تقترح عديد الوكالات السياحية على المواطنين قضاء نهاية رأس السنة الميلادية بين أحضان الصحراء، لكن المثير للانتباه ارتفاع تكاليف هذه الرحلات، التي لا تقل عن 30 ألف دج، و قد تصل إلى 70 ألف دج لمدة أربعة أو خمسة أيام، و أرجع أصحاب الوكالات السبب إلى تداخل عدة عوامل، أبرزها غلاء الفنادق، لكن ذلك لم يمنع العائلات من اختيار الصحراء كوجهة للاستجمام و الراحة و استقبال السنة الجديدة في أجواء جميلة، بعد أشهر من الحجر بسبب الجائحة.
وادي سوف تتصدّر قائمة الوجهات الأكثر طلبا
تأتي ولاية وادي سوف، في مقدمة الوجهات السياحية الأكثر طلبا من أجل قضاء نهاية رأس السنة، تليها جانت و تاغيت و تيميمون، و أوضح صاحب الوكالة السياحية «نوميديا ترافل سارفيس» بقسنطينة السيد نذير بلحاج مصطفى، في حديثه للنصر، أن وكالته خصصت عرضين لهذه الفترة، الأول نحو ولاية وادي سوف، و الثاني باتجاه جانت بين 27 ديسمبر الجاري إلى غاية الفاتح من جانفي 2021.
و أضاف المتحدث أن الوادي تعتبر الوجهة الأكثر طلبا، و حاليا تنظم الوكالة بين 4 إلى 5 رحلات نحو هذه المنطقة على متن حافلات، كل حافلة تضم 30 مسافرا، و أكد من جهته مسير وكالة « كادي غلوبال» بمدينة وادي سوف السيد عبد القادر شقوري، أن هذه المدينة هي الوجهة رقم واحد خلال هذه الفترة، و الطلبات عليها متزايدة، حيث يصل عدد المكالمات اليومية التي يستقبلها من مختلف الولايات من أجل الحجوزات، بين 30 إلى 40 مكالمة، بين الراغبين في قضاء بضعة أيام في الفنادق، و الراغبين في التخييم الصحراوي، خاصة الشباب، و قد زار المدينة منذ شهر أكتوبر إلى غاية اليوم، 800 سائح جزائري، كما أكد للنصر، إلى جانب 400 حجز لقضاء نهاية السنة في وادي سوف.
فيما اعتبر صاحب وكالة الأسفار «رحلات و سفاري الجزائر» سليم كتفي، المتواجدة بكل من الجزائر العاصمة و سطيف، الطلبات جد محتشمة هذه الفترة، خاصة نحو منطقة جانت و غرداية، كوجهتين تعرضهما الوكالة لقضاء رأس السنة.
أما السيد فتحي قريشي، رئيس جمعية « المنارة للسياحة أولاد جلال « ببسكرة، فأكد أن المنطقة تشهد توافدا كبيرا للسياحة مؤخرا، خلافا للسنوات الفارطة، و لا تزال وفود السياح الجزائريين تتدفق على الولاية، و تقوم جمعيته بدور المرافق و الدليل السياحي للزوار، من أجل اكتشاف خبايا المنطقة، إلى جانب تنظيم جولات السفاري و التخييم، و قد حجزت إلى غاية اليوم 200 عائلة، لقضاء رأس السنة في بسكرة، بوابة الصحراء.
أسعار باهظة لاستقبال رأس السنة في الصحراء
أمام وفرة العروض التي تقدمها مختلف وكالات السياحة، بالنسبة لولايات الجنوب، يبقى الإشكال المطروح، هو غلاء الأسعار بشكل وصف بالمبالغ فيه هذه السنة، بعد أشهر من الغلق، و قال مسؤول وكالة «نوميديا ترافل سرفيس» بقسنطينة، بهذا الخصوص، إن تكاليف قضاء من أربعة إلى خمسة أيام في وادي سوف و جانت، تتراوح بين 60 ألف إلى 75 ألف دج، مشيرا إلى أن الفنادق في ولايات الجنوب، لم تكيف أسعارها مع الوضع الاقتصادي الراهن الذي تأثر كثيرا بالجائحة، بل أن هناك من انتهزوا الفرصة إعادة بعث النشاط السياحي الداخلي، لفرض أسعار خيالية أحيانا، لا تتماشى عموما مع قدرة الزبون الجزائري.
و اعتبر من جهته صاحب وكالة «رحلات و أسفار الجزائر» الذي يخصص رحلات سفاري باتجاه جانت و غرداية، الأسعار مرتفعة جدا، لكن ذلك، خارج عن نطاق وكالات الأسفار، حسبه، التي يرتبط عملها بعدة أطراف و عوامل خارجية، تتدخل في تحديد السعر النهائي، فمثلا تكلفة قضاء خمسة أيام في جانت وصلت إلى 65 ألف دج، بسبب غلاء سعر الوقود، في حين تتطلب رحلات سفاري و التخييم في قلب الصحراء، كميات كبيرة من الوقود، أي دفع مبالغ إضافية.
وأضاف أن سعر المواد الغذائية في هذه المناطق مرتفع و يرتبط ذلك عموما، بحركة وسائل النقل التي لا تصل بانتظام إليها، بسبب غلاء الوقود.
وذكر المتحدث من جهة أخرى، استثناء الخطوط الجوية الجزائرية للكثير من وكالات السياحة الجزائرية، و البالغ عددها الإجمالي 53 ألف و 600 وكالة، من إجراء إعفاء 50 بالمئة من سعر التذاكر من الرسوم الضريبية، و تم، حسبه، انتقاء عدد معين من الوكالات، للاستفادة من الإجراء دون البقية، ما نجم عنه انخفاض التكاليف بنسبة كبيرة.
وقال صاحب وكالة « كادي غلوبال» السيد عبد القادر شقوري، إن تكلفة قضاء أربعة أيام في فندق مصنف 2 إلى 3 نجوم، تتراوح بين 28 إلى 30 ألف دج، بينما تبلغ تكلفة التخييم لمدة ثلاثة أيام مع السفاري 26 ألف دج، ويتطلب قضاء ليلة واحدة في فندق بولاية بسكرة بين 4 إلى 5 آلاف، حسب تصنيف الفندق، وفق السيد فتحي قريشي، رئيس جمعية المنار السياحية أولاد جلال ببسكرة، في حين يكلف التخييم لليلة واحدة مع السفاري و الإطعام، بين ألفين و 500 دج إلى أكثر من 5 آلاف.
ولاحظنا أن تعليقات زوار الصفحات الرسمية لعدد من الوكالات السياحية، تدور حول غلاء الأسعار، وهناك من وصفها بالمبالغ فيها، حيث قالت أمينة، موظفة بوكالة «نوميديا ترافل سرفيس» بقسنطينة للنصر، إن الأسعار تعتبر عائقا أمام بعض الراغبين في اختيار وجهة صحراوية، و عند اتصالهم بالوكالة أو زيارتها، للبحث عن عرض مناسب، يندهشون من الأسعار و يسألون عن التخفيضات، إن وجدت.
سيّاح ينقسمون بين رفاهية الفنادق وجمالية التخييم
تشمل العروض المقدمة باتجاه عدد من ولايات الجنوب، الإقامة بالفنادق أو التخييم، و حسبما أكده عدد من أصحاب وكالات السفر، فإن الزبائن ينقسمون بين الباحثين عن الرفاهية و الإقامة في الفندق، و بين عشاق الطبيعة و السفاري و التخييم، الذين يحبذون المبيت بين أحضان الرمال.
وقال عبد القادر شقوري، إن ولاية بسكرة لا تتوفر على عدد كاف من الفنادق، و أغلب السياح يفضلون التخييم و لا يقتصر الأمر على الشباب فقط، فحتى العائلات بدأت تقصد المنطقة للتخييم بين الكثبان الرملية، و المشاركة في السفاري و الاستمتاع بجمال الطبيعة و الأكل بين أحضانها.
بينما يرى نذير بلحاج مصطفى، أن الزبون الجزائري أصبح يبحث أكثر عن الرفاهية و الراحة، و لاحظ ذلك من خلال العروض التي تطرحها الوكالة باتجاه وادي سوف و جانت، حيث أن الوجهة الأولى اختارها أغلب الراغبين في الإقامة بفنادق ذات 4 أو 5 نجوم، رغم قلتها، على غرار «الغزالة الذهبية».
حسب رأيه، فإن ثقافة السياحة في الجنوب، ليست منتشرة بين الجزائريين الذين تعوّد الكثير منهم على السفر إلى الخارج، والاستمتاع بمرافق سياحية توفر الراحة و الرفاهية، و هذا هو سبب تفضيلهم الإقامة في الفندق على التخييم في الصحراء، بالمقابل هناك من يفضل أجواء البراري.
واستند فتحي قريشي، إلى طبيعة عمله كدليل سياحي، ليصف الإقبال على التخييم بالمعتبر، فهناك عائلات بأكملها، حجزت مواعيد لقضاء بضعة أيام بين الرمال و الأكل و السهر أمام إبريق الشاي و الخشب المشتعل، و انتظار حلول السنة الجديدة تحت ضوء القمر و النجوم.
رحلات الجنوب لن تعوّض سوى 5 بالمئة من أضرار الجائحة
تنفّست الكثير من وكالات السفر الصعداء، بعد قرار الفتح الجزئي و عودة الرحلات الجوية باتجاه الجنوب، ما سينقذ، نوعا ما، الموسم السياحي الذي توقف نهائيا بسبب الجائحة لأكثر من ثمانية أشهر، و كبّد قطاع السياحة و الوكالات السياحية، خسائر معتبرة.
وأوضح نذير بلحاج مصطفى أن وكالته وضعت برنامج عمل منذ شهر أكتوبر، مباشرة بعد إصدار قرار الرفع الجزئي للحجر، خصوصا مع إعادة تنظيم الرحلات باتجاه الجنوب، مشيرا إلى أن وكالته ستواصل عروضها إلى غاية العطلة الشتوية.
وأكد للنصر أن الخسائر التي تكبدتها الوكالة، كبيرة تناهز 60 بالمئة، و حسب رأيه، فإن عودة النشاط السياحي نحو الصحراء، لن يحقق سوى ما يعادل 5 بالمئة من نفقات الوكالة.
أما سليم كتفي، صاحب وكالة رحلات و سفاري الجزائر، فأكد أن الجائحة قد تسببت في توقف مداخيل أزيد من 20 ألف عائلة جزائرية، يعمل أحد أفرادها في الوكالات السياحية، و من شأن السياحة الصحراوية في الفترة الراهنة أن تعيد الأمل لهم، و تضمن لأصحاب الوكالات دخلا ماديا لدفع الرواتب و تغطية بقية النفقات.
بينما اعتبر عبد القادر شقوري أن الجائحة بكل سلبياتها، قد ساهمت في إنعاش السياحة الداخلية، خاصة في الجنوب الكبير، الذي كان في سنوات الماضية يستقطب فئات قليلة جدا من الجزائريين، و أغلب زواره من الأجانب، ما سيساهم في تعريف الجزائري ببلده، رغم النقائص المطروحة بحدة، في مقدمتها الهياكل الفندقية و السياحية.
بروتوكول وقائي وطبيب لكل فريق سياحي
أكد أصحاب وكالات السفر ممن تحدثت إليهم النصر، أن الالتزام بالبروتوكول الصحي و تعليمات وزارة السياحة، أمر إجباري خلال الرحلات المنظمة باتجاه الجنوب. وتسهر الوكالات على توفير الكمامات للسياح، مع احترام التباعد الإجتماعي، سواء داخل الحافلات، حيث يتم تقليص عدد الركاب، للحفاظ على سلامتهم، و نفس الشيء بالنسبة للسيارات رباعية الدفع، التي تستخدم لرحلات السفاري، كما يرافق الوفد السياحي طبيب و ممرض و أكثر أحيانا.
يذكر أن بعض الوكالات فضلت التريث وعدم المجازفة بإطلاق عروض سياحية، إلى غاية استقرار الوضعية الوبائية، على غرار وكالة « بليكز للأسفار».
هيبة عزيون