السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

فخاخُ الذاكرة

تحاولُ نخبٌ يهوديّة فرنسيّة، جزائريّة المولد،  استدعاء موقف الجزائر من إسرائيل إلى ساحة النّقاش، من ذلك دعوة الكاتبة والصحفيّة مارتين غزلان إلى كسر طابو العلاقات الجزائريّة الإسرائيليّة في معرض تعليقها على "خبرٍ كاذبٍ" حول استقبال الجزائر لطائرة برازيليّة محمّلة بلقاحات إسرائيليّة.
و حين يتزامن "الخبر الكاذب" مع ظهور مجموعات صداقة على مواقع التواصل الاجتماعيّ، في وقتٍ تعمل فيه الدولة العبريّة التي تسمىّ في الجزائر بالكيان، على تحقيق اختراقات في العالم العربي طلباً لاعترافٍ، فإنّ الصّدفة ستكون بريئة تماماً ممّا يحدث.
و من دون أيّ تدخّل في حريّة هذه النّخب في إبداء الموقف، فإنّ ثمّة بعض المفارقات التي تستدعي التوقّف والتحليل.
أوّلها أنّ خطاب المظلمة الذي تردّده بعض الأصوات لا يحجب المواقف العدوانيّة والانتقاميّة لهذه الفئة التي تعدّ الأكثر تطرّفاً في فرنسا في قضايا الهجرة والإسلام، وفي المقدمة إيريك زمّور الذي يؤكد في كلّ مرّة أن فرنسا بلد يهوديّ مسيحيّ يتعرّض إلى غزو المسلمين، لذلك يدعو إلى ترحيلهم كي تحافظ فرنسا على هويّتها، ويقف نفس الكاتب والصحفي في مقدّمة رافضي الاعتراف بجرائم الاستعمار، ويقاسمه موقف رفض الاعتذار أنريكو ماسياس  الذي يبكي قسنطينته المفقودة في البلاتوهات لكنّه يفضّل أن يُدفن في فلسطين المحتلّة ويعتبر نفسه جندياً في الجيش الإسرائيلي، شأنه في ذلك شأن طفل بني صاف برنار هنري ليفي.
و تتمثّل النقطة الثانيّة في خطاب التعالي والابتزاز المّنزّل من الإديولوجيا الكولونياليّة، حيث تتحوّل الجزائر إلى جنّة مفقودة، هي نفس الجنّة التي استمات جنرالات اليد الحمراء في اقتراف الجرائم من أجل البقاء فيها، عوض أن تكون الوطن الذي تذهب إليه العواطف النبيلة في المحن والظروف الصّعبة، والذي يمكن أن تُنسج معه علاقة بريئة لا حيلة ولا هيمنة فيها.
ومن هنا تأتي قصّة وضع "اللوبي" في خدمة الجزائر بشروط، وكذا لعبة إبراز النّخب الجزائريّة التي تلعن جذورها و تظهر عواطف إيجابيّة تجاه إسرائيل، أي البحث عن "حركى" جدد.
تحتاجُ هذه الفئة إلى من يذكرها بأنّها اختارت في زمن الحرب أين تقف، و أنّها تخلّت عن جزائريتها طوعاً بقبول قانون كريميو وأنّ اليهود الذين فضّلوا الجزائر ظلوا جزائريين كما ارتضوا، وهنا تكمن المشكلة وليس في "قسوة" الجزائريين مقارنة بجيرانهم كما يسوّق البعض، لأنّ الوحشيّة التي تعرّض لها الجزائريون لم يتعرّض لها جيرانهم "الطيّبون".
يعترفُ كاتبُ التقرير بنجامين "القسنطيني" لمارتين غزلان بالذات، أنّه يقف اليوم في نفس موقف ألبير كامي، أي في موقف اختيار الأم.
حسنا، من حقّك أن تختار أمّك، لكن ليس من حقّك أن تفرض عليّ كيف أناديك!
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com