تعرف عنابة، ذروة الإقبال السياحي هذا الموسم، و قد سجلت معدلات قياسية منذ بداية أوت، وهو ما انجر عنه ضغط كبير على خطوط النقل المختلفة، سواء عبر القطار أو الطائرات وكذا محطات النقل البري إلى جانب الحجوزات على مستوى الفنادق وكراء الشقق.
ربورتاج: حسين دريدح
وقفت النصر، على الطلب الهائل على خطوط النقل البرية و الرحلات الجوية بين عنابة والجزائر العاصمة، وقد قابلنا مواطنين كثر تحدثوا عن صعوبة التنقل بين المدينتين جوا في هذه الفترة من السنة، بسبب الضغط على الحجوزات، نظرا لأن العديد من المسافرين يفضلون الطائرة لأجل رحلة أكثر أريحية في ظل ارتفاع درجة الحرارة وطول المسافة، خاصة القدمين من ولايات الجنوب والغرب، وقد انعكس توافد الزوار و المصطافين أيضا،على حركة القطارات و المحطات البرية.
الجالية تضاعف الضغط على الرحلات الجوية
تبدأ مغامرة السفر بالبحث عن مقاعد على متن رحلات الخطوط الجوية باتجاه مطاري عنابة و قسنطينة، غير أن الحجز والحصول على تذاكر في هذه الفترة يعد شبه مستحيل، كون الحجوزات أغلقت قبل أسابيع، وزاد الطلب على هذين الخطين بقدوم عدد هام من أفراد الجالية الجزائرية بالخارج، إذ يفضل الكثيرون قضاء العطلة في الولايات الشرقية مع عائلاتهم وأهاليهم، و يرجع مسيرون بوكالات الخطوط الجوية الجزائرية سبب الضغط على هذين الخطين بالإضافة إلى خط العاصمة إلى عدم توفر خطوط مباشرة من مطارات الشرق نحو عواصم عدد من دول العالم، على غرار كندا وإنجلترا و أمريكا و دول الخليج و ألمانيا و الصين وغيرها الوجهات، التي تبرمج نحوها في العادة رحلتان إلى ثلاث في الأسبوع من مطار هواري بومدين الدولي.
وعليه يفضل المسافرون الحجز مسبقا، لاستكمال الرحلة جوا باتجاه مطارات عنابة و قسنطينة و سطيف، انطلاقا من العاصمة وهو ما سبب ضغطا على الرحلات الداخلية المرتبطة بالرحلات الدولية، وصعب مأمورية الحجز على الراغبين في السياحة الداخلية وزيارات الولايات الساحلية.
القطار بديل المسافرين بين قسنطينة و عنابة و العاصمة
كشف مسؤول النقل بمحطة الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية بعنابة سمير عمارة للنصر، عن وجود طلب كبير جدا على خط عنابة الجزائر العاصمة سواء للقدوم أو العودة، خاصة في شهر أوت، فكل المقاعد محجوزة حسبه، مع تلقي مئات الطلبات للحجز بشكل يومي رغم محدودية الأماكن، إذ توفر الشركة 350 مقعدا للمسافرين يوميا، و تباع التذاكر بكل من محطتي عنابة وقسنطينة، وقد تزيد الحصة أحيانا عند توفير الإدارة المركزية لعربات إضافية عبر هذا الخط، بناء على البرمجة المرتبطة بباقي المحطات.
وأضاف عمارة، بأن الشركة توفر خدمة السفر عبر القطار في عربات درجة أولى و ثانية، تتوفر على أسرة للنوم والراحة، كما توفر أيضا عربات المقاعد في الدرجتين، بأسعار تتراوح بين 900 دج و1600 دج للفرد، علما أن الرحلات تنطلق في حدود العاشرة ليلا من عنابة باتجاه العاصمة، مرورا بمحطتي رمضان جمال وقسنطينة.
وأشار، إلى التنسيق في بيع التذاكر مع محطة قسنطينة، لتلبية الطلب في حال كان هناك فائض، كما تتشكل الطوابير يوميا من أجل الحجز و يتحدد عدد التذاكر المتاحة عند دخول العربات إلى لمحطة، والقيام بمراقبتها والتأكد من إمكانية السفر، وتقديم كامل وسائل الراحة للمسافرين.
عودة قوية إلى المحطات البرية
وأمام استنفاد خياري السفر من أو إلى عنابة عبر الطائرة والقطار، توجه مسافرون إلى محطات النقل البري، وقد وقفت النصر على الحركية الكبيرة بالمحطة البرية لسيارات الأجرة بسيدي براهيم،أين لاحظنا نشاطا غير معهود مع طلب كبير على خط العاصمة عنابة.
علمنا من أصحاب سيارات أجرة، بأن العمل ينطلق في حدود الساعة الرابعة صباحا، فتواجدنا في المكان في ذات الساعة خلال اليوم الموالي حتى نرصد الحركية، و قد انطلق فعليا أول سيارتين باتجاه العاصمة مع بداية النشاط مباشرة، وكانت كل سيارة تقل ثمانية ركاب، لاحظنا بأن هناك سيارة أجرة تغادر كل 10 دقائق، كما لفتنا التوافدا المستمر للمسافرين و عدد القادمين إلى بونة عبر ذات المحطة.
كان المسافرون من العاصمة باتجاه عنابة، قد بدأوا بالوصول في حدود الساعة الحادية عشر صباحا، حيث تستغرق الرحلة برا 6 ساعات كاملة وبتسعيرة تقدر بـ 1800 دج، نفس الحركية في الاتجاهين، وأحيانا يسجل عجز، ما يحتم على المسافرين الاستعانة بخطوط أخرى كقسنطينة وسطيف للوصول إلى العاصمة. نفس الحركية سجلناها على مستوى المحطة البرية منيب محمد صنديد، للحافلات بحي أول ماي بالمدخل الشرقي، فكل الحافلات من وإلى الجزائر العاصمة كانت ممتلئة عند وصولنا.
مغامرة شبان من وهران لزيارة عنابة لأول مرة
التقينا خلال جولتنا في المدينة، بشباب من وهران كانوا يتواجدون على مستوى ساحة " ألكس إكسمبار" لاحظنا بأنهم يحملون حقائب سفر، فتقربنا منهم، أوضحوا لنا بأنهم وصلوا عنابة منذ ساعة تقريبا عبر رحلة برية مروا خلالها بالعاصمة، لأن الحظ لم يسعفهم في الحصول على مقاعد في الطائرة أوالقطار.
كان التعب سيد الموقف، فالشباب الخمسة وهم أقارب كانوا بحاجة إلى الراحة بسبب طول الرحلة كما أخبرنا وليد، الذي أوضح بأنهم توقفوا قليلا لتناول وجبة الغداء، وقد انطلقوا في رحلة جديدة للبحث عن شقة للكراء، بعد فشل مساعي حجز مكان للإقامة عبر الإنترنيت، بسبب الطلب الكبير على الشقق ونفادها تقريبا، وكذا عدم ملاءمة بعض العروض لشروطهم، وبعد ما توفر من شقق عن وسط المدينة، وهو أمر لا يتناسب مع طلبهم لعدم امتلاكهم لسيارة خاصة من أجل التنقل نحو الشاطئ.
رافقناهم للبحث عن مكان للمبيت، و كانت الوجهة الأولى وكالة عقارية بساحة " ألكس إكسمبار"، قالت مسيرة الوكالة إن الشقق المسجلة عندها محجوزة بالكامل إلا واحدة على مستوى شاطئ طوش بالكورنيش، ولأن المسافة بعيدة قرر الشباب رفضها، بقي عرض أخر لشقة بحي واد فرشة بالجهة الغربية للمدينة، قيل لنا بأنها ستكون شاغرة في اليوم الموالي فاقتحرت مسيرة الوكالة قضاء الليلة في نزل، و التفكير مليا إلى غاية توفر مكان آخر للإقامة يكون أكثر راحة.
بعد سويعات تواصلنا مع وسيط عقاري، أخبر الشباب عن شقة شاغرة بحي " جني سيدار" بواد القبة تبعد بحوالي 200 متر على شاطئ البحر غير أن السعر لم يكن مناسبا لميزانيتهم، كون برنامج العطلة 6 أيام، وهو ما يحتم عليهم تسقيف تكلفة المبيت عند حدود 8000 دج لليلة الواحدة وبعض مفاوضات في الهاتف، تم التنقل نحو الشقة الواقعة في عمارة بالطابق الخامس، و قد كانت موصفاتها جد مناسبة للمجموعة، تتكون الشقة من 3 غرف وتحتوي على كامل المتطلبات من تكيف مياه و مطبخ مجهز، فضلا عن موقعها الجميل المطل على البحر، تم الاتفاق على الاستئجار لمدة 3 أيام فقط بدل 6 أيام، مقابل مبلغ 10000 دج لليلة الواحدة، ودفع 10 بالمائة كأتعاب للوسيط و هكذا انتهى الأمر.
أخبرنا أفراد المجموعة، بأنهم أحبوا جدا وسط مدينة عنابة منذ اللحظة الأولى لوصولهم، وذلك نظرا للتشابه الكبير بين المدينة و وهران، خاصة ما تعلق بالنمط العمراني، و قالوا بأن زيارتهم ستشمل الشواطئ و المعالم أيضا، وقد ضبطوا برنامجهم انطلاقا مما شاهدوه عن بونة الساحرة عبر مواقع التواصل.
الفنادق خيار السياح الأجانب
لم تستطع الحظيرة الفندقية بعنابة، استيعاب ذروة الاستقطاب السياحي و العدد الكبير للسياح والزوار الذين قصدوها هذا الشهر، جميع الفنادق كانت محجوزة بحسب مسيري وكالات سياحية تواصلنا مهم، مع جود طلب يومي على أماكن الإقامة، وهو ما لمسناه بفندق الأمير الواقع بقلب المدينة مقابل محطة القطار، يحتوي الفندق على نحو 40 غرفة، قال مسيره، بأنها مشغولة عن آخرها، كما يزيد الإقبال مساء وليلا، مع قدوم الزوار من مختلف الولايات.
يستقطب الفندق حسبه، سياحا من ليبيا وتونس بأعداد كبيرة أيضا، وتعد هذه الصائفة الأفضل مند سنوات من حيث النشاط والمردود، حيث بدأت الحجوزات خلال شهري جوان و جويلية، فيما انحصر الطلب العام الماضي في شهر أوت وحده، واعتبر المتحدث، الموسم الحالي بمثابة مؤشر إيجابي عن بداية انتعاش قطاع السياحة رغم تفاوت وجهة النظر و حول نوعية الخدمات.
وبالنسبة للأسعار في الفندق الذي يتمتع بطراز معماري عتيق، فقد حدد سعر الغرفة الفردية بـ 3800 دج، و الغرفة الثنائية بـ 5200 دج، مقابل 7000 دج لغرفة رباعية، و 7500 دج لجناج بالفندق، أما تكلفة شقة لأربعة أشخاص فتقدر بـ 9600 دج، مع توفر فطور الصباح.
مواطنون أعادوا اكتشاف بلادهم
أرجع غالبية من تحدتنا إليهم، بخصوص الاستقطاب السياحي الداخلي الانتعاش المسجل إلى جائحة كورونا، فرغم الحجر و ما تبعه، إلا أن المواطنين أعادوا اكتشاف بلادهم بعدما توقفت الرحلات نحو الخارج كما أن متعاملين محليين نجحوا جدا في كسب ثقة الزبائن، و هو ما غير المعطيات كثيرا و ساهم في استرجاع نصف السياح الجزائريين الذين كانوا يفضلون دول الجوار مثلا، كما ساعد الترويج على مواقع التواصل الاجتماعي، في إبراز جمال المدن والولايات وتحفز الكثيرين على زيارتها بفضل الصور والفيديوهات التي باتت دليلا سياحيا إلكترونيا.