السبت 23 نوفمبر 2024 الموافق لـ 21 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

مختصون يحذرون من المحتوى العنيف: الألعـاب الإلكترونيـة قد تسبـب اضطرابـات نفسيـة للأطفـال والمراهقيـن

يحذر أخصائيون، من خطورة الألعاب الإلكترونية التي يميل إلى استخدمها الأطفال والمراهقون خلال عطلتهم الصيفية، فهي تحمل بحسبهم، رموزا ودلالات تشجع على العنف والعدوانية، مما يعني تنميط السلوك على النحو الذي يرغب فيه صانعو هذه الألعاب، مشددين على ضرورة تفعيل الدور الرقابي للأهل وتوجيه الأبناء نحو الاستخدام الأمثل لهذه الألعاب بغية الاستفادة من تأثيراتها الإيجابية كالتخيل والإبداع.

لقد كان للتقدم التكنولوجي المتسارع دورا كبيرا في بروز أساليب جديدة ومتطورة للترفيه واللعب، فظهرت ألعاب إلكترونية عالية الدقة يستخدمها الأطفال في العالم الافتراضي، و لم تقتصر ممارستها على أجهزة الكمبيوتر أو البليستيشن أو الأجهزة الخاصة في نوادي الألعاب بل أصبحت متوفرة في الهواتف النقالة والذكية كذلك.
ويلاحظ مستخدم الألعاب الإلكترونية، أن مضامينها تغيرت إلى حد كبير مقارنة ببداياتها، إذ كانت تركز على مواجهة الأعداء الخياليين كغزاة كوكب الأرض والحيوانات الشرسة، إلا أن الألعاب الرائجة حاليا عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية، صارت أقرب إلى الواقعية و تتضمن كثيرا من العنف، و قدرا هائلا من الإجرام الدموي والقتل الفضيع، مثل إلقاء الأعداء على مسامير ضخمة وتقطيع أجسادهم، ورميهم في آلات كبس معدنية عملاقة تقوم بسحق عظامهم، زيادة على صور الجثث المتدلية من الجبال، والهجوم على الضحايا، وتدفق الدماء، وتصوير ممثلات شبه عاريات يقوم اللاعب بتقطيع رؤوسهن وامتصاص دمائهن كما في إحدى الألعاب التي تصور في مرحلة من مراحلها خمس نساء يجرى تعذيبهن بالكهرباء، ثم يقتلن بواسطة حفر رقابهن بالمثقاب الكهربائي.

* المختص في علم النفس كمال بن عميرة
ألعاب تفصل الطفل عن واقعه وتدخله عالــما وهميا
وتعتبر الألعاب الإلكترونية بحسب الأخصائي النفساني العيادي كمال بن عميرة، إحدى الوسائل التي ارتبطت ارتباطا وثيقا بالثورة التقنية، ومع تطورها بشكل سريع استطاعت أن تنتج عالما افتراضيا يعيش فيه الصغار والمراهقون لحظات منفصلة عن الواقع وفي الوقت نفسه ذات تأثير سلبي على سلوك الممارسين بسبب مضامين العنف.
ويرى الأخصائي، أن الألعاب الإلكترونية تعتبر من أهم المشاكل التي تهدد سلامة الطفل والمراهق وبالتالي استقرار المجتمع، خاصة مع التطور التكنولوجي وتعدد الوسائط، مؤكدا بأن اللعبة الافتراضية ليست بريئة وإنما هي وسيلة إعلامية تستند إلى أجندة خفية ورسائل مشفرة تهدف إلى تحقيق غايات معينة تتعلق بغرس ثقافات ومفاهيم غربية عن المجتمعات الأخرى، فضلا عن تمييع فكرة العنف والقتل.
وقال بن عميرة، بأن الألعاب الإلكترونية أثرت بشكل كبير وسلبي على سلوك الطفل لكونها تشجع على بعض المظاهر غير الأخلاقية، كالسب والشتم المتبادل بين المتسابقين، ناهيك عن توليد نزعة الجبن عند الأطفال وتقوية سلوك العنف والعدوانية والتقليد والكسل والخمول، بالإضافة إلى القلق وسرعة الانفعال والغضب.
كما تشجع الألعاب الإلكترونية الطفل على تقمص شخصيات الأبطال الافتراضيين، ليحقق المتعة من خلال الانفصال عن الواقع والهروب إلى عالم وهمي، مشيرا إلى أن سبب تفضيل الطفل للألعاب الإلكترونية، على الجلوس مع الأهل والتحدث إليهم، هو فقدانه للعاطفة الأسرية التي تجعله يشعر بالانتماء إلى النواة الأساسية في المجتمع، وكذا غياب الجو المسلي في المنزل، ناهيك عن قلة الأنشطة الثقافية والبدنية والتظاهرات العلمية التي يتنفس من خلالها بعد موسم دراسي مضغوط.
وأضاف الأخصائي النفساني، أن أكثر الأوقات التي يستخدم فيها الأطفال الألعاب الإلكترونية هي أيام المناسبات والعطل المدرسية، لذلك يجب على الأهل تفعيل دورهم الرقابي خلالها، ومتابعة ما يستجد من الألعاب نظرا لتطورها وتغيرها المتسارع، مؤكدا بأن الطفل لصغر سنه لا يعي مدى خطورة هذا المحتوى على القيم والتقاليد والسلوك والدين، ولكنه يتأثر لا إراديا ويصبح شخصا انطوائيا وفاقدا للثقة بالنفس.
كما ينصح بن عميرة، بملاحظة سلوك الأبناء وكيف يتعاملون مع إخوتهم وزملاء المدرسة، و التدخل لإنقادهم من فخ إدمان هذه الألعاب التي تصيبهم مع مرور الوقت بأمراض نفسية وعضوية، كالأرق والحزن، وفقدان الثقة بالنفس وفقدان الشهية وما إلى ذلك.
ويجب بحسبه، تحسيس الأولياء والأبناء بخطورة هذه الألعاب، كما على المبرمجين المحليين إعداد ألعاب هادفة تتكيف مع الانتماء الاجتماعي للطفل، فضلا عن برامج ترفيهية محلية موجهة للأطفال حسب كل فئة عمرية، ويتعين أيضا على الأولياء إدماج الأطفال في تظاهرات ثقافية وعلمية ومسابقات فكرية، تشجع الطفل على الخروج من فخ الإدمان.

* المختص في علم النفس مليك دريد
يجب تفعيـل الـدور الرقابـي للأهـل
من جهته، يوضح الأخصائي النفساني مليك دريد، أن العطلة المدرسية تشكل فرصة للتلاميذ لأخذ قسط من الراحة بعد موسم دراسي شاق وطويل، كما أن لكل طفل أو مراهق عاداته وبرنامجه الخاص، لكن الملاحظ أن غالبيتهم تدمن الشاشات الإلكترونية باختلاف أنواعها رغم ما تشكله من آثار سلبية على الصحة النفسية للطفل، فهذه الأخيرة مرتبطة بعدة عوامل ذاتية وبيئية.
وأكد المتحدث، أن ظهور بعض الاضطرابات النفسية بشكل مفاجئ عند الطفل ما هو إلا مؤشر على حدوث خلل ما في المنظومة العلائقية داخل بيئته الاجتماعية، كتعرضه للتنمر والمعاملة القاسية والعنف الأسري والتخويف والترهيب، والعامل الأخير له علاقة مباشرة بظهور الكثير من الاضطرابات النفسية، بسبب تعرض الطفل لمشاهد الرعب والخوف بفعل استخدامه للأجهزة الإلكترونية المختلفة.
وأوضح دريد، بأن الكثير من الحالات التي تزور عيادته، تمثل أطفالا يعانون من التبول اللإرادي الثانوي، أي أن الطفل لم يكن يعاني من هذه المشكلة في السابق لمدة ستة أشهر على الأقل، ثم أصبح يتبول لاإراديا في الفترة الليلية بشكل مفاجئ، متابعا بالقول إن بعض الأطفال أقروا خلال المقابلات العيادية معهم أنهم يحبون الألعاب الإلكترونية خاصة التي تحتوي على مشاهد القتل والعنف، إضافة إلى أفلام الرعب والترهيب التي يشاهدونها على الهاتف النقال بدون علم أوليائهم في الكثير من الأحيان.
كما لوحظ عليهم ظهور بعض الاضطرابات النفسية حسب قوله، كالخوف من الظلام والخوف من الوحدة والقلق واضطرابات في النوم والشهية وكوابيس ليلية و اضطرابات في اللغة والكلام، كالتأتأة وسلوكات عدوانية، وأحيانا تراجع المستوى الدراسي.
مؤكدا، بأن هذه الاضطرابات تظهر بصورة مفاجئة بسبب مشاهدة الأطفال لصور الرعب والخوف في هواتف أوليائهم، فالطفل قبل سن الثامنة، لا يزال حسبه، غير قادر على التمييز والإدراك بصفة كاملة بين المشاهد الخيالية والحقيقية.
ويجب على الأولياء وفق دريد، أن يحرصوا على مراقبة محتوى الألواح الرقمية الخاصة بأبنائهم من المراهقين، وعدم ترك هواتفهم الشخصية في متناول الصغار دون رقابة، مؤكدا أن الكثير من المنظمات والجمعيات العالمية التي تعنى بصحة الطفل بما فيها المنظمة العالمية للصحة منعت تعرض الطفل للشاشات الإلكترونية في أول سنتين من عمره، لما تشكله من أخطار وتداعيات على صحته العضوية والنفسية.
كما ينبغي على الأولياء استثمار أوقات أبنائهم خلال العطلة الصيفية في الأنشطة الرياضية والثقافية والانخراط في الجمعيات والمدارس القرآنية وتعلم اللغات الأجنبية مع تخصيص أوقات للعب والترفيه والتقليل قدر الإمكان من استعمال الشاشات الإلكترونية.

لينة دلول

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com