السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

سُوء الفَهمِ

تُعاني السينما في الجزائر من «سوء الفهم» تماماً كما تعاني من اختفاء القاعات، وتنسحبُ المعاناة الأولى على سائر الفنون، بعد اختفاء «النّقاد» وبروز «علماءِ الكلام» على شبكات التواصل الاجتماعي وفي بعضِ المنابر الإعلاميّة.
وباتت السينما مطالبةً بمحاكاةِ الواقع والتخلّي عن «حميميّاتها» لإرضاءِ الذائقةِ الجديدةِ لأجيالٍ حُرِمت من سِحر القاعات المُظلمة والشاشات الفضيّة، و لم تعرف روائع السينما إلا من خلال أفلام «منقّحة» تعرض في قنوات تلفزيونيّة.
و أصبح المُمثّل ملزماً بتقمّص شُخوصه في الواقع وليس في الأفلام، إذا دفعه حظُّ عاثرٌ إلى لعبِ أدوار شخصيّات تاريخيّة، لأنّ محاكم التفتيش التي سيقيمها نقّاد ما بعد النّقد، قد تصلُ إلى حدّ الحديث عن سلوكه في الحياةِ وقناعاته الدينيّةِ وشكلهِ وشجرةِ سُلالته.
«سوء الفهم» ذاته يدفع الفنّ السّابع إلى القيّام بأدوارٍ ليست أدواره، كالتأريخ مثلاً، استئناساً بأفلامٍ تناولت ثورة التّحرير في السنوات الأولى للاستقلال، أو الامتثال لرواياتٍ تاريخيّة صارمةٍ ترفض الخيال الذي هو عماد كلّ فنٍّ وتفرضُ تمجيدَ و أسطرةَ  الشّخوصِ والوقائعِ، ويُسقط  عن السينما صفتها كفنّ يلهو صانعه مع حواسِ المتلقي و يُشركه في إبداعه بالإيحاء، ويراوغه ويخادعه وقد يستفزّه ويُرعبه، وفقَ أعرافٍ درجَ عليها آلهة الشاشات و الجمهور منذ تعليبِ الضُّوءِ وتسخيره في لعبةِ خلقٍ جديدةٍ، مَزجت المسرح والتشكيل والتصوير و الموسيقى من أجل “الإمتاع”، أجل المُتعة هي الغاية الأولى والأخيرة للسّينما  وأشقّائها وشقيقاتها، أما “الحقائق” فلها مجالاتها وحقولها وكذلك شأن الوعظِ والإرشادِ، لأن «إصلاح» أعطاب الحياة يتمّ في الحياة السعيدة وليس في الأفلام وليس في الرّوايات، والنّقد بمفهومه العدوانيّ الشّائع في أيّامنا، يليق بالمفسدين في الحياة وليس بالممثّلين وكتّاب الكتب و أطفال الخيالِ الذين هربوا من الحياة نفسها إلى اللّغة أو الضوء.
و الحاصلُ أننا نفتقد إلى نقدٍ يقوم على قواعد سليمة في السينما كما في الأدبِ وسائرِ الفنونِ، وضع جعل بعض المشتغلين في الحقل الإعلاميّ بقنواته الكثيرة و جرانينه ينصبون “حواجز مزيّفة” للمبدعين بغرضِ تسفيههم أو تكفيرهم ثم تقديمهم طعاماً طيّباً للغوغاء، ويتحمّل المسؤولية “سوء الفهم” الذي أصاب الصّحافة أيضا، بل أنه بات يتمدّد في حياتنا كذلك الدّاء الذي ظهر في البليدة مؤخراً، مع فارقٍ غير هيّن، يتمثّل  في كون الدّاء الثاني يمكنُ تطويقه والقضاء عليه!

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com