ضباط يفطرون في الطريق و سائقون يخالفون القانون للحاق بالآذان
نجدهم في مفترقات الطرق و المحاور الرئيسية، وسط الأحياء و التجمعات السكنية و في الأماكن العمومية، يؤمنون التظاهرات و الحفلات و المناسبات الوطنية و الدينية، يحرصون على أمن المواطنين و سلامة ممتلكاتهم، مهمتهم التحسيس و الوقاية، كما يقومون بردع المخالفين و توقيف المجرمين، إنهم رجال الدرك الوطني الذين رافقتهم النصر في يوم عمل استمر إلى ساعات ما بعد الإفطار، لتنقل في هذا الروبورتاج صورا حية عن مهامهم النبيلة التي يحرصون على تأديتها في جميع الظروف و الأوقات.
روبورتاج: عبد الرزاق مشاطي
خلال خرجة نظمتها قيادة الدرك الوطني بقسنطينة لوسائل الإعلام من أجل الإطلاع على مختلف المهام المنوطة بهذا السلك، تجولنا رفقة المقدم ملياني خليد رئيس أركان المجموعة الإقليمية للدرك الوطني، و كذا الرائد مخلوف عبد القادر رئيس مكتب أمن الطرقات بمقر المجموعة الإقليمية للدرك الوطني بقسنطينة، عبر بعض السدود الأمنية و المواقع المؤمنة من قبل وحدات الدرك، كما وقفنا على طريقة عملهم و كيفية تطبيقهم لمختلف المخططات الأمنية و التي تتزامن مع شهر رمضان الذي يوضع له برنامج خاص من قبل القيادة، ينفذ طيلة الشهر و خلال أيام العيد، و ذلك حرصا على سلامة المواطنين و أمن ممتلكاتهم.
حضور دائم و يقظة مستمرة لردع المخالفين
قبل لحظات من الإفطار، و على الطريق الوطني رقم 5 الرابط بين مدينتي قسنطينة و عين سمارة، كانت إحدى فرق سرية أمن الطرقات تعمل على تأمين هذا المحور الذي يشهد حركة كثيفة و إفراطا في السرعة من قبل بعض السائقين، الذين صادفناهم في طريقنا يسابقون الزمن للوصول إلى بيوتهم قبل أذان المغرب، فهذا الطريق كان شاهدا على الكثير من المجازر المرورية خلال السنوات الماضية، حسب تأكيد الدركيين، الذين أوضحوا بأن الكثير من المواطنين لا يتوانون عن مخالفة قوانين المرور بجميع الطرق خلال الدقائق التي تسبق موعد الإفطار، و هو ما وقفنا عليه من قبل أحد الشباب الذي توقف بسيارته عند الحاجز، ليطلب الاستدارة وسط الطريق حتى لا يتأخر عن الإفطار، غير أن طلبه قوبل بالرفض، و قدم له الدركيون بعض التمرات حتى يفطر عليها، قبل أن يصل إلى البيت. في تلك الأثناء حان موعد الإفطار، غير أن الدركيين لم يبرحوا أماكنهم و واصلوا تركيزهم على العمل، حينها علمنا منهم أن الإفطار وسط الطريق بات أمرا عاديا بالنسبة لهم، بحكم طبيعة عملهم، حيث يفطرون على بعض التمرات أو قطعة من «الكسرة»، في انتظار عودتهم إلى المقر لتناول وجبة الإفطار.
فصيلة خاصة تؤمن السيار على مدار اليوم
بعد الإفطار و مع ازدياد حركة المرور على الطرقات، توجهنا نحو إحدى السدود المؤقتة على الطريق السيار شرق غرب، و تحديدا بالقرب من محول المدينة الجديدة علي منجلي، و بالرغم من أن جهاز الرادار لم يكن منصوبا، إلا أن عدد المخالفين كان كبيرا، و لأسباب مختلفة مثل أضواء السيارة غير المطابقة للمعايير أو نهاية صلاحية التأمين، و غيرها من المخالفات الروتينية، غير أن الغرض الأهم من مثل هذه الحواجز، هو الحرص على سلامة المواطنين و ردع المجرمين و المخالفين، مثل ما يؤكده المقدم ملياني، فعلى سبيل المثال، وقفنا على توقيف أحد المهاجرين غير الشرعيين الذي قدم من دولة كوتديفوار، حيث كان على متن سيارة أجرة، و سيعرض على وكيل الجمهورية للنظر في أمره.
و قد كشف لنا المقدم ملياني أن الفصيلة الخاصة بتأمين الطريق السيار شرق- غرب، الممتد على مسافة 73 كيلومترا عبر ولاية قسنطينة، تعمل على تأمين هذا المحور من خلال سدود متنقلة تدوم لثلاثة ساعات في مواقع متغيرة، إضافة إلى استخدام تقنية الرادار و السيارات المموهة، التي تضبط المخالفين و المفرطين في السرعة، و في هذا الشأن أكد أنه سيتم استحداث فصيلة ثانية على مستوى زيغود يوسف، من أجل التحكم أكثر في تأمين الطريق السيار، و لدى تساؤلنا عن سبب عدم استخدام أجهزة الرادار ليلا، أكد لنا المقدم بأن عدم وجود الكثير من المواقع المضاءة على مستواه الطريق السيار، يفرض عليهم عدم استخدام الرادار ليلا، بسبب استحالة نصب حواجز في أماكن مظلمة منه، مضيفا أنه تم مراسلة السلطات المختصة لإقامة مواقع مضاءة بنقاط أخرى.
300 دركي مجندون للمساجد و الحفلات
على مستوى مفترق الطرق الأربعة، و الذي يعد من أهم المحاور بولاية قسنطينة، نظرا للكثافة المرورية الكبيرة به لوقوعه بمدخل المدينة الجديدة علي منجلي، و كذا على الطريق الوطني رقم 79 الرابط بولاية باتنة، كان رجال الدرك الوطني التابعين للكتيبة الإقليمية بقسنطينة حاضرين في المكان لتسيير حركة المرور، و التأكد من سلامة مستعملي الطريق من خلال فحص المركبات و مراقبتها، و ذلك بإشراف مباشر من قائد الكتيبة معاشو عمرن الذي كان متواجدا بالمكان، حيث و على بعد أمتار قليلة وجدنا الدركيين يؤمنون أحد المساجد التي كانت تقام بها صلاة التراويح، تنقلنا بعدها إلى مسرح الهواء الطلق بزواغي، و هناك كانت إحدى الفرق تؤمن حفلا فنيا، و هي أمور قال عنها المقدم ملياني بأنها تدخل في إطار البرنامج المسطر خلال شهر رمضان لتأمين المساجد و قاعات الحفلات و المراكز التجارية الواقعة ضمن إقليم الاختصاص، و التي خصص لها 300 دركي ينتشرون عبر مختلف المواقع طيلة شهر رمضان و خلال أيام العيد.
مجانين السرعة أكثر المخالفين و الرادار بالمرصاد
يؤكد الرائد مخلوف عبد القادر أن مخالفات الإفراط في السرعة هي الأكثر تسجيلا بين السائقين، الذين يمارسون هوايتهم غير القانونية على الطريق السريع شرق- غرب، و يتجاوزون السرعة القانونية المسموح بها بشكل كبير، غير أن أجهزة الرادار بمختلف أنواعها تكون غالبا بالمرصاد لمثل هؤلاء السائقين، كما أوضح بأنه يتم استخدام السيارات المموهة، و هي عبارة عن سيارات عادية لا يمكن لأي شخص التفطن إلى أنها تابعة للدرك الوطني، حيث تكون مزودة بأجهزة رادار و كاميرات، و مهمتها ضبط المخالفين بمختلف، بالإضافة إلى الكشف عن السيارات المبحوث عنها، و غيرها من الأمور الهامة، كما يتم استخدام طائرات الهيليكوبتر التي تساعد من الجو في تأمين الطرقات و فك الاختناقات المرورية، و كذا في مهام أمنية عديدة.
من جهة أخرى يؤكد الرائد شنخلوفي رؤوف قائد السرية الإقليمية لأمن الطرقات بقسنطينة، بأن الجهود التي تقوم بها مختلف مصالح الدرك الوطني ساهمت في تخفيض عدد حوادث المرور بشكل كبير وصل إلى نسبة 52 بالمئة، فعدد الحوادث المميتة سنة 2015 بلغ 67 حادثا خلف 72 قتيلا و 917 جريحا، و انخفض ليصبح 51 في سنة 2016، مع تسجيل 57 قتيلا و 448 جريحا، و ذلك عبر إقليم اختصاص الدرك فقط، أما في شهر رمضان الذي تكثر به حوادث المرور، فقد عرف هذه المرة انخفاضا بالمقارنة مع رمضان الماضي، و ذلك بنسبة 16 بالمئة، مع تسجيل قتيلين و 54 جريحا، فيما سجل وقوع 4 قتلى و 28 جريحا، خلال 23 يوم الأولى من شهر رمضان العام الماضي.
ع. م