تنقل منصات إلكترونية في تخصصات متنوعة، صورة إيجابية عن الجزائر كبلد سياحي يزخر بأماكن خلابة وعذراء، فضلا عن التعريف بالموروث الثقافي و العادات والتقاليد، كما تجمع مهنيين وحرفيين فضلا عن وكالات سياحية، وفنادق ومطاعم، بهدف تسهيل تجربة السياح في الجزائر وتوفير خدمات عديدة لهم.
إيناس كبير
ويحظى المجال السياحي باهتمام متزايد من قبل الشباب حاملي المشاريع و الأفكار، على غرار نور الهدى أوزيني صاحبة منصة "حراير"، وأميرة بوقريعة صاحبة منصة "ماي آدفانتير"، اللتان قابلتهما النصر مؤخرا، على هامش نشاط سياحي احتضنته قسنطينة، أين قالتا بأن هدفهما هو الاستثمار في التكنولوجيا وتوظيفها لخدمة السياحة والتعريف بالجزائر، وتنشيط الحركة التجارية خصوصا خلال موسم الاصطياف.
وتهتم منصة "حراير" حسب مؤسستها، بكل ما يرتبط بالعادات والتقاليد من مطبخ، وصناعات حرفية، كما تنظم نشاط حرفيات وتوسعه عن طريق ربطهن بزبائن من داخل الجزائر أو سياح جاؤوا لزيارتها والتعرف على أصالة عاداتها وتقاليدها، والاستمتاع بحلوياتها وأطباقها اللذيذة. فيما تخصصت منصة "ماي آدفانتير" في جذب السياح لزيارة البلاد و التعرف على مقوماتها الطبيعية، ويستطيع السائح من خلال المنصة الوصول إلى شواطئ عذراء، وغابات ومناطق سياحية معزولة حيث تسهل له المسلك كما تنظم برنامج رحلته وتوجهه إلى مختلف الخدمات التي يحتاجها.
تسهيل الوصول إلى شواطئ صعبة المسلك
تقول أميرة بوقريعة، صاحبة منصة "ماي آدفانتير"، والتي تنحدر من بلدية القل ولاية سكيكدة، بأنها وشقيقتها التي أطلقتا فكرة تجربتهما السياحية خلال جائحة كورونا جعلتهما تفكران في التأسيس لمشروع تفيدان به البيئة و الاقتصاد، فضلا عن السياحة، وتُرجمت الفكرة في تطبيق يساعد على الوصول إلى المناطق ذات المسالك الصعبة.
وكانت الشابتان تستغلان الظروف التي فرضها الحجر الصحي للخروج في جولات سياحية مع أفراد عائلتهما إلى شواطئ صعبة المسالك أو غابات ومناطق عذراء مخفية بين الجبال، وهكذا اكتشفتا أماكن لم تعرفاها سابقا ولم تكونا على علم بوجودها لأنها تقبع في هدوء وعزلة بعيدا عن ضجيج الناس، وذكرت الشابة مغامرات عاشتها رفقة شقيقتها في شاطئ بني سعيد و غابة "تيزغبان"، و شلالي "آفنسو" و"عين السدمة"، فضلا عن شاطئ "القبيبة" و شاطئ "لخرايف" وغيرها.
ولجذب الزوار إلى هذه المناطق و غيرها، قررتا من خلال منصتهما أن تضعا تحت تصرف المستخدمين، مجموعة متنوعة من الصور ذات الجمالية و الجودة لتحقيق الاستقطاب.
التشبيك لتنظم برنامج الزائر وضمان ربح الشريك
وأوضحت أميرة، بأن مستخدمي منصة "ماي آدفانتير"، ينقسمون إلى زبون وشريك، وبحسب هاتين الصفتين يحدد المستخدم الخدمة التي يريدها، فالزبون يجد من خلال الصفحة الرئيسية للمنصة أنشطة رياضية وترفيهية متوفرة في الجزائر، كما تزوده بكل المعلومات عن الولايات التي يريد زيارتها والأماكن الجديدة المكتشفة فيها، بالإضافة إلى توجيهه نحو أخرى تصلح للتخييم، وممارسة أنشطة متنوعة مثل ركوب المناطيد. ولتسهيل الخدمة تربط المنصة المستخدم بنوادي سياحية، وأصحاب وسائل نقل لحجز مركبات و قوارب و درجات، فضلا عن إطلاعه على العتاد والمستلزمات التي يحتاجها، والصعوبات والعراقيل التي قد تواجهه للوصول إلى الشاطئ أو الغابة.
وذكرت، حالات لعائلات تتوجه إلى ولايات معينة لقضاء العطلة ثم تصطدم بصعوبات عند البحث عن فنادق أو منازل للاستئجار ما يضطرها للمبيت في الخارج، و لفتت الشابة، إلى أن التطبيق يسهل هذه العملية لأنه يتوفر على خرائط لفنادق و مطاعم، ويمكن التواصل مع أصحابها للحجز فيها.
وعلقت قائلة :"بدل أن يستعين الزائر بأناس لا يعرفهم من مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي قد يعرضه للاحتيال أو للخطر، فإن المنصة تربطه بشركاء موثوقين يسهلون عليه عملية التنقل والمبيت و التجوال، من خلال برنامج منظم يبدأ قبل الوصول إلى وجهته و يستمر طوال العطلة".
و فكرت صاحبتا المنصة، في جعل المستخدمين يتشاركون الربح والفائدة بمجرد تسجيل أنفسهم والنشاط الذي يقومون به فضلا عن الخدمة التي يبحثون عنها، وقالت أميرة بوقريعة، إن الهدف من المنصة هو تحريك اقتصاد الجزائر بالاعتماد على السياحة الذكية، فضلا عن تنشيط التجارة ما يوفر مناصب شغل لساكني مختلف ولايات ومناطق الجزائر، كما لفتت إلى أنهم عازمون على إدراج كل الولايات والأماكن السياحية في خارطة التطبيق مستقبلا.
منصة "حراير" تقدير للموروث الثقافي
الزائر للجزائر لا ينبهر فقط بما بجمال الطبيعة، بل يتعرف أيضا على عادات وتقاليد عريقة، دون أن يفوت متعة تجريب أطباقها وحلوياتها، وهو ما تحرص منصة "حراير" على توفيره، حيث تضم بحسب صاحبتها، نور الهدى أوزيني، جميع الحرف التقليدية المتوارثة من الأجداد والتي يتميز بها المجتمع الجزائري.
وقالت، إن الفكرة راودتها منذ سنوات خصوصا وأنها نشأت في جو حرفي بامتياز، ما جعلها تعرف قيمة هذا الموروث وتقدره كما أنها شُغفت به كثيرا، وخلال جائحة كورونا التي كانت صعبة وقاسية على مجتمع الحرفيات، قررت أن تفتح لهن بابا مختلفا للنشاط حتى لا تتلاشى إبداعاتهن وتندثر حرفهن.
وقد أطلقت الشابة بناء على ذلك منصة "حراير" و "كل حرة بصنعة"، التي تجمع حرفيات يقدمن منتجات عديدة، واختارت اللهجة الجزائرية لوصف المرأة التي ما تزال تحافظ على هويتها، قائلة : "إن المجتمع هو "حراير" والفرد فيه هي "حرة" ولكل حرة قصة ترويها من خلال حسابها على المنصة".
وأتبعت، بأن الهدف من التطبيق هو التسويق لمنتجات السيدات المستخدمات للمنصة على الصعيدين الوطني والدولي، من خلال ربط المستهلك بالحرفية، وإحياء الحرف التقليدية، فضلا عن فتح أسواق جديدة ما من شأنه تعزيز القطاع الاقتصادي، والعودة إلى الطبيعة وذلك بترسيخ الفكر الإيكولوجي الذي لطالما ميز الموروث الثقافي الجزائري.
وترى أوزيني، بأن التكنولوجيا أصبحت أمرا حتميا للوصول إلى الجيل الجديد وكذا السوق الدولية والسياح، وذكرت بأنها بصدد دراسة إمكانية إدراج الذكاء الاصطناعي في المنصة من أجل تسهيل عملية الربط الفعال للزبون بالحرفية.
وأعقبت، بأنها تعد أيضا وسيلة فعالة لحماية الملكية الفكرية في المجال الحرفي، ووفقا للشابة، فإن أي ابتكار سيتحول إلى إرث تتناقله الأجيال.
لكل "حرة" قصة ملهمة
أخبرتنا نور الهدى، بأن قصص الحرفيات اللواتي التقت بهن، تنطوي على تجارب مميزة وملهمة في ميدان الصناعات التقليدية، لذلك اختارت أن يتعرف السياح والزبائن عليهن من خلال هذه القصص التي سيجدونها مدونة على حساباتهن.
من جهة أخرى قالت، إن تخصصهن في مجال الحرف، نابع عن رغبتهن في البقاء في المنزل لذلك فهن يفضلن البقاء متواريات عن الأنظار تحمل كل واحدة منهن اسما مستعارا يتمثل في كلمة حرة مرفق برقم حساب، على سبيل المثال "حرة 2025"، وتضيف بأن الهدف أيضا من عدم الإفصاح عن هوياتهن هو منح فرص وحظوظ متساوية للجميع.
وتربط منصة "حراير"، مجتمع الحرفيات بالزبائن سواء كانوا سياحا أو من المنطقة نفسها، وتكون الخدمة حسب طلب الزبون، إذ يمكن لمتصفح التطبيق العثور على عروض مختلفة كتفقد منتجات حرفية منزلية، وإجراء طلبات حسب الرغبة، وفي هذا السياق أوضحت محدثتنا: " إذا أراد الزبون طلب طبق معين أو حلوى، فإنه يحدد للحرفية المذاق والكمية حتى توفرها له، أما إذا كانوا ممولين أو اختاروا أن يكونوا شركاء، فإنهم سيجدون فرصا مختلفة للاستثمار".كما توفر المنصة للمؤسسات سواء كانت وطنية أو خاصة كالفنادق والمطاعم ووكالات السفر، فرصة الاشتراك الدائم فيها ومع مجتمع الحرفيات، وأردفت بأنها تسعى أيضا للحصول على شركاء دائمين وفاعلين على غرار مديرية الثقافة، مديرية السياحة، ومديرية النشاط الاجتماعي والتضامن.
وأكدت صاحبة المنصة، بأن الحرفيات جاهزات لتقديم دورات تطبيقية أيضا للأشخاص المهتمين بتعلم الحرف اليدوية، وقد أبدين ذلك خلال ملتقى أُقيم ببلدية أولاد رحمون مؤخرا، تعرفن من خلاله على منصة "حراير" وكيفية الانخراط فيها، وإنشاء حسابات عليها، وقالت إن ضم الحرفيات يكون عبر استمارة إلكترونية فيما سُتطلق المنصة بشكل رسمي بحلول سنة 2025.
إ.ك