جامعيون يمتهنون جني الفواكه لتأمين مصاريف موسمهم
يضطر عديد الطلبة الجامعيين بقسنطينة خلال عطلتهم الصيفية إلى البحث عن شغل لسد حاجياتهم اليومية و لتأمين مصاريف دراستهم ، حيث يتجه الأغلبية صوب المهن الموسمية من بينها مهنة جني الثمار ، إذ يوفر ملاك البساتين مناصب شغل مؤقتة تقدر بالمئات، لجني محاصيلهم الزراعية، و هو ما شاهدناه في إحدى المستثمرات الفلاحية بحي البشير ببلدية حامة بوزيان و كذا بحي قايدي عبد الله، أين يشتغل عدد كبير من الطلبة في جني ثمار النكتارين و التفاح و الإجاص.
روبورتاج : أسماء بوقرن
يواجه أغلب الجامعيين خاصة الذين يعاني أوليائهم من ظروف مادية صعبة، مشكلة في سد حاجياتهم، ما يدفعهم إلى البحث عن عمل خلال فصل الصيف، لتوفير مبلغ مالي يكفيهم لتأمين عطلتهم الصيفية و ومصاريف الدخول الجامعي هذا في ظل الوضع الإقتصادي الراهن، حيث لم يعد رب الأسرة قادرا على تلبية كل ما يحتاجه أبناؤه ، و أصبحت قدرته منحصرة في توفير مستلزمات الأكل و الشرب لا غير ، و هو ما قاله للنصر عدد من الطلبة الذين يشتغلون حاليا في مستثمرات فلاحية بكل من حي البشير ببلدية حامة بوزيان و كذا حي قايدي عبد الله ببلدية ابن زياد ، مؤكدين بأن الحاجة دفعتهم لعمل أي شيء يدّر مالا حلالا، مشيرين إلى أن الاتكال على الأولياء إلى غاية انهاء الدراسة و الظفر بمنصب شغل دائم مناسب لشهادتهم الجامعية أصبح من المستحيل، لأن الوضع الراهن فرض عليهم تحمل مسؤوليتهم و التشمير عن سواعدهم.
قطف «النكتارين» مقابل 1000 دينار لليوم
و عند حديثنا للطلبة لاحظنا على وجوههم علامات التعب و الإرهاق، إذ غطى الاسمرار وجوههم و أيديهم، جراء التعرض اليومي لأشعة الشمس، حيث استفسرنا منهم عن أيام العمل و كذا كيفية تنقلهم إلى هذه المستثمرات الواقعة في مناطق نائية معزولة، فأكدوا بأنهم يعملون بشكل يومي يبدأ من الساعة السادسة صباحا و إلى غاية الحادية عشرة صباحا، إذ يجتمعون عند الساعة الخامسة و النصف بإحدى النقاط التي يحددها صاحب المستثمرة و التي تكون على العموم بحي زويتنة بحامة بوزيان، أين يجدون شاحنات من نوع « أش 100» في انتظارهم تنقلهم للبساتين، أين تنطلق مهمتهم في جني ثمار النكتارين و كذا التفاح و الاجاص و تعبئتها في صناديق قبل أن تنقل لغرف التبريد، إذ يتقاضون مقابل ذلك ألف دينار في اليوم.
أيمن طالب جامعي
أعمل في بساتين التفاح صباحا و في مصنع البسكويت مساء
أيمن طالب جامعي يدرس سنة ثانية تخصص علوم تكنولوجية بجامعة منتوري قسنطينة، قال في حديثه لنا ، بأن رحلة بحثه عن شغل و التي بدأت مع انتهاء امتحانات السداسي الثاني من الموسم الجامعي الفارط، قادته للعمل في حقول الفواكه ، بعد أن أخبره أحد أقاربه بأن صاحب مسثمرة يبحث عن عمال ، مشيرا بأنه شرع في البداية في جني فاكهة حب الملوك في أحد البساتين ببلدية حامة بوزيان، و بعد انتهاء فترة قطفها انتقل للعمل في إحدى الحقول بحي قايدي عبد الله، أين يقوم حاليا بجني فاكهتي الإجاص و التفاح ، و ذلك بأجرة 1000 دينار في اليوم، موضحا بأنه لا يكتفي بهذا العمل فقط، و إنما يخصص الفترة المسائية للعمل في إحدى مصانع البسكويت مقابل 18000 دينار للشهر ، مؤكدا بأنه يحقق دخلا قيمته 45000 دينار شهريا، و ما يدخره يكفيه لسد حاجياته خلال الموسم الجامعي المقبل، كما سيخصص أجرة الشهر الجاري لقضاء عطلته الصيفية بتونس.
وليد طالب جامعي
أقطف ما مقداره 20 صندوقا يوميا مقابل 30 ألف دج شهريا
من جهته قال الشاب وليد يدرس سنة أولى ماستر تخصص ميكانيك بجامعة منتوري قسنطينة، بأن العمل خلال العطلة الدراسية أصبح ضرورة إذ أنه و منذ نحو أربع سنوات مع بداية كل موسم جني الفاكهة يتجه مباشرة لملاك المستثمرات لعرض خدماته في مجال الجني و تعبئة الصناديق، موضحا بأنه يحرص في بداية الموسم على الظفر بمنصب قبل زيادة عدد الطالبين للعمل، حيث يعمل طوال أيام الأسبوع بمعدل 5 ساعات في اليوم، إذ يقوم بقطف ثمار النكتارين بمستثمرة فلاحية بحي البشير و ذلك بمقدار 20 صندوقا من الحجم الكبير ، ثم يقوم بوضعها في الشاحنة ، و من ثمة يتولى شباب آخرون مهمة نقلها لغرف التبريد ثم إعادة تعبئتها في صناديق البيع ، مشيرا إلى أن الظرف الراهن دفعه لعمل أي نشاط يجده المهم أن يكون حلالا.
كريم متخرج في تخصص بيولوجيا
انتظار العمل المناسب للشهادة يقود لمستنقع البطالة
في المقابل اعتبر كريم و هو شاب درس تخصص بيولوجيا و أنهى دراسته الجامعية هذه السنة، بأنه تعود على العمل في المستثمرات الفلاحية و حتى في تفريغ شاحنات مواد البناء ، كل فترة صيف أو يومي العطلة الأسبوعية، لتوفير ما يحتاجه من مال ، مشيرا إلى أنه و باعتباره يبلغ 25 سنة من العمر أصبح يخجل عند طلب المال من والده الذي يعيل أسرة من 5 أفراد بمنحة تقاعده التي لا تتجاوز 40 ألف دينار، و يرى بأنه أصبح من الضروري بالنسبة لكل شاب اجتاز مرحلة الثانوي، أن يجد عملا خلال فترات العطل الدراسية لسد حاجياته و حتى اعانة أسرته ، لأن البقاء مكتوف الأيدي و انتظار عمل يناسب الشهادة المتحصل عليها، سيجر حتما لمستنقع البطالة على حد قوله.
متقاعدون و موظفون يقبلون على النشاط
بساتين جني الفاكهة الموزعة على مساحة واسعة من أحياء بلدية حامة بوزيان تشغل عددا كبيرا من العمال التي تقدر أعدادهم بالمئات و أغلبهم شباب، غير أن الملفت و حسب ما لاحظناه أن عددا كبيرا من المتقاعدين أيضا يتهافتون على هذه المهنة الموسمية ، و ذلك لتوفير دخل إضافي ، بعد أن أصبحت منحتهم لا تلبي حاجيات أسرهم، كما وجدنا أرباب أسر ممن لديهم مناصب عمل من بين العاملين في حقول الفواكه ، و عند الاستفسار من أحدهم و الذي يشتغل موظفا في إحدى الشركات، قال بأنه يستغل أيام نهاية الأسبوع و عطلته الصيفية للعمل من أجل توفير دخل إضافي، نظرا لتزامن عيد الأضحى و الدخول المدرسي.
أ/ب