعاع لها، أو حمراء ضعيفة وأنها ليلة هادئة.. وغيرها من العلامات التي لا أصل لها بل إنها مجرد اجتهادات بشرية، وجلها إن ظهر لا يظهر إلا بعد انقضائها، علاوة على كونها علامات حسية مناخية، ومعلوم أن رمضان يتنقل من فصل لآخر والفصول تختلف في مناخها، بل إن أقطار الأرض تختلف في مناخها في الفصل الواحد في الليلة الواحدة، فلا تكون الليلة بالأوصاف ذاتها في مشارق الأرض ومغاربها حيث يتواجد المسلمون، لذلك على المسلم الاشتغال فيها بالعبادة وكثرة الدعاء، حتى لا يفوته خير كثير، ويكف عن النظر في مثل هكذا علامات؛ فالمهم أن يظفر بثوابها العظيم ويضاعف من حسناته فيها؛ لأن العبادة فيها أفضل من عبادة عمر كامل من حيث الأجر والثواب، والحياة امتحان ومزرعة للآخرة وهذه الليلة من الأوقات التي يضاعف فيها الخير فلنغتنمها.
ع/خ
ليلة فارقة بين الظلمات والنور
لقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا اغفر له ما تقدم من ذنبه)؛ فمن قام ليالي العشر كلها إيمانا واحتسابا أدرك هذه الليلة بلا شك، وفاز بما وعد الله أهلها. وقد سألت عائشة رضي الله عنها فقالت « يا رسول الله: إن وافقت ليلة القدر فما أقول فيها، قال: «قولي، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني» وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم، وكان السلف بعدهم، يعظمون هذه العشر ويجتهدون فيها بأنواع الخير. إذن المسلمون اليوم مطالبون أكثر من أي وقت مضى أن يتأسوا بنبيهم صلى الله عليه وسلم وبأصحابه الكرام رضي الله عنهم وبسلف هذه الأمة الأخيار، فيحيوا هذه الليالي بالصلاة وقراءة القرآن وأنواع الذكر والعبادة إيمانا واحتسابا حتى يفوزوا بمغفرة الذنوب، وحط الأوزار والعتق من النار. وقد وعد الله تعالى عباده المخلصين والصادقين بالثواب الجزيل والمغفرة التامة ووعدهم بذلك في كتابه فقال سبحانه: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: « الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر ». إن ليلة القدر هي أعظم ليلة عند الله تعالى وأكثرها بركة إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ، وبركتها تكمن في اصطفاء الله تعالى لها لتكون الليلة التي تنزّل فيها القرآن، وهذا هو أعظم نعمة على البشرية،وهذه الليلة يكون تحرّيها باجتهاد المؤمن في العشر الأواخر وخاصة في هذه الليالي من قيام و قراءة للقرآن، وذكر، ودعاء.وصدقة وتزكية للنفس..وذلك لأن ثواب العبادة في هذه الليلة أفضل من ثوابها في ألف شهر كما قال رب العزة والجلال {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}، وقد رغّب النبي في قيامها وطلب موافقتها أيَّما ترغيب، بقوله: « من قام ليلة القدر إيمانًا واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه» متفق عليه. ليلةٌ فارقةٌ بين النور والظّلمات، وفاتحةٌ للخير والرضوان نتحرّى قيامَها وتمامَها ونحسِن فيها الاجتهاد؛ كي تكون لنا حتّى مطلعِ الفجر سلاماً.
الظروف الصحية حالت دون ختمه
تـلاوة نصف القرآن في المساجد
جرت العادة أن يختتم جل قراء مساجد الجزائر من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها القرآن الكريم ليلة السابع والعشرين الموافقة لليلة القدر المباركة، بعد 27 ليلة من التلاوة العطرة في صلاة التراويح؛ لكنهم على خلاف ذلك لن يختموا القرآن هذه المرة؛ لأن التزموا بالشروط الصحية التي حددتها لجنة الفتوى واكتفوا بتلاوة حزب واحد كل ليلة بدل حزبين، وهذا يعني أنهم تلوا نصف كتاب الله تعالى فقط؛
ومعلوم أن ختم القرآن في صلاة التراويح ليس أمرا لازما شرعا بل هو عادة جزائرية حسنة دأب عليها الأئمة منذ زمان اعتزازا بهذا الكتاب وحفظا له وتعظيما، ولذلك سينالون أجر النية لأن الأعمال بالنيات، ومن هم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة كاملة، فمن اعتاد على فعل خير ثم حال دون فعله حائل اضطراري أن له الآجر كاملا، ويكفيهم أجرا أنهم التي شنفوا أذان المصلين بأصوات آيات القرآن الكريم، فلاقوا منهم التكريم، وفي كنف التلاوة توقف المصلون عند آيات ترغب وأخرى ترهب، آيات للقصص وأخرى للعبادة، آيات للمعاملة وأخرى للأخلاق، آيات للقصص، آيات للتحليل وأخرى للتحريم، وأخرى لأحوال القيامة ونعيمها وشقائها، وغيرها من الآيات التي غطت موضوعات القرآن، ولئن كانت التلاوة والاستماع إليها وحدها كافية لكسب الأجر والثواب فإن المنتظر بعد هذه الليالي أن تتجلى آثارها في سلوك الناس وفي علاقتهم مع الله ومع عباده، حتى لا تغدو مجرد أصوات عابرة في حياتهم؛ لأن القرآن يحيي النفوس ويربيها ولا معنى لمجرد التلاوة ما لم يستتبعها التزام ووقوف عند حدود الله.
الليـلة المبـــاركة بين الـسلام والـعفو
لقد وصفت هذه الليلة بأنها ذات قدر كما أنها مباركة. وإن قيمة الوصف والموصوف من قيمة الواصف، فهذه الليلة ليلة مباركة وهذا الوصف الجامع لكل معاني الخير هو من عند الله عز وجل حيث قال: «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ »، مباركة الأجر لمن قامها وعمل فيها الخير ففيها تضاعف الأعمال ويكون أجرها وثوابها كأجر ألف شهر « لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)» القدر.
إن خيرية ليلة القدر جاءت مما وقع فيها من حوادث عظام ألا وهما: الوحي إلى محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم بآخر رسالة سماوية من رب العالمين إلى الناس أجمعين وإنزال القرآن الكريم في هذه الليلة المباركة وهو كتاب حوى أكمل دين صالح لكل زمان مكان، لا تنقضي عجائبه وهو المعجزة الخالدة إلى يوم الدين، هي ليلة السلام حيث وصفت بالسلام لسلامة العباد من العذاب بطاعتهم لله « سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ» القدر هي ليلة اللقاء مع الله، ليلة الإقبال عليه، ليلة الصلح معه،ليلة المغفرة والتوبة، فإذا ما قدرنا الله حق قدره فقد وصلنا إلى كل شيء، جاء في الأثر: (ابن آدم اطلبني تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإذا فتك فاتك كل شيء،وأنا أحب إليك من كل شيء).
هي ليلة العفو، فقد سألت أمنا عائشة رضي الله عنها الرسول صلى الله عليه وسلم عما تقوله أو تفعله إن هي صادفت هذه الليلة فأجابها صلى الله عليه وسلم قائلا: (قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني) فخص النبي صلى الله عليه وسلم هذا الدعاء أن يردد في هذه الليلة المباركة لما يتضمنه من معاني حيث أن العفو هنا: عفو في الأبدان وعفو في الأديان وعفو من الديان؛ فعفو الأبدان شفاؤك من كل داء، وعفو الأديان توفيقك للخير وللعبادة ولأعمال الآخرة، وعفو الديان الصفح والعفو والغفران من الله الكريم المنان بمحو الذنوب والتجاوز عنه وترك العقوبة عليه. ومن معاني العفو في اللغة الزيادة والكثرة، فعفوه أن يعطيك ما تسأل وفوق ما تسأل، يقول ابن القيم: (فإن عفا عنك أتتك حوائجك من دون مسألة).
وإن الإنسانية جميعا أحوج ما تكون خاصة في هذا العصر إلى العفو الذي أتت به هذه الرسالة وإلى السلام الذي طبع هذه الليلة.
لـحظة عبادة بألف شهـر ثـواب !
لقد سُمّيت ليلة القدر؛ لرفعة قدرها أي شأنها، وعلوّ منزلتها، ولما يحصل فيها من تقدير مقادير الخلق، وتوزيعها على الزمان والمكان، قال عز و جل: (فيها يُفرق كلّ أمر حكيم أمرًا من عندنا إنّا كنّا مرسلين). ليلةٌ هي منحةٌ لأمّة الإسلام، قال الإمام مالك -رحمه الله: بلغني أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أراه الله أعمار الأمم قبله، فكأنه عليه الصلاة والسلام تقاصر أعمار أمته، أي: رآها قصيرة بالنسبة لأعمال الذين سبقونا، تقاصر أعمار أمته أن لا يبلغوا من العمل ما بلغه غيرهم، فأعطاه الله ليلة القدر خيرًا من ألف شهر، تصديقًا من ربنا لوعده لنبيه صلى الله عليه وسلم: (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى).
فالعمل في هذه الليلة خير من عمل ألف شهر، وهل هو خير بمرة واحدة، أم بمرتين، أم بمرات عديدة؛ فضل الله لا حدّ له، والتفاضل بحسب تقوى القلوب. ليلة نزل فيها القرآن، وتنزل فيها الملائكة، وينزل فيها الأمن والسلام والطمأنينة، (إنا أنزلناه في ليلة القدر، وما أدراك ما ليلة القدر، ليلة القدر خير من ألف شهر، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر، سلام هي حتى مطلع الفجر)، إنها ليلة من حُرم خيرها فقد حُرم. ومن أراد درك فضلها فعليه بالتوبة من الذنوب إقلاعا وندما وعزما على عدم الرجوع، ولا بدّ من رد المظالم والحقوق المادية والمعنوية إلى أصحابها، وينبغي أن يصلح المؤمن ما بينه وبين الناس، فيصل من قطعهم، ويصالح من خاصمهم، ويستسمح من ظلمهم، فإنه يُخشى على المتلاحيان ألا ينالَهم فضلُها، ومن أبرز أعمالها قيام معظم الليل، قال صلى الله عليه وسلم: (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه).
ومن أبرز أعمالها الصدقة، فإنها تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار. ومن أهمّ أعمالها الدعاء، فيا أخي المؤمن الجأ إلى ربك في هذه العشر، اشك إليه بثّك وحزنك، وضعفك وعجزك، من كان مريضًا فليشْكُ إلى ربّه مرضه، من كان مهمومًا مغمومًا فليشْكُ إلى ربّه همّه وغمّه، من كان مدينًا فليسل ربَّه قضاء دينه، من كانت له حاجة فليسلها من الله في هذا الموسم العظيم، فإنّه موسم العطاء والمنّ والبركة.