يزيد مع بداية الانتقال الفصلي و حلول الخريف، معدل الإصابة بالأمراض وتحديدا الزكام ونزلات البرد، فضلا عن التهاب اللوزتين، ويعد تعزيز جهاز المناعة في هذه الفترة مهما جدا لحماية الجسم من الأمراض، خصوصا بالنسبة للأطفال الصغار الذين يتأثرون بالفترة الانتقالية التي تطبعها عودة إلى المدارس وإلى روتين الاستيقاظ و الخروج باكرا.
ويشدد الدكتور محمد شيدخ، طبيب رئيس مهتم بالشأن الصحي وعلوم التغذية و أنماط الحياة السليمة، على ضرورة التعامل بحذر مع هذه الفترة وإدراك التغيرات المناخية التي ترافقها و التي يكون لها انعكاس مباشر على صحة الجسم، مؤكدا بأن عملية الحماية توجب تعزيز أو تقوية جهاز المناعة، وهو هدف يتحقق بتحقيق عاملين رئيسين هما النوم الكافي و الجيد و التغذية الصحية والمتوازنة.
وحسب الطبيب، فإن نمط الحياة السليمة يتطلب مناعة قوية تستجيب لكل الأحوال و الأمراض الناجمة عن التقلبات الجوية، مشيرا إلى أن هذه الفترة التي تسبق الخريف و الشتاء كذلك مهمة جدا لبناء دفاعات الجسم، لأن فيروس الأنفلونزا يبدأ في الانسحاب تدريجيا من النصف الشمالي من الكرة الأرضية الذي يكون باردا ليعود إلينا على اعتبار أنه فيروس مقاوم لا يموت بل يتنقل حسب الفصول، و يلجأ صيفا إلى الأماكن الباردة قبل أن يعود مجددا بمجرد عودة الأجواء الباردة إلى بلداننا.
وأوضح الطبيب أن البشرية فقدت جزءا هاما من مناعتها، وأن مرحلة كوفيد كانت فاصلة في تاريخ الفيروسات لأن العلماء سجلوا منذ تلك الفترة أمراضا طويلة الأمد، منها نوع من الزكام الذي بات يتكرر صيفا و تكثر الإصابة به، وقد سميت الحالة بـ « الزكام الصغير « وسجلت في قواميس الطب بداية من سنة 2022.
موضحا، أن عودة الخريف تعني عودة الزكام والأنفلونزا بكثرة وهو ما يستلزم تحضيرا جيدا للجسم للتعامل مع التقلبات الجوية والاضطراب المستمر في درجات حرارة اليوم، مشيرا إلى أن النوم يعتبر العامل الرئيسي في تقوية أو إضعاف الجهاز المناعي، وهو المتحكم في سرعة و قوة الاستجابة، و قلته تسبب هشاشة الدفاعات المناعية.
ويشرح الطبيب الأمر قائلا، إن الجهاز المناعي يرمم وينظف نفسه خلال النوم ويتخلص بشكل شبه كلي من كل المواد المحروقة بفضل قلة عملية الأكسدة، ولذلك يكون الإنسان في الصباح أفضل حالا وأقدر على التحمل، وأفضل ما يقوم به بعد استيقاظه مباشرة هو شرب ما تيسر من الماء، للتخلص كليا مما بقي من مواد محروقة وبالتالي مساعدة الجهاز المناعي على تعزيز دفاعاته أكثر.
وأضاف، أن الدراسات أثبتت بأن قلة النوم تجعل الجسم عرضة للإصابة بالمرض وتقلل المناعة و تضعف سرعة التعافي، لأن جهاز المناعة يكون منهكا، والنوم حسب الطبيب هو قوام وعماد وأساس الحياة السليمة، لأنه يساعد على إفراز مادة السيتوكين و هي مفيدة ومهمة جدا لدعم الجهاز، بل وتعتبر سلاحه ضد الفيروسات و الالتهابات.
وأوضح الطبيب أن الانتقال من حرارة الصيف القوية إلى بدايات الخريف و نسيمه، تعرف بالعموم إصابة الإنسان بجفاف الأنف بسبب قلة الرطوبة، وهذا الجفاف في جدار الأنف يعيق بشكل كبير انتقال الدم و ما يحمله من خلايا دفاعية وهو ما يجعل الجسم عرضة للفيروسات، و الأمراض طويلة الأمد مثل كورونا، الذي يحتمل جدا أن يكون منتشرا ونشطا في هذه الفترة، إلى جانب فيروس الأنفلونزا النموذجي، وأنواع الزكامات الأخرى الناجمة عن أزيد من 200 نوع من الفيروسات.
تأتي التغذية حسب الطبيب، في المرتبة الثانية من حيث الاحتياطات الواجب إتباعها للحفاظ على الصحة و تقوية المناعة، وتعد الخضر والفواكه أفضل ما يمكن أن يعتمد عليه الإنسان لبناء مناعة جيدة. من جهة ثانية، قال الدكتور شيدخ، إنه وجب الانتباه جيدا للنظام الغذائي الخاص بالأطفال خصوصا المتمدرسين، وشدد على الدور المفيد و الأساسي لفطور الصباح، مشيرا إلى أنه ورغم أن فطورنا كجزائريين ليس صحيا جدا ولا غنيا بالفيتامينات إلا أنه يمكن أن نمنح الطفل فاكهة لتقوية فعالية الوجبة، كأن يتناول تفاحة أو حفنة من التمر.
وركز الطبيب جدا، على قيمة الفواكه الحامضة مثل العنب الحامض مثلا، وقال إن الدراسات أثبتت بأنها مفيدة كثيرا في تقليل الحموضة وجعل الجسم قلويا، وهو ما يحميه من الإصابة بالأمراض و بالأخص السرطانات.
كما ذكر بدور الألبان ومشتقات الحليب كذلك، موضحا أنها مفيدة جدا بفضل خصائص التخمر في تعزيز جهاز المناعة.
هدى طابي