السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

الهوية كعَرَضٍ!

يطرحُ الإسراف في النّبش عن الجذور مشكلةً غير ظاهرةٍ تدفع إلى القيّام بهذا الفعل لتجنّب غيره، فلا يبحثُ الباحث عن نسبٍ يعتدّ به، مثلاً، إلا مداواة لجروحٍ نرجسيّة، هي نتيجة اضطهادٍ حقيقيّ أو متمثّل.
تعلّمُنا كراريسُ علم النّفس، أن البحث عن معالم خارج الذات هو نتيجة لفقدان المعالم الداخلية، حيث يستجيرُ "التائهُ" بالعائلة أو القبيلة أو المجموعة الدينيّة أو اللّغوية أو الجهوية لتجاوز "هشاشته" وأخطر ما يحدث له هو تقديس مجموعة- الملجأ ورفض ومعاداة المختلف، الذي يفرز أنواع التطرّف وازدراء الآخر المعروفة، والتي قد تُترجم بالانخراط في أعمال عنف.
  وينطبق الوضع على الجماعات التي تلجأ إلى "تقييم" ذاتي مبالغٌ في إيجابيته كجوابٍ على سوء تموقع على المسرح الجماعي، فتختلق خطابات التفوّق والنقاء، كما تختلق الأعداء الذين يحولون بينها وبين مجدٍ تستحقه، عوض أن تعمل على توفير أسباب هذا المجد.
ويمكن العثور على عيّنات هذا "النوع" في المجتمعات المتخبّطة التي تواجه صعوبات في الانتقال إلى مرحلة الدولة الحديثة، لعدم التوفيق في إبرام عقدها الاجتماعي الخاصّ واكتفائها بمحاولات تقمّص نماذج قائمة، كما هو الشأن في بلدان خارجة من الاستعمار في العالم العربي وافريقيا.
يشيرُ إشهار الهويّة والتفوّق إلى خللٍ  و معاناة، لدى الأفراد والجماعات، لذلك يحتاجُ الصّخبُ الذي يُثار في كلّ مناسبة "عندنا" إلى الفحصِ والدراسة، لنرى أنفسنا جيّدا في مرآة العلم والتفكير، لأن الأمر يتعلّق بعيّنات باتت الميديا الجديدة توفرها "مجاناً" للمشتغلين في حقول الاجتماع والسياسة وعلم النفس ... وغيرها، لنزع أسلحةٍ خطيرةٍ من أيدي الغوغاء والمشتغلين في الصّحافة!
ويشكّل "مرض الهوية"، في تداعيّاته المختلفة، إحدى الموضوعات التي تحتاجُ إلى دراسات، في مجتمع لا يكتفي بدفع مكوّناته إلى المختبر، بل يتمثّل وضعيات بعيدة، فينشغل بقضايا مجتمعاتٍ أخرى بطريقةٍ تثير دهشة هذه المجتمعات.
قد تكون هذه الوضعيّة نتيجة حيرةٍ على باب عصرٍ يشترط "مفاتيح الدخول" على كلّ وافدٍ، لذلك علينا العمل على اكتساب رموز الدخول إلى عصرنا السعيد، وليس الهروب إلى كهوفنا القديمة أو الصّعود إلى أشجار السُّلالة.

سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com