أعلنت المؤسسة الوطنية للنقل البحري للمسافرين، اليوم الأربعاء، في بيان لها، عن تأجيل الرحلة البحرية المرتقبة غدا الخميس من الجزائر العاصمة نحو...
* إطلاق إنجاز 1.4 مليون وحدة سكنية عدل «3» قريباأعلن وزير السكن العمران و المدينة، محمد طارق بلعريبي، أمس الثلاثاء عن إطلاق برنامج سكني، جديد في...
أكد وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية، أن ترشح الجزائر لمنصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، يُجسد العناية الخاصة التي يوليها رئيس الجمهورية، لتعزيز دور الجزائر...
* مهلة شهر لكل الهيئات الحكومية والمؤسسات لإثراء المشروع سلمت لجنة الخبراء المكلفة من قبل رئيس الجمهورية السيد، عبد المجيد تبون، بإعداد مشروعي...
تميز تشييد البيوت قديما بالبساطة وتتبع الذكاء الفطري في مراعاة وسائل التهوية والرطوبة والتقليل من درجات الحرارة في الداخل، وقد ساعد توظيف ما تنتجه الطبيعة من مواد لاسيما الطين وخشب الأشجار، على جعل قاطني البيت يستمتعون بالانتعاش صيفا، وهو ما تفتقر إليه المنازل الحديثة، وبخاصة العمارات تماشيا مع التغيرات التي طرأت على الحياة الاجتماعية والاقتصادية، الأمر الذي انعكس سلبا على نمط العيش و على مستوى الراحة والتكييف في المنازل كما ضاعف استهلاك الطاقة بشكل كبير، خاصة في السنوات الأخيرة التي تعرف اضطرابات مناخية أفرزت شدة في الحرارة صيفا و البرودة شتاء، وحسب مهندسين، فإن هذه المعطيات تفرض تكييف أنماط البناء بيئيا.
البنايات العتيقة صديقة للبيئة والإنسان
وفي هذا السياق، شرحت نائب رئيس الأكاديمية الجزائرية للعلوم والتكنولوجيا سامية بن عباس، بأن آثار البنايات العتيقة التي خلفها الإنسان، بينت أنه كان ابن البيئة التي عاش فيها، يعتمد على موادها الطبيعية في البناء، فأغلب المدن العتيقة مبنية بالحجر والطابوق المملوء أو ما يعرف بالآجر المطبوخ الذي يُطهى في أفران تصل درجة حرارتها إلى 3000 درجة مئوية، أو الطوب المسلح المصنوع من الكلأ من خلال تجفيفه وخلطه بالطين ثم وضعه في قوالب تقليدية وتعريضه للحرارة ليتحول إلى ما يُعرف بالطوب المسلح، ومن الميزات التي تختص بها هذه المواد أنها عازلة للحرارة تقلل من وصولها إلى الداخل، فضلا عن أنها تجعل البيت يتمتع بالبرودة بصفة دائمة ولا يحتاج إلى أجهزة مساعدة على التهوية.
وأضافت الخبيرة في المعمار والمدن العتيقة، بأن صقل الجدار من خلال تشكيل غصن النخل، فضلا عن النتوءات التي تكون بارزة فيه، والاعتماد على جدارين عازلين داخلي وخارجي كلها عناصر تلعب دورا أساسيا في تلطيف الجو داخل البيت حيث يكون فارق درجة الحرارة في الداخل أقل بثلاث درجات، فضلا عن خلق مناطق للظل في ساحات البيوت.
وأردفت المهندسة، بأن اتجاه البناية أيضا يشكل 50 بالمائة من المعيار المعتمد في توزيع غرف البيت وباقي أجزائه، لأنه يلعب دورا مهما في التهوية الداخلية، حسب الخصوصية الجغرافية للمنطقة والمناخ السائد فيها.
وبحسب ما أوضحته، فإن غياب هذه المعايير في البنايات الحديثة جعل التواجد بداخلها لا يُحتمل عند ارتفاع درجة الحرارة صيفا، موضحة « ترتفع درجات الحرارة في أغلب المنازل مساء، ويصعب تبريدها وهذا راجع إلى أنها مفتوحة على اتجاهات غير مضبوطة، ما يجعل الشمس متجهة نحوها طوال الصبيحة عكس لو كانت نحو الشمال الغربي، حيث تتمتع بالضوء في الشروق ثم تبدأ الحرارة بالاعتدال كلما اتجهت الشمس نحو الغروب»، وبالإضافة إلى التقدير الخاطئ في اختيار اتجاه البناية أرجعت المتحدثة، ذلك أيضا إلى وضعية الرافعة في موقع البناء التي تكون في اتجاهات مختلفة وليس في اتجاه واحد.
الاهتمام بجمالية التصميم وتوفير التهوية
وذكرت البروفيسور، بأن الأجداد قديما كانوا يولون اهتماما كبيرا لعناصر التهوية، فالبيوت الريفية بالخصوص كانت تتواجد بها ساحة في قلبها بئر وفي هذا الصدد قالت « إن المياه في جوف الأرضية تشكل عنصر تبريد للسطح الأول، كما كانوا يحرصون على زراعة الأشجار وسط المنزل حتى تمنح الظلال والرطوبة، فضلا عن الأقواس «وسط الدار» التي تعكس أشعة الشمس إلى خارج البيت»، وشرحت بن عباس أن هذه الأقواس تكون في أغلب الأحيان مصنوعة من لوح الأشجار التي تشتهر بها المنطقة وبالخصوص شجرة الزيتون، كما يستخدمون أيضا نبات الحبق لمحاربة البعوض، وبذلك يوجد سكان البيت رفاهية العيش بأنفسهم حيث يتمتعون بالضوء والنسيم العليل ويضفون جمالا لتصميم البيت وعبرت قائلة « لهذا نجد البيوت القديمة مريحة نفسيا ولها جمال خاص وهو ما تفتقر إليه البيوت الحديثة».
وقالت، إن قاطني المناطق التي تُعرف بارتفاع كبير في درجة الحرارة مثل مناطق الجنوب كانوا، يستهدفون الربوات في تشييد المنازل، إذ أن البناء فوق سفح عال يمنح جمالية للبيت كما يستطيع أهله التمتع بالمناظر الجميلة أسفله.
ذكرت من جهة أخرى، بأن البيوت قديما عُرفت بسقفها العالي، وفق معيار وزن الهواء، فعندما يكون باردا ينزل إلى تحت بينما تصعد الحرارة عاليا، ولفتت المتحدثة، إلى أنهم كانوا لا يعتمدون على الشبابيك الكبيرة في التهوية بل يكتفون بواحدة فقط إما أعلى الفناء أو أسفله، وفتحات خارجية صغيرة وسط البيت تحجب أشعة الشمس وتكون منفذا للهواء فقط، وهو ما تحظى به المنازل في ولاية غرداية حسبها، فهذا الأسلوب في التهوية يجعل الفرق بين درجة الحرارة داخل البيت وخارجه 20 درجة مئوية.
وأوضحت المختصة، بأن الكثافة تساهم أيضا في ارتفاع درجة الحرارة فمنازل القصر التي انتشرت في الجنوب قديما تستغل البناء فوق منطقة عالية مع تقدير المسافة المناسبة بين كل بيت، فضلا عن شكل الشوارع الذي يكون ملتويا لتوفير الظلال، فيما تعاني الأحياء السكنية الحديثة في المدن الكبيرة من إشكالية التصاق العمارات وتقاربها من بعضها لهذا تفتقد للظل، بالإضافة إلى غياب الأشجار وسط الحي، فضلا عن عدم إمكانية فتح النوافذ كونها تطل على بعضها البعض ما يجعل داخل البيت مكشوفا على الخارج.
نظرة المهندس المعماري تؤثر على ظروف الراحة
وترى المهندسة، بأن نظرة المهندس المعماري، تلعب دورا كبيرا في غياب عناصر الراحة في البيت أو توفرها، خاصة في حال عدم مراعاة مواد البناء وأوضحت، بأن المشاكل المناخية التي يعاني منها العالم حاليا تفرض على المعماريين توظيف مواد بناء خفيفة عازلة للحرارة، والعمل على توفير بنايات «بيو مناخية» تقلل من درجات الحرارة داخل المدن الكبيرة.
وأكدت، بأن الاهتمام بجمال تصميم المنزل والكثافة لوحدهما لا يكفيان لهذا فإن الاقتباس من أساليب الهندسة الحديثة سيتسبب في ضرر لسكان البيت إذا غابت عنه معايير المناخ و البيئة والمسافة.
وترى نائب رئيس أكاديمية التكنولوجيا والعلوم، بأن المهندس المعماري هو كفاءة شاملة ونظرته الصحيحة هي التي تجعل البناية أو المنزل قابلا للعيش ويتوفر على عناصر الراحة عندما يأخذ بعين الاعتبار كل المعايير الداخلية والخارجية في التصميم، فضلا عن الجو داخل البيت في الصباح والمساء.
إيناس كبير