أطلقت وزارة الداخلية والجماعات المحلية و التهيئة العمرانية، أمس، بمعية قطاعات وزارية أخرى حملة وطنية لتحسيس المواطنين بالأثر الايجابي والدور الهام...
حدد بنك الجزائر، المبلغ الأقصى المسموح بإخراجه من العملة الأجنبية، من طرف المسافرين المقيمين وغير المقيمين، بما قيمته 7500 أورو، مرة واحدة في السنة...
وجهت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة صورية مولوجي تعليمات للمدراء الولائيين للقيام بخرجات ليلية عبر مختلف أنحاء الوطن، مع تجنيد الخلايا...
* نـظام المخـزن تحــالف مع القوى الاستعمــارية كشف عضو الحزب الوطني لجمهورية الريف، يوبا الغديوي، أمس السبت، أن تشكيلته السياسية ستتقدم قريبا إلى...
خسرت الجزائر منذ أيام قليلة واحدا من أبنائها الذين أسهموا في مجال الأدب، حيث ترك خلفه أربع روايات والعديد من القصص القصيرة والمقالات، فضلا عن كتب في مجال تخصصه الجامعي الذي قضى حياته فيه كأستاذ وكاتب هادئ بعيد عن الأضواء الساطعة، لكنه تمكن رغم ذلك من لم شتات ثقافتين متوازيتين عاش بينهما في أعماله واستوقفهما عند الكثير من نقاط التلاقي والتداخل بينهما في أعماله المختلفة.
ونشرت العديد من المجلات مقالات نقدية حول كتاباته الأدبية المختلفة، حيث ألف نور الدين سعدي خلال مساره عدة روايات من أشهرها رواية “ديولوفي « التي تحصل بفضلها على جائزة كاتب ياسين ورواية منزل النور، كما صدرت له آخر رواية خلال السنة الجارية موسومة بـ”شارع الهاوية”، ويتحدث فيها الكاتب عن التحقيق في جريمة تقع بين قسنطينة وفرنسا. ولد الكاتب نور الدين سعدي بمدينة قسنطينة سنة 1944 ونشأ في أحياءها القديمة، قبل أن ينتقل خلال فترة شبابه إلى الجزائر العاصمة من أجل إتمام دراسته، ليصبح بعد ذلك أستاذا للحقوق بالجامعة منذ السبعينيات. واضطر إلى مغادرة الجزائر سنة 1994 إلى فرنسا خلال العشرية السوداء ليعمل أستاذا للقانون بجامعة أرتوا.
وانخرط الكاتب في العمل النضالي منذ شبابه، ففي سنة 1965 التحق بحزب الطليعة الاشتراكية، وريث الحزب الشيوعي الجزائري، وكان نقابيا احتك دائما بالحياة الثقافية الجزائرية من خلال علاقاته الوطيدة بمختلف أصدقائه من الفنانين والأدباء. وساهمت مختلف العوامل المذكورة في صقل الكتابة لدى سعدي، كما رأى عدد من النقاد في المنزل الكبير وأزقة مدينة قسنطينة العريقة والغنية بعدة ثقافات مرت بها واللغات التي تكلمها سكانها على مر العصور تحضر كثيرا في أعماله الأدبية، التي اعتبرها قراء صهرا لما تحمله الذاكرة الفردية والجماعية لجزائر متسامحة وتقبل التنوع.
ومن الأمثلة عن الشهادات حول أدبه ما قاله مترجم روايته الثالثة “ليل الأصول” التي نشرها سنة 2005، حيث قال أحمد منور في مقال عنها إنها رواية مثقفة نظرا لما تحتويه من اختلاف في القيم الاجتماعية وازدواجية الشخوص والألوان الثقافية المختلفة التي صورها الكاتب، لأنها تغترف من ثقافتين كبيرتين ولغتين وفضائين متوازيين حينا ومتداخلين حينا آخر، فأحداثها تروي قصة عبلة الفارة من مجتمع قسنطينة البورجوازي إلى المجتمع الباريسي المتحرر من القيود لدرجة يشعر معها الانسان بحريته الشخصية إلى حد الإشباع والضياع. واعتبر المترجم بأن الكاتب استطاع أن يجعل من خلال روايته المذكورة الشرق والغرب يلتقيان رغم الفجوة الواسعة بينهما.
ويظهر جانب آخر من شخصية نور الدين سعدي في حواراته، حيث يعبر في حوار له على موقع “يوتيوب” نشر سنة 2011 على هامش مشاركته في الصالون الدولي للكتاب بالجزائر، عن إعجابه بشعبية الصالون مقارنة بما هو مسجل في فرنسا أو بلدان أخرى أين تقصده بعض الشخصيات المثقفة فقط، في حين يحظى الكاتب بفرصة تبادل الآراء مع أشخاص من مستويات ومشارب ثقافية مختلفة، كما كان آخر لقاء للكاتب مع قرائه من الجزائريين في الصالون الدولي الأخير للكتاب من أجل توقيع آخر أعماله الأدبية “شارع الهاوية”، أين التقى بهم وتبادل معهم الحديث بكل عفوية وتواضع بحسب ما نشره القراء حينها، وهو ما يتوافق مع وصف الكثير من أصدقائه بأن له شخصية شعبية.
وحفر سعدي في سير مجموعة من الفنانين أيضا، من خلال تأليف كتب حولهم، منها مؤلف حول الفنانة حورية عيشي ورشيد قريشي ودنيس مارتينيز، كما شارك شقيقة الفنان معطوب لوناس في كتابة مؤلف حول سيرته أيضا، فضلا عن مساهمته في تأليف كتاب جماعي حول عبد القادر علولة. وترك سعدي العديد من المؤلفات والمساهمات الأخرى في مجال تخصصه الجامعي، على غرار كتاب المرأة والقوانين في الجزائر ومساهمته في الكتاب الجماعي بعنوان الجزائر بعد أربعين سنة وغيرها من الكتب الأخرى.
وتركت وفاة الكاتب نور الدين سعدي بعد صراع طويل مع المرض وقعا بالغا في أوساط المثقفين ورفاقه وأصدقائه داخل الجزائر، لكن مجموعة من المثقفين من خارج الجزائر عبرت أيضا عن حزنها لفراق المرحوم على غرار الكاتبة والناشطة التونسية رجاء بن سلامة التي نشرت على جدار صفحتها الخاصة بموقع فيسبوك خبر الوفاة وشهادات من عرفوه خلال حياته.
سامي.ح