الجمعة 8 نوفمبر 2024 الموافق لـ 6 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

سوق "عيد الخريف" بباتنة: تظاهــــــرة اقتصاديــــــة بأبعـــاد تراثيــــة واجتماعيـــــــة


تحتفل انطلاقا من اليوم السبت، وعلى مدار أربعة أيام كاملة، بلدة تكوت جنوب ولاية باتنة، بتظاهرة سوق عيد الخريف أو كما تعرف بالشاوية «هامغران تمنزوث»، وهي التظاهرة التي باتت مناسبة للترويج السياحي لمنطقة أوراسية تنام على موروث يتميز بالثراء والزخم.

وتعد تظاهرة سوق عيد الخريف المقترنة بمنطقة تكوت، ممارسة تجارية، ذات أبعاد اجتماعية وثقافية، وحتى سياسية خلال الحقبة الاستعمارية الفرنسية، وهو ما أكده ابن المنطقة الباحث في التاريخ بجامعة باتنة 01 الدكتور جمال مسرحي.
ويأتي تنظيم المبادرة رسميا، هذا الموسم تحت إشراف مديرية الثقافة لولاية باتنة، بالتنسيق مع جمعية إذلس ثامزغا، من خلال إقامة نشاطات وعروض تجارية وثقافية بهدف الترويج السياحي والتعريف بالتراث وبهذه التظاهرة التي تمتد لعقود من الزمن، حيث تم تثبيتها، وفق ما ذهب إليه الباحث في التاريخ، من طرف الإدارة الاستعمارية الفرنسية العسكرية في المنطقة عقب احتلال الأوراس سنة 1848، ويُرجح أن تكون بدايات تنظيم هذا السوق حسب الباحث في التاريخ في الفترة الممتدة بين 1860 إلى 1870.
وأشار الباحث في حديث للنصر، إلى أن سوق عيد الخريف قبل الاستقلال كان يقام يومي 15 و16 أوت من كل سنة، وهما آخر يومين من فصل الصيف وأول يومين من فصل الخريف، وفق التقويم الفلاحي المعتمد لدى سكان المنطقة لارتباطهما بفلاحة أراضيهم طوال السنة. مضيفا، بأنه في ذلك الاختيار دلالة مهمة تكمن في انتهاء فصل الصيف وأشغاله الشاقة من حصاد ودرس وتخزين للمنتوجات الفلاحية ليتم الاستعداد لموسم جديد، والتحضير لموسم الحرث ثم الشروع في رحلة الشتاء للتنقل إلى شمال الصحراء كون سكان المنطقة نصف مرتحلون يمارسون رحلتي الشتاء والصيف.
وذكرت الباحثة الفرنسية جيرمان تييون، في كتابها المتعلق بالثقافات والأعراق أن:« صدى سوق عيد الخريف تجاوز الأوراس ليصل إلى المناطق المحيطة به كوادي ريغ، والحضنة، ومناطق أخرى من الهضاب العليا.. ».
ويوضح الدكتور جمال مسرحي، بخصوص تسمية التظاهرة المقترنة بفصل الخريف، أنها من الناحية اللغوية للمصطلح «الخريف» ارتبطت بتوديع فصل الصيف واستقبال فصل الخريف، لكن دلاليا لدى سكان المنطقة يطلق اسم الخريف على الفواكه التي يتم جنيها في فترة بداية فصل الخريف، والتي تشتهر بها بلدية تكوت وقراها المختلفة أو المناطق المجاورة لها ومن ثمة فدلالة مصطلح سوق عيد الخريف حسبه، لها ارتباط بالفواكه التي يتم عرضها في هذه السوق.
وتكتسي التظاهرة إلى جانب طابعها الاقتصادي التجاري، حسب الأستاذ مسرحي جمال طابعا اجتماعيا وآخر ثقافيا، ويقول بأن الطابع الاجتماعي يتمثل في اعتبار السوق مؤتمرا سنويا لأعيان عرش بني بوسليمان لدراسة مختلف القضايا التي تهم العرش، فتتخلل هذا الموعد لقاءات متعددة للأعيان الذين يحضرون في إطار هيئة «الجماعة»، التي تتولى حل المشاكل بين أفراد العرش أو مع أعراش أخرى.
ويتم في ذات الموعد، إصلاح ذات البين وإنهاء الضغائن بين الأفراد أو الجماعات المتخاصمة، أو التي نشبت بيها خلافات استعصى حلها عن طريق العدالة، كما يقوم هؤلاء حسب الباحث، بدراسة مهور العرائس وتحديدها وتقييد ذلك في وثيقة يوقعها أعيان العرش الذين يحضرون من مختلف المناطق والقرى.
ويتمثل الجانب الثقافي كما أوضح المتحدث للنصر، في كون التظاهرة فرصة لإقامة حفلات ليلية تحييها فرق الرحابة المحلية، خاصة وأن المنطقة ككل مشهورة بثرائها الغنائي، ما يضفي على الفعالية زخما خاصا وطابعا ثقافيا وترفيهيا.
مشيرا، إلى أنه كان للتظاهرة بعد سياسي خلال الحقبة الاستعمارية الفرنسية، بحكم أن تحضيرات الثورة التحريرية انطلقت من الأوراس، وكانت التظاهرة فرصة لالتقاء رواد الحركة الوطنية بالأوراس.
يـاسين عـبوبو

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com