يوضح الدكتور محمد بلحسين المختص في علم الأحياء الدقيقة و البيولوجيا النووية وعلم الجينوم، أن تغيرات وطفرات طرأت على فيروس كورونا المستجد و زادت من سرعة و قوة العدوى، لكنها لم تؤثر على شدة المرض، كما يرى أن العالم ما يزال يعيش الموجة الأولى من الوباء، ويضيف الباحث الجزائري الذي يرأس حاليا قسم المعلوماتية الحيوية وعلم الوراثة بمختبر الوراثة الجزيئية بدبي، أن تلقيح سكان العالم ضد كورونا لن يتم قبل 3 سنوات، ليتطرق إلى نقاط عدة في هذا الحوار الذي يجيب فيه على العديد من التساؤلات حول الفيروس التاجي كما يسرد تجربته مع البروفيسور الفرنسي المثير للجدل، ديدييه راوول.
حاورته: ياسمين بوالجدري
أعلنت شركة فايزر عن لقاح مضاد لفيروس كورونا أثار ضجة عالمية. هلا شرحت لنا آلية عمل ها اللقاح؟
كشفت شركة «فايزر» الأمريكية وشريكتها الألمانية «بينتك»، بعد إجراء تحليل الفعالية النهائي في دراستها للمرحلة 3، أن اللقاح قد استوفى جميع نقاط الفعالية الأساسية للدراسة. وتوضح البيانات التي تم الحصول عليها حتى الآن أن اللقاح BNT162b2 كان جيد التحمل من طرف جميع المشاركين مع أكثر من 43 ألف مشارك مسجل؛ ولم يلاحظ أي عوارض خطيرة تتعلق بالسلامة.
«كورونافاك» الصيني آمن وأعطى استجابة مناعية بعد 28 يوما
فعالية اللقاح تصل إلى نسبة 95 بالمئة لدى عموم المشاركين، ولا سيما أن الحماية من المرض كانت بنسبة تزيد عن 94 بالمئة لدى من تزيد أعمارهم عن 65 عامًا. هذه النتائج مهمة جدا حيث بدأت المناقشات مع وكالة الأدوية الأوروبية وإدارة الغذاء والدواء والعديد من الهيئات التنظيمية حول العالم.
أما آلية عمل هذا اللقاح، فهي تختلف عن الآليات التقليدية المعتمدة في العادة فبدلاً من حقن البروتينات الفيروسية أو الفيروس المعطل، يتم قي هذه الحالة الاعتماد على تصنيع خلايا الجسم البشري لهذه الجزيئات بنفسها، حيث تُدخَل في الخلية قطعة من الحمض النووي الريبي المنقوص (mRNA) التي ترمز للبروتينات الفيروسية خاصة البروتين “سبايك» الموجود في الجزء الخارجي من الفيروس وهو الذي يلتصق بخلية الانسان.
بمجرد دخول الجزيء، سيتم استخدامه كمخطط تجميعي لإنتاج البروتين، والذي يتم إطلاقه بعد ذلك في الجسم ليتفاعل الجهاز المناعي مع هذه المستضدات وينتج أجسامًا مضادة ستكون قادرة بعد ذلك على التعرف على بروتين الفيروس التاجي. بالمختصر هذا هو مبدأ لقاح، بتحول الخلايا إلى مصنع للقاح.
شركة «موديرنا» الأميركية أعلنت عن نجاح لقاحها الجديد الذي يحفز الجسم أيضا على إنتاج الأجسام المضادة. لكن ما هي أوجه الاختلاف بين اللقاحين؟
شركة «موديرنا» تقول إن بيانات التجارب الأولية تظهر أن لقاح فيروس كورونا الخاص بها فعال بنسبة تزيد عن 95 بالمئة. هذان اللقاحان يعتمدان تقريبا على نفس مبدأ العمل و التصنيع ولكن الفرق بينهما هو أن لقاح موديرنا أسهل في التخزين لأنه يظل ثابتًا عند درجة حرارة تحت 20 درجة مئوية ويمكن حفظه في الثلاجة لمدة تصل إلى 6 أشهر، في حين يحتاج لقاح شركة فايزر إلى تخزين شديد البرودة عند حوالي 75 درجة مئوية تحت الصفر، ويمكن الاحتفاظ به في الثلاجة لمدة خمسة أيام فقط.
يقول علماء أن اللقاح الصيني «كورونافاك» واعد أيضا، وأنت ضمن الفرق التي تعمل عليه. ما الذي يميزه؟
اللقاح الصيني المطور من طرف شركة «سينوفاك» من بين اللقاحات الأكثر تقدمًا في المرحلة الثالثة، حيث يتم قياس فعاليته على عشرات الآلاف من المتطوعين في كل القارات وقد تلقى بالفعل ما يقارب من مليون شخص في الصين جرعات تجريبية منه. هذا التطعيم واسع النطاق هو جزء من “برنامج الاستخدام الطارئ” للبلاد الذي تم إطلاقه في جويلية.
لقاح «موديرنا» أسهل في التخزين
هذا اللقاح آمن ويؤدي إلى استجابة مناعية لدى مرضى أصحاء، أما الآثار الجانبية غير المرغوب فيها، فتتلخص أساسًا في الشعور بالألم أو الاحمرار في موقع الحقن، وقد أصيب أحد المشاركين برد فعل تحسسي شديد لكنه تمكن من العلاج والتعافي بعد ثلاثة أيام.
«كورونافاك» على عكس لقاحي «موديرنا» و»فايزر»، يستخدم فيروساً معطلاً، مثل فيروس الأنفلونزا أو شلل الأطفال. وتكمن الصعوبة في تعطيلها بدرجة كافية بحيث لا يمكنها إصابة الخلايا و التكاثر، مع إبقائها نشطة بما يكفي لاستنباط الاستجابة المناعية. النتائج مشجعة حتى الآن، حيث بعد حقن المتطوعين بجرعتين بفاصل 14 يومًا، نحصل على استجابة مناعية قوية بعد 28 يومًا.
قد يكون «كورونافاك» خيارًا جذابًا حيث يمكن تخزينه في ثلاجة عادية بين 2 إلى 8 درجة مئوية فقط.
على ماذا يتركز عملكم حول التجارب على هذا اللقاح؟
يرتكز عملي على التحليلات الجينية الدورية واكتشاف أي تغيير في شكل الفيروس أو طفرة كبيرة تؤدي إلى زيادة الفوعة (حدة الفيروس) أو تعطيل تطوير اللقاح.
نقص البنى التحتية جعل العرب يتذيلون تصنيفات البحث العلمي
ما هي الطفرات التي رصدتموها على الفيروس وهل تختلف من بلد إلى آخر؟
في أوائل شهر جانفي، تم إصدار أول تسلسل جينوم لـ «سارس كوف 2» (كوفيد 19)، الفيروس المسبب لكوفيد 19، تحت اسم “Wuhan-1”. هذه السلسلة المكونة من 30.000 نكليوتيد (A و T و C و G من الشفرة الجينية) حددت اليوم الأول في السباق لفهم جينات هذا الفيروس التاجي المكتشف حديثًا.
الآن، انضم 100.000 جينوم آخر لفيروس كورونا حيث تم أخذها في أكثر من 100 دولة، مع ذلك، فإن أي عينتين من أي مريضين في أي مكان في العالم تختلفان في المتوسط بعشرة أحرف فقط. هذا جزء صغير من إجمالي 30.000 حرف في الشفرة الوراثية للفيروس ويعني أن جميع فيروسات «سارس كوف 2» المتداولة يمكن اعتبارها جزءًا من سلالة نسيليّة واحدة.
سوف يستغرق «سارس كوف 2» بعض الوقت لاكتساب تنوع جيني كبير، إذ أنه يتطور ببطء نسبيًا مقارنة بفيروسات أخرى، مع اكتساب بضع تغييرات كل شهر؛ أقل بمرتين إلى ستة أضعاف من عدد الطفرات التي اكتسبتها فيروسات الأنفلونزا خلال نفس الفترة.
ومن الطفرات الشائعة هي تغييرات في الأحماض الأمينية المسؤولة عن بروتينات «سارس كوف 2»، مثل بروتين «سبايك» الذي يعطي الفيروسات التاجية أشكالها المميزة التي تشبه التاج ويسمح لها بالارتباط بالخلايا المضيفة.
«كوفيد 19» يتطور ببطء و 4 طفرات هي الأكثر شيوعا
ثبت أن هذا التغيير المسمى D614G يزيد من عدوى الفيروس في الخلايا، على الرغم من عدم وجود تأثير ملموس على شدة المرض، وقد تم العثور عليها بشكل منهجي أيضًا مع ثلاث طفرات أخرى، وجميعها موجودة الآن في حوالي 80 بالمئة من «سارس كوف 2» مما يجعلها المجموعة الأكثر شيوعًا من الطفرات المتداولة.
يجري اختبار لقاحات في جميع دول العالم، لكننا لم نسمع لليوم عن أية دولة عربية أعلنت عن لقاح يطور على مستواها. كيف يحدث هذا رغم أن العديد من الدول يفترض أنها تتوفر على الكفاءات المادية والبشرية اللازمة؟
مجال البحث والتطوير الصيدلاني مرتبط على العموم بمستوى البحث العلمي والأكاديمي في البلد، والدول العربية لا تزال تتذيل التصنيفات العالمية، رغم وجود عدد كبير من الجامعات والآلاف من الخريجين سنويا، وهذا راجع الى النقص الرهيب في القواعد التحتية للبحث العلمي.
لكن حتى ولو نسبت هذه الشركات المصنعة إلى البلدان التي تأويها وتأوي إداراتها العامة، إلا أنها ليست لها جنسيات خاصة فهي شركات متعددة الجنسيات ويعمل لديها العشرات من العلماء من مختلف أنحاء العالم، غير أن هذه الدول تعمل على تقديم التسهيلات القانونية والمساعدات المالية لهذه الشركات الكبيرة مثل المنح العلمية لتطوير البحث العلمي وتعمل أيضا على توطيد صلات الشراكة بينها وبين المختبرات في الجامعات لتكوين باحثين وموظفين مستقبلين لها.
في تقديرك، متى ستكون لقاحات كورونا جاهزة للتسويق الفعلي؟
أعلنت منظمة الصحة العالمية أن لقاح كورونا سوف يتوفر بشكل محدود في النصف الأول من سنة 2021، واستبعدت توفره في الثلاثي الأول من السنة، كما سارعت الدول الغنية إلى طلب ملايين الجرعات مسبقا قبل أن يُعرف ما إذا كانت هذه اللقاحات ستنجح.
نعيش نفسا جديدا للفيروس وليس موجة ثانية
استنادا إلى اتفاقيات الشراء المسبق الموقعة مع شركات، هناك 1,1 مليار جرعة تم شراؤها من قبل الدول الغنية، ولم يتبق الكثير للدول الأخرى ومن بينها الجزائر، فالدول المصنعة ستكون من أولويتها تطعيم مواطنيها، ثم تأتي في المقام الثاني الدول التي تربطها معها اتفاقيات الشراء ومصالح معينة.
الولايات المتحدة لوحدها تحتاج إلى 330 مليون وحدة لقاح، وأوروبا إلى 300 مليون جرعة، ولكن قدرة شركات الأدوية الإنتاجية تصل لـ 8 ملايين جرعة شهريا كحد أقصى، في حين أن العالم كله بحاجة للتطعيم، وهذا يعني أن على كل الشركات أن تتعاون لإنتاج اللقاح. أعتقد أن تلقيح سكان العالم سيأخذ من 3 إلى 4 سنوات تقريبا.
هل دخل العالم الموجة الثانية من الجائحة؟
في نظري هناك تعريفان للموجة ثانية، الأولى هي اختفاء الفيروس كليا ثم عودته بعد فترة زمنية، والثانية هي تحول الفيروس من خلال طفرات تغير من طبيعته.
في وضعنا الراهن الفيروس لم يختف كليا ولم يتغير جذريا، لذلك لا أحب تسمية ما يحصل الآن موجة ثانية ولكن اسميه “نفسا جديدا للفيروس”, وكما سبق وذكرت فالفيروس طرأت عليه بعض تغيرات التي زادت من سرعة وقوة العدوى دون التأثير على شدة المرض.
تشهد العديد من الدول وبينها بلدان متطورة، تزايدا كبيرا في إصابات بكورونا، غير أن الصين وهي البلد الذي خرج منها الفيروس، أصبح يسجل أقل من 20 إصابة يوميا خلال الأسابيع القليلة. ما الذي جعل المعادلة تنقلب بهذه الصورة؟
من وجهة نظري، هذا التزايد عائد أولا الى التراخي في تعليمات السلامة مثل ارتداء الكمامة، احترام التباعد الاجتماعي وتحاشي التجمعات, وثانيا إلى بداية العام الدراسي حيث أن الطلاب يتجمعون في الفصول وقاعات المحاضرات أين لا يمكن التقيد بتعليمات السلامة مما يزيد احتمال انتقال العدوى داخل هذه الأماكن المغلقة، وهكذا، يصبح كل هؤلاء الطلاب ناقلًين للفيروس.
تلقيح سكان العالم سيأخذ من 3 إلى 4 سنوات تقريبا
استغرقت الصين أربعة أسابيع لإدراك مدى خطورة تفشي فيروس كورونا، ولكن بمجرد تأزم الوضع، شهدنا ردة فعل سريعة وإجراءات جذرية، حيث تم وضع مدن بأكملها تحت الحجر الصحي الكامل الذي مس أكثر من 100 مليون شخص بقوا في المنازل جبرا أو طواعية. وفقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية، فإن هذا الإجراء، على الرغم من صرامته، قد حد بشدة من انتشار الفيروس.
وبعد عزل مدينة ووهان عن بقية البلاد, تم بناء مستشفيين في أسبوع واحد خصيصًا لعلاج فيروس كورونا, وإرسال أطقم طبية من جميع أنحاء البلاد لرعاية المرضى، كما تم إيقاف الأنشطة الاجتماعية لمدة ثلاثة إلى أربعة أسابيع، حيث توقفت الصين عن العمل وأوقفت جميع أنشطة الشركات والمدارس والجامعات، وألغت الأحداث الثقافية والرياضية، فصارت الشوارع فارغة، والبلاد متوقفة، حتى تلاشت غيوم التلوث فوق المدن، زيادة على ذلك ركزت السلطات على تتبع جميع المخالطين للحالات المؤكدة ومراقبتهم.
لدى الصين أيضا نظام متطور جدا في اقتفاء أثر السكان بالتعرف على الوجه، أين يتم إدراج كل مواطن رقميًا، وهو ما ساعدها خلال الوباء، حيث تمكنت الحكومة من تتبع حركة الأشخاص لدرجة منعهم من التحرك إذا تأكدت إصابتهم.
من وجهة نظري، الحجر لمدة شهر إلى شهر ونصف (متوسط وقت الشفاء) أمر مناسب، وهنا أعني الحجر الكامل ليس الجزئي، أين يجب أن تبقى حركة الأشخاص عند الحد الأدنى. أعرف أن الجميع سوف يعاني من الإغلاق وعواقبه، لكنه شر لا بد منه لخير أكبر في الأخير.
كنتَ أحد طلبة البروفيسور الفرنسي ديدييه راوول في مختبره بمستشفى تيمون بمرسيليا. حدثنا عن الأعمال التي قمت بها معه، و عن خصوصية الفرق البحثية التي تشتغل هناك؟
خلال سنوات دراستي الأولى في مرسيليا، أتيحت لي الفرصة لأكون من بين طلاب البروفيسور ديدييه راوول وأن أحصل على تدريب في مختبره في مستشفى تيمون في مرسيليا. فريق البروفيسور راوول فريق عالمي حيث يتكون من العديد من الجنسيات والكثير منهم من شمال أفريقيا.
كنا نلقب البروفيسور راوول بإنديانا جونز الأحياء الدقيقة
كان يلقب بإنديانا جونز الكائنات الحية الدقيقة. في الواقع، يتمتع البروفيسور راولت بسجل حافل من الاكتشافات التي أكسبته شهرة دولية في هذا المجال، ولقد عملت في فريقه على تحاليل جينوم لأكبر فيروس «ميميفيروس» ولأصغر فيروس «سبوتنيك» مكتشفين، ودراسة طريقة عملهما.
لقي البروفيسور راوول انتقادات من الوسط العلمي بعد اعتماده بروتوكول العلاج المرتكز على الهيدروكسي كلوروكين، لكنه ظل مصرا على رأيه وأظهر شخصية واثقة و عنيدة. هل عايشت هذا الأمر خلال فترة دراستك لديه؟
البروفيسور ديدييه من مرسيليا ومعروف عن سكان هذه المنطقة العناد و الثقة بالنفس، فهو يدافع عن أفكاره بشراسة و لا يقبل الانتقاد غير البناء، و لكن في المختبر هو شخص طيب و يساعد الجميع و يقدم المعلومات للطلاب و يسهر على تبسيط و شرح المفاهيم المعقدة، لكنه يبقى ككل إنسان، يخطئ و يصيب.
ما رأيك في الانتقادات التي وجهت إليه؟
في الأشهر الأخيرة تعصب البروفيسور راوول قليلا إلى علاجه المقترح و قام بتجربته على عدد كبير من المصابين، حتى بعد أن أصدرت وزارة الصحة الفرنسية قرارا يمنع استعمال الهيدروكسي كلوروكين كعلاج للمصابين.
من الناحية العلمية يمكن أن تكون للعلاج فعالية حقيقية و لكن هناك مشكل لم يكن في حسابات البروفيسور أو أنه قرر المجازفة، حيث أن الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بمشاكل تنفسية خطيرة جراء الاصابة بفيروس كورونا، هم الكبار في السن و هذه الفئة عموما لديها أمراض مزمنة كثيرة و منها أمراض الأوعية و القلب. و كما هو معروف في الوسط الطبي، لا ينصح بتاتا بتقديم الكلوروكين للمصابين بالأمراض القلبية حيث يصبحون عرضة للسكتات القلبية و الذبحات الصدرية.
الكثير من المختبرات العالمية قامت بتجارب سريرية على الكلوروكين و تبين أنها لم تحم المرضى بطريقة فعالة ضد مضاعفات التنفسية للفيروس. كان على البروفيسور ديديي أن يتوقف و يقبل بالأمر الواقع و لكن رغم ذلك أصر و اتهم الشركات الصيدلية العالمية بعرقلة علاجه الذي يتوفر في العالم كله و بأثمان زهيدة. من وجهة نظري أن حتى لو كان الدواء فعالا، فهو غير مفيد لاستحالة استعماله للأشخاص الأكثر احتياجا له نظرا للمضاعفات الجانبية القاتلة.
أنت من الباحثين الجزائريين الذين درسوا المعلوماتية الحيوية. ما مدى أهمية هذا التخصص الجديد وغير المعروف كثيرا؟
يشهد العالم تطورًا علميًا متسارعًا في شتّى المجالات، ويترافق هذا التطور مع اكتشاف مجالات جديدة كليًا أو ناتجة عن تقاطع وتداخل عدة علوم وتخصصات. هذه المجالات الجديدة من شأنها أن تلبي الحاجة المتزايدة للمعرفة في سبيل تطور البشرية وارتقائها، والمعلوماتية الحيوية هي أحد هذه المجالات الجديدة نسبيًا، ذات التطبيقات الواسعة والمهمة.
المعلوماتية الحيوية تخصص مهم لاكتشاف الأدوية
المعلوماتية الحيوية وعلم الجينوم، ظهر منذ سنوات قليلة فقط في البحث العلمي، وتم دفعه إلى الأمام من خلال التقنيات الجديدة لتسلسل الحمض النووي على نطاق واسع. هو مجال متعدد التخصصات ويهتم بالعلوم البيولوجية، أين يتم تطبيق التكنولوجيا المعلوماتية والخوارزميات إلى جانب معارف الرياضيات، الفيزياء والإحصاء، للإجابة على تساؤلات في العلوم البيولوجية، الطبية والكيميائية، و حلها.
خبير المعلوماتية الحيوية هو في نفس الوقت عالم أحياء وعالم حاسوب وعالم فيزياء وإحصائي، إنه شخص مثل سكين سويسري، إذا جاز لي القول.
يزداد الطلب على هذا التخصص في جميع أنحاء العالم، ويومًا بعد يوم تزداد فرص العمل المتوفرة وكذلك حجم الاستثمار في هذا المجال، إذ يمكّن العمل في الشركات الصيدلانية وشركات المنتجات الحيوية، بالإضافة إلى المستشفيات ومراكز الأبحاث.
ما هي أهم تطبيقاته في الطب والمجالات الأخرى؟
تساهم المعلوماتية الحيوية في اكتشاف وتصميم الأدوية، حيث تلعب دورًا في التنبؤ بالبنية البروتينية للمستقبلات الخلوية، وهو من المراحل المهمة في رحلة اكتشاف دواء جديد، كما تساهم في العلاج الجيني، وهو أحد أهم المجالات الطبية الحديثة التي تشكل أملًا لعلاج الكثير من الأمراض المزمنة وغير القابلة للعلاج، بالطرق التقليدية.
للمعلوماتية الحيوية تطبيقات عديدة في ما يخص الطب الشخصي، وهو نموذج من الممارسات العلاجية المصممة خصيصًا لكل مريض استنادًا لطبيعة مرضه والاستجابة المتوقعة، كما كان لها دور كبير في إنجاز مشروع الجينوم البشري، والذي حدّد السلسلة الجينيّة الكاملة للإنسان.
في المجال الزراعي والبيئي، تساهم المعلوماتية الحيوية في تطوير المحاصيل الزراعية وتحسين جودة الأغذية، والتغلب على مشكلة تطور مقاومة الحشرات للمبيدات الحشرية، والعديد من التطبيقات الأخرى المفيدة.
ي.ب
من هو الدكتور محمد بلحسين؟
تحصل على شهادة ماستر في البيولوجيا و الميكروبيولوجيا وعلوم الجينات من جامعة سعد دحلب بالبليدة سنة 2005، قبل أن ينتقل إلى جامعة إكس مرسيليا 2 بفرنسا، أين درس البيولوجيا الجزيئية و الخلوية حتى 2008، ثم أتم الماستر في البيولوجيا المعلوماتية و الكيمياء الحيوية البنيوية، ثم تحصل على دكتوراه مشتركة مع جامعة ديكارت بباريس سنة 2016 و نشر العديد من المقالات العلمية.
عمل بين 2012 و 2016 كباحث في مختبر المعلوماتية الحيوية و علوم الوارثه بمرسيليا وكباحث في مستشفى نيكار للأطفال بباريس بين 2010 إلى 2012 و باحث في مختبر المناعة بمرسيليا بين 2008 و 2010.
بين سنتي 2007 و 2016 تنقل الدكتور محمد بلحسين بين الجزائر وفرنسا للتدريس في جامعات البليدة و تلمسان و الشلف، وهو صاحب مشروع egene لتدريس المعلوماتية الحيوية في 5 جامعات جزائرية.
هو اليوم رئيس قسم المعلوماتية الحيوية و علم الوراثة بمختبر الوراثة الجزيئية التابع لهيئة الصحة بإمارة دبي بالإمارات العربية المتحدة، وذلك منذ سنة 2016.
ي.ب