عرف، أمس، سوق حامة بوزيان في قسنطينة، خلال ثاني فتح له بعد قرار غلق الأسواق لأشهر كإجراء وقائي جراء تفشي وباء كوفيد 19، عرضا قياسيا للسيارات لم تقابله طلبات كثيرة، وذلك بسبب الأسعار المرتفعة المعتمدة من أصحاب المركبات، والتي فاقت 30 مليون سنتيم مقارنة بما كانت عليه قبل سنتين، ما أدى لركود عمليات البيع والشراء.
استطلاع: حاتم بن كحول
وتنقلت النصر للسوق الوحيد من نوعه على مستوى الولاية، حيث شهد محيطه ازدحاما مروريا كبيرا، أما بداخله فقد شاهدنا عددا غير مسبوق من المركبات حيث كانت كل المساحات المخصصة مستغلة، لدرجة أن المارة وجدوا صعوبة في المرور بينها، كما تم ركن عشرات المركبات المعروضة للبيع في الطريق المحاذي للسوق بعدما لم يجد أصحابها مكانا داخل المرفق المكتظ عن آخره. كما فاق عدد المتسوقين كل التوقعات، حيث وجدنا صعوبة بالغة في عبور أمتار بسبب التدافع.
إنزال من الولايات المجاورة ولا احترام لإجراءات الوقاية
خلال الجولة التي قمنا بها في الجهة العلوية من السوق والتي عادة ما تطرح فيها المركبات الجديدة، شد انتباهنا أن عددا كبيرا منها كانت من ولايات مجاورة منها أم البواقي وباتنة وميلة وسكيكدة وسطيف وعنابة، خاصة وأن تنظيم الأسواق أصبح مرة كل 15 يوما ما يجعل الراغبين في بيع مركباتهم يتنقلون من سوق لآخر، وكل ذلك وسط اكتظاظ كبير امتد إلى أطراف السوق، في وجود حتى الأطفال وفي غياب كلي لاحترام إجراءات التباعد الاجتماعي، فيما لم نشاهد أي مواطن يضع كمامات.
وقد كانت المركبات المعروضة للبيع من مختلف الأنواع والماركات، ولكن النصيب الأكبر منها كان لتلك الألمانية والفرنسية، على غرار «سيات ليون» و«إيبيزا» و«بولو»، و«ستيبواي» و«سامبول» و«كومبيس» و«لوقان» و«بيجو 208»، حيث أن جلها كانت ذات ترقيم ما بين سنتي 2015 و 2019.
بدأنا عملية استطلاع الأسعار المعروضة أو المرغوب فيها، ولكن وجدنا صعوبة بالغة في معرفة ذلك، حيث أن عشرات المركبات التي لم يتلق أصحابها عروضا للشراء، رغم أن الساعة كانت تشير إلى التاسعة صباحا، وهو توقيت عادة ما كانت عمليات البيع تنتهي عنده، ففي كل مرة كان يجيبنا ملاك السيارات بوجه شاحب «ماسامونيش» أو «على باب الله».
وقد لمسنا ركودا وجمودا في معاملات البيع، رغم مرور أكثر من 3 ساعات من توافد المواطنين على السوق، حيث لم يتجاوز عدد المركبات التي أعلن أصحابها عن بيعها 9، فيما تعرض أكثر من 3 آلاف سيارة في الجهة العلوية من المرفق.
و من السيارات الأكثر طلبا، وجدنا «بيجو 208» التي تسير بمحرك ديزل حيث بلغ السعر المعروض على صاحبها 170 مليون سنتيم رغم أنها ذات ترقيم سنة 2014 بعدد كيلومترات سير وصل إلى 146 ألفا، فيما بلغ سعر نفس السيارة بترقيم 2017 وبعداد 64 ألف كيلومتر أكثر من 242 مليون سنتيم وهو المقترح الذي تلقاه صاحبها.
وكان ثمن السيارة الشبابية «إيبيزا» مرتفعا جدا بعد أن تلقى صاحب «إيبيزا بلاك لاين» ذات ترقيم 2014 وبعداد 172 ألف كيلومتر، مبلغ 175 مليون سنتيم، كما تلقى صاحب سيارة «بولو آرلاين» ذات ترقيم 2014، سعر 227 مليون سنتيم، و وصلت العروض إلى 171 مليونا بالنسبة لـ «بولو لايف» لسنة 2013 وبعداد كيلومترات بلغ 194 ألفا، فيما عُرض على صاحب «بولو تروندلاين» تحمل ترقيم سنة 2015 وبعداد 84 ألف كيلومتر، مبلغ 192 مليون سنتيم، و 142 مليونا بمركبة «رونو كومبيس» ذات ترقيم 2015 أيضا.
«سامبول» الأكثر مبيعا و«ستيبواي» بأسعار غير مسبوقة
وبعد مرور 30 دقيقة، انتعشت قليلا عمليات البيع لكنها اقتصرت على نوع محدد من المركبات، حيث كانت سيارات «رونو سامبول» الأكثر رواجا، وبلغ سعر مركبة ذات ترقيم 2018 وبعداد كيلومترات بلغ 93 ألفا، أكثر من 160 مليون سنتيم، وقد وصل عدد السيارات التي بيعت حوالي 6 من أصل حوالي 50 مركبة معروضة للبيع من نفس العلامة.
كما لاحظنا أن جل الراغبين في اقتناء مركبة، يتوجهون مباشرة إلى سيارات «ستيبواي» ذات الترقيم 2017 إلى 2019، حيث أن القيم المالية لهذا النوع من العلامات كانت مرتفعة جدا، إذ تلقى صاحب مركبة «ستيبواي» ذات ترقيم 2019، بمحرك بنزين وبعداد يقارب 34 ألف كيلومتر، مبلغ 227 مليون سنتيم، وأخرى ذات نفس الترقيم ولكن بمحرك ديزل وبعداد بـ 64 ألف كيلومتر، تم تلقي 237 مليون سنتيم كثمن مقترَح لشرائها، كما أن مركبة أخرى ذات نفس الترقيم والمحرك وبعداد بلغ 18 ألف كيلومتر، وصل السعر المعروض على صاحبها إلى 246 مليونا.
ارتفاع بقرابة 30 مليونا
وكانت الأسعار المعروضة أو التي يطالب بها أصحاب المركبات، تفوق تلك التي بيعت بها قبل سنتين من الوكالات وبصفر عداد، بأكثر من 30 مليون سنتيم، حيث بلغ ثمن سيارة «أكسنت» بترقيم سنة 2019 وذات محرك «ديزل» وبعداد 20 ألف كيلومتر، أكثر من 258 مليون سنتيم رغم أنه لم يتجاوز 212 مليونا في الوكالات، كما فاق سعر «ستيبواي» 2019 ذات محرك ديزل 240 مليون سنتيم وهو الذي لم يتعد قبل عامين 210 مليون.
ولم يختلف الحال بالنسبة لسيارة إيبيزا ذات ترقيم سنتي 2018 و2019 والتي تعدى سعرها 250 مليون سنتيم وهي التي لم تتجاوز 220 مليون سنتيم قبل 24 شهرا، كما بلغ ثمن «كليو 4 جي تي لاين» ذات ترقيم 2019 وبعداد 30 ألفا، 265 مليون سنتيم، فيما لم يتجاوز ثمنها 224 مليون سنتيم من مختلف وكالات «رونو»، وترجع هذه الزيادة لغلق مصانع المركبات مع وقف استيراد السيارات الجديدة منذ حوالي عامين، ما جعل السماسرة وبعض المواطنين يرغبون في تحقيق أكبر هامش ربح ممكن.
100 مليون لاقتناء مركبات عمرها يزيد عن 20 سنة
توجهنا للجزء السفلي من السوق، وهو المعروف ببيع المركبات القديمة، حيث شرعنا في عملية استطلاع الأسعار، لنتفاجأ أنها مرتفعة أيضا، حيث بلغ ثمن سيارة «سامبول »ذات ترقيم 2011 أكثر من 127 مليون سنتيم، فيما فاق في لوغان ذات ترقيم 2012، مبلغ 130 مليونا، كما وصل سعر «بيجو 207» مصنعة سنة 2012 مبلغ 130 مليون سنتيم.
وتعدى سعر بعض المركبات القديمة والتي صنعت قبل حوالي 20 سنة، 100 مليون سنتيم، حيث كان يعتبر هذا المبلغ قبل سنوات قليلة كافيا لاقتناء مركبة جديدة، ليتحول إلى مجرد مبلغ مالي لا يكفي إلا لاقتناء مركبة قد تكون سنة تصنيعها هي نفسها بالنسبة لتاريخ ميلاد المشتري، حيث أكد صاحب سيارة «ميغان سينيك» ذات ترقيم 2002 أنه تلقى عرضا للبيع مقابل 95 مليون سنتيم لكنه يطالب بمبلغ يفوق 100 مليون سنتيم، فيما تلقى آخر مقترحا بـ 87 مليون سنتيم من أجل بيع «بيجو 207» ذات ترقيم 2007، وفاق ثمن سيارات «بيجو 406» و«لاغونا» المصنعة بين سنتي 1998 و2003 مبلغ 110 مليون.
وكانت علامات التعجب والحسرة بادية على غالبية المواطنين الراغبين في الشراء، وقد قال لنا شاب إنه لم يستوعب بعد الأسعار التي يرغب فيها أصحاب المركبات، موضحا أنه كان يتمنى شراء مركبة من علامة «إيبيزا» أو «بولو» ولكن يبدو أن حلمه «تبخر بمجرد وصوله للسوق»، بسبب غلاء هذا النوع من المركبات والتي تتراوح أسعارها بين 170 إلى 270 مليون سنتيم.
كما أكد كهل، أنه باع مركبته من نوع «كيا بيكانتو» ليجد نفسه بين مطرقة الأسعار المرتفعة للمركبات وسندان المبلغ الذي بحوزته والذي لا يكفي حسبه، لاسترجاع مركبته التي باعها بثمن منخفض خارج السوق، بينما قال آخر إنه يحوز على مبلغ 150 مليون ولم يجد لنفسه سيارة محترمة ليقتنيها، موضحا أن المبلغ الكافي لشراء مركبة يرغب فيها يجب ألا يقل عن 200 مليون سنتيم.
اتهامات لأصحاب المركبات يقابلها عزوف المشتري
واتهم محدثونا، البائعين بممارسة السمسرة بسبب ارتفاع أسعار المركبات بشكل غير مسبوق في الفترة الحالية، إذ يعمدون إلى الشراء من المواطنين خارج الأسواق بأثمان منخفضة بحجة اقتراب استيراد المركبات، ولكنهم يعيدون البيع بأسعار مرتفعة، حتى أن جل السيارات التي يشترونها غير مسجلة على أسمائهم، ويتماطلون في الاكتتاب لدى مصالح البطاقة الرمادية من أجل تسجيلها مباشرة للمشتري، حسب محدثينا.
كما شكك عدد معتبر من الزبائن، في الأسعار التي «يدعي أصحاب المركبات أنهم تلقوها»، مؤكدين أن جلها غير حقيقية والغرض منها رفع قيمة المركبات أكثر، والدليل على ذلك، حسبهم، هو أن جل المركبات لم تُبع، وأضاف المواطنون أن أملهم الوحيد حاليا هو شروع الوكلاء المعتمدين في استيراد المركبات الجديدة والتي ستساهم من دون شك في انخفاض الأسعار ولو قليلا، حسبهم.