تتحرّك المشاعر وينخرط الجميع في تعابير التنديد بالجرائم التي تستهدف الأطفال، ثم تتوقف المشاعر عن الحركة في انتظار الجريمة القادمة.
نقاش مناسبتي سيحتدُّ، ثم يخفت ، لكن عصب المشكلة عادة ما يسقط عن النقاش وهو الخيط الذي يربط بين معظم الجرائم: المشكلة الجنسية. نعم، الجزائريون يعانون من كبت جنسي يتم تحويله إلى طاقة مدمّرة تنفجر في شكل عنف لفظي أو جسدي وقد تصل إلى حدّ القتل. و تحيلنا مراجعة جداول جرائم الأطفال مباشرة إلى الجنس، فإما أن الضحايا تم الاعتداء عليهم جنسيا ثم قتلهم لتجنب “الفضيحة” أم أنهم قتلوا بسبب مشكلة جنسية بين زوجين كالخيانة و التشكيك في النسب أو الانفصال.
وتتداخل في صناعة هذه القنبلة المدمّرة عوامل التنشئة الاجتماعية مع أساليب إدارة الفضاء الاجتماعي تضاف إليها تأثيرات الميديا الجديدة.
والمشكلة أن الستار الحديدي الذي يحاط به هذا الطابو وحملات التسفيه التي تطال فاعلين اجتماعيين أو مختصين حذروا من عمليات غلق المواخير في المدن الجزائرية زاد من خطورة الداء الذي تعددت أعراضه واستعصي علاجه. ومن مظاهر المعضلة منسوب البذاءة في الكلام الجزائري المنطوق، فلو أحصينا كم مرة تخرج الأعضاء التناسلية من الأفواه في اليوم لوقفنا على أرقام صادمة. تضاف إليها المظاهر البدائية التي أصبحت عادة في ملاعب كرة القدم والأعراس والمشاهد المريعة التي تثير الانتباه وتشير بوضوح إلى نزول المجتمع الجزائري إلى طبقات سفلى من البدائية وتضييعه لمظاهر التمدن. ولا يشكل المنع حلا، لأن غلق دور المتعة أخرج الدعارة إلى الشارع تماما كما أدى غلق الحانات إلى تحويل الطرقات والفضاءات العامة إلى حانات مفتوحة وأصبحت الزجاجات المتطايرة من السيارات تشكل خطرا حقيقيا على العابرين. لأن الذين يتخذون قرارات الغلق يفكرون في الغلق وحده ولا يفكرون في تصريف أحوال المدن وتسيير حاجات الساكنة وأحيانا يتخذ مسؤولون قرارات من هذا النوع بعد عودتهم من الحج وليس بعد معاينتهم لدراسات.
ويبدأ الحل من تسمية الأشياء بمسمياتها ومناقشتها علنا، والكف عن اتخاذ القرارات دون احتساب أضرارها على المجتمع.
و على صناع القرار في جميع المستويات الإصغاء إلى المختصين في الحقول النفسية والاجتماعية لأن الأمراض النفسية والاجتماعية ذات الجذور الجنسية أصبحت بمثابة وباء نقوم بإنكاره.
سليم بوفنداسة