أطنان تُنقَل على عجلات تالفة و سائقون يتهربون من المسؤولية!
كشفت حملة تحسيسية نظمتها مصالح أمن ولاية قسنطينة قبل أيام، لفائدة سائقي الشاحنات و مركبات الوزن الثقيل، عن خروقات بالجملة يرتكبها هؤلاء، من بينها السير بعجلات غير صالحة لنقل أطنان من مختلف المواد، إلى درجة أن بعضها كانت ممزقة بما قد يتسبب في حوادث مرورية خطيرة.
روبورتاج: حاتم بن كحول
ورافقت النصر الحملة التحسيسية التي قام بها رجال الأمن يوم الأحد الماضي، على مستوى حاجز جسر بوبربارة بمدخل حي المنية، حيث تم تقديم جملة من النصائح والإرشادات بخصوص مخالفة قواعد وأحكام تأمين الحمولة و الوقوف والتوقف العشوائي، وكذا عدم احترام المسالك المخصصة للسير.
أول عملية مراقبة مسّت شاحنة كبيرة من نوع «شاكمان» تحمل ترقيم عام 2008، حيث كانت محملة بأكياس الإسمنت، ومن خلال مظهرها الخارجي يتكون انطباع لدى الناظر أنها في حالة ممتازة بواجهتها الجيدة، لكن وبعد التأكد من امتلاك السائق لرخصة دخول المدينة خارج الموعد القانوني الممتد من الساعتين السابعة صباحا و السابعة مساء، اتضح أن كل العجلات المستعملة غير صالحة للسير، حيث تحتوي الشاحنة على 14 عجلة 8 منها تتواجد في حالة كارثية، إذ لاحظنا أنها ممزقة وبسمك عميق من الجهة الخارجية وهو ما قد يعرضها للانفجار في أية لحظة.
وعند استفسار رجال الأمن من السائق عن وزن الحمولة، رد بأن الشاحنة بها 400 كيس من الاسمنت، يزن كل منه 50 كيلوغراما، أي بمجموع 20 طنا، إضافة إلى وزن المقطورة الذي يصل إلى 13 طنا، ليرتفع إجمالي الحمولة إلى 33 طنا تحملها عجلات ممزقة قد تتسبب في حوادث مرورية خطيرة، خاصة وأن انفجار إحداها يؤدي إلى عدم توازن سير المركبة وبالتالي انحراف مقطورتها الخلفية.
سائق الشاحنة قال لمصالح الأمن إنه طلب من المسؤولين في الشركة التي يشتغل بها، تغيير العجلات عدة مرات ولكن دون جدوى، مضيفا أنه لا يستطيع مقاطعة العمل وإلا فسيتم الخصم من راتبه الشهري، قبل أن يعد بأنه سيقوم بتغيير إطارات الشاحنة في أقرب فرصة، وذلك بعد خضوعه لعملية تحسيس من طرف مسؤول الحاجز، وعند مراقبة مدى تأمين الحمولة، تبيّن أن المعني احترم هذا الجانب من خلال وضع حبال تمنع انزلاق الأكياس من المقطورة.
يسير دون وثائق!
وتواصلت العملية التحسيسية لتصل إلى شاحنة ثانية كانت محملة بالرمال، وتبين أنها قديمة من طراز سنة 1984 إلى درجة أن الصدأ كان يغطي واجهتها، و قد شرع عناصر الأمن في عملية المراقبة الروتينية، واتضح أن السائق لا يملك أية وثيقة تخص المركبة أو رخصة القيادة أو حتى رخصة المرور، ليتم توقيفها لغاية جلب السائق تلك الوثائق.
و بعد ذلك بدقائق، مرت شاحنة صغيرة اتضح أن صاحبها على وعي كبير بكل المعلومات التي تخص مركبات الوزن الثقيل، ولكن قبل مغادرته تفطن أحد عناصر الأمن إلى خلو المقطورة الأمامية من «لوحة الشرطة»، التي تعتبر العلبة السوداء للسيارة بما أنها تكشف إن كانت وثائق المركبة مزورة وعن الحمولة الإجمالية المسموح بها وغيرها من المعلومات الدقيقة، ليبرر السائق هذا الأمر بأنه غيّر أحد لواحق الشاحنة ونسي إعادة وضع اللوحة عن طريق خبير المناجم.
ينقل خلاط إسمنت ضخم بإطارات تالفة!
وبعد فترة زمنية لم تمر أية شاحنة، خاصة وأن مركبات الوزن الثقيل ممنوعة من دخول المدينة نهارا، لتصل بعد مدة شاحنة ضخمة من نوع «رونو» تحمل ترقيم سنة 2011 وذات مقطورة طويلة بها خلاط للاسمنت، ولأن أبرز المخالفات التي يرتكبها السائقون هي عدم تغيير عجلات الشاحنة، فقد بدأت عملية المراقبة منها، ليتضح مرة أخرى أن الإطارات تالفة خاصة في الجهة الخلفية، ويبدو أنها استعلمت لمدة طويلة في نقل أطنان من الإسمنت، وعند سؤال السائق عن وزن الحمولة، رد بأنها تقارب 40 طنا، وهو ما يزيد من مخاطر استعمال تلك الإطارات خاصة وأن المقطورة بها خلاط للاسمنت، سيحدث كارثة مرورية في حالة سقوطه.
السائق برّر عدم تغيير الإطارات، بأنه عامل جديد في المؤسسة التي يزاول بها نشاطه، لذلك لم يتمكن، حسب تعبيره، من مطالبة المسؤولين بعجلات جديدة خوفا من طرده وهو لا يزال حديث عهد بوظيفته، مضيفا أنه يعلم جيدا حجم الأخطار المترتبة جراء استعمال تلك الإطارات غير الصالحة، خاصة وأنه يزاول عمله كسائق للشاحنات منذ 25 سنة، كما قال.
قائد فرقة كتيبة المرور بأمن قسنطينة خنطيط عبد الفتاح
مخالفات أصحاب الشاحنات سبّبت حوادث مرور خطيرة
خنطيط عبد الفتاح الملازم الأول للشرطة وقائد فرقة كتيبة المرور بأمن ولاية قسنطينة، أكد للنصر أن أبرز المخالفات التي يرتكبها سائقو الشاحنات، تتمثل في عدم حمل تصريح بالدخول للمدينة خارج الموعد القانوني لذلك و المحدد بين الساعتين السابعة صباحا و السابعة مساء، وكذا اتخاذ مسلك ممنوع على الوزن الثقيل، حيث يمكن لها التسبب في حوادث مرورية خطيرة من خلال التواجد في طريق غير مناسب أو في منحدر يجعل من مهمة السائق في توقيف الشاحنة أمرا مستحيلا، خاصة إذا كانت نسبة الانخفاض تصل إلى 10 بالمئة، وهو سبب وقوع عديد حوادث المرور في منحدر بوذراع صالح.
وأوضح المتحدث أن منع دخول الشاحنات في أوقات الذروة، يعود لعدم إمكانية سير الشاحنة وسط السيارات أثناء الازدحام المروري، وذلك لأن عملية التوقف تكون بطيئة بالنسبة لمركبات الوزن الثقيل، وبالتالي تحدث عملية اصطدام، مضيفا أنه حتى وإن قام السائق بترك مسافة الأمان فإن أصحاب السيارات السياحية يخترقونها، لذلك فإن الفترة المناسبة لتواجد الشاحنات بوسط المدينة هي الفترة التي لا تعرف اكتظاظا بالطريق، وأوضح الشرطي أنه كان شاهدا على حالات أخرى منها القيادة دون الحصول على رخصة قيادة مركبات الوزن الثقيل.
الحمولات الكبيرة تؤدي لانفجار الإطارات
أما فيما يخص الأمور التقنية، أكد الملازم الأول أن الشرطة تملك الوسائل لوزن المواد المحملة، حيث كشفت في عدة مرات وجود خروقات فيما يتعلق بالحمولة الزائدة عن الوزن المسموح به، وبالتالي تشكيل خطورة على مستعملي الطرقات، من خلال عجز السائق عن التحكم في الشاحنة أو توقيفها، كما يمكن للوزن الزائد أن يؤدي لانفجار العجلات، و حتى لإتلاف الطرق التي لا تستوعب حمولات ضخمة، ليكشف أن هناك من يقومون باستبدال مقطورة خلفية لا تستوعب وزنا ضخما بأخرى أكبر حجما وهو ما يعد أمرا غير قانوني.
الركن العشوائي ممنوع و على السائقين الاستراحة
و وقف الشرطي خنطيط عبد الفتاح مثلما أكد للنصر، على حالات أخرى تتمثل في عدم تأمين الحمولة سواء بالنسبة للمواد الجامدة على غرار أكياس الاسمنت، من خلال ربطها بحبال لتثبيتها، أو مواد قابلة للتناثر مثل الرمال والحجارة الصغيرة والتي لا تُغطى بواقٍ يمنعها من السقوط وسط الطريق وبالتالي إمكانية التسبب في حادث مروري، مضيفا أن بعض السائقين يواصلون القيادة رغم شعورهم بالتعب والإرهاق، وهنا وجب تنبيههم، مثلما يوضح، بضرورة التوقف من أجل أخذ قسط من الراحة، ولكن يكون ذلك في مكان آمن لا يسبب خطرا على بقية زملائه، بعد أن تم تسجيل بعض حالات الركن العشوائي في طريق ضيق وممنوع ما أدى لحدوث اصطدام بمركبات سياحية.
الملازم الأول أكد أن الشرطة توقف أيضا الشاحنات التي تحمل خلاط الاسمنت من أجل مراقبة ما بداخلها، حيث يمكن إخفاء مواد ممنوعة بها أو استعمالها في تهريب البشر، كما تعد من نوع المركبات الأكثر تشكيلا للخطر على مستعملي الطرقات، نظرا للضرر الكبير الذي تشكله في حالة سقوط تلك المقطورة.
ح/ب