موطـن التنــوع الإيكولوجـي المهــدد بـالتلــوث و الجفــاف
مازال حوض سيبوس الكبير بقالمة محافظا على تنوعه الإيكولوجي و ثرائه البيئي المتفرد، على مدى عقود طويلة من الزمن، متحديا التغيرات المناخية و التحولات الاقتصادية و الاجتماعية التي تحدث على ضفافه في السنوات الأخيرة منذرة بطفرة بيئية قد تأتي على ما تبقى من الملاذات الطبيعية الآمنة التي تحتضن العديد من الأصناف و الأنواع النباتية و الحيوانية، والتي تمثل قاعدة التنوع الإيكولوجي بالحوض الكبير الممتد من بلدية مجاز عمار غربا، إلى قرية مومنة ببلدية وادي فراغة إلى أقصى الشرق على الحدود مع ولاية الطارف.
ويعد مجرى سيبوس دائم الجريان رئة النظام البيئي المتفرد وسط إقليم واسع يعاني من الجفاف، و انكماش مقلق في مجتمع الحياة البرية تحت تأثير عوامل قاهرة كالتغيرات المناخية و الجفاف، و عوامل أخرى من صنع الانسان الذي يواصل إلحاق الأذى بالطبيعة، في استهتار كبير قد تنجر عنه مخاطر كبيرة خلال العقود القادمة.
و يبلغ طول مجرى سيبوس الغني بالتنوع البيئي نحو 80 كلم إلى غاية الحدود الشرقية مع ولاية الطارف، و تعيش فيه العديد من الكائنات الحية كالنباتات المختلفة و الحيوانات و الطيور، و الزواحف و الأسماك و كائنات مائية أخرى تلعب دورا كبيرا في الحفاظ على مكونات التوازن الإيكولوجي بالحوض الكبير.
تنوع نباتي و حيواني على مدار السنة
و تعد الخنازير البرية و الذئاب و الثعالب و الأرانب و القنافذ و السلاحف من أهم الحيوانات التي تعيش بوادي سيبوس منذ عقود طويلة، إلى جانب أسماك المياه العذبة، والزواحف والضفادع، و الطيور المائية والبرية التي وجدت في بيئة نهر سيبوس الوسط الملائم للعيش والتكاثر على مر الزمن.
و من أشهر نباتات النهر الكبير السمار، و قصب البردي و الدفلى و الطارفة والصفصاف، الزبوش والضرو والريحان والعلايق، لازاز و الزعرور، و عشرات الأنواع من الحشائش المائية و البرية، و أعداد هائلة من البكتيريا الضرورية لاستمرار الحياة بالوسط المائي، وعلى ضفاف المجرى الكبير الذي يعد بمثابة شريان الاقتصاد و الحياة الاجتماعية بالمنطقة.
و يمتاز حوض سيبوس بالرطوبة و التساقط المعتبر للأمطار الموسمية، التي زادت من ثراء و تنوع النظام البيئي المتفرد على طول المجرى العابر للأقاليم الغابية الخضراء، و السهول الزراعية الخصبة التي تتغذى من النهر الكبير على مدار السنة، مما زاد من التنوع الإيكولوجي و ثراء الوسط الطبيعي بالمنطقة.
وقد اكتشف السكان القدامى أهمية سيبوس الاقتصادية والاجتماعية فأقاموا مدنا وقرى على ضفافه و أصلحوا الأراضي الممتدة على جانبيه للزراعة و إنتاج الغذاء.
و تعاقبت على السهل الخصيب، حيث الأرض و الشمس و الماء، حضارات كثيرة بينها حضارة الرومان التي اتخذت من ضفاف سيبوس موطنا لها منذ القرن الأول الميلادي، و مازالت آثار هذه الحضارة و غيرها إلى اليوم شاهدة على الثراء الاقتصادي و الاجتماعي بحوض سيبوس الكبير الذي ظل محافظا على تنوعه الإيكولوجي عقودا طويلة من الزمن، قبل ان تصيبه التغيرات المناخية المتسارعة، و تطاله يد الإنسان العابثة التي تكاد تقضي على النظم البيئية بإنهاك الأرض، و نشر مزيد من النفايات، و تجريف الحقول الزراعية لتوسيع المدن، و تلويث المجرى الطبيعي الكبير الذي ينقل ملايين الغالونات من المياه على مدار السنة و يبعث الحياة بسهول واسعة من مجاز عمار بقالمة إلى غاية المصب النهائي في البحر الأبيض المتوسط.
و يعيش بحوض سيبوس مجتمع متجانس و متكامل من البكتيريا و الحشرات و الزواحف و الطيور و الحيوانات و المئات من الأصناف النباتية التي ظلت محافظة على بيئتها وموطنها الأول منذ عقود طويلة.
الانجراف و تشوه المسار ... مخاطر تهدد النظام البيئي
مازال مجرى نهر سيبوس بقالمة ينتظر مشروعا كبيرا لتقويم مساره، و وقف التشوه الذي يطاله باستمرار، و يلحق مزيدا من الأضرار بالنظام البيئي، والأراضي الزراعية الخصبة الممتدة على الضفتين.
و تظهر صور الأقمار الصناعية الملتقطة في السنوات الأخيرة بأن المسار الطبيعي للمجرى يتشوه باستمرار، جارفا معها مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، و مدمرا للنظام البيئي المعتاد بالمناطق المتضررة.
و قالت مديرية الموارد المائية منذ عدة سنوات بأنه بات من الضروري إطلاق مشروع كبير لتقويم المسار المشوه و إعادة المجرى إلى طبيعته، و وضع حد لظاهرة الانجراف و التآكل التي تستنزف القدرات الزراعية بالمنطقة، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من النظام البيئي بالحوض الكبير، و منذ ذلك الحين لم ينطلق المشروع حتى الآن، و مازالت المياه تجرف المزيد من المساحات الزراعية، و تفتح منافذ جديدة لها كلما حدث فيضان جارف.
و يبلغ متوسط عرض المجرى الطبيعي لنهر سيبوس بقالمة نحو 50 مترا، لكنه تشوه بمقاطع كثيرة و وصل عرضه إلى أكثر من 400 متر ببعض المناطق، كما حدث قرب مدن قالمة، بومهرة أحمد، و وادي فراغة، أين تشوه المسار بشكل مقلق، و دمر النظام البيئي عندما فتحت الفيضانات الجارفة مسارات جديدة و أنشأت وضعا إيكولوجيا جديدا، يجمع بين بيئة سيبوس و بيئة الحقول الزراعية التي ظهرت بين روافد المجرى المشوه، منذرة بحدوث طفرة إيكولوجية ذات عواقب وخيمة على النظام البيئي بالمنطقة.
مياه المصبات الملوثة و المبيدات خطر آخر يهدد الكائنات
يعد التلوث من أكبر المخطر المحدقة ببيئة سيبوس الكبير، فالمجرى الممتد على طول 80 كلم تقريبا يستقبل كميات هائلة من مياه مجاري الصرف القادمة من المدن و القرى الواقعة على ضفاف المجرى، و كلما اجتاحت موجات الجفاف زادت مخاطر التلوث، كما حدث صيف 2017 عندما جف المجرى تماما و لم تبق فيه إلا مياه الصرف السوداء الداكنة التي تهلك الكائنات الحية و الحقول الزراعية التي تعتمد على السقي كل صيف.
و ليست مجاري الصرف الصحي القادمة من الأحياء السكنية وحدها الملوثة لمجرى سيبوس، حيث تسود مخاوف حقيقية من حدوث تسربات من بعض الوحدات الصناعية و محطات الغسل و التشحيم، و وصول النفايات المنزلية إلى تلك البيئة الطبيعية الخضراء التي تواجه تحديات كبيرة وسط حوض سكاني كثيف، و نسيج صناعي مازال يبحث عن وسائل مجدية للحد من الانبعاثات الغازية السامة، و السوائل المحملة بالمعادن الثقيلة، حتى لا تصل إلى بيئة سيبوس، و تزيد من هشاشة النظام البيئي المتفرد. و قد أنجزت ولاية قالمة محطة عملاقة لتصفية مجاري الصرف الصحي القادمة من مدينة قالمة، مما أدى إلى انخفاض معدل التلوث عن ما كان عليه قبل بناء المحطة قبل 18 عاما تقريبا.
و تنتج المحطة كميات كبيرة من مياه الصرف المعالجة، و تلقي بها في مجرى سيبوس لتغذيته و حمايته من الجفاف الذي يلاحقه بين سنة و أخرى، بسبب شح الأمطار و انخفاض منسوب سد بوحمدان الكبير المغذي الرئيسي لنهر سيبوس على مدار السنة تقريبا.
و مازال المهندسون الزراعيون بقالمة يعملون على الحد من تأثير المبيدات الزراعية على بيئة سيبوس الهشة، من خلال تشجيع المزارعين على استعمال مبيدات و أسمدة عضوية غير ضارة، و التوجه التدريجي نحو الزراعة البيولوجية الخالية من الأسمدة الكيماوية، والمبيدات الحشرية، والمنتجات المعدلة وراثيا، والمنتجات الصناعية التي تعتمد في عملية الإنتاج.
البحث العلمي...ضرورة ملحة لحماية سيبوس
بالرغم من المساعي التي تقوم بها قطاعات البيئة و الزراعة و الصناعة و المياه بقالمة للحد من المخاطر الإيكولوجية المحدقة بالنظام البيئي لحوض سيبوس، فإن البحث العلمي أصبح ضرورة ملحة لدراسة وضعية الحوض الطبيعي الكبير، و إجراء مسح شامل للكائنات التي تعيش فيه، و مدى تأثرها بالتغيرات المناخية، و مصادر التلوث القادمة من الحقول الزراعية، و المدن و القرى و الوحدات الصناعية و محطات الخدمات.
وكلما نفقت أسماك المياه العذبة بمجرى سيبوس و زادت معدلات تلوث مياه المجرى، تعالت الأصوات المطالبة بإجراء دراسة ميدانية جادة تشارك فيها مخابر البحث الجامعية و الصحة و البيئة و المياه و هيئات أخرى، لتحديد المخاطر الكبرى المحدقة بالنظام البيئي لحوض سيبوس، و اتخاذ التدابير و الإجراءات اللازمة لحماية التنوع البيولوجي على طول الحوض الشهير، حتى لا تفقد المنطقة مقوماتها الطبيعية، و تنحدر إلى واقع بيئي آخر يرهن مستقبل الأجيال القادمة، و ينذر بالمزيد من المخاطر الصحية و الاقتصادية و الاجتماعية. فريد.غ
سواعد خضراء
تخصصت في الأمراض النباتية وتحلم بمشروع لتدوير النفايات
كريمة.. مهندسة دخلت عالم الأطفال لنشر الثقافة الخضراء
تعتمد مهندسة البيئة كريمة سيوال أسلوب التثقيف البيئي كخط نضالي في عملها التطوعي، حيث تؤمن ابنة جيجل أن حماية الطبيعة تبدأ من الطفل وتراه حلقة مهمة يجب الاشتغال عليها لتكوين جيل متعلق بالطبيعة يكسر حالة العدائية التي تهدد بيئتنا، ما جعلها تكرس وقتها للبراعم وتغرس فيهم بذرة الثقافة الخضراء بأسلوب سلس بعيدا عن الحملات الجافة التي تبقى مجرد نشاطات مناسباتية لا جدوى منها.
يراودها حلم إنشاء مؤسسة لتدوير النفايات و تسعى لتجسيد الكثير من الأفكار التي تساعد على التخفيف من تأثيرات الانتشار الكبير للنفايات، لكنها أسباب كثيرة جعلتها تؤجل هذا الحلم وتتفرغ للعمل التوعوي والتطوعي.
وتقول الشابة كريمة، بأنها متخرجة من جامعة جيجل، سنة 2008، بشهادة مهندس دولة بيئة نباتية و محيط تخصص أمراض الأنظمة البيئية، طموحة ككل الشباب الجزائري ، و ناشطة جمعوية منذ سنة 2017 مع جمعية الروية للتنمية ورعاية الشباب والطفولة، و أشارت قائلة « بالرغم من ابتعادي عن تخصصي بعد تخرجي والعمل بمجالات مختلفة ، إلا أنني لم أنس حبي وشغفي بمجال دراستي وحبي للبيئة بالدرجة الأولى بالرغم من مرور 13 سنة على تخرجي من الجامعة، و لم أتوقف عن تكوين نفسي بنفسي في هذا المجال سواء بالدراسة، أو التكوين عن بعد في مجال البيئة، اقتناء كتب و مجلات مهتمة بالبيئة»، و ذكرت بأنها كانت من القراء الأوفياء للمجلات الخضراء، منذ أكثر من 14 سنة، ولا تزال مشتركة في عدة مجالات، و حسبها، كل تلك الأشياء جعلتها تتمنى المساهمة في إدراج الوعي البيئي لدى المواطن و تحسين صورة الطبيعة في الذهنيات قبل كل شيء، و قد تبادرت إلى ذهنها بعض الأفكار، ما جعلها، تنخرط في جمعيات خلال سنتي 2015 و 2016، لكنها فوجئت بالفراغ الذي يسود تلك الجمعيات، فقد كانت تحمل تسميات على الورق، حسبها، حتى سنة 2017، و بمحض الصدفة وعبر العالم الأزرق، و عن طريق تعليق، تحولت إلى منخرطة وناشطة جمعوية في العالم الحقيقي، واستطاعت تقديم بصمتها الخاصة مع جمعية الرؤية للتنمية ورعاية الشباب والطفولة لولاية جيجل ، بعد أن أعجبت بنشاطاتها الموجهة للنشء ، كونه النواة الأساسية لتكوين جيل صاعد واع بشتى المجالات، ما شجعها على العمل مع الطفولة، و زاد من حماسها بالانضمام إلى عالمهم.
و لم يتسن للشابة العمل بمجال اختصاصها، فقررت أن تقدم طاقتها و معرفتها، في خدمة أبناء الولاية وأطفالها الصغار، فقدمت العديد من النشاطات، حيث تم، انشاء نادي بيئي خاص بالجمعية، بسبب تواجد براعم صغار مشاركين في الجمعية، و يشاركون في مختلف النشاطات، ما جعلها رفقة القائمين على الجمعية، تشرف على تأطيرهم على نحو أفضل وبشكل موجه للحفاظ على البيئة.
المشاركة عبر قوافل تربوية بيئية هادفة
وقد قامت المتطوعة بالمشاركة في القافلة التربوية للجمعية، والخاصة بالمدارس الابتدائية، عبر تقديم نصائح وإرشادات في مجال البيئة، و كذا المشاركة مع الإدارة الخارجية للسجون عبر تقديم دروس و إرشادات حول السلامة البيئية وكيفية تكوين مشاريع خاصة، موجهة لنزلاء المؤسسات العقابية ، كما شاركت ضمن البرنامج المسطر مع شركة التعاون الالمانية، فيما يخص تسيير النفايات ، خصوصا ببلدية جيجل، من أجل إيجاد الحلول و لتسيير أفضل للنفايات بالولاية .
وفي الوقت الراهن، تشرف كريمة على النادي البيئي للمدرسة الابتدائية غربي صالح ،والذي توقفت نشاطاته مؤقتا بسبب فيروس كورونا، و تكمن أهمية النوادي، حسب المتحدثة، في إمكانية تجسيد الأفكار التنموية المتعلقة بالبيئة و غرس فكرة حب الطبيعة و المحافظة عليها عبر الطفل، و تقول المتحدثة «هدفنا لن يتحقق إلا من خلال الجهد المتواصل في إعداد الأجيال الناشئة الجديدة منذ الصغر ودفعها للتعلق بمحيطها المادي والطبيعي وتدريبها على حمايته و تحسينه، فالطفل الذي يزرع شجرة ثم يتعهد بحمايتها والعناية بها حتى تكبر أمام ناظريه، سيدافع عنها بشراسة و عن كل الأشجار، والذي يشاهد بعينه مراحل إدارة و رسكلة النفايات الصلبة من الجمع إلى الفرز و التخلص منها بشكل صحي وصديق للبيئة، سيكون ناصحا لأهله وأقرانه لتجنب مشاكل النفايات».
و عرجت الشابة للحديث عن مشروعها الحلم، و الذي يخدم قطاع البيئة بالدرجة الأولى، ثم الاقتصاد المحلي للولاية و المجتمع في آن واحد ، و يدور حول رسكلة نوع من النفايات يعتبر هاجسا على مستوى ولاية جيجل، نظرا لتدهور تسيير النفايات، لتقوم بإعادة تدويرها لتتحصل في الأخير على منتوج طبيعي لا يعود بضرر لا على البيئة ولا على صحة المواطن .
وتقول الشابة، بأن الفكرة جديدة على مستوى المحلي، لكن «العراقيل» والبيروقراطية ، جعلتها تؤجل تحقيقها، خصوصا و أنه طلب منها تمويل المشروع ذاتيا بنسبة مئة بالمئة ، و قالت المتحدثة « أنا أطرح السؤال من هذا المنبر ، يا ترى كيف لشاب متخرج من الجامعة لم تمنح له فرصة للعمل أن يمول مشروعه ذاتيا»، و أكدت كريمة، بأنها ستعمل على تحقيق حلمها ، الذي فضلت عدم التطرق له بكافة تفاصيله إلى غاية تجسيده ميدانيا، خشية سرقة أفكارها .
وقالت المتحدثة، بأنها ستعمل على تقديم دورات تكوينية للشباب الراغب في الانطلاق و خلق مشاريع تنموية خاصة بالبيئة، و العمل على تحفيزهم بفتح مؤسساتهم الخاصة مع برنامج الحكومة الجديد لتمويل أصحاب المشاريع.
كـ. طويل
أسرلر البرية
تعد من الأنواع النادرة ذات الخصائص الطبية والإيكولوجية
الكافور.. شجرة هيروشيما المقدسة التي تسكن حظيرة القالة
تعد شجرة الكافور من أهم الأصناف النباتية بحظيرة القالة، وهي شجرة ذات رمزية كونها مقدسة في اليابان لأنها من الأشجار الناجية في منطقة هيروشيما من القنبلة الذرية المدمرة، و من الأنواع نادرة الوجود في العالم، وقد تم غرسها في الجزائر عام 1900 ما جعل القالة أهم موطن لها في افريقيا، كما توجد بأعداد محدودة في مدغشقر.
بمحاذاة الأدغال و الأصناف النباتية المتنوعة بمنطقة حدادة الحدودية ببلدية أم الطبول في الطارف، تتواجد أعداد قليلة من أشجار الكافور الأصلية النادرة، وتحديدا بالمكان المسمى المنزل الحراجي التابع لإدارة الغابات، الذي كان قد أنشاه المعمرون إبان الاحتلال الفرنسي لجني الفلين الذي ينتشر بكثرة بالمنطقة، حيث أكد خبير بالحظيرة الوطنية للقالة ، عبد السلام قريرة الذي رافق «النصر» في خرجة ميدانية لمعاينة مكان تواجد الكافور، أن هذه الشجرة تعد الصنف الحقيقي لشجرة "الكافرون"، خلافا لما هو شائع أن الكافور صنف من غابات الكاليتوس المنتشرة بكثرة عبر مختلف المناطق ، مضيفا أن هذه الشجرة التي تتميز بخصائصها العلاجية يفوق عمر تواجدها بالمنطقة القرن و20 سنة ، حيث أن المعمرين هم من جلبوا هذا الصنف النادر من الأشجار من موطنها الأصلي من الخارج وقاموا بغرسها بمنطقة حدادة الغابية سنة 1900 .
و يتراوح عرض هذه الشجرة المميزة 4 أمتار وقطرها 20 مترا فيما يتجاوز طولها 50 مترا، ناهيك عما يوفره محيطها الشاسع من ظل بفضل حجمها العملاق وكثافة أوراقها الخضراء ، ما جعلها من الأشجار الشامخة التي ترصع جمال غابات الحظيرة النادرة. يقول الخبير قريرة عبد السلام ، أن شجرة الكافور العريقة يعود موطنها الأصلي إلى اليابان أين تعد رمزا وطنيا، إذ تعتبر من بين الكائنات الناجية من القنبلة الذرية التي استهدفت مدينة هيروشيما ، وبذلك فهي تعتبر لدى اليابانيين شجرة مقدسة ورمزا وطنيا، وقد تم تخليدها بغرس واحدة منها بجامعة هيروشيما، وفي إفريقيا يقتصر تواجد شجرة الكافور الأصلية على مدغشقر و الجزائر وتحديدا بالقالة ، أين نجد 9 أشجار بمحيط المنزل الحراجي لمنطقة حدادة.
خصائص علاجية مميزة
تتميز شجرة الكافور حسب الخبير عبد السلام قريرة بخصائص علاجية فريدة، لأنها تعد نباتا طبيا بامتياز في علاج عدة أمراض خاصة أمراض الروماتيزم بأنواعه، لما يحتويه زيت الكافور من خصائص علاجية فعالة، حيث يستخلص الزيت من ثمارها ، كما توجد منافع لأوراقها وثمارها كونها مفيدة في معالجة أمراض التنفس والقلب وغيرها . كما تستعمل أوراق الكافور أثناء الاستحمام بالماء الدافئ للتخفيف من آلام الروماتيزم، علاوة على ذلك تعتبر الشجرة من الصنف المقاوم للتسوس والرطوبة والأمراض الطفيلية ، بدليل أن حطب الشجرة يستعمل كصناديق خشبية لتسويق الملابس الفاخرة لحمايتها من التلف الناجم عن العوامل الطبيعية أو عوامل أخرى، علاوة على ذلك تستعمل كذلك شجرة الكافور حسب المتحدث في الزينة لأنها تغرس بالحدائق لما يوفره حجمها وكثافة أوراقها دائمة الاخضرار من نظرة جمالية واتساع في رقعة الظل صيفا . وأفاد المتحدث أن وجود أشجار "الكافرون" بمنطقة غابية بعيدة يصعب الوصول إليها على الأقدام ، حال دون تعرضها للنهب والسرقة بالنظر لمنافعها العلاجية والإيكولوجية، كما أن غرس هذه الأشجار بمحيط المنزل الحراجي لإدارة الغابات أين تجوب الدوريات بشكل حال دون وصول ألسنة الحرائق الصيفية إليها، ما سمح بديمومتها والاستمتاع بمنظرها وأشكالها ذات الفخامة. ومن أجل الحفاظ على هذا الصنف النادر من الأشجار عمدت إدارة الحظيرة الوطنية إلى تخصيص برنامج لإنتاج شتلات شجيرات الكافور لغرسها و الحفاظ على هذا الصنف من الانقراض، بالنظر لتقدم عمر الأشجار الحالية على قلتها، وتم في هذا الصدد تشجير مساحات من الكافور بمنطقة ركابة ببلدية عين العسل ، بالتنسيق مع مصالح الغابات، للحفاظ على ديمومة هذه الثروة لمنافعها الاقتصادية و الإيكولوجية والعلاجية. وحرص خبير الحظيرة الوطنية للقالة قريرة عبد السلام على التأكيد أن الباحثين وطلبة الجامعات مدعوون لزيارة أماكن تواجد شجرة "الكافرون" لإجراء دراساتهم وأبحاثهم العلمية عليها ، والقيام بعمليات استكشافية على مستوى المنزل الحراجي حدادة الذي تتواجد به أصناف قليلة من هذه الأشجار ، وكذا الاستمتاع بالجمال الطبيعي الخلاب للمكان وما يتميز به من هدوء و فسيفساء متنوعة من الأوساط الطبيعية النادرة ، ما من شأنه تشجيع السياحة العلمية والإيكولوجية والاستكشافية، بالنظر لما تزخر به الحظيرة من مقومات طبيعية و أصناف الأشجار والنباتات النادرة على المستويين الإقليمي والعالمي .
من جهة أخرى بات من المهم إعطاء الأهمية القصوى للمنزل الحراجي بحدادة بتسييج المكان لحمايته لما يكتسيه الموقع من تنوع بيولوجي جد هام فريد من نوعه، خاصة الأشجار النادرة ومنها صنف الكافور النادر . نوري. ح