* دعوة لانتفاضة من المجتمع الدولي لصالح حقوق الشعب الفلسطيني * ثمن الصمت والتقاعس أمام المأساة الفلسطينية سيكون باهظاأكد رئيس الجمهورية السيد، عبد...
التقى الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء بالكويت، مع وكيل الحرس الوطني...
شرعت الحكومة، في وضع التدابير التنفيذية للتكفل التام بالتوجيهات التي أسداها رئيس الجمهورية للحكومة خلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء خاصة فيما...
سلم إرهابي نفسه للسلطات العسكرية ببرج باجي مختار، فيما تم توقيف (5) عناصر دعم للجماعات الإرهابية، خلال عمليات متفرقة عبر التراب الوطني تم تنفيذها في...
تحول المنزل الذي ولد فيه و ترعرع مصمم الأزياء العالمي إيف ماثيو سان لوران بوهران، إلى مزار سياحي و تاريخي يقصده كل من يرغب في الغوص في مسار و حياة أحد أبناء وهران، بعد ترميمه و تهيئته، و هذا قبل أسبوعين تقريبا من إحياء الذكرى 82 لميلاد المصمم في الفاتح من أوت المقبل، و بذلك يسلط الضوء على حقائق أراد البعض طمسها، رغم وجود شواهد لا تزال قائمة.
بن ودان خيرة
عندما قصدت النصر مؤخرا المنزل، المتواجد بحي البلاطو، بوهران، كانت الساعة تشير إلى الثالثة زوالا ، و هو موعد فتح الدار للزوار في الفترة المسائية، بعد الصباحية التي تبدأ على الساعة 10 صباحا، وفق البرنامج الممتد على مدار 6 أيام في الأسبوع.
جدران المبنى تروي يوميات عائلة “لوران” و بدايات “إيف”
بدأنا زيارتنا من غرفة غير بعيدة عن مدخل المبنى، المكون من طابق أرضي و طابق علوي، و هي الغرفة التي ولد فيها المصمم العالمي، و رغم أنها اليوم فارغة، لكن جدرانها تشهد على الفترة التي قضاها بها، إلى غاية بلوغه 18 عاما، و مغادرته وهران، باتجاه فرنسا.
إنها الغرفة الوحيدة في الطابق الأرضي، الذي يضم فضاء كان عبارة عن ورشة لخياطة الأزياء التي كان إيف يصممها، و لا تزال آلتا خياطة تشهدان على ذلك، إلى جانب أغراض أخرى، وسط ديكور جميل، و تطل الورشة على ساحة مفتوحة، كانت تستخدم كمرآب.
صعدنا رفقة المرشد إلى الطابق العلوي، فقد كان إيف سان لوران يتخذ من مدخل الطابق، مكانا لإطلاق العنان لإبداعاته الفنية، وأصبح هذا المكان اليوم، فضاء جميلا ، يزينه أثاث عتيق، يحاكي تلك الحقبة، و تشدك فيه صورة نادرة للمصمم العالمي، تحمل توقيعه، أهداها أحد أصدقائه إلى صاحب المنزل السيد عفان، لتخلد ذكرى إيف، و تعرف الأجيال القادمة، كما تم تعليق على الجدران صور تذكارية أخرى لهذه الشخصية التي غيرت عالم الأزياء على مدار عصر، من بينها صورة تبرزه و هو جالسا بصدد إبداع تصاميمه الفريدة.
تقدمنا خطوات في الشقة، فوجدنا فضاء مفتوحا على شكل قاعة استقبال، أو صالون كبير، يمنع الاقتراب منه، للمحافظة على البناية من أي ضرر محتمل، لكونها قديمة، و يضم الصالون قطع أثاث متنوعة و صورا وسط ديكور مميز و جميل، وتقابل الصالون غرفة نوم والدي إيف، التي تمت تهيئتها و تأثيثها بشكل يشبه الأصلي، حرصا من المشرفين على إعادة بعث الحياة في هذا المكان.
ديكور عتيق يعود بذاكرة الزوار إلى عقود مضت
أبرز ما لفت انتباهنا خلال جولتنا داخل المنزل الذي عاش فيه سان لوران، طيلة 18 عاما، ديكوره المميز الذي أصبح عتيقا يفوح منه عبق التاريخ و الفن، فلا بد أن تجذب الزائر، التماثيل البرونزية المنتشرة عبر أرجائه، و المزهريات الجميلة و جهاز الراديو القديم و قطع الأثاث، كما حرص صاحب المنزل على تزيينه بالآلات الموسيقية.
أما اللوحات المعلقة فوق الجدران، بطريقة جميلة، فكانت عبارة عن شواهد تاريخية عن عائلة المصمم والمؤسسات التربوية التي تلقى فيها تعليمه بوهران، من بينها ثانوية باستور.
كما سجلت الصحافة حضورها وسط هذا الديكور، من خلال أول مقال كتب عن إيف سان لوران في بداياته في عالم التصميم، و قد نشر في 17 نوفمبر 1957 بجريدة “صدى الأحد” الفرنسية، و سلط الضوء على أول تشكيلة أزياء للمصمم الذي كان آنذاك في ربيعه 21، وكان عنوان المقال “ابن وهران إيف سانت لوران، يصبح أصغر خياط في العالم”.
500 تصميم من وحي الباهية
قبل أن نتوجه إلى منزل سان لوران، قامت النصر بجولة عبر الفضاء المتحفي الذي يضم مجموعة من الصور و اللوحات للمصمم العالمي، و هو عبارة عن جناح محاذي لفندق “ليبيرتي”، الذي يملكه رائد الأعمال السيد عفان، بالحي الإداري في ايسطو.
رافقتنا مرشدة عبر هذا الفضاء الذي يضم لوحات تؤرخ لأولى خربشات و رسومات المصمم في عالم الأزياء، و لوحات توضح مراحل تطور إبداعاته في الأزياء النسائية، و أخرى توثق لبعض المجلات القديمة الخاصة بالأزياء .
للتذكير، ولد إيف ماثيو سان لوران، في الفاتح من أوت سنة 1936 بوهران، التي التي عاش فيها 18 سنة، بين المنزل الذي زرناه بحي البلاطو وسط وهران، و الفيلا التي سبق للنصر زيارتها في 2019 ، والتي كانت تقطنها عائلته في منطقة “تروفيل” الساحلية.
في ربيعه 12 ، بدأ إيف يرسم تصاميم الأزياء و الدمى، و يلبس كل دمية زيا معينا، و يكتب في دفتر مذكراته أسماء الدمى، و يتخيلها شخصيات حقيقية تطلب منه تصميما معينا، لقد كان الصبي يعيش في عالم الأزياء “افتراضيا” و يسعى لتجسيدها في الواقع ، و قال ذات يوم لوالدته “سأكتب إسمي من ذهب في فضاء الإيليزي”، كان آنذاك في وهران، يستلهم من محيطه تصاميمه و يبلور فنه، فأنجز في الباهية 500 تصميم، من بين آلاف التصاميم التي قدمها للعالم لاحقا.
توفي إيف ماثيو سان لوران عن عمر ناهز 72 سنة، بعد مسيرة طويلة مع التصميم و الفن و صراع مع المرض.
“الترميم تم على يد مختصين وبدقة متناهية”
أكد رائد الأعمال بوهران محمد عفان في حديثه مع النصر، أن قيامه بترميم و إعادة الاعتبار لمنزل المصمم العالمي إيف ماثيو سان لوران، نابع من فكرة إبراز مسيرته الفنية و الحياتية، لتغيير نظرة المجتمع له و ترسيخ ثقافة التعايش مع الآخر، لأن إيف، ابن وهران و يجب التعامل معه على هذا الأساس، عوض ترك بلدان أخرى تتبناه، مثلما يحدث اليوم.
وأضاف المتحدث أن هذا المنزل من شأنه أن يكون مقصدا سياحيا في المستقبل، خاصة من طرف الأجانب، لأن الصحافة الدولية تحدثت عن عملية الترميم وإعادة الاعتبار لهذا المكان الذي يعد جزءا من معالم وآثار المدينة، مشيدا بهذا الإنجاز الذي اعتبره مساهمة منه في ترقية السياحة في وهران.
و أكد عفان أن مختصين جزائريين هم الذين رمموا منزل المصمم العالمي، بمنتهى الدقة، وفق المعايير المطلوبة،و يمكن استغلال الطاقات الوطنية في إعادة بعث الحياة في الكنوز المعمارية التي تزخر بها بلادنا.كما كشف صاحب منزل إيف سانت لوران، و المشرف على ترميمه، أن زيارة هذا البيت ستكون عن طريق اقتناء تذكرة ب 1000 دج، للمحافظة على البناية، لأنها عريقة، وأيضا حتى تقتصر الزيارة على من يتذوقون الفن، و يقدرون رمزية هذه الشقة التي ولد فيها أكبر مصمم أزياء عالمي في القرن الماضي و الحالي، مشيرا أن المنزل لم يتم تحويله إلى متحف، لكن إلى مزار سياحي تاريخي و فني، مع تخصيص فضاء كمتحف لصور هذه الشخصية العالمية. وخلال حديثنا، أكد السيد عفان أنه يحب الفن و الثقافة، و قد خاض تجربة فنية في المسرح، عندما كان صغيرا، وها هو اليوم، بعد عقود من الزمن، يتحول إلى صاحب أول مسرح خاص في الجزائر، وهو “مسرح النملة”، مشيرا إلى أنه قام بطبع ونشر مؤلف عن مدينة وهران، شارك في تأليفه عدة كتاب، و يحضر حاليا لإصدار ثاني كتاب حول “الفنون السبعة في وهران” و يشارك في تأليفه فنانون من كل التخصصات الفنية، لدعم الحركية الثقافية بالولاية.