الشغف بالحساب الذهني و حب التحدي قاداني إلى التفوق
تمكن الطفل النابغة المعتصم بالله بوسعدية، ابن المسيلة، البالغ من العمر 13 سنة، من الفوزبالمرتبة الأولى في البطولة العربية للحساب الذهني، التي احتضنتها العاصمة المصرية القاهرة مؤخرا، و أوعز الطفل، في حواره مع النصر، تفوقه إلى شغفه، على غرار عديد الأطفال الجزائريين بهذا النوع من الحساب، و رفعه تحدي التألق في شتى المجالات التي يقتحمها، مؤكدا أنه كان واثقا بالفوز بالمرتبة الأولى قبل السفر إلى مصر، التي شرف فيها الجزائر في منافسة التي استقطبت أطفال من مختلف الدول العربية.
حاوره: فارس قريشي
. النصر: بداية خالص التهاني و التبريكات، لأنك حصدت المرتبة الأولى في بطولة العرب للحساب الذهني، هل يمكنك أن تصف لنا انطباعك بعد أن أعلن المنظمون عن تفوقك على أقرانك و تشريفك للجزائر، و ما هي الظروف التي جرت فيها المنافسة ؟
ـ المعتصم بالله بوسعدية: شعرت بالغبطة والسعادة، لأنني تمكنت من تمثيل بلدي أحسن تمثيل، ولم أخيب ظن من وضعوا ثقتهم بي ، بدءا بأمي و أبي وعائلتي و والي المسيلة عبد القادر جلاوي الذي دعمني ماديا ومعنويا، و كان أول من ساعدني من أجل السفر إلى جمهورية مصر و حضور البطولة، فوفقت في الفوز بالمرتبة الأولى و التفوق على منافسين من السعودية و سوريا و المغرب.
أما عن الظروف التي نظمت فيها البطولة، أرى أنها كانت مشجعة و مكنتني من تقييم مستواي، مقارنة بمستوى أطفال الدول الأخرى المشاركة.
شاركت في عدة منافسات دولية منذ 2018
. هل هذه أول مشاركة لك في بطولة إقليمية؟ و كيف تقيم مشاركتك؟
ـ يمكن القول أن هذه المشاركة ليست الأولى بالنسبة إلي، فقد سبقت لي المشاركة في منافسات دولية وعالمية، ابتداء من سنة 2018 و لم يكن عمري يتجاوز 09 سنوات، حيث فزت بالمرتبة الثانية في صفاقس بتونس الشقيقة.
و في السنة الماضية شاركت افتراضيا في بطولة عالمية، أقيمت في تايوان وحصدت المرتبة الأولى أمام أطفال أكبر مني سنا وأقدم مني في هذا المجال.
أمي مدربتي و مصدر نبوغي
. من كان وراء صقل موهبتك و نبوغك و شجعك على تعلم الحساب الذهني الياباني؟
ـ أفراد عائلتي وثقوا في ذكائي ونبوغي، وساهموا كثيرا في بلوغي هذا المستوى من التفوق، خاصة أمي، فهي مدربتي منذ كان عمري 06 سنوات ، و اكتسبت اليوم خبرة تفوق 07 سنوات.. جميع الظروف المحيطة بي ساهمت في تنمية ذكائي و توسيع خيالي.
. هل ترى أن مستوى الحساب الذهني لدى أطفال الجزائر أفضل من مستوى بقية المتنافسين من الدول العربية و غيرها، و ما هو تفسيرك لهذا التفوق في المنافسات الدولية ؟
ـ أشير هنا أنني قمت مؤخرا بقياس نسبة ذكائي، فجاءت مرتفعة، قدرت ب150 درجة. أما عن هذا المجال، فقد كان صعبا في البداية، لكن بالممارسة تمكنت من منافسة و تحدي من هم أكبر مني سنا، وحتى مدربتي وهي والدتي، تمكنت من التفوق عليها.
عن مستوى المنافسة التي جرت في مصر، كانت متنوعة شارك فيها مبتدئون إلى جانب محترفين، لكن ذلك لم يمنع أطفال الجزائر من الفوز على منافسيهم من مختلف دول العالم . و السر في ذلك، هو شغف أطفال الجزائر و حبهم للتحدي زيادة على الثقة التي يتم وضعها فيهم، لتحقيق طموحاتهم في الفوز في المنافسات المنظمة هنا و هناك. و من يحب شيئا أو مجالا، لن يتنازل عن تحقيق الفوز، مثلي، فأنا أحب الحساب الذهني، و حبي له ساعدني كثيرا في الفوز و التفوق.
الملاحظ أن الجزائريين عموما بدأوا يفجرون مواهبهم، على غرار الصينيين الذين يعتبر أطفالهم أكثر اشتغالا على الحساب الذهني.
. بالعودة إلى البطولة العربية التي جرت في مصر، هل يمكنك أن تحدثنا عن التمارين التي شاركت فيها؟
ـ التمارين طويلة و مركبة و طلب منا المشرفون على المنافسة حلها في مدة قصيرة. عادة نقوم بحلها باستعمال الآلة الحاسبة، لكن في المسابقة استعملنا المعداد الياباني أو الخيال. و لم تكن التمارين بالنسبة إلي صعبة و لا سهلة، فهي ما بينهما.
برصيدي عديد الابتكارات
. هل تسبب تفوقك في مشاكل بمحيطك المدرسي أو تعرضك للتنمر؟
ـ بالنسبة لحالات التنمر في المحيط المدرسي تبدو لي عادية بسبب تفوقي ونبوغي، خاصة و أنني أعد مبتكرا ، فبرصيدي العديد من الابتكارات التي شاركت فيها في مناسبات عديدة. و تم تكريمي من قبل رئيس الجمهورية و وزراء في الطاقم الحكومي، لاسيما وزير المؤسسات الناشئة.
و أشير هنا إلى أن زملائي، بعد أن كانوا يتنمرون علي في بعض الأحيان، صاروا يعتبرونني قدوة لهم، و يتنافسون على التميز و التفوق في ما بينهم، خاصة بعد أن عرفوا الأسباب.
. ما رأيك في المناهج التعليمية المطبقة بالمدرسة؟
ـ أرى أن المناهج التربوية المطبقة في المؤسسة التعليمية عادية، كوني في بعض الأحيان ألتحق بالجامعة و أشارك في محاضرات و ندوات في حاضنة الأعمال مع الطلبة الجامعيين، و هم يفوقوني مستوى و سنا، لكنني لا أواجه صعوبات في تلقي المعلومات و الاستيعاب.
البروفيسور بلقاسم حبة قدوتي
. ماذا تمثل بالنسبة إليك فكرة أنك طفل عبقري ؟
ـ فكرة العبقري في حد ذاتها، تمثل تعدد المواهب و النبوغ، مثل البروفيسور بلقاسم حبة الذي اعتبره قدوتي. و أنا في تواصل مستمر مع بعض المبتكرين و ألتقي بعدد منهم.
علما بأن مؤسسة خاصة، وهي مؤسسة حضنة شمس، تحتضن موهبتي و هذا بأمر من والي ولاية المسيلة الذي يحرص دوما على متابعتي أنا و جميع المبتكرين بالولاية.
سبق لي و أن التحقت بجمعية مختصة في الابتكار، لكنني اكتشفت أن أعضاءها كانوا يستغلونني، و هو ما جعل والدتي، وهي مدربتي، تفتح مركز المعتصم للذكاء و الإبداع بالمسيلة، و تؤسس جمعية نجوم العلوم للإبداع و التكنولوجيا و علم الفلك، من أجل مواصلة تطوير إمكانياتي و تنمية ذكائي.
. ما دمت مخترعا صغيرا ألا تخشى التعرض للصعق مثلا أثناء استعمالك لبعض الأدوات و التيار الكهربائي مثلا ؟ و من أين تقتني الأدوات و اللوازم التي تساعدك على الابتكار؟
ـ بالطبع أنا أخشى التعرض للأذى. لهذا أتوخى الحيطة و الحذر دائما، كما أن أبي و أمي يوفران لي كل ما أحتاج إليه من أدوات لأستعملها في ابتكاراتي، فهما يشتريان لي القطع الإلكترونية و يقدمان لي يد العون. و عندما أصادف مشكلا أعمل على حله بابتكار مناسب.
. هل تلقيت التهاني و التكريم من قبل السلطات المحلية بعد فوزك بالمرتبة الأولى في مصر ؟
ـ أنوه بالاستقبال و المعونة التي تلقيتها من طرف سفارة الجزائر في مصر، حيث أن القنصل نصيرة بركات استقبلتني أول أمس، و كرمتني و أهدتني مبلغا ماليا، تشجيعا لي و تحفيزا على مواصلة الإبداع في هذا المجال العلمي.