28 مليون مسافر يستعملون ميترو العاصمة سنويا
أحدث الميترو ثورة في حياة العاصميين، منذ بدء تشغيله في 1 نوفمبر من سنة 2011، حيث أصبح الوسيلة المفضلة للطلبة والتلاميذ والموظفين الذين يقصدون صبيحة كل يوم الأحياء أو البلديات التي يقطعها الميترو في ظرف نصف ساعة، فهذا القطار الخفي الذي يسير بسرعة فائقة ، يعبر شوارع وأحياء عدة في بضع دقائق، كان العاصميون في السابق يقضون ساعات للوصول إليها ، بسبب الإختناق وضيق بعض الطرقات، ناهيك عن تدني مستوى الخدمات التي يوفرها النقل الخاص.
لطيفــــــــة/ب
تنفس العاصميون الصعداء بعد أن وضع الميترو وكذا التراموي حيز الخدمة منذ حوالي ست سنوات، ورغم قصر المسافة التي تقطعها الوسيلتان، لكونها تمتد فقط إلى كيلومترات محدودة، إلا أنها استهدفت البلديات التي تشهدا يوميا اختناقا مروريا لا يحتمل، كان يصعب على وسائل النقل التقليدية أي السيارة أو الحافلة قطع تلك المسافات المحدودة في ظرف وجيز، خاصة في أوقات الذروة، أي موعد الالتحاق بمقاعد الدراسة ومناصب العمل، ثم مساء خلال مغادرة الطلبة والعمال لمؤسساتهم للعودة مجددا إلى البيت، وهي فترات تكثر فيها حركة المرور، وتزدحم فيها السيارات في سباق محموم، مما يؤدي إلى انسداد الطرقات وتعطل حركة السير أحيانا لساعات، وتزداد المعاناة بالنسبة للمتجهين صباحا إلى وسط العاصمة، لقضاء مصالح إدارية أو للعلاج، لكون أهم الإدارات والبنوك والمؤسسات الصحية متركزة بوسط العاصمة، التي يرخص فقط لحافلات النقل العمومي وسيارات الأجرة بعبورها، دون النقل الخاص، مما كان يصعب على المواطنين التنقل بين أرجاء مركز المدينة، ويضطرهم يوميا للوقوف في طوابير طويلة للفوز بمقعد في الحافلة، أو لحجز سيارة أجرة تقلهم إلى المكان المقصود، هروبا من جحيم النقل الجماعي.
نصف ساعة من تافورة إلى الحراش
وساهمت شبكة الميترو التي يتم العمل حاليا على تمديدها إلى محطتي ساحة الشهداء وعين النعجة، في تقريب المسافات واختصار الزمن، فأضحى الواحد منا بمقدوره أن يتنقل بين أحياء وبلديات عدة، وكذا بين المصالح الإدارية في نصف يوم فقط، في حين كان يتطلب ذلك يوما كاملا أو يومين لإتمام بعض المصالح التي تتطلب التنقل من مكان إلى آخر، بفضل خط الميترو الذي ينطلق من محطة تافورة بوسط العاصمة، مرورا بمحطات عدة، من بينها محطة الحامة المحاذية للمكتبة الوطنية التي يقصدها يوميا عشرات الطلبة الجامعيين، وغير بعيد عنها تقع حديقة التجارب المعروفة بجمالها الأخاذ، التي تتحول إلى مقصد الأسر وزوار العاصمة من الولايات الداخلية في العطل والمناسبات والأعياد، وصولا إلى حي المعدومين الذي يضم مجلس قضاء العاصمة، ثم حي باش جراح المعروف بحركيته التجارية، وبعدها محطة الحراش التي لا تبعد سوى ببضع أمتار عن محطة القطار، التي تربط هذه المدينة بولايتي البليدة وبومرداس، مما يسمح لمن يقصدون العاصمة من المناطق المجاورة بقضاء حاجاتهم، دون تحمل عناء التنقل بفعل عملية الربط ما بين شبكات القطار والميترو والتراموي.
مطالب بتمديد الخط
يستعمل مساعد محضر قضائي ببلدية حسين داي الميترو يوميا للتنقل ما بين المحاكم، وهو يراه أحسن وسيلة للتنقل بين أنحاء العاصمة، موضحا أنه يقتني تذكرة بقيمة 150 دج وتدوم صلاحيتها لـ 24 ساعة تكفيه لأن يتنقل بين أحياء عدة، إذ لم يعد بحاجة لاستعمال سيارته الخاصة لإتمام الإجراءات المطلوبة منه، على غرار التبليغات وتنفيذ بعض الأحكام القضائية، علما أن سعر التذكرة الواحدة في الرحلات العادية محدد ب 50 دج.
وتقول «حياة» وهي طالبة بكلية الطب، التقتها «النصر» وهي تهم بمغادرة محطة حسين داي باتجاه مستشفى «نفيسة حمود» «بارني» سابقا، أنها تأتي يوميا من ولاية بومرداس على متن القطار للوصول إلى محطة تافورة بوسط العاصمة، تم تستقل الميترو للتنقل ما بين المستشفيات والعيادات الطبية المتوزعة بين بلديات العاصمة لإتمام تربصها، معبرة عن رضاها للخدمات التي يقدمها المترو، حيث لا تتأثر حركة سيره بالاكتظاظ، ولا بالتقلبات الجوية، ولا بأشغال الصيانة على مستوى الطرقات، أو بحوادث المرور. ولا تتردد حياة وهي طالبة متخرجة من معهد الحقوق، التي تتنقل باستمرار باتجاه ضواحي العاصمة، انطلاقا من حي القصبة الذي تقطن به، في استعمال الميترو على مستوى محاور هذه الشبكة التي يتم العمل على تمديدها إلى غاية ساحة الشهداء، موضحة أنها لا تستعمله يوميا، لكون تنقلاتها محدودة طالما أنها لم تحصل بعد على منصب عمل، لكنها تفضله كثيرا عن الحافلات الجماعية، وتعد هذه الوسيلة أيضا ملجأ «سمية» التي تتنقل من دالي إبراهيم باتجاه مناطق مختلفة، مؤكدة أن الميترو يعد بالنسبة لها وسيلة مفضلة نظرا لتكلفته المعقولة مقارنة بسيارات الأجرة، خاصة في حال الاشتراك، وتضيف السيدة زهية تنشط في قطاع الإعلام، أنها لم تنقطع يوما عن استعمال الميترو منذ ست سنوات، لكونه يوفر لها الوقت، ويضمن لها الأمان، فلا اعتداءات ولا تجاوزات ولا كلام بذيئ كما كانت تسمعه من قبل حينما كانت تستقل الحافلة، ولا تعطل في حركة المرور بسبب الأمطار التي تغلق الطرقات وتسد المنافذ المؤدية إلى محاور عدة بالعاصمة، إلى درجة أنها أضحت لا تلح يوميا على زوجها كي يوصلها بالسيارة إلى مقر عملها الذي لا يبعد كثيرا عن البريد المركزي، هروبا من الازدحام واختناق حركة المرور خاصة في فترات الذروة. في حين عبر موظف متقاعد التقيناه بمحطة الميترو كان يهم بالاتجاه صوب بلدية باش جراح، عن تذمره بسبب تعطل المصاعد الكهربائية على مستوى محطة «التنس»، متسائلا عن سبب تماطل المؤسسة المشرفة على تسيير شبكة الميترو عن إصلاح الأعطاب التي تقع من حين إلى آخر، مؤكدا أنه اضطر رفقة مسافرين آخرين إلى حمل مواطن معاق لا يستطيع صعود السلالم المرتفعة، وبقدر ما أكد شاب آخر قدم رفقة زوجته إلى العاصمة من ولاية الوادي عن ارتياحه لتمكن الجزائر من تحقيق حلم سكان العاصمة وزوارها، بإنجاز شبكة الميترو، إلا أنه لم يبد رضاه الكامل جراء محدودية الشبكة، التي تقتصر فقط على بعض البلديات، في حين ما تزال باقي أنحاء العاصمة في انتظار أن تصلها هذه الوسيلة المتطورة، موضحا انه سافر كثيرا إلى فرنسا وتعود على استعمال الميترو وهو يتمنى أن تسارع وزارة النقل لتمديد الشبكة واستحداث محطات عدة، ستغني المسافرين عن استعمال المركبات والانتظار في طوابير طويلة للوصول إلى مقرات العمل أو لقضاء مصالح خاصة.
تذاكر للربط بين شبكات تراموي والقطار والمصاعد الهوائية
بهدف إحداث مرونة في تنقل المسافرين عبر أنحاء العاصمة، تم استحداث طريقة تمكن المسافر من اقتناء تذكرة لاستعمالات متعددة، في إطار ما يعرف بالنقل الحضري للجزائر الكبرى، وبسعر مخفض مقارنة باقتناء تذكرة سفر خاصة بإحدى الوسائل، أي الميترو أو القطار أو التراموي، وتسمح التذكرة المشتركة أو الموحدة للمسافر في حال اضطر إلى تغيير وسيلة النقل للوصول إلى الوجهة التي يريدها، من أن يمتطي الميترو، ثم يغير الوسيلة لركوب التراموي أو المصاعد الهوائية التي تربط شارع بلوزداد بحي المدنية قرب مقام الشهيد، أو امتطاء القطار انطلاقا من محطات آغا أو حسين داي أو الحراش لبلوغ مختلف أنحاء العاصمة من شرقها إلى غربها، وباتجاه ولايتي بومرداس و البليدة، وكذا تيبازة بعد تدشين خط زرالدة مؤخرا، الذي خصص لمساعدة سكان مواقع عدل الجديدة على التنقل بسلاسة باتجاه وسط العاصمة دون الحاجة لاستعمال الطرق السريعة التي تكتظ أوقات الذروة.
كما ساعدت شبكة التراموي بدورها على تخفيف حدة الازدحام ، لكونها جاءت مكملة لشبكة المترو، حيث سمحت بربط مركز العاصمة بالمناطق الشرقية التي كان يستحيل بلوغها دون قضاء ساعات في الاختناق المروري، خاصة بالنسبة للقاطنين بحي برج الكيفان شرق العاصمة، إذ أصبح بمقدور سكان المنطقة امتطاء الترامواي ثم استعمال المترو عند محطة حسين داي للوصول إلى البريد المركزي، في وقت قياسي وفي أريحية تامة، بعيدا عن الاكتظاظ والضغط والقلق الذي كان يشعر به المسافر وهو يمتطي حافلة مكدسة عن آخرها بالركاب، تتوقف في محطات عدة لتقل ركابا آخرين، دون اكتراث من السائق أو القابض لشكاوي وصرخات من هم على متن الحافلة.
أغلب المسافرين من الطلبة والتلاميذ
تمكنت شبكة المترو في ظرف وجيز من استقطاب نسبة هامة من المسافرين، وكانت عند بداية تدشينها بمثابة حدث هام بالنسبة لسكان العاصمة، الذين كانوا يختلقون الاسباب لركوب المترو واكتشاف هذه الوسيلة الحديثة التي طالما اكتفوا بمشاهدتها عبر شاشات التلفزيون، لكنها اليوم أصبحت الملاذ الآمن والمفضل للموظفين والطلبة وعامة المواطنين، إذ يكفي دفع 50 دج فقط قيمة التذكرة لتنتقل من محطة البريد المركزي وصولا إلى محطة الحراش و هي آخر نقطة في الشبكة في انتظار تمديدها إلى ساحة الشهداء وحي عين النعجة شرق العاصمة، وبحسب مسؤول رفيع بالمؤسسة فإن الميترو يقل سنويا 28 مليون مسافر، وإنه منذ افتتاح الشبكة بلغ عدد المسافرين 100 مليون، من بينهم التلاميذ الذين يدرسون في الإكماليات و الثانويات، ويقطنون بالأحياء التي تمر عليها الشبكة، حيث قامت المؤسسة باستحداث تذاكر مدعمة بقيمة 400 دج للشهر، وأخرى ب 500 دج وتخص شبكتي الميترو والترامواي، إلى جانب تذكرة أخرى موجهة لطلاب الجامعات بقيمة 700 دج للشهر، و1000 دج لاستعمال شبكتي الميترو و التراموي معا، كما تم إبرام مؤخرا صفقة مع وزارة الداخلية والجماعات المحلية لتمكين عمال البلديات من تذاكر مدعمة. وتكمن أهمية الميترو في أنه قرب المسافات بين مختلف المرافق والإدارات التي يقصدها المواطنون يوميا، خاصة المستشفيات ونذكر مستشفى مصطفى باشا و»بارني» بحسين داي، إلى جانب العيادات الطبية المعروفة، والبنوك ومصالح الضمان الاجتماعي التي تتمركز معظمها غير بعيد عن وسط العاصمة، ويكفي أن المسافر أضحى يأخذ مكانه داخل الميترو دون أن يصرخ في وجهه القابض ويأمره بفسح الطريق أمام الركاب، ويأخذ الوقت الكافي للاطلاع على عناوين الصحف، أو الإبحار في شبكة الأنترنيت عبر الهاتف النقال، أو قراءة كتاب في انتظار ان يتم الإعلان عبر مكبر الصوت عن المحطة الموالية.
ل.ب