الأحد 22 ديسمبر 2024 الموافق لـ 20 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

حالةُُ تيهٍ

تعاني "جماهير" الفنون والآداب في الفضاء العربيّ من مُشكلة في التلقي تجعلها تُحوّل صدور كتاب أو عرض فيلم إلى كارثة وطنيّة.

ولا يُستثنى قطاعٌ من الصّحافة من هذا العارض، بعد أن استسلم لقواعد الإثارة التي فرضتها شبكات التواصل وللخطاب الديني المهيمن، وهكذا ظهر رقيبٌ جديد متعدّد الرؤوس يفوق الرّقيب الرّسمي في الشدّة وقد يُعاكسه في الاتجاه، و بموجب ذلك أصبح الكتّاب يُحاسبون على أفعال وأقوال أبطال رواياتهم شأنهم في ذلك شأن المُخرجين والمُمثِّلين.
يتعلّق الأمرُ هنا، بتقهقرٍ اجتماعيٍّ وردّة حضاريّة، فما كان متاحاً وعادياً في خمسينيات القرن الماضي بات محرّما الآن، فيما يستخدم نقادٌ أدوات غير فنيّة في معالجة مسائل فنيّة، كأن تجد من يتحدّث عن عدم مُطابقة أحداث رواية أو فيلم لوقائع تاريخيّة أو يبكي على تشويه قيّم أو يدعو إلى حماية المجتمع من عملٍ فنيّ يُفترض أنّه موجهٌ لإمتاع المتلقي  وذاك شأن الفنّ منذ اهتدى الإنسانُ إلى الاستعانة بخياله الكريم في اختراع "واقع" جديد، عبر لعبة الإبداع التي أخذت تعبيرات مختلفة بمرور القرون والأزمنة.
وليس من المبالغة، تسميّة ما يحدث بالتقهقر والرِدة، لأنّ ازدهار الفنون والآداب عادةً ما يكون مرافقاً لنهضةٍ شاملةٍ، فيما يعبّر الصّمت الإبداعي عن حالة عجزٍ عام تتجاوز الإبداع إلى تدبير الأمور البسيطة، أي نفس الحاجات التي كانت تُرهق الأسلاف الميامين قبل أن تدور عجلة الحضارة وترفع الإنسان إلى ما هو عليه.
قد يستدعي الخروج من هذه الحالة، تحرّك العجلة المذكورة أعلاه في الاتجاه الموجب، مع ما يتطلّبه الأمر من وقتٍ، لكنّ ما يبدو مُستعجلا هو إصلاح أنظمة التعليم بالشكل الذي يمكّن من إعادة بناء الإنسان القادر على استيعاب وتذوّق وهضم طيّبات عصره التي لا تتوقّف عند التكنولوجيا كما يبشرنا بذلك أنبياء العصر، بل تتضمّن الفنون والمعارف المتراكمة والمضغوطة والتي باتت متاحة إلا لمن أبى واستكبر، والتي بإمكانها أن تُحيّن الإنسان وتضعه في مداره الصّحيح  وتنتشله من حالة التيه في المقاهي والشوارع وفي الأساطير والخرافات القديمة  التي يلجأ إليها لتفسير ظواهر طارئة.

سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com