الأحد 24 نوفمبر 2024 الموافق لـ 22 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

المواطن سهيل

مات سهيل الخالدي في الجزائر التي اختارها للعيشِ والموتِ، الجزائر التي كان يهربُ إليها فاقدو الأوطان دون تفكيرٍ، لأنّها كانت تمنحُ الأملَ قبل أن تسقط في المستنقع الدموي، لكنّ الفتى الفلسطيني ظلّ على وفائه لها، لم يغادرها كما فعل آخرون ولم يتنكّر لها، لأنّها ضاقت حين ضاقت على الجميع. ولا لوم على الذين ذهبوا شمالاً وفي قلوبهم حسرة على ضياع حلم «الميتروبول العربي».
 سيذكره جيلٌ من المبدعين الجزائريين الذين خطوا خطواتهم الأولى على صفحاتِ «الشّعب»، حيث رافقهم لسنواتٍ كرسولِ محبّةٍ. سيذكره الراسخون والعابرون في الصّحافة. وقبل ذلك ستكون حياته درساً  في «المواطنة»، وهو الذي عانى من نظرات «عنصريّة» كان يردّ عليها بالتأكيد على «جزائريته» حتى في أحلك الظروف. قد يكون الوطن، في نهاية المطاف، المكان الذي نختاره، المكان الذي نبنيه وليس بالضرورة «المنجم» الذي ننهبه ثم نخرّبه حين يُقال لنا كفى!
وربما استفدنا من هذا الدرس في هذا الوقت بالذات، حيث تحوّل متعلّمون في المدارسِ  المجانيّةِ والجامعاتِ المجانيّةِ ومستفيدون من السّكنِ المجاني والعلاج المجاني إلى منتجي كراهيّة، باسم هويات وايديولوجيات، كادت تمزق النسيج الاجتماعي بل و تأتي على الدولة الوطنيّة المعذّبة في بنائها وفي وجودها.
ويحيل هذا المعطى المخيف إلى خللٍ في بناء الإنسان الجزائري، منتوج الريع و الرومنسية الثورية، الذي قد يؤدي بنفسه إلى التهلكة وهو ينشد تحسين الوضع.  فالديمقراطيّة (الضروريّة) هي نتيجة نهائيّة لنضجٍ اجتماعيٍّ وسياسيٍّ ولن تكون هبة من أحدٍ، لن يمنحها لك ماكرون ولا «فريدم هاوس» ولن يجود بها متقاعدون فاشلون في مسارهم المهني أو لصوص سابقون لم يسألوا عما فعلوا أو محبطون من أمرِ ما، ولن تتدرّب عليها في صربيا!
و أخطر عدوّ للديمقراطيّة هو الكراهيّة الآخذة في الانتشار كالوباء، بترويج من فرسانٍ الكترونيين أخذتهم العزّة بالإثم في غياب رادعٍ أخلاقي أو قانوني.
قد يكون موت كاتب غير مناسبٍ لقول هذا الكلام، لكنّه مناسب في حالة سهيل الخالدي، المواطن الجزائري انتساباً الذي يذكرنا بطلبةٍ ومثقفين تعلّقوا بالجزائر وانتموا إليها ووجدوا صعوبةً في الخروج منها لأنّها كانت بالنّسبة لهم حلماً وفكرة، في وقتٍ يسعى بعض أبنائها إلى اختزالها في «مغانم» وتخريبها بعد ذلك.
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
قطارُ الباطل

سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على...

  • 29 أفريل 2024
صعلكة

  أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي...

  • 23 أفريل 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com