انطلقت حملة جني محصول الفلين عبر غابات ولاية جيجل، في الفاتح من جوان الجاري، حيث تم تنصيب العديد من الورشات، فيما تتوقع محافظة الغابات جني كمية تفوق 16 ألف قنطار، إذ تعتبر مادة الفلين من بين المنتوجات التي جعلت الولاية تحتل المراتب الأولى في عمليات التصدير نحو الخارج.
روبورتاج/ كـ.طويل
و قد عرفت العملية انتعاشا، ما جعل عصابات الفلين تحاول الاستحواذ على الشعبة بطرق غير قانونية و عبر الاستغلال غير الشرعي و وصل بها الحد إلى الاعتداء على أعوان الغابات ببلدية أولاد رابح.
خصوصيات و تقنيات لجني الفلين
قبل بداية عملية استغلال فلين الدولة، تشرع مصالح الغابات عبر مختلف المقاطعات في وضع برنامج شهر مارس، لتحديد المقاطع وفق محاضر يتم جني المادة بموجبها، مع مراعاة آخر عملية تمت فيها إزالة الفلين، بحيث لا يتم لمس الأشجار المجنية على طول 10 سنوات و في شهر ماي، حسب رئيس إقليم مقاطعة زيامة منصورية موساوي عبد النور، يتم التوجه إلى اختبار القابلية لتقشير الفلين عبر مختلف الغابات و الورشات الممنوحة للجني، ضمن لجان متخصصة تضم ممثلين عن الغابات و المؤسسة الجهوية للهندسة الريفية بابور.
و تكون القابلية وفق شروط، من بينها تواجد الصبغة داخل الشجرة و توزعها على طول جسمها و التي يمكن ملاحظتها بالعين المجردة، ما يعني أنه يمكن مباشرة عملية تنحية الفلين، ليتم بعدها تقديم الموافقة النهائية للمستغليين، كما يجب أن يتوفر الفلين قبل جنيه على عدة خصوصيات و تشرف مؤسسة صفا بابور على عملية الجني، بحيث تقوم بمنح مختلف الورشات الموجودة عبر إقليم الولاية.
و أشار رئيس المقاطعة، إلى أن هناك نوعين من الفلين، الذكري عند القيام بتقشير الشجرة لأول مرة، أما الفلين الإنتاجي، فيكون عند المرة الثانية و يكمن الفرق بينهما في السمك، بحيث يصل سمك الفلين الإنتاجي إلى سبعة سنتيمترات و هو نوع الفلين الأكثر قيمة.
و عند جني الفلين، لابد من مراعاة عدة خصوصيات وفق تقنيات معينة لابد أن يلم بها العامل، كون طريقة التعامل مع الشجرة تتطلب الحذر بعدم جرحها و إبقاء الفلين في الجذور، حتى لا تساهم في تكوين الفطريات التي ستؤثر على الشجرة مستقبلا.
صعوبات و عزوف الشباب عن حرفة الأجداد
إنتشرت العديد من ورشات جني الفلين عبر إقليم الولاية، بحيث يتم تنصيبها وفق شروط و بالرغم من عددها المعتبر، إلا أن القلة القليلة من شباب الولاية ممن يمارسون هذا النشاط الذي يتطلب الجدية في العمل و بذل مجهودات كبيرة.
تنقلنا إلى بلدية زيامة منصورية و تحديدا إلى منطقة بطاشة في أعالي جبال الولاية الشامخة و التي تعرف غطاء غابيا كثيفا، كونها من بين المناطق المعروفة بكثافة أشجار البلوط و أخبرنا محافظ الغابات الذي رافقنا في الخرجة، بأنه لكل منطقة خصوصية معينة، فكل ورشة يتم تنصيبها، لابد من مراعاة مختلف الشروط، كما أن المستغلين للفلين، يتمتعون بمواصفات عديدة، أبرزها الجدية في العمل و الصبر على صعاب عملية الجني التي تتطلب التوغل في الغابة و مواجهة مختلف المخاطر.
لدى وصولنا إلى منطقة بطاشة، وجدنا فريق عمل يقوم بتقشير الفلين على جانب الطريق، أين كان كل شخص منهم منغمسا في عمله، فمنهم من كان يقوم بترتيب المادة و آخرون يقومون بنقله من الغابة، فيما توزع البعض على طول الطريق حيث كان الجميع منهمكا مع عمله تحت درجة حرارة مرتفعة و بعد رؤيتنا، تقرب منا صاحب الورشة، بولطيف فرحات، أخبرنا بأنه ينحدر من منطقة أم الطوب بسكيكدة و لهم تاريخ طويل مع مهنة جني الفلين، توارثها أبا عن جد و تعلم فنونها على مر الزمان، بحيث أضحى يعرف خصوصيات أشجار البلوط الناضجة للجني، قائلا» بأن التعامل مع الشجرة، يتطلب الحذر عند القيام بتقشير الفلين منذ الصباح الباكر، بحيث نتنقل لمكان الورشة التي منحت لنا، لنبدأ عملية الفرس و إزالة بعض الأحراش المؤدية نحو الأشجار، لنقوم بعدها بتفقد الشجرة و خصوصياتها بالتركيز على الصبغة، لنقوم بعدها بتحديد معالم عملية التقشير و باستعمال المنشار، الشاقور، آلة الحز و نحاول أن لا نتسبب في جرح الشجرة و بصراحة نجد صعوبة كبيرة في عملية الجني، التي تتطلب مجهودا بدنيا و عضليا كبيرا، تحت حرارة الشمس المرتفعة، و صعوبة المسالك، حيث نقوم بنقل ستائر الفلين في مرات عديدة على الكتف و لمسافة طويلة».
و ذكر بولطيف، بأنه من الصعب أن تجد عمالا جديين و أهل ثقة، فمعظم الشباب يرفض العمل في جني الفلين خلال السنوات الأخيرة، معربا عن خوفه مستقبلا، بالقول إن هذه الثروة قد لا تجد من يجنيها مستقبلا، في حين أوضح العاملون معه، بأن المهنة صعبة و شاقة للغاية و تتطلب صبرا كبيرا و التدقيق عند عملية جني الفلين، مع الدقة في تقشير الشجرة.
و يقول مالك أحد العاملين بالورشة، بأنه يعمل منذ سنوات في جني الفلين و لا يملك حرفة سواها، إذ تعتبر مصدر الدخل الوحيد له و لبعض رفاقه، بحيث يضل طيلة 3 أشهر في موسم الاصطياف من أجل جني الفلين و قد جعلته المهنة يعرف العديد من المناطق بالولاية، فهو يتنقل من منطقة أم الطوب بسكيكدة من أجل جني الفلين، مشيرا بالقول « لقد عملت لسنوات عديدة في جني الفلين و أصبحت الحرفة الوحيدة التي أتقنها، كما أنها تعتبر مصدر الدخل الوحيد لبعض زملائي في العمل، فنحن نقيم في منطقة جبلية بسكيكدة تقل فيها فرص العمل، ما يجعلني أتنقل إلى العمل ضمن ورشات جني الفلين بجيجل»، مضيفا بأنه يتوجب النظر في تكوين العديد من الشباب في ميدان جني الفلين، كون هناك القلة القليلة من الأشخاص من يقومون بالجني.
و أكد رئيس إقليم مقاطعة زيامة منصورية، موساوي عبد النور، على مراقبة أشجار الفلين بعد عملية الجني، للتأكد من عدم جرحها أو ترك بقايا الفلين التي تؤثر على الشجرة و في حالة وجود مخالفات، يتم سحب الورشة من المستفيد، مشيرا إلى أنه هناك العديد من الإجراءات المتبعة في عملية نقل الفلين، حيث يتم تقديم رخصة نقل الفلين من قبل رئيس الإقليم، على أن يتم تحديد ترقيم الشجرة، المكان، التوقيت و الكمية.
رهان على تكوين الشباب
و قال محافظ الغابات، كدية إسماعيل، بأن الولاية غنية و تحتوي على مساحات شاسعة من أشجار الفلين، إذ تعتبر قطبا بامتياز و تقدر المساحة بـ 78 ألف هكتار من الفلين، يتم تقسمها حسب دراسة، حيث يتم كل موسم جني، استغلال الفلين في منطقة معينة و منذ سنة 2015، تم تسجيل تزايد انطلاقا من جني 12 ألف قنطار، لتصل هاته السنة إلى ما يفوق 16 ألف قنطار و قد تم التحكم في العملية، بحيث تتم دراسة النقائص و الصعوبات، و تثمين الإيجابيات، كل نهاية حملة جني و خلال هاته السنة، تم تنصيب أكثر من 53 ورشة عبر إقليم الولاية، تضم ما يفوق 15 عاملا و الإشكال المطروح، هو عدم إقبال الشباب على جني مادة الفلين، كونها عملية صعبة تتطلب جهودا و تجربة، ما جعل مصالحه تعمل على تقديم فرص للشباب و بالتنسيق مع المؤسسة الجهوية للهندسة الريفية، تم تكوين دفعة أولى من 40 عاملا مختصا في الميدان و قدم إضافة كبيرة و تم جلب العديد من العاملين من ولاية سكيكدة المجاورة، مؤكدا على أن العمل صعب للغاية و يرتكز على تقنيات عديدة.
محافظة الغابات تتصدى بقوة لنشاط عصابات الفلين
و قد شهدت غابات الفلين بجيجل، خصوصا في الجهة الشرقية للولايات، عمليات اعتداء كبيرة من قبل عصابات الفلين، ما جعل مصالح الغابات و الجهات الأمنية تكثف عمليات الرقابة، الأمر الذي أدى بعصابة الفلين إلى الاعتداء على أعوان الغابات، كانت أخطرها حادثة منطقة بوطويل بأولاد رابح.
و أوضح محافظ الغابات، بأنه و في إطار حماية الثروة الغابية و المحافظة على الأملاك الغابية الوطنية و عملا بما تقتضيه المواد 14،16 و 36 من القانون 84/12 المؤرخ في 23/06/1984، المتعلق بالنظام العام للغابات و في إطار الخرجات الميدانية التفقدية التي يقوم بها أعوان الغابات على مستوى الفضاءات الغابية للولاية و مكافحة الاستغلال غير الشرعي للمواد الغابية خاصة مادة الفلين، تمكن الأعوان في سنة 2019، من مداهمة و تفتيش عدة وحدات محلية لتحويل الفلين تشتغل بطرق غير شرعية و القيام بحواجز مشتركة مع عناصر الدرك الوطني على مستوى الطرق، حيث تمكنوا خلال السنة الماضية، من حجز أزيد من 465 ستارا من الفلين و 548 كيسا من الفلين المفتت.
كما تم العمل بنفس المنهجية هذه السنة، ما مكن الأعوان من حجز حوالي 27 ستارا منذ بداية السنة الجارية و هي نسبة قليلة مقارنة بسنة 2019 و ذلك راجع إلى عدم بداية موسم جني الفلين الذي ينطلق ابتداء من شهر جوان، مشيرا إلى أن جل الأفعال غير الشرعية، تمت أغلبها في محيط ملك للدولة مثل غابات مشاط و بني خطاب و أولاد قاسم و القرن الواقعة في كل من بلدية الميلية و غبالة و سيدي معروف و أولاد رابح و كذلك تاكسنة، أين تكثر مثل هاته النشاطات.مؤكدا على أن أعوان الغابات يبذلون كل مجهوداتهم للحد من هذه النشاطات غير الشرعية، بالرغم من المخاطر و الصعوبات التي يواجهونها و التي تصل إلى حد الاعتداء الجسدي و المادي، كما حصل منذ فترة قصيرة بأولاد رابح. و قال المسؤول، بأن محافظة الغابات لولاية جيجل، قد سطرت برنامجا خاصا هذه السنة، من أجل الحد من الاستغلال غير القانوني و ذلك بالتنسيق مع مختلف الهيئات المعنية بهذا الشأن و خاصة في ما يتعلق بالفلين الموجه للتصدير. ك/ط