تعتبر زاوية الهامل القاسمية المتواجدة في الولاية المنتدبة بوسعادة، من أهم الصروح الدينية والثقافية العريقة في الجزائر، التي ساهمت على مر أكثـر من قرن ونصف من تأسيسها في الحفاظ على المرجعية الدّينية الجامعة، ونشر ثقافة إصلاح المجتمع بالدين القيّم والتوجيه الراشد، وتعزيز عوامل وحدته وتماسكه.
روبورتاج: عبد الحكيم أسابع
وقد أسهمت هذه المنارة الدينية والعلمية، التي تحوّلت على مر السنين إلى أحدى أهم الوجهات السياحية والدينية، القاطبة للزوار والسياح والمريدين، من مختلف أنحاء البلاد ومن خارجها، في تكوين وتخريج أجيال من حفظة القرآن الكريم، وحَملَة العلوم الشرعية، كما أجيز من طرف مشيختها صفوة من العلماء.
مهمة حضارية كرست لقرن و نصف
زارت النصر الزاوية، والتقت بالطاقم المشرف على تسييرها وأعضاء خلية الإعلام والاتصال التابعة لها، أين وقفنا على الدور والجهود المبذولة للحفاظ على مقومات الهوية الجزائرية، وحفظ تاريخ وتراث الجزائر والمساهمة أيضا في إعداد جيل الغد.
تقع الزاوية القاسمية على بعد 13 كلم في الجنوب الغربي من مدينة بوسعادة، على المرتفعات المتاخمة لجبال أولاد نايل، وتنتسب الزاوية إلى مؤسّسها الإمام المربي والعالم، الشيخ سيدي محمد بن أبي القاسم الشريف الحسني رحمه الله ، المتوفّى في 02 جوان 1897.
أسس الشيخ الشريف الحسني، زاويته وعمّرها في بيته الكائن برحاب المسجد العتيق سنة 1844، في فترة مقاومة الأمير عبد القادر، حيث بلغ عدد طلبته آنذاك ثمانين طالبا، كان يتولى تعليمهم ويتكفل بنفقات إقامتهم، فيما بنى زاويته الحالية وعمرها في مطلع عام 1864، و تضم عدة مرافق أهمها المسجد الجامع، وبيت القرآن، وإقامة الطلبة، وقاعات الإطعام المخصصة لهم، إلى جانب مسكن شيخ الزاوية، فضلا عن سكنات لإيواء الزائرين
وكتب عن الزاوية القاسمية الكثير من المؤرخين والكتاب، وأشادوا بأعمالها وجهادها، وأجمعوا على اعتبارها من أشهر الزوايا العلمية في المغرب العربي الكبير، نظرا للدور الإيجابي الذي اضطلع به رجالها، وجهودهم العلمية والتربوية وأعمالهم الوطنية في العهد الاستعماري وبعد الاستقلال.
وقد أدت الزاوية القاسمية حسب القائمين عليها، دورا رائدا في مختلف مراحل الجهاد ضد الوجود الاستعماري، وكانت أحد معاقل الحركة الوطنية ومركز إسناد للثورة التحريرية.
مقر لجامعة الزوايا بالشمال الإفريقي
اختارها شيوخ الزوايا والطرق الصوفية في المغرب العربي، مقرا لجامعة الزوايا بالشمال الإفريقي، وانتخب شيخها آنذاك، رئيسا لهذه الهيئة التي أسست في الثلاثينيات من القرن الماضي وعندما تأسست الرابطة الرحمانية للزوايا العلمية في الثالث أوت 1989، اختار رجالها زاوية الهامل القاسمية مقرا للرابطة، وانتخبوا شيخها رئيسا لها.
وتسهم الزاوية في الحفاظ على مقومات الهوية الوطنية، وعلى ثوابت الأمة ووحدتها الجامعة ومقوماتها الأساسية.
يرتبط بها روحيا أتباع الطريقة الرحمانية، في شرق البلاد وغربها ووسطها، و تتكفل الزاوية بطلبتها مجانا من حيث التعليم والإيواء والإطعام علما أن الزاوية تحضر الطعام حتى للوافدين من زائرين وعابرين، كما تتكفل بعدد من الأسر الفقيرة المحتاجة والمعوزة واليتامى وأبناء السبيل.
تعاقب على مشيخة الزاوية، بعد مؤسسها الشيخ سيدي محمد بن أبي القاسم الشريف الحسني، كل من السيّدة زينب بنت محمّد بن أبي القاسم المتوفية سنة 1905، ثم الشيخ محمّد بن الحاج محمّد المتوفي سنة 1913، وبعده الشيخ المختار بن الحاج محمّد المتوفي سنة 1915، ثم الشيخ أبو القاسم بن الحاج محمّد المتوفي عام 1927، ليأتي بعده الشيخ أحمد بن الحاج محمّد (توفي عام 1928).
أما الشيخ السادس لزاوية الهامل، فكان الشيخ مصطفى بن محمّد (توفي عام 1970)، متبوعا في المرتبة السابعة بالشيخ حسن بن محمد (توفي عام1987)، لتسلم مشيخة الزاوية للشيخ الخليل بن مصطفى المتوفي عام 1994.
ويقود الزاوية منذ شهر مارس 1994، الشيخ محمد المأمون بن مصطفى القاسمي الحسني عميد جامع الجزائر الحالي.
نشاط علمي و تربوي واجتماعي
ازدهرت الزاوية القاسمية وذاع صيتها مشرقا ومغربا، فأصبحت بعد سنوات قليلة من تأسيسها مركز إشعاع حضاري، حيث استقطبت اهتمام الباحثين وأثارت عناية الدارسين وقصدها العلماء والباحثون من داخل البلاد وخارجها.
ونظرا لرفعة مستوى التعليم الذي تقدمه، فقد شكلت معهدا إسلاميا عاليا كوّن عددا كبيرا من العلماء والفقهاء، كانوا يؤهّلون علميا ويجازون للإفتاء أو القضاء أو التدريس في كبرى الحواضر العلميّة داخل الوطن وخارجه.
ويؤكد القائمون عليها للنصر، أن الزاوية شكلت مركزا روحيا قياديا لأتباع الطريقة ‘’الخلوتية الرحمانية’’، كما كانت وما تزال ملاذا آمنا، يجد فيها ذوو الحاجات ما يسدّ خللهم ويفرّج كربهم ويصلح شأنهم.
تخرّج من الزاوية وأجيز حسب ذات المصدر، جمع من العلماء الأعلام، من أبرزهم الشيخ محمد بن عبد الرحمان الديسي، والشيخ عبد السلام التازي الأستاذ بجامعة القرويين، والشيخ محمّد العاصمي المفتي الحنفي بالجزائر، والشيخ أبو القاسم الحفناوي، إلى جانب الشيخ محمّد المكي بن عزوز، والشيخ حمدان الونيسي، وأيضا الشيخ عبد الحليم بن سماية، والشيخ عاشور الخنقي، والشيخ محمّد السنوسيّ التونسي، والشيخ محمد العربي الجزائري، والشيخ أحمد الأمين بن عزوز المدني، والشيخ الونوغي بن أبي مزراق المقراني، والشيخ عبد القادر بن إبراهيم المسعدي، والشيخ عبد القادر المجاويّ، والشيخ شعيب التلمساني، والشيخ مصطفى بن السادات، والشيخ حميدة بن الطيب الجزائري المدني، وغيرهم كثيرون.
و تخرّج من الزاوية الآلاف من طلبة العلم كذلك على امتداد قرن ونصف، وتراوح تحصيلهم العلمي بين حفظ القرآن الكريم والفقه في الدين، وبين بلوغ أرقى الدرجات العلمية، علما أن عدد الطلبة في مطلع السبعينيات فاق 1500 طالب.
توزع خريجو المعهد القاسمي منذ استعادة الاستقلال، على مختلف قطاعات النشاط الوطني من رجال تربية وتعليم وقضاة وأئمة مساجد وأساتذة جامعات وباحثين ومؤطّرين ومسيّرين في مختلف المؤسّسات والهيئات.
وتواصل الزاوية القاسمية اليوم أداء رسالتها التعليميّة، والتربوية والاجتماعية، مسخرة جهدها لتعليم القرآن الكريم، ونشر تعاليمه السّمحاء ومبادئه وإحياء قيمه والمساهمة في إصلاح المجتمع بالدين القيم والتوجيه الراشد، وتعمل جاهدة لتوثيق أواصر الأخوة والوحدة بين أفراد المجتمع، وحمايته من مخاطر التنصير ومن الأفكار الهدامة والدعوات المشبوهة والنزعات الطائفية المفرقة والتيارات الدينية المتشددة.
ويبلغ عدد الطلبة في الزاوية حاليا 380 طالبا بينهم سبعون مقيما، و50 طالبة في فرع البنات.
ويتخرج من الزاوية عدد من حفظة القرآن الكريم في كل عام، مزودين بحصيلة من العلم تؤهلهم للالتحاق بالمعاهد الإسلامية لتكوين الإطارات الدينية.
من هو مؤسس زاوية الهامل؟
هو أبو عبد الله محمّد بن أبي القاسم الشريف الحسني الهامليّ، ولد في 1824 في بادية الحامدية، بناحية حاسي بحبح ولاية الجلفة، تلقى مبادئ العلوم وحفظ القرآن الكريم في مسقط رأسه، على يدي ابن عمه محمد بن عبد القادر، ثم أرسخ حفظه وأجاد رسمه وترتيله، في زاوية أولاد سيدي علي الطيار بجبال البيبان التي قصدها رفقة أخيه الحاج محمد، فأقام فيها مدة عامين اثنين، ثم رحل ثانية في طلب العلم، إلى زاوية سيدي أبي داوود، بتاسلينت، ناحية آقبو بولاية بجاية ، وأخذ عن شيخها سيّدي أحمد بن أبي داوود، علوم الفقه واللغة وعلم الكلام والفلك والفرائض والمنطق وأمضى في هذه الزاوية نحو خمس سنوات، متعلما ومقرّرا للمبتدئين من الطلاب، ثمّ مناوبا لأستاذه، الذي أجازه في سنته الأخيرة للتدريس في زاوية سيدي أبي التقى، في ناحية برج بوعريريج.
التقى في هذه الفترة بالأمير عبد القادر في ناحية التيطري بجبل البيضاء، غير بعيد عن البيرين ولاية الجلفة، وكانت نيته الالتحاق بصفوف جيشه، غير أن الأمير طلب منه أن يستمر في أداء رسالته التربوية والتعليمية لأبناء المسلمين، وقد توطّدت علاقة الشيخ بالأمير فكانت بينهما مراسلات من الجزائر ثم من الشام، وما تزال بزاوية الهامل بعض رسائله وقطع من أسلحته، ولم تنقطع علاقة عائلته من بعده بالزاوية وشيوخها.
عندما عاد الشيخ إلى بلدة الهامل، بعد رحلته في طلب العلم بنى زاويته، التي تتكون من مسجد وقاعات للدروس وإقامة للطلبة سنة 1844، وشرع في تدريس الفقه والتفسير والحديث، وبقية العلوم الشرعية مع تلقين أوراد الطريقة الرحمانية التي كانت من أشهر الطرق الصوفية بالجزائر في تلك الفترة، وسخر نفسه بذلك لنشر العلم والمعرفة، كما سخر حياته للتربية والتعليم، وإصلاح ذات البين، وإيواء أبناء السبيل، وسد حاجة المحتاجين، ونذر نفسه لنصرة المجاهدين، فآزر وساند الثورات الجهادية: للشيخ ابن الحداد و المقراني والزعاطشة ووادي مجدّل. كما آوى ما يزيد عن ثمانين (80) أسرة من عائلة المقراني.
عَني الشيخ رحمه الله، الذي بنى زاويته الحالية، وعمّرها في مطلع عام 1864، بالكتب وجمعها واستنسخها، وبالأراضي الفلاحية واستصلاحها، وبناء المجمعات المائية والسواقي لريها، كما تشهد سيرته برعايته اليتامى وتنمية أموالهم واستثمارها لبناء مستقبلهم.
وسرعان ما عرفت زاويته شهرة واسعة، وأصبح عدد طلبتها يضاهي عدد طلبة جامع الزيتونة والأزهر الشريف، كما أصبحت من أهم مراكز الطريقة الرحمانية، وأدت أدوارا أساسية في المجتمع الجزائري، روحية وعلمية وثقافية واجتماعية واقتصادية.
توفي، ببلدة حد الصحاري، ولاية الجلفة، في الـ 02 جوان1897، وكان في طريق عودته من الجزائر العاصمة إلى زاويته، ودفن فيها بجوار مسجده.
«لالة زينب».. أول امرأة ترأست زاوية في التاريخ
ولدت السيدة زينب، والتي تعرف في التاريخ المحلي المسيلي باسم «لالّة زينب» سنة 1850، واهتم والدها الشيخ محمد بن أبي القاسم، مؤسس زاوية الهامل، بتربية ابنته الوحيدة على مبادئ الدين الحنيف وأخلاق الشريعة الإسلامية السمحاء، وحرص على تعليمها وتأهيلها إلى غاية أن تسلمت مشيخة الزاوية بعد وفاته، لتصبح بذلك أول امرأة تترأس مشيخة زاوية.
نشأت في جو التقاليد الاجتماعية المتوارثة، لكن انفتاح فكر والدها وتمسكه الشديد بالسنة النبوية الشريفة التي تضع المرأة في الدرجة العليا، جعله يختلف عن أهل قريته في تربية ابنته فوفر لها معلّما خاصا للقرآن الكريم.
ثابرت السيدة زينب، على الدراسة وحفظ القرآن الكريم وتحصيل مختلف المعارف، حتى وصلت درجة رفيعة من التعلم. ونظرا لما لمس فيها من ملكة والشغف المتزايد بالعلم، سلم لها والدها مفاتيح مكتبته الثرية فكانت تقيم بها الأيام والليالي للقراءة والاستزادة في التحصيل العلمي.
تولت جرد أوقاف زاوية والدها الذي كان لا يغفل عن جلسة المساء يجلس إليها يحاورها يناقشها، ويطلعها على أهم أعماله ومنجزاته. وقد عرفت بشخصيتها المستقلة وفكرها الحر ونظرتها الخاصة للحياة، وأسلوبها المعين في النظر إلى الأشياء والحكم عليها. فأخذت من كل ذلك فكرة عن التسيير الحسن والتدبير الجيد، وإطلاعا على ما يجري خارج الزاوية من أحداث وعلاقات وتكونت لديها صورة واضحة عن مجريات الأمور.
وتشهد مختلف الكتابات التي تناولت سيرتها الذاتية سواء من طرف جزائريين أو أجانب ومن بينهم الكاتبة السويسرية الأصل ‹› إيزابيل إيبرهارت›› أن السيدة زينب القاسمية سيّرت زاوية الهامل بنجاح فائق.
وكانت ‹›لالة زينب ‹›، تخرج يوميا لمقابلة الزوار والمريدين وتتفقد أحوال الطلبة والمقيمين بالزاوية، تقضي حاجات الناس وتسهر على رعاية مصالحهم وقضاياهم، تساعد الفقراء والمحتاجين، وترفع الغبن والظلم عن المضطهدين والمظلومين، بصفتها فقيهة وقاضية، والوقوف على حاجات الأتباع والمريدين.
ومما هو متداول أن شهرتها قد بلغت العالم الغربي، فكان يأتي إلى زيارتها والتعرف عليها الكثير من أعلام العالم الغربي، من أدباء وصحافيين وسياسيين، من المعجبين بشخصيتها وصلابتها في إحقاق الحق، وتأثيرها على مجتمعها الذي تعيش فيه، وكانوا يرون فيها نموذجا متميزا للمرأة العربية التي خرجت عن التقاليد والأعراف البالية وتولت تسيير مؤسسة دينية بهذا المستوى من الأهمية والقوة، لها قاعدة شعبية كبيرة، وتأثيرا خطيرا على مناطق عدة من الوطن.
حرصت السيدة زينب، على تعميم تعليم النساء في المنطقة خاصة علوم الدين وأصول اللغة العربية وتصدرت في زمن لم يكن فيه للمرأة دور كبير المشهد الاجتماعي والديني، كيف لا وقد حافظت في زمن الحرب علي مخطوطات زاوية الهامل النادرة من السرقة والإحراق كما كان الحال في معظم الزوايا.
كما كانت لالة زينب عمود الزاوية ومديرة شؤونها بعد وفاة والدها وكانت تقوم على جميع طلبات المعلمين والطلاب والمشايخ وتكرمهم بما يليق بمقامهم وأفنت عمرها في أعمال الخير، وواصلت الإشراف على أوقاف الزاوية.
التفّ حولها جمع من العلماء والمجاهدين على رأسهم علي بن الحفاف و عاشور الخنقي و الأمير الهاشمي و أبناء المقراني، ولعل من أبرز أعمالها التي خلدت ذكراها، مواصلة بناء مسجد والدها «المسجد القاسمي» الذي يعتبر تحفة معمارية فريدة من نوعها.
عاشت حياتها كاملة عزباء دون زواج، وقد أسرت إلى صديقتها ‹›إيزابيل إبرهاردت›› أنها سخرت حياتها كلها لخدمة الناس والضعفاء والمحتاجين، فلا مكان لديها للزواج أو العواطف والمشاعر الزوجية.
واستمرت على رأس الطريقة الرحمانية والزاوية القاسمية أكثر من سبع سنوات، إلى غاية وفاتها سنة 1904.
الشيخ محمد المأمون.. من زاوية الهامل إلى عمادة الجامع الأعظم
نشأ الشيخ محمد المأمون بن مصطفى بن محمد، القاسمي الحسيني، المولود في 25 فيفري 1944، وترعرع في رحاب الزاوية القاسمية، ببلدية الهامل ولاية المسيلة أين حفظ القرآن الكريم، وأخذ العلم عن شيوخها وكبار الأساتذة، ومنهم محمد عبد العزيز الفاطمي، ومحمّد قريشي التاجروني، والخليل مصطفى، وأحمد بن عزوز الذين أجازوه في العلوم الشرعية وعلوم اللغة العربية.
وفي هذا الصدد أجيز الشيخ للتعليم من الهيئة العلمية بالزاوية القاسمية، كما أجيز في الدراسات العليا من جامعة الجزائر، فتولّى التدريس في المعهد القاسمي، والإشراف على التنظيم التربوي فيه، منذ سنة 1963 إلى مطلع عام 1971، حيث انتدب إلى وزارة التعليم الأصلي والشؤون الدينية، ليتولى وظائف سامية فيها، حتى مطلع عام 1992.
ومن هذه الوظائف السامية التي تولاها بالوزارة، مدير مساعد للبرامج والامتحانات، بوزارة التعليم الأصلي والشؤون الدينية، ثم مدير التوجيه الديني بالوزارة، وأيضا وظيفة مستشار قائم بتنظيم الحج منسّق اللجنة الوطنية للحج، فمدير للحج والشعائر الدينية بوزارة الشؤون الدينية.
كما عين خلال مساره المهني، أمينا عاما للجمعية الجزائرية لاتحاد المغرب العربي، ثم مستشارا شرعيا لبنك البركة الجزائري.
ومن بين مهام الشيخ مأمون القاسمي الحسيني الحالية، رئاسة المعهد القاسمي للدراسات والعلوم الإسلامية، و رئيس الرابطة الرحمانية للزوايا العلمية، وعضوية المجلس الإسلامي الأعلى بالجزائر، إلى جانب المشاركة في أعمال المجامع الفقهية، والهيئات الإسلامية، عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، رئيس منتدى سيّدي أبي مدين للأخوّة الجزائرية الفلسطينية.
ويعتبر الشيخ محمد مأمون القاسمي الحسيني، الذي عينه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون عميدا لجامع الجزائر من علماء الجزائر وأعيان المذهب المالكي ومن أبرز شيوخ الطريقة الرحمانية
مكتبة الزاوية القاسمية كنز من الكتب والمخطوطات
تضمّ المكتبة مخطوطات تقدر بـ 761 عنوانا، إلى جانب مجموعة من المجلاّت والجرائد القديمة التي صدرت في القرن التاسع عشر الميلادي، ومعظمها من المغرب العربي.
وتتوفر أيضا، على مجموعة قيّمة من الوثائق والرسائل، تزيد على خمسمائة 500 وثيقة، في شكل رسائل وردت من أعلام في العالم الإسلامي إلى شيوخ الزاوية.
تكفّل الشيوخ بطبع ونشر عدّة كتب أهمها «المنح الربّانية للقسنطيني»، طبع في تونس عام 1890، و»الزهر الباسم للقاسمي»، طبع في تونس عام 1891.
كما أسهموا وساعدوا في نشر وتحقيق كتب، من بينها «توهين القول المتين للديسي» طبع في الجزائر، و»البستان في ذكر علماء تلمسان لابن أبي مريم، تحقيق الأستاذ ابن أبي شنب»، طبع في الجزائر 1908. و«منار الإشراف للخنقي»، طبع في الجزائر 1914. و«ترتيب المدارك للقاضي عياض»، تحقيق ونشر دار السعادة، المغرب 1952.
كما تمّ تحقيق مجموعة معتبرة من مخطوطاتها، في إطار رسائل جامعية (الماجستير والدكتوراه)، وضمن برنامج «الجزائر عاصمة الثقافة العربية»، و نشرت دار الخليل القاسمي مجموعة من الرسائل والكتب، نذكر منها ورد الطريقة الرحمانية، شرح أبيات ابن عربي، الإرشاد للثعالبي، وشرح سينية ابن باديس، فتح المولى لابن فكون.
مشروع التوسعة والتجديد
وللنهوض برسالة الزاوية الحضارية، أعد المشرفون عليها، برنامجا يتضمن توسعتها وتجديد هياكلها، وبناء معهد عالٍ للعلوم الشرعية، تراعى في مرافقه جميع الشروط والوسائل التربوية.
ويكتسي هذا البرنامج حسب ما استفيد من الشروحات التي قدمت لنا، أهمية كبرى نظرا إلى نتائجه المأمولة وثماره المرجوة وامتداد أثره الإيجابي على المستويين الوطني والإقليمي.
ويهدف المشروع إلى إحياء تراث علمي جزائري أصيل، باعتبار الزاوية تراثا حضاريا عميقا متجذرا، وتم التأكيد بهذا الصدد، بأن تجديد الزاوية قد أصبح أمرا ضروريا لمواصلة رسالتها الحضارية، في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى علماء متخصصين في العلوم الشرعية، ينهضون بأمانة العلم الشرعي ويجددون للأمة أمر دينها ويُتوخى من مشروع التوسعة هدفين أساسيين، يتمثل الهدف التربويّ في ترقية المستوى العلمي في الزاوية إلى التكوين العالي، مع المحافظة على التعليم القرآني القاعدي والأساسيّ، أما الهدف الثاني فيرتبط بالمحافظة على تراث الزاوية الثقافي.
ويتضمن المشروع حسب وثيقة تقنية اطلعنا عليها، ثلاث مراحل مهمة تتمثل في ترميم مباني الزاوية القديمة، و تحويل المساكن القديمة إلى مرافق.
أما المباني الجديدة فتتمثل في توسعة المسجد ورواق المسجد وساحته ودار القرآن ودار الطلبة، إلى جانب دار الضيافة و دار الوافدين و قاعة المحاضرات ومركز البحث في التراث الإسلامي، و الجناح التربوي للمعهد والمكتبة وغيرها من المرافق. ع-أ