أكد رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أن الدفاع عن بلادنا و صون سيادتها اليوم هو مهمة الجميع، لاسيما في ظل التحول الذي...
* سلاح الجيش الوطني الشعبي موجه حصرا للدفاع عن الجزائرأكد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أمس، أن سلاح الجيش الوطني الشعبي موجه حصرا للدفاع عن...
استقبل رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أمس الجمعة، قادة ورؤساء ضيوف الجزائر المشاركين في الاحتفالات المخلدة للذكرى الـ 70 لثورة أول نوفمبر...
وقف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أمس الجمعة، بمقام الشهيد بالجزائر العاصمة، وقفة ترحم وإجلال على أرواح شهداء الثورة التحريرية المجيدة،...
خلصت أول أطروحة دكتوراه تُناقَشُ بجامعة عبد الحميد مهري بقسنطينة حول المؤسسات الناشئة، إلى أن الهندسة السياسية الداعمة لهذه المؤسسات في الجزائر سليمة في توجهاتها، حيث قدمها الدكتور محمد أمين نوي خلال الأيام الماضية، بينما شملت دراسة عينات للوصول إلى تحديد عوامل نجاحها وفشلها واقتراح إستراتيجيات لتطويرها.
وناقش الدكتور محمد أمين نوي الخميس الماضي، أطروحة الدكتوراه التي قدمها بكلية العلوم الاقتصادية لجامعة عبد الحميد مهري بعد خمس سنوات من البحث بتأطير من البروفيسور محمد دهان، حيث تعتبر الأولى من نوعها على مستوى الجامعة، ومن بين أولى خمس أطروحات دكتوراه تناقش على المستوى الوطني حول موضوع «المؤسسات الناشئة».
وجاءت الأطروحة بعنوان «دراسة تحليلية لعوامل نجاح وفشل المؤسسات الناشئة في الجزائر وإستراتيجيات تطويرها»، حيث تستهدف تحديد عوامل نجاح المؤسسات الناشئة وفشلها في الجزائر «استنادا إلى ما تمليه التجربة العالمية في هذا المجال كمرجعية تحدد الملامح العامة للموضوع»، مثلما قال الباحث، مضيفا أنها تستهدف بصورة فرعية أيضا تحديد مختلف الإستراتيجيات التي ينبغي على الدولة تبنيها من أجل تطوير هذه المؤسسات وجني ثمار تنميتها والنهوض بها.
وسلكت الدراسة المنهج الوصفي في التأطير النظري لموضوع المؤسسات الناشئة والمفاهيم الأساسية، بينما اعتمدت على مزيج من المقاربات الكمية والنوعية في الجانب التطبيقي، أين تم تحليل 378 تقرير فشل لمؤسسات ناشئة عالمية، و341 قصة نجاح، في حين قامت المقاربة النوعية المعتمدة على إجراء 31 مقابلة معمقة وشبه موجهة مع أصحاب مؤسسات ناشئة ناجحة وفاشلة، فضلا عن خبراء مختصين في مجال المقاولاتية في السياق الجزائري، كما أوضح الدكتور أن إجابات المعنيين قد حللت بالاعتماد على المنهج الاستقرائي.
وتضمنت العينة المدروسة من السياق الجزائري 10 مؤسسات ناشئة ناجحة، من بينها مؤسسة أنشئت في 2006 وأخرى في 2012، في حين أنشئت أغلب باقي المؤسسات المدروسة بين 2019 و2020. وتتوزع العينة على قسنطينة والجزائر والمدية وسطيف وسيدي بلعباس، في حين تمس نشاطات الخدمات والتجارة الإلكترونية وتكنولوجيا المعلومات والاتصال والتعليم عن بعد والتكوين الطبي والخدمات اللوجيستية وتكنولوجيا الأشياء. أما المؤسسات العشر الفاشلة فأنشئت ما بين 2017 إلى 2020، ليغلق بعضها بعد ثلاث سنوات، وأخرى بعد سنتين أو بعد سنة واحدة من النشاط.
ونشطت عينة المؤسسات الفاشلة التي مستها الدراسة في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصال والتجارة الإلكترونية والخدمات والصحة وصناعة النسيج والنقل والتوصيل والخدمات المالية والتعليم عن بعد، وهي موزعة على عدة ولايات، كما شملت مقابلات مع 11 خبيرا، من بينهم مديرو ومؤسسو حاضنات أعمال وأساتذة ومسؤوولة بوزارة المؤسسات الناشئة وغيرهم.
المؤسسات الناجحة قدمت منتجات متفردة في السوق
وبينت نتائج الدراسة التي اطلعنا عليها أن الاهتمام بالمؤسسات الناشئة في الجزائر كان ضعيفا في الفترة الأولى السابقة لعام 2020، لكن الحكومة وضعت بعد ذلك الموضوع في الواجهة، وصار ضمن أولويات مخططاتها التنموية والإستراتيجية. وقد أكد الباحث في دراسته أن النظام البيئي للمؤسسات الناشئة لا يزال في مرحلة الولادة، على حد وصفه. وعزت الدراسة فشل المؤسسات المدروسة إلى عدم القدرة على تغطية تكاليفها، فضلا عن مواجهتها لمشاكل في الجانب العلائقي ما حال دون توفر الاستقرار والانسجام والتفاهم بين أفرادها.
في المقابل، تكشف الدراسة أن المؤسسات الناجحة قد قدمت منتجات ذات أداء جيد في أسواقها، فضلا عن تفردها فيها، وتسويقها بصورة جيدة، كما تميزت بهيكلة بشرية وتنظيمية ملائمة، يتوفر فيها الانسجام والتفاهم بين أفرادها. وقد ارتكزت هذه المؤسسات أيضا على نماذج أعمال تتسم بالمرونة بما يكفي لجعلها قادرة على التكيف مع تغيرات النظام البيئي الذي تعمل فيه، في حين حددت الدراسة أيضا نموذج المقاول في حالات الفشل، حيث يميل إلى الافتقار للخبرة والمهارات اللازمة لنجاحه، كما تعوزه الرؤية الإستراتيجية التي ترسم تصورا عن مستقبل واقعي لمؤسسته، ما ينعكس في سلوكيات وقرارات تنزع إلى أن تكون رشيدة.
ويفتقر نموذج المقاول غير الناجح أيضا إلى الدافعية والحماس الذي يجعله يضحي ويخاطر من أجل مؤسسته، بينما تتوفر هذه الصفات في نموذج المقاول في حالات النجاح، كما «يتأكد جانب المرونة في كلا النموذجين»، مثلما خلص إليه الباحث. وشملت الدراسة النظام البيئي الجزائري، حيث توصلت إلى أن العناصر التي يوفرها للبقاء تتجلى في الإرادة السياسية التي تسعى إلى تطويره، ودفعت لخلق توجه داعم أخذ يغير ملامح الجوانب القانونية والدعائمية للمؤسسات الناشئة، فضلا عن أن السوق فارغ ومتعطش لما تقدمه هذه المؤسسات ويوفر مساحةً واسعة للفرص المقاولاتية، كما يتوفر عنصر التوجيه والإرشاد، فضلا عن التظاهرات المنظمة التي تعمل على خلق الحركية في النظام البيئي.
وذهبت الدراسة أيضا إلى أن الهندسة السياسية الداعمة للمؤسسات الناشئة في الجزائر سليمة في توجهاتها ومنطلقها، فضلا عن أنها ديناميكية في تحركاتها، لكنها اعتبرتها ضعيفة وبطيئة من حيث النتائج، كما تركز على المستوى المؤسساتي أكثر من المستوى الفردي.
وأبرزت الأطروحة أيضا أن النظام البيئي في الجزائر يعاني من مجموعة نقائص تجعل المؤسسات الناشئة أمام تحديات كبيرة من أجل التكيف معه، على رأسها الافتقار لمصادر تمويل ملائمة لعملها وتغذية نموها، وضعف البيئة القانونية وقاعدية السوق وعدم نضجه، والانغلاق وغياب الترابطية والتنسيق بين مختلف الأطراف الفاعلة داخل النظام البيئي، كما أشارت إلى غياب الأرضية الخصبة التي تزرع فيها فكرة المؤسسة الناشئة وتُقبل، حيث تعكسها، بحسب الدراسة، «ذهنية الفرد المهتزة».
ونبه الباحث في دراسته أن موضوع نجاح وفشل المؤسسات الناشئة في الجزائر يصطدم بمسألة الحداثة وما وصفه بـ«معضلة الذهنيات» قبل اصطدامه بمسبباته وعوامله، حيث يجعل هذا الوضع المؤسسات الناشئة تواجه تحديات بمنطق يختلف عما تواجهه نظيراتها في دول أخرى، فضلا عن أنه يخلق الحاجة إلى طرح هذه القضايا على طاولة النقاش قبل معالجة إشكالية فشلها.
واقترحت الدراسة مجموعة من الإستراتيجيات في إطار تطوير المؤسسات الناشئة، حيث تهدف إلى تعزيز الشروط الأساسية والنظامية للنظام البيئي، فضلا عن تحسين نوعية المقاول وخصائصه الشخصية، كما لفتت إلى ضرورة قيادة هذه الإستراتيجيات بتوجه إستراتيجي عام يضع في مركزه هدف ربطِ الجامعات والحكومة والصناعات مع بعضها، ما سيخلق الترابطية اللازمة في النظام البيئي ويتيح التطبيق السليم للإستراتيجيات المقترحة.
سامي.ح