الخميس 19 سبتمبر 2024 الموافق لـ 15 ربيع الأول 1446
Accueil Top Pub

فكّ الرقبة

تتقاطع في هذا العدد من كراس الثقافة نظرتان لكاتبين جزائري وبريطاني حول اللغة والثقافة، يستهجن الأول محاولات الانتساب إلى لغة الآخر، المهيمن التي يشبّهها بعملية كراء رحم ستنجم عنها تشوهات خلقية لا محالة، و يشخّص الثاني حالة الانحدار التي تعرفها الثقافة التي تحتضن اللغة التي يقصدها الكاتب الأول: الفرنسية!
ويستخلص أن الثقافة التي أنجبت كبار المفكرين الذين يدافعون عن قيّم الحرية والعدالة والإنسانية تنتج اليوم مثقفين حاقدين على الآخر وخائفين منه، أي أن الثقافة الفرنسية انتقلت من فولتير إلى  ويلباك المتوجّس من المسلمين و ليفي الذي يقود الحروب عليهم.
 ودون تسفيه للثقافة الفرنسية التي تبقى من أهم الروافد الثقافية في العالم، فإن النخب الجزائرية في حاجة إلى الانتباه إلى «هويتها المستقلة» و العمل من أجل فك الارتباط مع هذا الآخر الذي نتماهى معه إلى حد الامحاء. صحيح أن هناك تاريخا مشتركا وعلاقات اجتماعية وثقافية بين البلدين، لكن «الاستقلال» يقتضي أن يمضي كلّ في غايته وصيرورته، في السياسة  كما في الثقافة والاجتماع.
لأن الافتتان بالآخر الذي نعتقد أنه قوي ولا يأتيه الباطل، حتى وإن لم يكن كذلك، سيفرز حالة هجانة في المؤسسات كما في الأفراد، بل أنه أنتج حالة اغتراب عكسي لدى نخب متنفذة تتصرّف كما لو أنها من المفروض أن تكون هناك، لكن ظرفا قاهرا جعلها تبقى هنا، هذه النخب تمارس نوعا من المكارثية والعنصرية على الذين هم هنا لأنهم من هنا!
وتحاول استدراج التاريخ  إلى كمائنها  و لي رقبته وتأويله، ومما تفعله وتجد من يروّج لذلك، ربط التفوق في التعليم والإبداع الفني والأدبي وفي الصحافة والتسيير بلغة واحدة ووحيدة، هي لغة ويلباك. بمعنى أن هذه النخب التي تصر على البقاء في مفاصل الدولة والمجتمع، تريد تسوية مشاكل خاصة بمشاريع عامة، مع أن عالم اليوم يسمح للعباقرة بالعيش والنجاح في أي بلد من بلاد الله الواسعة ما داموا يتمتعون بالنبوغ الذي يمكنهم من الإبداع والقيادة.
نعم، نعم نحتاج  إلى الانتباه إلى الذات والإيمان بها وتقبلها كي نحمي أنفسنا من تقليد  ويلباك أو حب هولاند.

سليم بوفنداسة

 

المزيد من الأعمدة

حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
قطارُ الباطل

سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على...

  • 29 أفريل 2024
صعلكة

  أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي...

  • 23 أفريل 2024
ضرورة التفكير في المجتمع

  سليم بوفنداسة انتفض المجتمع المدني في ولاية خنشلة ضدّ "الراقي الزائر"، الذي أثار الجدل على مواقع التواصل، ودعا...

  • 16 أفريل 2024
المخفيّ

حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان...

  • 26 فبراير 2024
اختراق

شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة...

  • 19 فبراير 2024
خِفّـــة

يبحثُ المتحدّثُ عن العبارة التي ستبقى  في أثير الله الأزرق بعد أن يفنى الكلام، عبارةٌ واحدةٌ تكفي كي...

  • 12 فبراير 2024
وصفُ السّعادة!

تجري الحياة في فضاءات أخرى وليس على المُستطيل الأخضر، رغم المُتعة التي توفرها كرة القدم، باعتبارها مسرح فرجةٍ في...

  • 05 فبراير 2024
القيمة والشّعار

يخترقُ المنتوج الثقافيّ الحدود واللّغات، بجودته أولًا وأخيرًا، وقد يفوق تأثيره التوقّعات، لذلك...

  • 01 جانفي 2024
كبارُ "الباعة"!

سخر كمال داود من الصّفة التي يطلقها العرب والمسلمون على ضحايا العدوان الهمجي على غزّة، ووجد الوقت...

  • 18 ديسمبر 2023
مقبرةُ جماعيّة للإنسانيّة

في هذه الأرض المزدحمة، حيث يتعايش الأحياءُ والموتى، تُحفر القبور على عجلٍ في الأسواق السّابقة...

  • 11 ديسمبر 2023
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com