مركز زواغي اختير كوحدة نموذجية وطنيا لاستعمال «الميتادون»: علاج جديد للإدمان على المخدرات المحقونة بقسنطينة

تنطلق عملية علاج الإدمان على المخدرات الصلبة المستهلكة بالحقن على مستوى ولاية قسنطينة نهاية الشهر الجاري، حيث اختير المركز الوسيط بزواغي كوحدة نموذجية لاستعمال الترياق الجديد المسمى «الميتادون» ضمن 7 مراكز عبر الوطن، في وقت سجلت فيه مديرية الأمن الولائي العام الماضي زيادة معتبرة في قضايا المخدرات والمؤثرات العقلية بأكثر من 25 بالمئة، وتضاعفت فيها كمية الأقراص المهلوسة المحجوزة لتتجاوز نصف مليون قرص.
وأوضحت الدكتورة ليلى بوعلام، الطبيبة المسؤولة على المركز الوسيط لعلاج الإدمان بزواغي التابع للمؤسسة العمومية للصحة الجوارية بشير منتوري بسيدي مبروك، خلال الأسبوع الوطني للوقاية، أن العمل في المركز منصب في الوقت الحالي على استهلاك المخدرات، أي المواد ذات التأثير النفسي، مشيرة إلى أن وزارة الصحة قد أطلقت برنامجا جديدا للعلاج بالميتادون.
وشرحت الدكتورة أن الميتادون موجه لعلاج المدمنين على استهلاك المخدرات الصلبة عن طريق الحقن، على غرار الهيروين والكوكايين، مؤكدة أن المركز يضم وحدة جديدة للعلاج بالترياق المذكور، كما أوضحت أنه يمثل مركزا نموذجيا في الشرق ضمن 7 مراكز اختارتها وزارة الصحة عبر التراب الوطني. وأضافت نفس المصدر أن التجربة انطلقت في 5 جانفي من عام 2021 من مراكز بليدة وتيبازة والشراقة، بينما انطلقت خلال هذا الشهر في عنابة، ليكون الشروع في تطبيقها من مركز زواغي مع نهاية الشهر الحالي.
وأكدت محدثتنا بداية تسجيل حالات إدمان على حقن المخدرات الصلبة على مستوى قسنطينة خلال العام الماضي، فضلا عن تسجيل طلبات للعلاج منها، كما أضافت أن الميتادون يقدم أساسا للأشخاص الذين يتعاطون المورفين والهيروين عن طريق الحقن. من جهته أكد لنا الدكتور محمد سراغ، الطبيب المختص في علاج الإدمان بالمركز، أن الترياق يستعمل لعلاج جميع أنواع المخدرات التي تحقن في الدم، مثل المخدر المسمى «الشوشنا».  ودعا محدثانا مستهلكي المخدرات المذكورة إلى التقرب من المركز، سواء كانوا من قسنطينة أو من ولايات الشرق، حتى يستفيدوا من العلاج الجديد القادر على تغيير حياة المدمنين، مشيريْن إلى وجود حالات مبرمجة في الوقت الحالي. وذكر محدثانا أن المرضى سيمكثون في المستشفى لمدة 15 يوما، قبل الشروع في تناول هذا الترياق على مستوى المركز، بينما أكدا أنه علاج إقلاع عن الإدمان سيقدم في شكل سائل للشرب، منبهين إلى أنه يبطل مفعول المخدرات، حتى في حال حقنها بعد تناول الميتادون، الذي يتم استيراده في الوقت الحالي.
وقد شدد محدثانا على ضرورة أن يستفيد منه المرضى لأن سعره مرتفع جدا يصل إلى 17 مليون سنتيم للجرعة، في وقت يتم فيه توفيره مجانا لفائدة المعنيين على مستوى المركز، خصوصا وأنه فعال جدا وسيقلل العديد من المخاطر، مثل الإصابة بالأمراض المتنقلة عن طريق الدم والأمراض الجنسية، فالمستعملون يتداولون استعمال نفس الحقن في كثير من الأحيان ما يرفع احتمال الإصابة بالأمراض المعدية.
90 %من المدمنين يستهلكون «ليريكا» و«ترامادول» والكيف
أما بخصوص الأنواع الجديدة من المواد المستعملة كمخدرات، فقد أوضح محدثانا أن المتعاطين صاروا يلجؤون إلى أنواع جديدة من الخلطات والأدوية، على غرار الأدوية المضادة للألم ومضادات نوبات الصرع، حيث أوضحا أن إحصائيات المركز تشير إلى أن أكثر من 90 بالمئة من المدمنين الذين يتقربون منهم منذ 2019، يتعاطون عقار «ليريكا» و«ترامادول» والقنب الهندي، في حين تتراوح الشريحة العمرية للمعنيين ما بين 15 إلى 35 سنة، سواء كانوا من البطالين أو العاملين.
وأضاف محدثانا أن الإدمان لم يعد مقتصرا على القنب الهندي والكحول، وإنما صار يتعلق بالعديد من المواد، فضلا عن استهلاكها في شكل خلطات أو «كوكتيل» يضم مواد مختلفة، كما أشارا إلى أن بعض المدمنين يحقنون أنفسهم بالأنسولين للدخول في حالة غيبوبة بسبب انخفاض منسوب السكري، ويعتقدون أنهم يشعرون بنوع من النشوة، ليتناولوا السكريات بعد ذلك للصحو مجددا، رغم المخاطر الكبيرة لهذا الأمر، حيث قد يؤدي إلى الوفاة. وقد شرح لنا الدكتور سراغ أن المدمنين يتقدمون إلى المركز وهم يعانون من أعراض مختلفة، على غرار القلق والأرق وضعف الجهاز المناعي، مؤكدا أن غالبيتهم لا يطلبون العلاج إلا بعد مواجهة مشاكل في الحياة الاجتماعية.
وأفاد الدكتور سراغ أن علاج الإدمان على الانترنيت ومنصات التواصل الاجتماعي قد انطلق منذ ثماني سنوات في مركز زواغي، حيث كان يتم استقبال حالات عند انطلاق الخلية، بينما أكدت الدكتورة بوعلام أن العلاج كان منصبا على الجانب النفسي فقط، مضيفة أن بعض الأشخاص تقدموا من المركز مع أهلهم واستفسروا حول التكفل، لكنهم غادروا دون العودة.
وشرح الدكتور سراغ أن هذا الجانب يندرج ضمن حالات الإدمان السلوكي، الذي يشمل شاشات الأجهزة الذكية والانترنيت، مشيرا إلى أن طلب العلاج من الإدمان السلوكي ضعيف، لأن الكثير من الأفراد يعانون منه، حيث تسجل حالات لأشخاص مدمنين على تناول اللحوم، وممارسة الرياضة مثل المدمنين على كمال الأجسام، والتسوق وغيرها من السلوكيات.
حجز أكثر من 574 ألف قرص مهلوس
وترتبط إحصائيات مركز معالجة الإدمان بزواغي حول استهلاك المؤثرات العقلية خلال السنوات الأخيرة مع ما قدمته فرقة مكافحة المخدرات لمديرية الأمن الوطني لولاية قسنطينة خلال الأسبوع الوطني للوقاية المنظم بقسنطينة، حيث سجل عدد قضايا المخدرات والمؤثرات العقلية زيادة بأكثر من 25 بالمئة خلال العام الماضي مقارنة بسنة 2021، لتبلغ 1055 قضية في 2022، تم فيها حجز أكثر من 574 ألف قرص مؤثر عقلي و48 قنينة وما يفوق 42 كيلوغرام من المخدرات و702 غرام من الكوكايين، بينما لاحظنا في الحصيلة أن عدد قضايا المخدرات في 2021 لم يتجاوز 790، فضلا عن أن كمية الأقراص ذات التأثير العقلي المحجوزة مقدرة بحوالي 274 ألف قرص، مع حوالي 77 كيلوغراما من المخدرات و11.46 غراما من الكوكايين.
وقد تورط في قضايا المخدرات العام الماضي أكثر من 1300 شخص، من بينهم 480 كانوا محل أمر بالإيداع، في حين يسجل أن 123 في حالة فرار، بينما لم يتجاوز عدد المتورطين 1037 شخصا خلال العام ما قبل الماضي. ويلاحظ من خلال الحصيلة أن كمية المؤثرات العقلية المحجوزة قد ارتفعت إلى الضعف العام الماضي، أي أنها عادت إلى السقف الذي كانت عليه خلال سنتي 2019 التي تجاوزت فيها 466 ألف قرص، و2020 التي تجاوزت فيها 546 ألف قرص. كما تعتبر سنة 2022 الأكبر في حجز المخدرات الصلبة «الكوكايين» مقارنة بالسنوات الأربع التي سبقتها.
سامي.ح