الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 الموافق لـ 24 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

صناعة الحقد

سارت فرنسا وسار معها العالم احتجاجا على الهجوم المسلح على صحيفة «شارلي ايبدو»، والمسيرة هنا قد تكون إدانة جماعية لفعل قتل يستدعي الإدانة مهما كانت دوافع القاتل ومقاصده. وهاجت وسائل الإعلام  في تضامنها مع الصحيفة ولم تجد حرجا في ردّ  من قدّمتهم “الرواية الأمنيّة الفرنسيّة” كقتلة إلى أصلهم ودينهم، وتزامنت الواقعة مع نقاش حاد في الساحتين الإعلامية والثقافية الفرنسية حول الوجود الإسلامي في البلد  بعد نشر رواية “خنوع” لميشال والبيك وكتاب “الانتحار الفرنسي” لايريك زمور وما صاحب صدورهما من تهويل إعلامي وتخويف من وجود العرب والمسلمين في فرنسا وأثر ذلك على مستقبل الجمهورية كما تريدها النخب اليهودية المهيمنة في بلاد الحرية، مستقبل قد يحمل رئيسا اسمه عباس إلى قصر الاليزي، ولأن فرنسا ليست أمريكا التي يصبح فيها ابن راعي ماعز كيني رئيسا لأنه استحق ذلك، كان لا بدّ من قتل الحلم في أوله بإعادة المسلمين إلى جنوبهم مثلما يقترح  ايريك زمور القادم من الجنوب والذي تجيز له ديانته اليهودية ما لا تجيز لغيره.
وحتى وإن طبع الحذر والاعتدال التصريحات الرسمية، إلا أن التوجه العام بات واضحا  وصريحا يشير بأصبع السّوء إلى العرب والمسلمين.
وبالمختصر غير المفيد، لقد أصبح عرب ومسلمو فرنسا مشكلة، ولنترك الخطاب المجامل و الديماغوجي جانبا، لأن اللغة الرسمية المهذبة لا تنجح دائما في إخفاء ضيق الصدور. ولا نحتاج هنا إلى التأكيد على أن “الجزائريين” معنيون أكثر من غيرهم بالمشكلة.
والسؤال المطروح: ماذا تريد فرنسا ؟ ولماذا تهجو، الآن، أطفالا هي من استقدمت آباءهم  لخوض حربين والعمل في المصانع والمناجم وبناء الطرقات؟ أو دفعتهم إلى الهروب إليها  بعد أن حاربتهم في بلادهم  لأزيد من مئة وثلاثين سنة وهجرتهم من أراضيهم ؟
الاستعمار هو أصل المشكلة ومن العنف الاستعماري تنحدر جينات العنف الذي يميز الجزائريين في الجزائر وفي فرنسا وأخوتهم القادمين من المستعمرات السابقة واللاحقة. وتضاف إلى ذلك  محاولات الهيمنة على الدول الوطنية بعد الاستقلال واحتقار الجاليات ما أججّ الأحقاد الكامنة تحت رماد الوقت.
نعم، المشكلة فرنسية أولا و أخيرا وقد تعني، أيضا، القوى الاستعمارية التي تسعى في أيام الله هذه  إلى تبني نمط جديد من الاستعمار، سواء بالغزو المباشر أو بالإخضاع  كما هو حاصل مع دول تريد الإبقاء على استقلالها الشكلي.
ملاحظة
قد تنجح القوى الاستعمارية في بسط نفوذها مجددا  على فرائسها الدائمة، قد تنجح في نهب الثروات لإشباع جوعها  وجشعها، لكنها لن تهنأ أبدا بذلك، لأنها ببساطة تصنع بسلوكها ذلك «الإرهابي» الذي يضرب في مناطق موجعة في وقت غير معلوم.

سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
قطارُ الباطل

سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على...

  • 29 أفريل 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com