الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق لـ 20 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

لا تنظر إلى الشمال!

أحيت الانقلابات التي عرفتها إفريقيا مؤخرًا، النّقاش حول الإرث الاستعماري، الفرنسيّ تحديدًا. و جرى ربطُ عدم الاستقرار السيّاسي والمشاكل الاقتصاديّة في هذه البلدان بهيمنة المستعمر القديم من خلال فرض نخبٍ مُواليّة تضمنُ استمرار نهْبِ الثـروات والتبعيّة السيّاسيّة والثقافيّة.

و المؤكد أنّ البلدان المعنيّة جاهرت برفض الهيمنة الفرنسيّة في مُظاهرات شعبيّة وفي قرارات فكّ الارتباط مع اللّغة الفرنسيّة والجيش الفرنسي، بما يؤشّر لبداية عهدٍ جديدٍ في تاريخ القارة سيصعب على الفرنسيين هضمه بسهولة، ويمكن إدراج البكاء على  ديمقراطياتٍ كاذبة والتلويح بالتدخّل ضمن هذا السيّاق، إذ من السذاجة أن نصدّق أنّ العواصم الغربيّة التي تُدير مخابرها الاستعمار الجديد والمستجدّ تُعير الاهتمام لحريّات وحقوق شعوبٍ هي التي سلبتها الحقّ في العيش الكريم بعد أن كانت تحرمها من الحقّ في الحياة نفسها.
ويجب التأكيد هنا على المسؤولية الأخلاقيّة لدوّل تُناقضُ في السّر ما تدعو إليه في العلن، بدعم أنظمة تضمن مصالحها على حساب الشّعوب وباستنزاف مقدراتها الوطنيّة وحتى مواردها البشريّة باعتماد أنظمة هجرة لسلب الأدمغة، وفوق ذلك إنتاج خطابٍ متعالٍ يحمّل الإفريقي مسؤوليّة تعاسته لأنّه لم "يُحسن دخول التاريخ" على حدّ تعبير نيكولا ساركوزي في خطبة دكار الشهيرة، أو من خلال الحديث عن مزايا الاستعمار كجوابٍ على مطالب الاعتذار والتعويض، في إنكارٍ متأخّر لجرائم ضد الإنسانيّة بموجب تشريعات المتنكّر نفسه.
لكنّ الإشارات التي أرسلتها الدوّل الإفريقيّة لن تكون كافيّة للخروج من وضعيّة تاريخيّة مُعقّدة، فالانقلاب العسكري ليس حلًا دائمًا  لإخفاقاتٍ في بناء دول وطنيّة مستقلّة وسيّدة في قراراتها، والاستنجاد بقوى جديدة لتعويض الناهبِ السّابق لن تكون مفيدة، حتى وإن كان الاستثمار في المتغيّرات الجيوسياسيّة  ضروريًا  لتخفيض تكلفة التغيير شريطة عدم تكرار تجارب الخضوع السّابقة.
تحتاجُ إفريقيا إلى نخبة سيّاسيّة وثقافيّة لا تتطلّع نحو الشمال وتؤمن بقدراتها الذاتية، بما يمكنّها من إحداث القطائع الضرورية مع مرحلة ما بعد الاستعمار، التي هي في حقيقة الأمر وضعيّة استعمارية بتعريف مزيّف، فالخلاص لن يأتي سوى من الداخل ومن الإنسان الإفريقي ذاته وقد آمن بأن مصيره بيده وليس بأيدي لصوص المعادن، حتى وإن اختلف اللاحقون منهم عن السابقين.

سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
قطارُ الباطل

سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على...

  • 29 أفريل 2024
صعلكة

  أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي...

  • 23 أفريل 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com