الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

عالم لا تُُُحتمل نعومتُه !

نجحت نساءُ العالم في تقويض قرون من سُلطة الذكورة بنضالٍ مريرٍ، وتُترجم ذلك المكانة التي انتزعتها المرأة سواء باحتلالها مراكز قياديّة أو بإبداعاتها وحتى في فرض تشريعات تصون حقوقها وتحميها من "عدوان" الذّكر الغالب.

 بل إنّ عالم اليوم يشهد إعادة تعريفٍ للجندر تتهدّم فيها الفوارقُ البيولوجيّة بين الجنسين، وتفرّط الذكورةُ بموجبها في ميراثها!
لكنّ ما تحقّق في الواقع  لا يعني بالضّرورة أنّ "الإيديولوجيّة الذكوريّة" انطفأت، فقد بدأ صوتُ الرّجل المشتكي يرتفعُ في الغربِ، الذي شهد ثورة النسويّة، كما هو الحال في فرنسا، حيث يتزعّم الكاتب "إيريك زمور" الخائفين من موتِ الذّكر وانتشار قيّم الأنوثة، ليس في اللّباس والإقبال على مواد الزينة فحسب، ولكن في التخلّي عن السّلطة لحساب التوافق و المقاومة لحساب الحوار، أي في ضياع طبيعة الذكر، ويذهب زمور في معارضته لسيمون دي بوفوار صاحبة مقولة "لا نولد نساء ولكن نصبح كذلك"، إلى حدّ القول إنّ "الرجل المثالي اليوم أصبح امرأة حقيقيّة"!
  وفي المُقابل ترتفع تحذيرات من التفاف النيوليبرالية على نضالات المرأة سواء بتسليعها أو بفتح أبواب مجالس إدارات شركات عملاقة  أمامها ضمن توّجه شيطاني  يهدف إلى إشاعة ثقافة السّوق تحت غطاء ترقيّة المرأة.
الأمر يختلفُ في مجتمعاتنا، حيث تحافظ البطركيّة على أسلحتها القديمة، فيما تتقدّم المرأة في مجال التعليم  وتتمكّن من احتلال مراكز قياديّة، ويُقدّم ذلك كعنوان تطوّر في خطابات تعكس خلفيّة أبويّة تضع المنّة قبل الجدارة. وحتى وإن ذبل الذّكر  ولانَ وفقد ضراوة الأسلاف فإنّه يجد صعوبةً في التخلّص من سلوك المُهيمن بشكل يضعه على لوائح السكيزوفرينيا، بحكم تطلّعه إلى موقع لم يعد يمتلك أدواته.
حيث ينظر المقاومُ إلى تقدّم المرأة كنيلٍ من مكانة الرّجل وكتغيّر اجتماعيّ في الاتجاه السّالب، وتترجم هذه النظرة في حالات غضبٍ تستهدفُ المرأة في الفضاء العام، بين الحين والحين، هي في نهاية المطاف تعبيرات مُتسرّبة من اللاوعي الجمعي الذي يستكثـرُ على المرأة ما هي فيه، حتى وإن أبدى أصحابُه في الواقع عكس ما يضمرون.
وتعكسُ هذه الحالة وضعيّة تأرجح بين مظاهر الحداثة وبنية اجتماعيّة أبوية عصيّة على التصدّع، اصطدمت محاولات تليينها بانتكاسات و مقاومة آخذة في الضعف تحت رياح عولمةٍ ضربت خصوصيّة المجتمعات وديانة السّوق التي اعتنقتها البشريّة من دون قتال.
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
قطارُ الباطل

سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على...

  • 29 أفريل 2024
صعلكة

  أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي...

  • 23 أفريل 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com