الأحد 24 نوفمبر 2024 الموافق لـ 22 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

قصيدة سولكينغ

يحمّل كتّابٌ أنفسهم حمولات ثقيلة في الحياة القليلة التي يقضونها على «هذه الأرض»، ويصرفون في ذلك وقتاً ثميناً ربما كان من المفيد استغلاله فيما هو خير وأبقى.
قد يكون الكاتبُ الذي يقضي وقته خاطباً في الجماهير الوهميّة وموجّهاً لها على شبكات التواصل الاجتماعيّ ضحيّة قراءات كلاسيكيّة لسيّر الشخصيّات التاريخيّة والأسطوريّة كأبطالِ الملاحمِ وشعراءِ العصور الغابرة والأنبياء، أي أنّه لم يقرأ عصره على النّحو الصّحيح، ولم يدرك أنّ «القيّم الجديدة» التي فرضتها عقيدة السّوق على الإنسانيّة لا تشمل الكاتب والشّاعر في تصنيفها القاسي، مع استثناء كتّاب غربيين «أنصفتهم» صناعةُ الكتاب وتجارته،  لأنّ الكاتب لم يعد بين «المؤثرين» في زماننا بكلّ بساطة !
 لذلك تضع الإرشادات والتوجيهات التي يقدّمها كتّاب لصنّاع القرار والشّعب صاحبها في موضعٍ تعيسٍ يثيرُ السخريّة أحياناً، خصوصاً حين يتوهّم أنّ التاريخ يقف في صفّه وأنّه خصّه برحمةٍ حرم منها الذين يقفون في الموقف المقابل أو الذين يمضون في حياتهم بلا ضجيج، رغم أنّ التاريخ قد أثبت في جميع أحواله أن الرّحمة هي الصّفة الوحيدة التي لا تليق بأفعاله.
يكفي الكاتب أن  يعاين مواقع التواصل الاجتماعيّ ليعرف المؤثّرين الحقيقيين والشخصيّات التي يتابعها الجمهور العريض، ثم عليه أن يعود إلى رشده ويختار بين ممارسة فعل الكتابة الذي يستهدف جمهوراً محدوداً ولا يمنح صاحبه أية سلطة على النّاس أو نجوميّة، أو الانصراف إلى «ممارسة» أخرى تجلب الأضواء وتستقطب المتابعين.
وسيقف خلال المعاينة، مثلا، على القصيدة الأخيرة للشاعر سولكينغ التي يقول فيها مخاطباً بثينة ما معناه: وضعتُ يديّ على كتفيك كي يدعك الناس في سلام ، ويضيف: يريدون رؤيتنا على شبكات التواصل وإني سأمكنهم من ذلك ..لذلك يقترح عليها الخروج هذا المساء مع التأكيد على أنّه يمتلك الفستان الملائم لذلك.
و دون الخوض في شعريّة القصيدة، سيكتشف أنّها حصدت أكثـر من تسعة ملايين مشاهدة في ظرف ساعات من تعليقها على كعبة اليوتيوب، وربما عرف ساعتها الفرق بين التأثير والفعل جالب التعاسة المذكور أعلاه.
ملاحظـــــة
الاستشهاد بقصيدة سولكينغ ليس غرضه التقليل من شأن هذا المبدع الشّاب الذي اجتهد و جنى ثمار اجتهاده ولا الرّفع من قيمة «الكاتب» الذي يستعطف التاريخ.
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
قطارُ الباطل

سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على...

  • 29 أفريل 2024
صعلكة

  أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي...

  • 23 أفريل 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com