وقف أعوان مراقبة الجودة وقمع الغش التابعين لمديرية التجارة بولاية قسنطينة، على تجاوزات عديدة تخص نقص النظافة ببعض المطاعم و ضعف الالتزام بسلسلة التبريد على مستوى عدد من المحلات، إضافة إلى أخطاء يرتكبها التجار و تشكل خطورة على صحة المستهلك، وذلك خلال خرجة ميدانية بحي زواغي سليمان، رافقتهم فيها النصر يوم أمس.
روبورتاج: عبد الله.ب
الخرجة التي تمت فيها معاينة عدد من المحلات ذات الأنشطة المختلفة، وقفنا من خلالها على نظرة التجار والمتعاملين لأعوان مديرية التجارة، فعلى الرغم من أن هؤلاء يقومون بمهمة نبيلة يتم من خلالها الحفاظ على صحة المواطن وسلامته، إلا أن سهام الريبة تطلق تجاههم من الوهلة الأولى لدى الغالبية من التجار، كما أن بعضهم لا يتوانى في رفض التعامل معهم والسماح لهم بالقيام بمهامهم، على الرغم من أنه نشاط مكفول بقوة القانون، فيما تمكن البعض من إيجاد طرق للهروب من المراقبة الروتينية بغلق المحلات، بينما يستخدم البعض أساليب أخرى مثل محاولة إغراء الأعوان بأي شيء آخر.
بداية الخرجة كانت من حي بلحاج بزواغي سليمان، أين قامت فرقة مكافحة الغش المكونة من سيدتين، بالوقوف على ما يقدمه أحد التجار من خدمات، فبعد الدخول وتقديم بطاقة العمل، انطلقت الموظفتان بداية بطلب السجل التجاري، ثم التنقل بين الرفوف من أجل مراقبة تاريخ صلاحية السلع المعروضة للبيع، وما هي إلا دقائق قليلة، حتى وقفت إحداهما على انتهاء صلاحية ملون غذائي يستعمل في صناعة الحلويات التقليدية، ليتم حجز عدد من القارورات الصغيرة والتي تحوي الصبغة، بينما تم تذكير صاحب المحل بضرورة التنبه إلى مواد أخرى اقترب موعد انتهاء صلاحيتها.
إتلاف شوكولاطة و مثلجات غير صالحة
وفي هذه الأثناء، قامت العون الثانية بوضع جهاز خاص بقياس درجة البرودة داخل إحدى الثلاجات، فيما شرعت الأخرى في معاينة محتويات باقي الثلاجات، ليتم حجز كمية من المثلجات التي تبين من المعاينة الأولية أنها قد تعرضت للذوبان في وقت سابق، قبل أن توضع مرة ثانية في درجة حرارة منخفضة، وهو الأمر الذي أكدتا أنه ممنوع، إذ يجب التخلص من السلع فور ذوبانها من المرة الأولى، كما تم اتلاف كمية من ألواح الشكولاتة والتي فقدت شكلها الأصلي بعد أن تعرضت لدرجات حرارة عالية، فيما قال صاحب المحل إنه كان ينوي إعادة السلعة إلى الموزع عند حضوره.
زيادة على هذا، فقد وقف عنصرا الرقابة على فقدان الزبدة للونها الأصلي، مع اكتسابها لبقع سوداء صغيرة، وبعد الاستفسار أكد التاجر أنه وضعها بالثلاجة تمهيدا لإعادتها للمورد، إلا أنه تم تنبيهه إلى ضرورة وضعها في كيس أو علبة، مع تدوين ملاحظة عليها حتى يتأكد أعوان الرقابة والزبائن من ذلك، وقبل المغادرة ترك استدعاء للمعني من أجل التقرب من مديرية التجارة للوقوف على المخالفات المسجلة بالمتجر.
متاجر تغلق أبوابها بمجرد رؤية فرق الرقابة
فور مغادرة المحل كنا نهم بالتوجه نحو آخر مجاور لا يبعد عن الأول سوى بـ 5 أمتار، غير أننا وجدنا صاحبه قد أغلق وغادر، على الرغم من أنه كان يعمل بشكل عادي عند وصولنا إلى الحي، وهنا أكدت لنا مرافقاتنا أن الأمر شائع ومعتاد بالنسبة لهما، فعادة ما يغلق التجار أبواب محلاتهم بمجرد إعلامهم بتواجد فرق مديرية التجارة، و ذلك بهدف التملص من عمليات المراقبة، لنغادر المنطقة ونتوجه بعدها إلى مكان آخر لإتمام المهمة، وما هي إلا مسافة قصيرة حتى توقفنا أمام مطعم للمأكولات الخفيفة.
المحل بدا من الخارج نظيفا بشكل ملفت للانتباه، وبمجرد أن دخلنا لاحظنا أن كل ما في المكان جديد وهو دليل على أن صاحبه قد باشر عمله منذ فترة قصيرة جدا، فالطاولات جديدة والكراسي أيضا، كما أن الفرن حديث، زيادة على أن جدران المحل نظيفة ويظهر أنه لم يمر وقت طويل على دهنها.
وعند مدخل المحل على الجهة اليسرى، وضعت ثلاجة عرضت فيها كمية قليلة من النقانق والمشروبات الغازية، إلى جانت طبق من السلطة، فيما كان عامل يحاول إشعال الفحم، و بدخولنا المطعم، طُلب من صاحبه السجل التجاري فأجاب أنه يملك رخصة فقط لكونه لم يستلم السجل لأن المحل جديد، وفي الوقت الذي كانت العون الأول تراقب الرخصة، توجهت الثانية نحو الثلاجة وأخذت في معاينة أولية لما يعرض من مأكولات.
مقهى شيشة وسط مطعم!
ومن خلال المراقبة الأولية تبين أن النقانق قديمة، غير أن صاحب المطعم أكد أنها جديدة وقد قام باقتنائها صبيحة نفس اليوم، إلا أنه وبعد لمس العينة تبين أنها كانت مجمدة وقد تحولت حالتها من الرخوة نسبيا إلى صلبة، وبمجرد قياس درجة حرارتها أشار الجهاز إلى أنها تبلغ درجتين تحت الصفر، وهو مقياس غير مقبول، لتقوم العون بوضعها جانبا من أجل اتلافها مع طبق السلطة القديم، إذ يظهر جليا أن أوراقه وحبات الزيتون الموجودة به قد ذبلت.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فبعد فتح أبواب الثلاجة السفلية، وُجدت 3 صحون مملوءة بسلطة الفلفل والطماطم ولونها يبين أنها قديمة و تم إعدادها قبل ذلك بيوم كامل، وإلى جانبها وضعت كمية من لحم أبيض وكلها مجمدة، ليتم إتلاف كل المأكولات تقريبا من خلال سكب مادتي صابون الأواني والجافيل عليها.
المفاجأة الأكبر كانت باكتشاف تحويل الغرفة الأولى للمطعم، إلى محل «شيشة»، وهو نشاط غير مرخص وممنوع على مستوى ولاية قسنطينة، حيث يظهر أن مقهى الشيشة هو نشاط صاحب المحل الرئيسي بينما أن محل «الفاست فود» هو غطاء فقط، بعدها طلب من التاجر بطاقة التعريف الوطنية من أجل تحرير استدعاء، ليتبين من جديد أن رخصة النشاط باسم شخص آخر وقد قام بتأجيرها منه.
غادرنا المكان وتوجهنا غير بعيد نحو مطعم للمأكولات السريعة، يقوم صاحبه ببيع البيتزا وبعض الأطعمة الخفيفة الأخرى، و هنا لم ننتظر كثيرا للوقوف على المخالفات، فبعد تعريف العونين بهويتيهما، تقدمتا مباشرة نحو المطبخ، و طلبتا من العامل التوقف نهائيا عن استعمال بعض الدلاء البلاستيكية، كونها غير غذائية لأنها مصنوعة من بقايا البلاستيك، كما أن العمل في المأكولات يقتصر فقط على الأواني المضادة للصد.
و قد تبين أيضا أن علبة الإسعافات الأولية فارغة ولا تحتوي على كامل الأدوية المطلوبة، زيادة على أن قارورة الإطفاء قد مر على نهاية صلاحيتها 3 سنوات كاملة، إلى جانب ذلك فقد أبدى عنصرا مديرية التجارة تحفظهما على نظافة دورة المياه وأكدتا أنها غير صالحة ويجب إعادة النظر في حالتها، ليتم تحرير استدعاء لصاحب المحل من أجل القدوم لمديرية التجارة صبيحة اليوم الموالي.
عجينة قديمة لصناعة المرطبات!
بعد خروجنا مباشرة دخلنا المحل المجاور وكان هاتفا عموميا، ولدى دخولنا مباشرة تحفظ عونا مديرية التجارة على ثلاجة بها حليب وعصير للأطفال، إلى جانب مشروبات غازية، مؤكدتين أن مثل هذا النشاط لا يتطابق مع ما هو مدون في السجل التجاري، زيادة على هذا ومن خلال مراقبة بعض حلويات الأطفال المعروضة للبيع، تم الوقوف على نوعية منتهية الصلاحية ليتم حجزها مباشرة شأنها في ذلك شأن شكولاطة لا تحمل أي تاريخ انتاج أو صلاحية، وهي المخالفة التي تم من خلالها تحرير استدعاء لصاحب المحل من أجل الامتثال في اليوم الموالي أمام المديرية، أما المحلان المتبقيان الذين تمت عملية مراقبتهما، فهما مخبزة بحي زواغي و قصابة لم يتم الوقوف فيهما على أية مخالفة.
مهمتنا استمرت نحو حي 1100 بزواغي سليمان، حيث قمنا بالتوجه نحو محل لبيع الحلويات والمرطبات وذلك من خلال مراقبة العمل داخل المخبر، فعلى الرغم من أن كامل العمال كانوا يرتدون مآزر ومظهرهم يبين أن النشاط يخضع لصرامة، إلا أنه تم الوقوف على وجود حشرات صغيرة بالداخل، وهو أمر مرفوض على الرغم من أن صاحب المتجر أكد أنه قام بمجهودات كبيرة من أجل مكافحتها، كما اكتشفت إحدى العونين وجود عجينة مطهوة لحلوى داخل الثلاجة، ليتم استعمالها في وقت لاحق، غير أن الموظفتين أكدتا أن الأمر ممنوع سيما بالنسبة للمواد التي يتم استعمالها بعد 24 ساعة، ليتم تحرير استدعاء لصاحب المحل للمثول هو أيضا أمام مديرية التجارة في صبيحة اليوم الموالي.
مهمتنا انتهت في هذه النقطة لأن المتجر الذي كنا نود أن نقصده ويختص في بيع مواد التجميل بمحاذاة محل بيع المرطبات، أغلق وغادر صاحبه بعد أن علم بتواجد فرق من مديرية التجارة، والدليل أنه كان يعمل بشكل عادي قبل دخولنا. و يذكر أن أغلب التجار الذين سجلت لديهم مخالفات، تحججوا بعدم معرفتهم بالإجراءات التنظيمية، و بأن الممونين يفرضون عليهم شروطا من أجل منحهم السلع.
ع.ب