الاثنين 16 سبتمبر 2024 الموافق لـ 12 ربيع الأول 1446
Accueil Top Pub

قصيدة سولكينغ

يحمّل كتّابٌ أنفسهم حمولات ثقيلة في الحياة القليلة التي يقضونها على «هذه الأرض»، ويصرفون في ذلك وقتاً ثميناً ربما كان من المفيد استغلاله فيما هو خير وأبقى.
قد يكون الكاتبُ الذي يقضي وقته خاطباً في الجماهير الوهميّة وموجّهاً لها على شبكات التواصل الاجتماعيّ ضحيّة قراءات كلاسيكيّة لسيّر الشخصيّات التاريخيّة والأسطوريّة كأبطالِ الملاحمِ وشعراءِ العصور الغابرة والأنبياء، أي أنّه لم يقرأ عصره على النّحو الصّحيح، ولم يدرك أنّ «القيّم الجديدة» التي فرضتها عقيدة السّوق على الإنسانيّة لا تشمل الكاتب والشّاعر في تصنيفها القاسي، مع استثناء كتّاب غربيين «أنصفتهم» صناعةُ الكتاب وتجارته،  لأنّ الكاتب لم يعد بين «المؤثرين» في زماننا بكلّ بساطة !
 لذلك تضع الإرشادات والتوجيهات التي يقدّمها كتّاب لصنّاع القرار والشّعب صاحبها في موضعٍ تعيسٍ يثيرُ السخريّة أحياناً، خصوصاً حين يتوهّم أنّ التاريخ يقف في صفّه وأنّه خصّه برحمةٍ حرم منها الذين يقفون في الموقف المقابل أو الذين يمضون في حياتهم بلا ضجيج، رغم أنّ التاريخ قد أثبت في جميع أحواله أن الرّحمة هي الصّفة الوحيدة التي لا تليق بأفعاله.
يكفي الكاتب أن  يعاين مواقع التواصل الاجتماعيّ ليعرف المؤثّرين الحقيقيين والشخصيّات التي يتابعها الجمهور العريض، ثم عليه أن يعود إلى رشده ويختار بين ممارسة فعل الكتابة الذي يستهدف جمهوراً محدوداً ولا يمنح صاحبه أية سلطة على النّاس أو نجوميّة، أو الانصراف إلى «ممارسة» أخرى تجلب الأضواء وتستقطب المتابعين.
وسيقف خلال المعاينة، مثلا، على القصيدة الأخيرة للشاعر سولكينغ التي يقول فيها مخاطباً بثينة ما معناه: وضعتُ يديّ على كتفيك كي يدعك الناس في سلام ، ويضيف: يريدون رؤيتنا على شبكات التواصل وإني سأمكنهم من ذلك ..لذلك يقترح عليها الخروج هذا المساء مع التأكيد على أنّه يمتلك الفستان الملائم لذلك.
و دون الخوض في شعريّة القصيدة، سيكتشف أنّها حصدت أكثـر من تسعة ملايين مشاهدة في ظرف ساعات من تعليقها على كعبة اليوتيوب، وربما عرف ساعتها الفرق بين التأثير والفعل جالب التعاسة المذكور أعلاه.
ملاحظـــــة
الاستشهاد بقصيدة سولكينغ ليس غرضه التقليل من شأن هذا المبدع الشّاب الذي اجتهد و جنى ثمار اجتهاده ولا الرّفع من قيمة «الكاتب» الذي يستعطف التاريخ.
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
قطارُ الباطل

سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على...

  • 29 أفريل 2024
صعلكة

  أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي...

  • 23 أفريل 2024
ضرورة التفكير في المجتمع

  سليم بوفنداسة انتفض المجتمع المدني في ولاية خنشلة ضدّ "الراقي الزائر"، الذي أثار الجدل على مواقع التواصل، ودعا...

  • 16 أفريل 2024
المخفيّ

حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان...

  • 26 فبراير 2024
اختراق

شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة...

  • 19 فبراير 2024
خِفّـــة

يبحثُ المتحدّثُ عن العبارة التي ستبقى  في أثير الله الأزرق بعد أن يفنى الكلام، عبارةٌ واحدةٌ تكفي كي...

  • 12 فبراير 2024
وصفُ السّعادة!

تجري الحياة في فضاءات أخرى وليس على المُستطيل الأخضر، رغم المُتعة التي توفرها كرة القدم، باعتبارها مسرح فرجةٍ في...

  • 05 فبراير 2024
القيمة والشّعار

يخترقُ المنتوج الثقافيّ الحدود واللّغات، بجودته أولًا وأخيرًا، وقد يفوق تأثيره التوقّعات، لذلك...

  • 01 جانفي 2024
كبارُ "الباعة"!

سخر كمال داود من الصّفة التي يطلقها العرب والمسلمون على ضحايا العدوان الهمجي على غزّة، ووجد الوقت...

  • 18 ديسمبر 2023
مقبرةُ جماعيّة للإنسانيّة

في هذه الأرض المزدحمة، حيث يتعايش الأحياءُ والموتى، تُحفر القبور على عجلٍ في الأسواق السّابقة...

  • 11 ديسمبر 2023
في وصف الشّر

تدفعُ المقتلةُ الجاريّة هذه الأيّام ومحاولات تأويلها وتغطيّتها نحو التفكير في "الشّر"، ليس كمصطلح...

  • 04 ديسمبر 2023
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com