هكذا حققت الجزائر قفزة عملاقة نحو بيئة نظيفة
* خبــــــراء يؤكـــدون أهميــــة الإجــراء في الانتقال الطاقـــــوي
اعتمدت الجزائر منذ صيف 2021، تعميم استخدام البنزين الخالي من الرصاص، ضمن خطوة تسعى الدولة من خلالها إلى تجسيد مبدأ "تنقل بدون انبعاثات من أجل محيط نقي"، تتويجا لعملية انطلقت قبل 24 سنة، حين تم إدراج توزيع هذا الوقود الأقل تلويثا على محطات البنزين، وهو إجراء يُثمنه الخبراء والمختصون والجمعيات البيئية ويرون أنه يحمل إيجابيات عديدة تسمح للبلاد بالتوجه بثبات نحو اقتصاد أخضر يعتمد على الطاقة النظيفة التي تحمي الإنسان والمحيط.
روبورتاج: حاتم بن كحول
قررت وزارة الطاقة والمناجم تعميم استعمال البنزين الخالي من الرصاص في شهر جويلية من السنة الماضية، على مستوى كل محطات الوقود، وهو ما تجسد على أرض الواقع تدريجيا، ليقتصر استعمال الوقود في البنزين بدون رصاص وغاز البترول المسال "سير غاز"، بعد أن وفرت الدولة الشروط العملياتية واللوجيستية لتحقيق هذا الانتقال، بينما يبذل مجمع "سوناطراك" جهودا في مجال تطوير التكرير بما يسمح بالمحافظة على البعدين البيئي والصحي في عمليات الإنتاج.
مجهودات أخرى، بذلتها مختلف الوزارات والهيئات والجمعيات سواء كانت طاقوية أو بيئية أو صحية، من أجل وضع إستراتيجية مدروسة تسمح بالتخلص التدريجي ثم النهائي من البنزين المحتوي على الرصاص، لما يسببه من تأثيرات سلبية على المحيط والنظام البيئي، وخاصة المتعلقة بالطبيعة المشتتة لمادة الرصاص المنبعثة من عوادم المركبات عند حرق البنزين سواء كان عاديا أو ممتازا.
ويأتي تعميم استعمال البنزين الخالي من الرصاص، تتويجا لعملية إدراجه لأول مرة في السوق الجزائرية سنة 1998، لترتفع نسبة إنتاج هذا النوع من الوقود واستغلاله من 29 بالمئة قبل 7 سنوات إلى أزيد من 40 بالمئة قبل عامين، ليتحول اليوم إلى النوع الوحيد المتوفر في محطات البنزين.
76 مليار دينار لإنجاز مركب إنتاج بنزين دون رصاص
وتؤكد وزارة الطاقة والمناجم أن البنزين الممتاز بالرصاص بمؤشر "أوكتان 92" والذي تنتجه مصافي تكرير النفط الجزائرية، لم يعد ينتج أو يستعمل في معظم البلدان، ليسحب هذا النوع ويعاد تركيبه مع إزالة الرصاص، ثم يصبح خال تماما من هذه المادة، مما يسمح بوضع حد لاستيراد البنزين الخالي من الرصاص، ويصبح اليوم استخدام البنزين العادي أو الممتاز، من الماضي، في ظل نجاح تعميم بنزين صديق البيئة.
وتواصلا لمساعي تجسيد مشروع إنتاج البنزين بدون رصاص، قامت الشركة الوطنية سوناطراك، في شهر ماي من السنة الجارية، بتوقيع عقد مع مجمع صين C لإنجاز مركب لإنتاج "ميثيل ثلاثي إيتيل البوتيل MTBE"، وهي مادة تُضاف لصناعة البنزين الخالي من الرصاص على مستوى مصافي التكرير، وذلك باستثمار تفوق قيمته نصف مليار دولار أي 76 مليار دينار جزائري، وبطاقة إنتاجية ستبلغ 200 ألف طن سنويا، علما أن هذه المادة بلغت تكلفة استيرادها 170 مليون دولار أمريكي خلال سنة 2021، وتبلغ تكلفتها الحالية حوالي 1100 دولار أمريكي في طن. وجاء التخلي النهائي عن البنزين المحتوي على الرصاص، لأسباب بيئية صحية بالدرجة الأولى، حيث وحسب الدراسات العلمية التي قام بها أطباء وباحثون في أوروبا وأمريكا، فإن الرصاص يحدث أضرارا جمة تتمثل في تلويث البيئة بمواد مسرطنة، كما يسبّب هشاشة العظام للأطفال وخاصة بمنطقة النخاع الشوكي، ويعقد الحالة الصحية للمصابين بالحساسية والربو والأمراض التنفسية.
خطوة تمنع موت 1.2 مليون شخص سنويا
وتشير إحصائيات وزارة الطاقة والمناجم إلى أن حجم استهلاك البنزين الخالي من الرصاص ازداد منذ إدخاله للجزائر قبل 24 سنة، ليبلغ حاليا 1.3 مليون طن سنويا، ويدخل ذلك ضمن برنامج الحكومة الذي يهدف إلى تحقيق الانتقال الطاقوي والمضي قدما نحو استهلاك أنواع نظيفة من الوقود.
وقد صرح الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بمناسبة التحاق عدد من دول العالم بركب البلدان المستغنية عن البنزين المحتوي على الرصاص منها الجزائر، قائلا "إننا نحتفل اليوم بعلامة فارقة للتعددية وهي تتويج لجهد عالمي موحد سعى لتخليص العالم من البنزين الذي يحتوي على الرصاص والذي يشكل تهديدا كبيرا على صحة الإنسان والكوكب".
وبحسب برنامج الأمم المتحدة للبيئة، يمنع استخدام الرصاص في الوقود أكثر من 1.2 مليون حالة وفاة مبكرة ناتجة عن أمراض القلب والسكتات الدماغية والسرطان، كما يحمي الأطفال من تضرر نسبة ذكائهم نتيجة التعرّض لمادة الرصاص، إضافة إلى أن ذلك يوفر 2.44 تريليون دولار سنويا.
مواطنون يرحبون بالفوائد البيئية
و تنقلت النصر إلى بعض محطات الوقود الواقعة في قسنطينة، من أجل الوقوف على مدى تجاوب المستهلكين مع هذا التحول، والبداية كانت بالمحطة الواقعة في طريق المطار نحو حي زواغي، أين وجدنا أن أغلبية السائقين ومرافقيهم مُدركة أن البنزين الخالي من الرصاص أفضل وأنظف ومناسب أكثر من جميع النواحي الصحية والبيئية والاقتصادية.
اقتربنا من كهل كان يهم بملء خزان سيارته بالبنزين الخالي من الرصاص، حيث قال لنا إنه يعلم مسبقا أنه مناسب أكثر لمحرك المركبة، كما يعتبر أنظف من البنزين المحتوي على الرصاص الملوث للبيئة، مثمنا قرار الدولة و استراتيجيتها في استعمال طاقات نظيفة.
كما أكد شاب جامعي، كان يرافق صديقا له على متن سيارته، أنه قام ببعض الأبحاث المتعلقة بالفرق بين البنزين العادي والخالي من الرصاص، ومن خلال المعلومات المجمعة اتضح بالنسبة إليه أن مادة الرصاص تتسبب في كوارث بيئية كان يجهلها، خاصة أنها تعتبر تهديدا صريحا لصحة الإنسان، متحدثا عن بعض الأمراض الخطيرة التي تنتشر بسبب هذه المادة، على غرار أمراض القلب والرئتين وخاصة تحفيزها للسرطان في الجسم.
وأضافت سيدة في الأربعينات من العمر، التقيناها في محطة بنزين بحي بوالصوف، أنها ومباشرة بعد قرار الدولة بالتحول إلى البنزين بدون رصاص، قررت البحث بنفسها عن الأسباب و تفاجأت للكم الهائل من المواد الكيميائية المنبعثة من البنزين العادي والممتاز، خاصة أنها كانت تستعمل النوع الثاني، معبرة عن سعادتها بتعميم استعمال وقود صديق للبيئة.
جمعية حماية الطبيعة تُثمن الإجراء
ولمسنا من خلال الجولة التي قمنا بها على مستوى بعض المحطات على غرار الواقعة في المنطقة الصناعية "بالما"، وكذا المحاذية لملعب الشهيد حملاوي، أن المستهلك يرحب كثيرا باستعمال البنزين بدون رصاص، حتى أن أغلب السائقين كانوا يستعملونه قبل سنوات.
و يثمّن رئيس جمعية حماية الطبيعة والبيئة بقسنطينة "آبنو"، عبد المجيد سبّيح، هذا التحول، حيث قال إنه سيعود بالفائدة على البيئة والمحيط، خاصة أنه يساهم في تقليل تلوث الهواء، إضافة إلى مزايا تقنية أخرى على غرار الحفاظ على صلاحية محرك السيارات، في المقابل أشار سبيح في حديثه للنصر إلى المخاطر الصحية التي يسببها البنزين المحتوي على الرصاص.كما تحدث رئيس الجمعية، عن الدخان المنبعث من عوادم المركبات والمسبب للاختناقات وخاصة في محاور تجمع المركبات وأثناء الازدحام المروري، في مناطق تعرف حركية كبيرة على غرار ولاية قسنطينة، ما يؤدي لتعقيد حالة المصابين ببعض الأمراض مثل الحساسية والربو.
* المسؤول بوزارة البيئة والخبير الطاقوي الدكتور بوزيان مهماه
نعمل على التحول بسلاسة نحو وقود أكثر نظافة
يؤكد المكلف بمهام الأمين العام بوزارة البيئة والطاقات المتجددة، والباحث بمركز تنمية الطاقات المتجددة، الدكتور بوزيان مهماه، أن إضافة مادة الرصاص إلى البنزين، خاصة مادة رباعي ميثيل الرصاص ورباعي إيثيل الرصاص، كان الغرض منها هو الحد من تقلب الوقود أثناء الاحتراق وزيادة قيمة مادة الأوكتان، لكن تبيّن أن الرصاص له مساوئ بيئية وصحية عامة مؤكدة، على مدى قرن كامل منذ سنة 1922.
ويتابع الخبير الطاقوي بالقول "في سبعينيات القرن الماضي، كان كل البنزين المنتج في العالم يحتوي تقريبًا على الرصاص، وكان ذلك أحد أخطر التهديدات البيئية على صحة الإنسان، فقد أدى الاستخدام العالمي الواسع للرصاص في البنزين إلى تلوث الهواء والغبار والتربة ومياه الشرب والمحاصيل الزراعية والمنتجات الغذائية. فالبنزين المحتوي على الرصاص يتسبب في أمراض القلب والسرطان ويؤدي إلى السكتات الدماغية، كما أنه يؤثر على نمو الدماغ البشري، وخاصة لدى الأطفال، حتى أن الدراسات العلمية تشير إلى أنه يتسبب في التقليل من نسبة الذكاء لدى الأطفال، لذلك فإن حظر استخدام البنزين المحتوي على الرصاص، وفقا لتقديرات برنامج الأمم المتحدة للبيئة، سيمنع حدوث أكثر من 1.2 مليون حالة وفاة مبكرة سنويًا، ويزيد من نقاط الذكاء، ويوفر 2.45 تريليون دولار للاقتصاد العالمي".
ويضيف الدكتور مهماه الباحث في الطاقات المتجددة، والوقود النظيف، والهيدروجين الأخضر، وخلايا الوقود الهيدروجينية بمركز تنمية الطاقات المتجددة، بأن جهود الدولة الجزائرية في التخلي النهائي عن العمل بالبنزين المتضمن مادة الرصاص، تأتي ضمن المسعى العالمي للقضاء على أكبر مصدر للتلوث بالرصاص، إذ لا تزال هناك حاجة عالمية ومحلية لاتخاذ إجراءات جذرية لإنهاء التلوث بالرصاص المتأتي من مصادر أخرى مثل الطلاء وبطاريات الرصاص الحمضية والأدوات واسعة الاستعمال خصوصا المنزلية.
اعتماد البنزين الخالي من الرصاص يحقق التنمية المستدامة
ويوضح المتحدث أن المرسوم التنفيذي رقم 06-104 المؤرخ في 28 فبراير 2006، يحدد قائمة النفايات بما في ذلك النفايات الخاصة الخطرة، وتمّ اعتبار المجمعات التي تحتوي على الرصاص كنفايات خاصة خطرة، لذلك فإن جهود قطاع البيئة والطاقات المتجددة تنخرط، مثلما يضيف المسؤول الوزاري، ضمن المنظور الأممي الساعي إلى التخلي النهائي عن كل المنتجات التي تحتوي على مادة الرصاص، بما يحقق العديد من أهداف التنمية المستدامة، كالصحة الجيدة والرفاهية والمياه النقية والنظيفة والطاقة النظيفة، وكذلك المدن المستدامة والعمل على الحدّ من التغيّر المناخي وحماية الحياة على الأرض والنظم الإيكولوجية البرية.
ويفصّل السيد مهماه في التأثيرات المباشرة للرصاص على السيارات بالقول "لاستخدام مادة الرصاص في البنزين مساوئ تقنية واضحة، كونه سمًا للحفّازات البلاتينية المستخدمة في أنابيب العادم التي تعمل على التقليل من مكونات الملوثات المنبعثة مع الغازات في عوادم السيارات، لذلك يجري التأكيد بأن الوقود الخالي من الرصاص يساهم في إطالة عمر شمعات الاحتراق ونظام العوادم في السيارات، كما أنه يساهم في تحسين أداء السيارات بما يعود في النهاية بالنفع على المستهلك، لأن هذا الوقود يمنح السيارة القوة الحقيقية المحددة لها، في حين أن استخدام الوقود المتضمن لمادة الرصاص يقلل من قوة المحرك. كما يعمل البنزين الخالي من الرصاص على توفير حماية أفضل للمحرك نتيجة تغيير زيت المحرك على فترات أطول كما أنه يقلل من تآكل أجزاء المحرك".
ويؤكد المسؤول الوزاري، أن تعميم استعمال البنزين الخالي من الرصاص، منذ جويلية 2021، سمح بتحقيق مكاسب معتبرة للبلاد، من أهمها تحقيق الاكتفاء الذاتي الوطني من البنزين وبالتالي وقف استيراد هذا الوقود الذي كان يكلف خزينة الدولة نصف مليار دولار سنويا في المتوسط، وقد بيّنت نفس الحصيلة بأن إجمالي الاستهلاك الوطني من البنزين الخالي من الرصاص خلال السنة الماضية 2021 بلغ نحو 3.42 مليون طن.
ويعتقد المصدر ذاته أن توجه الدولة الجزائرية إلى تعميم استخدام البنزين الخالي من الرصاص، كان قرارا حكيما، حيث أسهم بشكل ذكي في تغطية حاجات إمدادات السوق الوطنية من الوقود في أريحية، لأن التحول من إنتاج ثلاثة أنواع من البنزين إلى إنتاج وقود "البنزين الموحد" مكّن من الاستغلال الأمثل لسلسلة اللوجستيك القائمة، وقلّص حجم الإمدادات من البنزين إلى الثلث.
ويستطرد الدكتور مهماه "حتى ندرك بعمق حجم الإنجاز الذي تمّ بفضل حنكة وحرص القائمين على الشأن العام، لنتصور لو بقي الوضع السابق على حاله، ومع تفجر معضلة إمدادات الوقود في هذه السنة عالميا، خصوصا في الفضاء الأوروبي، خاصة وأننا كنا نستورد الوقود من إيطاليا وليتوانيا وفرنسا وإسبانيا وروسيا الفيدرالية وبلغاريا وكذلك من الولايات المتحدة الأمريكية ومن الصين، سندرك حجم الضغط الخطير الذي كنا سنقع فيه على مستوى سلسلة الإمدادات من البنزين لاستيفاء حاجات السوق الوطنية منه، وسندرك جليًّا قيمة الإنجاز".
ويضيف الدكتور مهماه أن عمل وزارة البيئة والطاقات المتجددة يرتكز اليوم على جعل برنامج عمل الحكومة موضع تنفيذ في واقع حياة المواطنين، بما يسهم في تحسن مستوى معيشتهم، وفقا لتوجيهات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، حيث أن الأهداف طموحة جدا للتحول بسلاسة نحو الوقود الأكثر نظافة واخضرارا، بدءا بالتوسع في استخدام المحروقات الأكثر توفيرا والأقل تلويثا مثل غاز البترول المسال (GPLc)، ثم الغاز الطبيعي المضغوط كوقود، وكذا الغاز الحيوي، والغاز الطبيعي الأخضر المتجدد، والميثان الاستخلاصي من تحويل ثاني أكسيد الكربون والهيدروجين، وصولا إلى استخدام الهيدروجين الأخضر، ضمن دورة الصفر تلوث، والكيروسين الأخضر للطائرات، والمركبات الكهربائية، مثلما يبرز محدثنا.
فوائد طاقوية وبيئية للإجراءات الجديدة
وأضاف الدكتور مهماه أن البرنامج الذي تسهر عليه وزيرة القطاع، سامية موالفي، هو الإثراء الهيكلي لسوق الوقود، بما سيسمح بالقيام بعمليات من شأنها تقليص حصة البنزين في حظيرة النقل والخفض التدريجي لحصة الوقود الملوث ومرتفع الانبعاثات الكربونية والآزوتية، بما سيترتب عن ذلك من فوائد جمة اقتصادية وطاقوية واجتماعية وكذلك بيئية بامتياز.
وضمن هذا المنظور، وخلال سنة 2022 في إطار تنفيذ مخرجات مجلس الوزراء تحت إشراف وتوجيهات السيد رئيس الجمهورية، تم التمكن من تحويل أكثر من 44.000 سيارة تعمل بالبنزين الخالي من الرصاص إلى الاشتغال بغاز البترول المميع من أصل 50000 مركبة مخطط لها، واختيار 549 عامل تركيب موزعين على 52 ولاية، مما أتاح خلق 1700 منصب شغل مباشر، علما أن الدولة تتحمل 50 بالمئة من تكاليف التركيب، بينما يبلغ إجمالي الدعم المخصص للتشغيل 1.75 مليار دينار، يوضح محدثنا.
وفيما يخص العملية الثانية التي تتعلق بتحويل 100 ألف مركبة، فقد تم إطلاقها مثلما يتابع المسؤول الوزاري، من خلال اعتماد 573 مُثبّتًا وبمبلغ دعم يبلغ 2.8 مليار دينار، وأضاف السيد مهماه أن تحويل 150 ألف سيارة إلى وقود غاز البترول المميع سيوفر 225 مليون لتر من البنزين سنويًا ويجنب الإنبعاثات المباشرة لأكثر من 500 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون.
* الخبيرة في البيئة والاقتصاد الأخضر بسمة بلبجاوي
قفزة نوعية في مجال الحفاظ على البيئة
اعتبرت الخبيرة في مجال البيئة والاقتصاد الأخضر ورئيسة منظمة "سينارجيا" للبيئة، بسمة بلبجاوي، أن الانتقال لاستعمال البنزين بدون رصاص قفزة نوعية في قطاع المحروقات المتجه نحو طاقات أقل ضررا على البيئة والإنسان، مشيرة إلى ضرورة الوعي بالمشاكل الصحية التي يتسبب فيها البنزين المحتوي على الرصاص، وخاصة على مستوى الجهاز التنفسي والمناعي للإنسان.
و وصفت بلبجاوي، توجه الدولة في هذا المجال بالخطوة الجيدة جدا، موضحة أن التحول إلى الطاقات المتجددة سيكون تدريجيا، ويتطلب تعديل بعض الإجراءات التنظيمية والتقنية قبل الوصول إلى الهدف بنسبة مائة بالمائة، وأضافت أن هذا الانتقال إيجابي لأنه يساهم في التخلص من المواد الكيمائية المنبعثة من البنزين العادي ما يقلل الضرر بالمحيط والبيئة وبالتالي الحفاظ على صحة الإنسان.
وذكرت الخبيرة في اتصال بالنصر، أن تعميم استخدام البنزين الخالي من الرصاص يأتي تكملة لسلسلة من الإجراءات التي تهدف من خلالها الدولة لاستغلال طاقات صديقة للبيئة، ومن بينها استعمال غاز البترول المسال كوقود للسيارات، مشيرة إلى أنه وجب تثمين هذه الخطوة، خاصة أن الجزائر دخلت هذا المجال منذ 30 سنة.
وأضافت بلبجاوي، أن وسائل النقل تعتبر من أبرز الأسباب المسببة للتلوث، لهذا اتجه الغرب إلى صناعة السيارات الكهربائية، إلا أن آخر البحوث العلمية أكدت أن هذا النوع من المركبات أكثر تلويثا للبيئة، بسبب المواد السامة المنبعثة من البطاريات، معتبرة أن استعمال الغاز هو الحل الأنجع، الذي يسمح باقتصاد الجهد والمال مع ضمان محيط نظيف.
* الخبير في الحوكمة البيئية كمال خلّاص
بداية للتحول نحو الطاقات المتجددة
أكد الخبير التقني في مجال التنمية المستدامة والحوكمة البيئية والمناخ، كمال خلّاص، أن قرار التحول إلى استغلال البنزين بدون رصاص، يأتي ضمن جملة من الإجراءات المتخذة من قبل وزارة الطاقة لأجل تخفيض نسبة التلوث في الجو، معتبرا هذه الخطوة بداية طريق لتغيير في المنهج كليا.
وتابع خلاص قائلا "هذا التحول هو بداية الطريق نحو التحول إلى الطاقات المتجددة، ومسايرة التطور الحاصل عالميا في هذا المجال (..) الوكالة الوطنية لترشيد الطاقة تعمل على تعميم استعمال الغاز وهو الهدف المسطر بعد التحول للبنزين بدون رصاص".
وأضاف المتحدث، أن سياسة الوزارات المعنية، تهدف إلى التحول للطاقة النظيفة بداية باستعمال البنزين بدون رصاص والغاز المسال، معتبرا أن هذه الخطوات لم تكن مجرد حبر على ورق أو كلام يطلق هباء، وإنما جاءت بعد إعداد مخطط يشمل إحصاء المركبات التي تشتغل بالغاز والتي يمكن أن تتحول للاشتغال بهذه الطاقة، موضحا أن هذه الإجراءات اتُخذت في سبيل تحسين الوضع البيئي والإنقاص من انبعاثات الغازات والمواد الملوثة.
ويتوقع خلاّص أن تأخذ عملية إعداد دفتر شروط استيراد المركبات اعتبارا لهذه الجزئية المهمة جدا، بما يساهم في السير على خطى الدول الأوروبية التي تعمل وفق معايير صديقة للبيئة. كما نوه الخبير، بضرورة مسايرة التطور في هذا المجال، خاصة أن الجزائر مقبلة على فتح الصناعات الميكانيكية، و وجب أن تجري وفق المعايير المعمول بها في إطار المحافظة على البيئة، مشددا على ضرورة تأقلم المستهلك مع نوعية الوقود والمنتجات، وبأن يتحلّى بالوعي في الانتقال إلى استغلال وسائل نقل تحافظ على البيئة.
ح.ب