أشرف رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، السيد عبد المجيد تبون، اليوم الجمعة بالجزائر العاصمة، على الاستعراض العسكري...
ترأس الوزير الأول، السيد نذير العرباوي، اليوم الخميس، اجتماعا للحكومة، خصص لدراسة مشاريع مراسيم تتعلق بالوقاية من أخطار الكوارث وانفتاح مؤسسات...
• توافق الجزائر وعُمان على تعميق العلاقات وإعادة تفعيل آليات التعاون• اتفاق على تكثيف التواصل وتبادل الزيارات بين مختلف الجهات المعنية قررت الجزائر وسلطنة عمان، إنشاء صندوق...
انتقل إلى رحمة الله أمس الأربعاء بالجزائر العاصمة المجاهد العقيد الطاهر زبيري، قائد الولاية التاريخية الأولى وعضو مجلس الأمة السابق، عن عمر ناهز 95...
يتألق الكثير من ذوي الاحتياجات الخاصة داخل مجتمعنا كل حسب مجال اختصاصه، بعدما تمكنوا من تجاوز عقبة الإعاقة بغض النظر عن نوعها و نسبتها، ففي اعتقاد الكثيرين تلغي الإرادة كل مستحيل و أمثلة ذلك عديدة، حتى في ظل وجود معوقات مجتمعية تؤثر سلبا على حياتهم و تجعل من أبسط الوظائف كالتنقل من مكان إلى آخر مهمة شاقة بالنسبة لهم، نظرا لضعف التكفل باحتياجاتهم في مدننا و إغفال الشق المتعلق بتهيئة مسارات و ممرات مخصصة لهم في الكثير من المرافق و الهيئات. و لأن الحديث عن الإعاقة لم يعد مرتبطا فقط بمشاكل هذه الشريحة بحكم بروز الكثير من الأسماء بعد تجارب تألق في مجالات عديدة ، ارتأينا هذه السنة، أن نواكب الاحتفالات باليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة المصادف للثالث من ديسمبر من كل سنة بتسليط الضوء على بعض نماذج النجاح و التحدي في ولاية قسنطينة.
سعيدة شراك معلمة بمدرسة الأطفال المعاقين بصريا: نور العلم أضاء 36 سنة من ظلمة عينيي
البداية كانت من مدرسة حسان بن كحول للأطفال المعاقين بصريا بوسط مدينة قسنطينة، و تحديدا داخل قسم السنة الثانية ابتدائي أين التقت النصر بالمعلمة شراك سعيدة التي تعاني من إعاقة بصرية بنسبة مائة بالمائة و تشرف منذ سنوات على تعليم التلاميذ الصغار.
عادت بنا سعيدة إلى سنوات طفولتها خلال حديثنا إليها، قائلة بأنها ولدت بإعاقة بصرية خلقية، لكن والديها تعاملا معها كطفلة عادية دائما، فقررا تعليمها داخل مؤسسات تعليمية عمومية طيلة المراحل الدراسية الثلاثة، و رغم بعض العراقيل التي كانت تواجهها في كتابة و حفظ الدروس، إلا أنها وجدت طريقة عملية تسهل عليها المهمة و تريحهما من مشقة التكفل الدائم بها، فكانت تستخدم المسجل الصوتي لنقل الدروس اعتمادا على حاسة السمع، وهو ما مكنها من الدراسة بشكل طبيعي، حتى أنها كانت من بين المتفوقين إلى غاية نيلها لشهادة الباكالوريا سنة 2005، لتلتحق بعدها بكلية الأدب و اللغة العربية و تتخرج منها بعد أربع سنوات من الاجتهاد و المثابرة.
المعلمة قالت، بأن رغبتها الجامحة في تحصيل شهادة جامعية جعلها تتجاوز الكثير من الصعاب و العراقيل لقناعتها الدائمة بأن نور العلم وحده قادر على إضاءة طريقها، ولذلك تحلت بالثقة و الطموح و لم تتوقف يوما عن الاجتهاد لدرجة أنها باتت تشعر بأنها مسؤولة عن مساعدة غيرها، فقررت الالتحاق بالعمل التطوعي لتقدم الدعم و تكون السند القوي لكل محتاج خصوصا من هم في مثل ظروفها، وهكذا نمت بداخلها الرغبة في تعليم الأطفال المعاقين بصريا و مشاركتهم تجربتها في الحياة، فالتحقت مباشرة بمدرسة حسان بن كحول للأطفال المعاقين بصريا في 2007، لتشغل منصب معلمة، حيث تشرف إلى غاية اليوم على تعليم الأطفال بوصفها معلمة تعليم مختص رئيسي .
«على المجتمع أن يتخلى عن نظرة الشفقة تجاهنا»
قالت سعيدة، بأن أكثر ما يعاني منه ذوو الاحتياجات الخاصة في مجتمعنا هو تلك النظرة السلبية الممزوجة بالشفقة تجاههم ، رغم ما يقدمونه و ما يحققونه من إنجازات في كل المجالات، و من منطلق تجربتها الشخصية و احتكاكها مع فئة المعاقين بصريا أكدت محدثتنا، بأن هؤلاء يملكون طاقات كبيرة قد لا تتوفر في الأطفال العاديين فهم منضبطون و مجتهدون و نتائجهم ممتازة، مشيرة إلى في ذات السياق إلى أن هنالك تناميا في الوعي لدى العائلات الجزائرية بخصوصية وضعية أطفالهم المعاقين بصريا، وهو شعور يترجم واقعيا من خلال السعي الحثيث لاحتواء الطفل و دعمه ليصبح فردا فاعلا في المجتمع و بهذا الخصوص ترى سعيدة، بأن من واجب الآباء اختيار الطرق الأنسب لرعاية هؤلاء الأبناء من خلال التكفل المعتدل بعيدا عن المبالغة أو التفريط .
و تسعى محدثتنا اليوم، إلى إيجاد طرق عملية تتناسب مع خصوصية هذه الشريحة من الأطفال لمساعدتهم على الحفظ و الدراسة، كما تنصحهم بأهمية المثابرة و الاجتهاد و الثقة في النفس بعيدا عن أي شعور بالنقص، مشيرة إلى أن طموحاتها لا تزال كبيرة رغم كل ما حققته، حيث انصبت مؤخرا على حفظ القرآن و ترتيله في مسجد الأمير عبد القادر، متجاوزة بذلك مشكل نقص المصاحف المكتوبة بتقنية البراي، لانها مصرة على ختم كتاب الله حفظا و ترتيلا.
زكريا هيثم ماستر سنة ثانية بكلية الإعلام و الاتصال: إعاقتي لن تمنعني من ممارسة الإعــــلام ميــــدانيــــاد
محطتنا التالية كلية الإعلام و الاتصال بجامعة صالح بوبنيدر بقسنطينة أين قابلنا زكريا هيثم صاحب 27 ربيعا، وهو طالب سنة ثانية ماستر تخصص سمعي بصري، يعاني زكريا من إعاقة حركية بنسبة مائة في المائة، لم تمنعه يوما من المثابرة و العمل لتحقيق حلم طفولته في أن يصبح إعلاميا ناجحا و يطل على الجمهور مستقبلا عبر شاشة إحدى القنوات.
لم يكن مشواره الدراسي سهلا حسبما أسر للنصر، مع ذلك فإن إرادته و دعم العائلة و الأصدقاء له كان دافعه للمواصلة إلى غاية حصوله على شهادة الباكالوريا و التحاقه بالجامعة لدراسة الإعلام، و لم يكتفي زكريا بشهادة التخرج، فحبه لهذا المجال حتم عليه مواصلة التدرج لبلوغ مرحلة الدكتوراه التي تعد طموحه الأكبر، خصوصا وأنه يحلم بممارسة الإعلام ميدانيا بشكل حقيقي سواء توفرت له الفرصة في المجال السمعي البصري أو الصحافة المكتوبة رغم تفضيله للعمل الإذاعي كما أخبرنا. و يعتبر زكريا أن نظرة المجتمع لذوي الاحتياجات الخاصة تغيرت كثيرا لدرجة أزاحت معها العديد من العراقيل التي فرضتها ذهنيات بالية و تصورات نمطية خاطئة، و هو ما استخلصه كما قال، من خلال تجربته الشخصية، إذ لعب الأشخاص دورا محوريا في وصلوه اليوم إلى هذه الدرجة العلمية، فإلى جانب مساندة أسرته له، رافقه كذلك الكثير من الأصدقاء خلال مشواره و ساعدوه على تخطي الكثير من المصاعب و العراقيل اليومية و إلى يومنا هذا لا يزال دعمهم متواصلا على حد تعبيره، فهو يعتمد عليهم بشكل كبير في تنقلاته إلى الجامعة دون أن ينسى فضل أساتذته.
«نعاني كثيرا من مشكل الممرات و الفضاءات «
حسب زكريا هيثم، فإن أكبر مشكل يعاني منه ذوو الاحتياجات الخاصة هو الغياب التام للممرات المخصصة لهم في مختلف الهياكل و الإدارات حيث تفتقر مدننا كما قال، لهذه الفضاءات الخاصة و هو ما يشكل عائقا أمام كل فرد يعاني مشكلة صحية مماثلة، لأن ذلك يعيق التنقل و يجعل من مهمة الوصول إلى الوجهة المطلوبة رحلة شاقة تتطلب الاعتماد المطلق على مرافق، فهو كما أوضح، يضطر يوميا إلى الاستعانة بزملائه في الجامعة لحمله من الطابق الأرضي للكلية نحو الطابق الثالث من أجل الالتحاق بالأقسام وقاعات المحاضرات، علما أنه مشكل واجهه منذ طفولته، لذلك يرى كغيره من ذوي الاحتياجات الخاصة بأنه يتعين على القائمين على تهيئة المدن و تسييرها، الانصات جديا لهذا الانشغال و إدراج المعابر و الطرقات المخصصة للمعاقين ضمن مخططات التعمير قبل إنشاء المباني لتسهيل تنقل الأفراد، و تحرير المعاق من الحاجة الدائمة لغيره، خصوصا في ظل زيادة الوعي بقدرة هذه الفئة على المساهمة اجتماعيا و دخول الكثيرين مجالات العمل و الدراسة و حتى الإنتاج.
رغم هذه المشاكل، تبقى عزيمة هيثم قوية، حيث يؤكد بأنه يتعين على ذوي الاحتياجات الخاصة التخلص من الشعور بالنقص و رفع التحدي من أجل بلوغ الأهداف، و هو ما ينطبق عليه فقد عانى الكثير خلال مرحلة التعليم الابتدائي وصولا إلى الثانوية عندما كان يقطن ببلدية ديدوش مراد، أين تبعد المؤسسات التعليمية عن مقر سكناه و تفتقر الطرقات للتهيئة و الفضاءات العمومية لأماكن خاصة بالأشخاص المعاقين حركيا، وهو ما كان يقيد تنقلاته و يجعله رهينة لتوفر مرافق دائم له، فإن لم يجد أحدا اضطر للمكوث في المنزل و التغيب عن مقاعد الدراسة حتى وإن لم يرغب في الأمر، لذلك يرى بأن وجود مثل هذه الممرات الخاصة سيسهل على كل معاق مهمة التنقل و سيكسر حواجز نفسية عديدة، ستسمح له بالاندماج بشكل أفضل في المجتمع بوصفه فردا منتجا. هيبة عزيون