البيئة البحرية تنتظر المزيد من الحماية
تعرف البيئة البحرية بالجزائر تحديات كبيرة في السنوات الأخيرة متأثرة بالتحولات الاقتصادية و الاجتماعية التي تعرفها البلاد، حيث أصبح الوسط البحري عرضة للتلوث بسواحل المدن الكبرى التي أصبحت تزاحم البحر بعمرانها و تلقي فيه ما تنتجه من نفايات منزلية و خاصة تشكل خطرا على الوسط البحري الذي تعيش فيه كائنات حية متعددة الأنواع تشكل عصب التنوع الأيكولوجي بالوسط الأزرق.
فريد.غ
و في آخر إحصاء لها قالت الوكالة الوطنية للنفايات بأن البلاستيك يغزو شواطئ البلاد و خاصة الشرقية منها حيث بلغت نسبة البلاستيك 87 بالمائة ببعض الشواطئ قبل 3 سنوات، حسب ما توصل إليه فريق العمل الذي شكل لهذا الغرض في إطار حملة متجددة لتصنيف النفايات البحرية المندرجة ضمن مشروع وزارة البيئة و الطاقات المتجددة التي تعمل على تجسيد اتفاقية برشلونة لحماية البحر الأبيض المتوسط من التلوث.
و يتوقع أن تعلن الوكالة عن نسب جديدة للتلوث بالبلاستيك بعد نهاية إحصاء خريف 2023 حيث لا يستبعد المراقبون للشأن البيئي بالمدن الساحلية عن زيادة حجم البلاستيك بالوسط البحري مقارنة بنفايات الحديد و الورق و الزجاج و القماش، نظرا لارتفاع الحركية الاقتصادية و تعداد السياح الذين يعدون من بين المصادر الرئيسية لتلوث شواطئ البلاد و تعد هذه النسبة المرتفعة بمثابة إعلان عن الخطر المحدق بالشواطئ الجزائرية، حيث لا يكاد الوضع يختلف عبر كل الشواطئ بما فيها شواطئ المصيف القلي التي ظلت محافظة على نظافتها عقودا قبل أن تطالها عدوى البلاستيك الآخذة في الانتشار بالوسط البحري و الوسط البري على السواء.
و تعد الثروة السمكية المتضرر الأكبر من النفايات البلاستيكية بالوسط البحري، حيث يعمر البلاستيك طويلا قبل أن يتحلل، و قد يتحول إلى غذاء للأسماك، الثروة الاقتصادية المهددة بالانكماش تحت تأثير النفايات البحرية و التغيرات المناخية التي طالت منطقة حوض المتوسط و بدأت آثارها تظهر بوضوح كالجفاف و احترار مياه البحر و الحرائق و الفيضانات المدمرة.
وقال جمال زرقوط المهتم بشؤون البيئة بالمصيف القلي للنصر بأن البلاستيك صار تهديدا حقيقيا للبيئة البحرية، مضيفا بأن عملا ميدانيا جادا ينتظر الجميع لتحسيس السكان و السياح بخطورة تلويث السواحل البحرية و القضاء على الثروة السمكية و الإخلال بالتوازن البيئي بالوسط المائي.
و تعمل الوكالة الوطنية للنفايات على وضع المزيد من الخطط لحماية سواحل البلاد من التلوث و مساعدة البلديات و جمعيات حماية البيئة على القيام بدورها في الميدان من خلال الجمع و الفرز و تشجيع مشاريع الاسترجاع التي تبقى بمثابة الحل العملي المجدي للحد من مخاطر التلوث بالنفايات البلاستيكية و حتى النفايات الخاصة التي أصبحت ترمى على امتداد سواحل البلاد، لا سيما سواحل المدن الكبرى الأكثر إنتاجا للنفايات المنزلية و النفايات الخاصة. و قد اعتمدت اتفاقية برشلونة لحماية سواحل البحر الأبيض المتوسط سنة 1976 و عدلت سنة 1995 و تمثل الإطار القانوني لخطة حماية سواحل المتوسط من التلوث بكل أنواعه، و يجري العمل بها في إطار برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
و قد وصل عدد الأطراف الموقعة على الاتفاقية 22 طرفا أو دولة مطلة على حوض المتوسط بينها الجزائر التي تولي أهمية كبيرة للبيئة و تعمل وفق اتفاقيات المناخ و البيئة للحد من احترار كوكب الأرض و تلوث البيئة البحرية.
و تهدف اتفاقية برشلونة إلى حماية حوض المتوسط من التلوث و حماية البيئة البحرية و تنميتها المستديمة من خلال مكافحة التلوث و تنفيذ الإدارة المستدامة للموارد البحرية و دمج البيئة في التنمية الاجتماعية و الاقتصادية و تعزيز التضامن بين دول حوض المتوسط و المساهمة في تحسين نمط الحياة بحوض المتوسط الأكثر عرضة لمخاطر التلوث و الاحترار المتزايد.
و قد أطلقت وزارة البيئة و الطاقات المتجددة مشروعا واعدا لتصنيف منطقة المصيف القلي بالتعاون مع عدة هيئات وطنية و دولية، و تعد البيئة البحرية من ضمن الأهداف المرجوة من مشروع التصنيف الذي سيكون نموذجا وطنيا و يعول عليه كثيرا للحد من تلوث الوسط البحري و الغابي، و تحقيق التنمية المستدامة بالمنطقة. و تعمل عدة جمعيات صديقة للبيئة بالمدن الساحلية على توعية السكان تجاه المخاطر المحدقة بالبيئة البحرية و حثهم على حماية الشواطئ و المشاركة الفعالة في الجهد الوطني الرامي إلى إنقاذ سواحل البلاد من التلوث بالبلاستيك و أنواع أخرى من النفايات الخاصة التي تشكل خطرا على الوسط البحري و الكائنات التي تعيش فيه.