* إمكانية تحقيق الاكتفاء الذاتي خلال 3 أو 4 سنواتتخوض شركة» فيترو بلونت ألجيري» الجزائرية الإيطالية تجربة جديدة في إنتاج بذور البطاطا تعتمد على...
كشفت، أمس، رئيسية مصلحة الطب النووي بمركز مكافحة السرطان بعنابة الدكتورة عثمان رجاء، في تصريح للنصر، عن اعتماد تقنية جديدة لعلاج سرطان الغدة الدرقية باليود المشع،...
* الاستعراض العسكري عكس احترافية جيشنا وجاهزيته أكدت افتتاحية مجلة «الجيش» أن «الحفاظ على أمن واستقرار بلادنا، في عالم لا مكان فيه للضعفاء ولا يعترف...
درست الحكومة، خلال اجتماعها، أمس الأربعاء برئاسة الوزير الأول، السيد نذير العرباوي، مشروع قانون يتعلق بالتأمينات في ضوء التوجيهات التي أسداها السيد...
تعد مدرسة القراءات بالمدرسة القرآنية لمسجد الأمير عبد القادر بقسنطينة، حصنا دينيا يحتضن الراغبين في حفظ كلام الله و التدبر في معانيه، حيث تشهد إقبالا قياسيا في الشهر الفضيل، للناشئة والكبار من مختلف الأعمار و الخلفيات الاجتماعية ومن عديد الولايات، يتزايد عددهم كل سنة فرمزية المسجد وروحانيته جعلت حفظة من الجنسين يقطعون أميالا لتعلم أحكام التجويد في قاعة الصلاة الكبرى، أين تتجلى صور العبادة وتمتزج بسحر هندسة الصرح الديني المتفرد.
روبورتاج / أسماء بوقرن
يختلج صدرك شعور استثنائي وأنت تدخل المدرسة القرآنية بمسجد الأمير عبد القادر، ويقشعر بدنك عند المشي باتجاه قاعة الصلاة وسماع تلاوات عطرة لشباب وكهول، موزعين بشكل فردي عبر زوايا القاعة الكبرى وبجانب أعمدتها الشامخة، يستغلون وقت فراغهم في الفترة الصباحية لحفظ السور و تعلم أحكام التجويد، أو التحضير لامتحان نهاية السداسي، و يفضل هؤلاء قاعة الصلاة الكبرى لخصوصية المكان.
وفي قاعة الصلاة المخصصة للنساء، لا تقل الأجواء تميزا فالحضور كبير أيضا، وقد تزامنت زيارتنا مع اليوم المخصص للنساء إذ توزعن في مجموعات ليستظهرن، فيما فضلت أخريات الانزواء والحفظ بشكل فردي، تحضيرا للاستظهار مع معلمات شكلن أربعة أفواج متفرقة، وكن منهمكات في تعليم الطالبات القراءة بأحكام التجويد، واستظهار ما تم حفظه من سور قرآنية، وسط أجواء إيمانية وروحانية تعكس صور التنافس لكسب الجزاء ومرضاة الله.
3 آلاف مسجل جديد والإناث يشكلن الأغلبية
في بداية زيارتنا، عرفتنا السيدة فاطمة بوشيحة، مسؤولة إدارية بالمدرسة القرآنية لمسجد الأمير عبد القادر على أقسام المؤسسة التي تضم مدرسة تحضيرية وتمهيدية لفئة أربع وخمس سنوات، فضلا عن مدرسة القراءات، التي تقدم تعليما عبر ثلاث مراحل، بما في ذلك المرحلة الأولى، وهي المرحلة التمهيدية، وقد خصصت لختم «جزء تبارك من سورة الناس إلى سورة الملك»، مع تعلم أحكام التجويد، ليتحصل الطالب في النهاية على شهادة تثبت حفظه للجزء المسطر في البرنامج، وأخرى خاصة بشهادة متقن أحكام التجويد.
أما المرحلة الثانية، وهي مرحلة الإجازة، فتشمل حفظ سورة البقرة، فيما تخصص المرحلة الثالثة للناشئة وتشمل تلاميذ الطورين المتوسط والثانوي و تضم المدرسة 13 قسما لاحتضان الحفظة، ناهيك عن تخصيص مصلى النساء، والقاعة الكبرى للصلاة للتدريس والحفظ أحيانا، كما توجد أقسام خاصة بالنساء وأخرى للرجال.
عشرون سنة هو عمر المدرسة التي تستقطب حسب محدثتنا، عددا كبيرا من الراغبين في الحفظ سنويا حيث تشكل النساء الغالبية، ويعد الموسم الحالي استثنائيا من حيث الإقبال كما عبرت، وذلك بإحصاء 3 آلاف مسجل جديد في المرحلة الأولى وألفي طالب في مرحلة الإجازة 400 مسجل من بينهم ذكور وتشمل الدفعة طلبة جامعيين وموظفين في قطاعات مختلفة بمن فيهم أطباء وأساتذة ومحامون ومدراء ومتقاعدون من مختلف بلديات ولاية قسنطينة ومن ولايات مجاورة، مشيرة إلى أن أكثر فئة إقبالا هي فئة الطلبة الجامعيين من مختلف التخصصات سواء العلمية أو الأدبية، ومردفة بأن الإقبال القياسي على المدرسة، دفع لتخصيص فرع تابع لها بمسجد أبو موسى الأشعري، على مستوى حي زواغي سليمان يستقطب نحو 400 طالبة، يتابعن حصصا تعليمية ضمن أفواج من 20 فردا، بمعدل ساعتين في الأسبوع، ويمتحن الطلبة في نهاية كل سداسي في المواد التي تدرس وتشمل أحكام التجويد وتفسير القرآن وتلقين الحديث، فضلا عن دروس في العقيدة بإشراف 200 معلم.
تعليم مواز لتخصصات جامعية
لاحظنا خلال حديثنا للحفظة، أن الطالبات يشكلن غالبية المسجلين فعليا، واتضح من خلال حديثنا إلى بعضهم، أنهن طالبات بجامعة الأمير عبد القادر يدرسن العلوم الإسلامية بعمومها، وقالت طالبتان من ولاية أم البواقي، أنهما مسجلتان في قسم الشريعة وقد وجدتا في الالتحاق بالمدرسة ما يضمن لهما تعليما يتماشى وتخصصهما الجامعي ويثري مكاسبهما المعرفية، حيث تعتبر بشرى، فضاء المسجد وهندسته المتفردة حافزا يشجع على مضاعفة الزاد الديني، أما قاعة الصلاة ذات الهندسة الإسلامية فستحق فعلا أن يقضي الطالب ساعات داخلها يتأملها و يتشبع بجمالها إلى جانب الحفظ و التجويد.
ولا تستقطب المدرسة طلبة العلوم الإسلامية فقط، بل تعد قبلة لطلبة من تخصصات علمية مثل إكرام قطاف، سنة ثانية ليسانس تخصص رياضيات، أخبرتنا الشابة بأنها التحقت السنة الماضية بمدرسة القراءات و أتمت المرحلة الأولى بعد أن تمكنت من أحكام التجويد برواية ورش عن نافع عن طريق الأزرق، وهي اليوم تتابع تعليمها في المرحلة الثانية، وترى بأن حفظ القرآن زاد ديني يضمن سكينة للروح ويولد حافزا لتطوير الذات كما يسهل تعليمها.
تستمد مدرسة القراءات شهرتها حسب المعلمة ليلي خليفي، من رمزية مسجد الأمير، وقد جعلته قبلة لحفظة كتاب الله، حيث يفضل طلبتها كما قالت، التوجه لقاعة الصلاة للحفظ ويعتبرون المكان مهما ومشجعا على المواصلة، مرجعة سر الإقبال الكبير على المدرسة إلى قربها من الجامعة، مردفة بأنها تشرف على تدريس ربات بيوت من ولايات شرقية، لا يتوانين عن قطع مسافات طويلة لتلقي تعليمهن القرآني في المسجد الشهير.
و من بين المسجلات نادية بن زاوي، التي قالت لنا بأنها تقطن بولاية ميلة، و قد حرصت منذ سنتين على مزاولة تعليمها القرآني في المدرسة لجمالها ورمزيتها، ولذلك تواظب على حضور كل الحصص المقررة في البرنامج، وقد حفزها على ذلك تعلم زوجها بالمدرسة وحفظه للقرآن الكريم كاملا وتحكمه في أصول تفسيره.
منبع لاكتشاف حناجر التجويد الذهبية
لفتنا خلال تواجدنا في المكان، وصول معلمات من مدارس قرآنية بمساجد بلديات قسنطينة، وقد علمنا من بعضهن، أنهن يترددن عليها لأجل تطوير مكتسباتهن، وقالت لنا المعلمة آمنة بوزحزح، بأنها أصرت على الالتحاق بالمدرسة بعد الاطلاع على برنامجها، لتستفيد أكثر من دروس في علم التجويد وترجمة الأئمة «الإمام نافع، و الإمام ورش والأزرق، وأحكام الاستعادة والبسملة، أحكام النون الساكنة وغير ذلك»، حيث تمكنت من حفظ أربعة أحزاب من سورة الناس إلى سورة الملك بأحكام التلاوة وفهم وتدبر معاني الآيات، وهي حاليا في مرحلة الإجازة و توشك على إنهاء حفظ الزهروين.
وأوضحت الأستاذة فاطمة علال، وهي مشرفة على أفواج في المرحلة الأولى وأخرى في الإجازة، بأن البرنامج الشامل الذي تضعه المدرسة جعلها قبلة أولى لمن يزاولون تعليما دينيا نظاميا، حيث تقدم تعليما موازيا وداعما من خلال تدريس أصول رواية ورش إلى الإدغام، وشرح المفردات من سورة الملك إلى سورة الناس، أما بالنسبة لمرحلة الإجازة، فيتم حفظ البقرة ثم آل العمران، ليمتحن الطلبة في الزهروين، مشيرة، إلى أن من بين الملتحقات بصفوف التحفيظ ربات بيوت و مسنات تلقين تعليما في صفوف محو الأمية يصنعن التميز اليوم، وهو ما أكدته المعلمة حورية بولزرق، مشرفة على تأطير أربع أفواج ينحدر عدد كبير من طلبتها من ولايات جيجل وسكيكدة وسوق أهراس، قالت بأن نساء محو الأمية بمن فيهن من تجاوزن سن 75، ملتزمات جدا وبينهن من نجحن في حفظ عدة أحزاب بأحكام التجويد، على غرار الطالبة ظريفة بوثلجة، التي التحقت منذ 10 سنوات بالمدرسة، وبالرغم من كبر سنها ووضعها الصحي وبعد مقر سكناها، إلا أنها مواظبة على حضور الحصص وتطلب حصصا إضافية أيضا.
وتقول المتحدثة، إن المدرسة مكنت من اكتشاف حناجر ذهبية، تبدع عند ترتيل كلام الله، وتشد أذن المتلقي ليستمتع بعذب الكلام ويستشعر نفحات الشهر الفضيل ونسماته، فاكتساب مهارات التجويد كشف عن أصوات شجية، وهو ما نبه لتأسيس ناد طلابي لذات الغرض، يحمل بحسب فاطمة بوشيحة اسم «النادي الدعوي الطلابي» لمسجد الأمير عبد القادر، خصص لتبني واحتضان المواهب في فن الخطابة وترتيل القرآن الكريم، وفي الأناشيد الدينية، حيث يضم طلبة ماستر ودكتوراه في تخصصات مختلفة منها اللغة العربية و الأدب المقارن و الطب والانجليزية و الهندسة. أ ب