الأحد 3 نوفمبر 2024 الموافق لـ 1 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

«الضحك والنسيان»

لم يفز بجائزة نوبل لكنّه استعاد، وهو في التسعين، جنسيّته الأصليّة التي حُرم منها قبل أربعين عاماً.
لم تُنصف الأكاديميّة السويديّة ميلان كونديرا، وهي التي «كافأت» منشقين أقلّ موهبة منه، في زمنِ الحربِ الباردةِ، حين كان الغربُ يبحث عن أنبياء من الشّرق ينتقم من خلالهم من العدوّ الروسيّ وحلفائه( ولازال يفعل إلى يومنا هذا مع أممٍ أخرى لم تتدمقرط ولم تُفتّت بعد !)
ولا شكّ أن نوبل خسرت بذلك إضافة كاتبٍ عظيمٍ، حقاً، إلى قائمتها، يخدم الغرض الأدبي و المقاصد السياسيّة في آن، إذ لا يُعقل أن يفرّط المستثمرون في الوضع لو حقّ الحقّ في كاتبِ أرفع أهجيّة للشيوعيّة، رائعة «المزحة» التي تصوّر كيف تطحن آلة الايديولوجيا الفرد وكيف صارت تتفوّق على العواطف الإنسانيّة وتحوّل حتى الحبيب إلى واشٍ محتمل، حيث نزل «لودفيك» إلى الجحيم بمجرّد ما كتب عبارة «عاش تروتسكي»  على سبيل المزاح في ختام رسالة إلى صديقته !
وجرّد كونديرا من الجنسية التشيكية  سنة 1979 بعد صدور رواية «كتاب الضحك و النسيان» التي تقدم بانوراما ساخرة عن الوضع الذي آلت إليه «بوهيميا» بعد الاجتياح السوفييتي، قبل أن يستعيدها في السادس من الشهر الجاري وقبلها حصل على اعتذارٍ علني من الوزير الأول التشيكي.
وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران، الذي عُرف بحبّه للأدب وصداقته مع كبار كتّاب العصر، قد منح الجنسيّة الفرنسيّة للكاتب الذي تبنته فرنسا أدبياً، رغم أنّه لم يكتب بالفرنسيّة إلا في تسعينيات القرن الماضي. وعاش كونديرا فترةً عصيبةً سنة 2008 بعد ظهور وثائق تؤكد أنه وشى خلال الحكم الشيوعي بشاب حكم عليه ب22 سنة سجنا، وكان لهذا الخبر مفعول القنبلة التي تعادل القنبلة التي فجّرها غونتر غراس في الأوساط الأدبيّة العالميّة بعد نشره «عند تقشير البصل» السيرة التي اعترف فيها بالتعاون مع المخابرات النازيّة.
وإذا كانت تجربة ميلان كونديرا تقدّم  صورة عن تعامل الدول الشمولية مع نخبها، فإنها تكشف أيضاً عن أساليب الاستقطاب التي تستخدمها قوى غربية من خلال استغلال كتاب وفنانين في معاركها الظاهرة والمستترة، ويبقى الفرق واضحاً بين الكتاب الحقيقيين الذين يستخدمون الغرب نفسه في صعودهم كما هو حال كونديرا وكتّاب يتم استخدامهم والضحك عليهم قبل نسيانهم، كما هو حال كتّاب لا ضرورة لذكرهم !
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
قطارُ الباطل

سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على...

  • 29 أفريل 2024
صعلكة

  أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي...

  • 23 أفريل 2024
ضرورة التفكير في المجتمع

  سليم بوفنداسة انتفض المجتمع المدني في ولاية خنشلة ضدّ "الراقي الزائر"، الذي أثار الجدل على مواقع التواصل، ودعا...

  • 16 أفريل 2024
المخفيّ

حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان...

  • 26 فبراير 2024
اختراق

شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة...

  • 19 فبراير 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com