أعلن تحالف «أمة لأجل الأرض» منذ أيام، عن إطلاق النسخة العربية من الدليل الأخضرَ للحج وتطبيقاً هاتفيا لمرافقة الحجاج والمعتمرين لأجل مناسك «صديقة للبيئة ومنسجم مع القيم الإسلامية».هذا الدليل الذي يؤكد حسب المنظمين أهمية دور المسلمين حول العالم في الحفاظ على الكوكب، وإلهامهم نحو «العمل المشترك مع باقي سكان الأرض، للحفاظ على درجات حرارة الكوكب تحت مستويات الخطر، وإنقاذ ما تبقى من موائل طبيعية وتنوع بيولوجي»، واستنادا لوسائط إعلامية؛ وحسب هذا الدليل فإن مناسك الحج والعمرة، لن تكون مستقبلا شعائر دينية فقط، ولكن يمكن أن تتحول إلى طريقة لتوعية 1.8 مليار مسلم عبر العالم بأهمية الحفاظ على البيئة، في عالم يتهدده التغيّر المناخي يوماً بعد يوم.
الدليل الذي يتكون من حوالي 36 صفحة يحتوي على مواضيع تتعلق بقيم ومبادئ الإسلام في الحفاظ على البيئة، وموضوعات وتوصيات أخرى، وحسب ذات المصادر فإن الدليل يعطي عدة نصائح للحجاج والمعتمرين تبدأ قبل الانطلاق، منها المشاركة في الورشات البيئية التي سيعقدها منظمو رحلات الحج في مناطق السكن، وتفادي الأكياس البلاستيكية في توضيب الأغراض. غداة الوصول يجب تجنب السيارات والحافلات، واستخدام خدمة المترو أو القطار، وتجنب الأطعمة والمشروبات المغلفة قدر الإمكان، والتضحية بأضحية واحدة لكل أسرة، والتخفيف من استهلاك مياه الوضوء والاغتسال، وكذلك الطاقة الكهربائية وغير ذلك من النصائح.
العفـــــو قيمــــة إنسانيــــــة وحضاريــــة
يحتل العفو مكانة محورية في منظومة الإسلام والسيرة النبوية إلى جانب الرحمة والعدل؛ حيث يمثل قيمة عظمى تفاوت التعامل بها في مجتمعاتنا الإسلامية بين فاعل لها وغافل عنها؛ ففي تفعيلها إحياء للأنفس وحفظا للعلاقات الاجتماعية وتقويتها وتطهيرا للقلوب، وفي الغفلة عنها فتح لباب الخصومات و العداوات، وهو ليس مظهرا للضعف بل علامة قوة.
قيمة العفو التي رغب فيها القرآن الكريم في العديد من المواضع عظيمة ،حيث قال سبحانه وتعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، وهذا نداء من الله لعباده المؤمنين بالمبادرة بالتوبة من أجل نيل مغفرة الله وجنة عرضها السموات والأرض أعدت لأصناف من الناس منهم العافين عن الإساءات ،كما أن العفو عن الناس والتجاوز عن الآخرين ضرب من الإحسان الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم حينما سأله جبريل عليه السلام عنه قال : (أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك).
ولقد حثنا الباري تبارك وتعالى عن العفو والمغفرة في غير ما موضع من القرآن الكريم ورتب على ذلك ثوابا جزيلا وأجرا عظيما فقال سبحانه وتعالى :{وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وقال تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِين}؛ َقال أهل العلم مراتب العقوبات ثلاث عدل، وفضل، وظلم فالعدل مقابلة السيئة بالسيئة، والفضل العفو والصفح، ومن تجاوز في العقوبة كان فعله ظلما.
هذه نصوص القرآن الكريم وأما السيرة النبوية فحافلة بمواقف الصفح والعفو؛ بل لما نتصفح سيرته العطرة صلى الله عليه وسلم نجدها طافحة بمواقف العفو والصفح وخاصة عند المقدرة والتمكن من العدو ممتثلا أوامر به سبحانه وتعالى كقوله تعالى: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} وقوله تعالى: {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}؛ بل لقد ظل الصفح والعفو صفة وخلقا ملازما لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث تواصلت خيانة اليهود وغدرهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم واستمر إيذاؤهم للنبي صلوات ربي وسلامه عليه ومع كل ذلك قال له ربه سبحانه وتعالى: {لَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}كما ورد عن عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ رضي اللهُ عنهما واصفًا النبي صلى الله عليه وسلم: (ولا يَدفَعُ السيئةَ بالسيئةِ ، ولكن يعفو ويَصفَحُ).
ومن مواقف الصفح والعفو لرسول الله موقفه مع أهل الطائف وقد جاءه ملك الأخشبين قائلا له إذا شئت أطبقت عليهم الأخشبين فعلت ولكنه قال: لعل الله يخرج من أصلابهم من يوحده.
وفي فتح مكة وقد أوذي من قبل كفار قريش، وفعلوا معه ما لا يتحمله عقل ويتصوره عاقل ولما تمكن منهم وقد دخل مكة بجيش عرمرم لا قبل لهم به فقال صلى الله عليه وسلم: ما تظنون إني فاعل بكم؟ فقالوا أخ كريم ابن أخ كريم فقال لهم كلمته التي لا تزال غرة محجلة في جبين التاريخ وهو مالا تفعله الملوك والفاتحون عبر التاريخ لأنهم يفعلون ما لخصته بلقيس لمستشاريها وحاشيتها {إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون} ولكنه عفى وصفح وقال: اذهبوا انتم الطلقاء؛ بل رد على من قال اليوم يوم ملحمة اليوم تستباح مكة فقال صلى الله عليه وسلم، بل اليوم يوم مرحمة اليوم أعز الله قريشا. .
هذه القيمة الحضارية ظلت ملازمة لهذه الأمة المحمدية في مختلف حقبها التاريخية فلما فتح المسلمون المدن والحواضر كانوا رحماء بأهلها؛ متسامحين مع أصحاب الملل والديانات في فتوح الشام مصر والعراق وفلسطين والأندلس، بل ما حرروا أوطانهم من الغزاة الصليبين على مر التاريخ عفوا وصفحوا وأمنوا الناس على ممتلكاتهم ومعتقداتهم وكنائسهم كما كان صنيع صلاح الدين ومحمد الفاتح، والمنتصرين على الاستعمار الحديث في القرن العشرين لم يسفكوا دماء ولم ينتهكوا أعراض ولم يسلبوا أو ينهبوا أموالا.
فحري بالمسلمين تفعيل قيمة العفو في حياتهم؛ سواء على مستوى علاقاتهم البينية الاجتماعية أو علاقاتهم مع سائر الأمم؛ ومجال العفو واسع يشمل الأمور الجنائية والاقتصادية والمالية والإدارية وغيرها؛ فبقدر ما يحرص المسلم على تحقيق العدل بقدر ما يسعى لتزيينه بفضيلة العفو، وهو الذي يبلغ به مرتبة الإحسان؛ والله تعالى يقول: ((إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ )). ع/م
فرنسا توقف حملة أوروبية لاحترام ارتــــــــــداء الحجـــــــــــاب
اضطر المجلس الأوروبي إلى سحب إعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي تشجع على احترام حق المرأة المسلمة في ارتداء الحجاب، باختيارها، بعد اعتراضات في فرنسا.
واستنادا لوسائط إعلامية فقد أطلق المجلس الحملة لمحاربة التمييز ضد المسلمين. وكتب على أحد الإعلانات: «الجمال في التعددية عندما تكون الحرية في الحجاب». وندد العديد من السياسيين الفرنسيين بالحملة، قائلين إن الحجاب لا يمثل الحرية. وردت عليهم مسلمات يرتدين الحجاب بأن «هذه التصريحات من السياسيين الفرنسيين، دليل على عدم احترام التعددية والحق في حرية اختيار الأزياء في فرنسا».
وقالت وزيرة الشباب الفرنسية في حوار تلفزيوني أن الملصق يشجع على ارتداء الحجاب، مضيفة أن هذه الرسالة تتنافى مع قيم العلمانية الفرنسية. وقال المجلس الأوروبي في تصريح لبي بي سي، «إن التغريدات المرتبطة بالحملة أزيلت، ونفكر في طريقة أخرى لعرض المشروع». وذكر المتحدث باسم المجلس، أن التغريدات هي جزء من حملة ضد الكراهية، ينظمها قسم الإدماج ومحاربة التمييز في المجلس الأوروبي. ويعد المجلس الأوروبي واحدا من أقدم الهيئات السياسية في أوروبا، ويهدف إلى ترقية حقوق الإنسان والديمقراطية ودولة القانون، وأنشطته منفصلة عن الاتحاد الأوروبي، لكنها تتلقى تمويلا جزئيا من الاتحاد.
ودافعت رئيسة فيميسو، عن الحملة وقالت «من المحزن أن يتهجم سياسيون على جهود شباب من الأقليات، ويسعون لتحطيمها». وتابعت «رد الفعل هو دليل آخر على أن حقوق النساء المسلمات غير موجودة، عند أولائك الذين يدعون تمثيل أو حماية مفاهيم مثل الحرية والمساواة» وقد لاقى قرار سحب التغريدة استهجانا واسعا عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
بين الفكر الغربي والفكر الإسلامي
سجلت للملتقى الوطني للفكر الإسلامي الذي نظمته جمعية الإرشاد والإصلاح عدة مزايا فكرية رائدة؛ وأردت أن أذكر هنا أمرين مكملين في ظلال عنوانه الموسوم بـ «مقومات النهضة بين الهدي النبوي والفكر الغربي «
(أولا) أن الفكر الغربي : فكر معقد ومركب لا يفهمه إلا من درسه بعمق. وقد تعرض للإصلاح ؛لكنه إصلاح في كل شيء في الدين وفي جميع الميادين لأنه ارتكز على أسس مثل: (1) العقلانية فهو مليء بالتناقضات «تجد مفكرا واحدا يقول رأي ونقيضه في نفس القضية» (2) فكر مادي اتسم بهذه الميزة بعد سقوط روما ولذلك دخلت أوروبا في عصر سمي بعصر الظلام. (3) عصر الإصلاح مع مرتين لوثر تميز بالإصلاح في كل شيء وخاصة الإصلاح الديني لكنه لم يمس جوهر المسيحية مثل قضية التثليث. ومهد هذا الإصلاح لعصر عرف بعصر النهضة. (4) في سنة1600ظهر عصر النهضة تميز بالأدب والفن والعمران والنحت والموسيقى فقفزت أوروبا إلى نقلة فكرية. (5) عصر التنوير أصبح للعقل والعلم مكانة ومنها بدأ العمل الإقلاعي «عمل تراكمي لمدة 300عام حتى تطوروا فبدأ النقد للكنيسة. (6) ثم جاء عصر الحداثة وتميز بـ«لا دين بعد اليوم حيث أعلنوا موت الإله ثم جاء (7) عصر ما بعد الحداثة. عصر تميز بالبرغماتية كل شيء يتطور « نظرية داروين كمثال وكل ما لا يعلمه العقل يعدمه فأفرز القوة وعبادة المادة.
(ثانيا) أما الفكر الإسلامي فمصدره الوحي وتراث علماء الأمة ، كما تميز عن الفكر الغربي بالتدوين وهو الفرق الوحيد بين الفكر الغربي والفكر الإسلامي فالحضارة الإسلامية دونت العلم و القرآن والسنة.كما عرفت الحضارة الإسلامية عصر المدارس كالمعتزلة و.الأشاعرة وغيرهم، كما مرت بعصر التقليد متون وشرح المتون والمختصر ثم مختصر المختصر . ومنها دخلنا عصر الجمود والانحطاط وتوقف الاجتهاد. ونأمل من عصر الصحوة إذا توفر جو الحرية والعدالة أن ينهض بالأمة.
لأن كل الهجمات على الإسلام ستتحطم على جدرانه لما يمتاز به هذا الدين من مقومات كالحرية والعدل والعلم والعمل.