السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

«كيكي»!

يحملُ حقيبته الثقيلة  ويجوب البلدات ملبياً دعوة الدّعاةِ إذا دعوا. لا ثروة له سوى كلمات لازال يعتقد أنها "تصل"، وبعض كتبٍ يعرضها على قراءٍ لازال يؤمن بأنّهم موجودون.
قد يجيب على أسئلةٍ حمقاء بسماحة المسلّم بضرورة دفع ضريبة التواجدِ في المكانِ غير المناسب، ويفرح كطفلٍ إن صادف قارئاً عارفاً. قد يتغاضى إن سمع ما لا يحبّ.
يعبر عمره سريعاً، وفي آخر الطّريق يكتشف أنه في حاجةٍ إلى البرهان على موهبته لمفتشين بلا موهبة، وفي حاجةٍ إلى تلخيصِ مُنجزه وسيرته للذين أسقطوا القراءة من قائمة انشغالاتهم، ويكتشف في آخر العمر أنّه لا يستطيع تأمين ضروريات الحياة، لأنّه رفض طيلة الطّريق أن يكون لِصّاً  كالآخرين.
ها هو الآن على باب الجبّانة يعرض الكتب، كبائع خردةٍ يعرف أنّه لن يستطيع منافسة المنتوج الصيني، ومع ذلك ينتظر الباحثين عن "القيمة" مهما تأخّروا.
لا يستطيع في أيامه الأخيرة أن يعيش في رفاهيّة كاتبٍ شاب في الضّفة الأخرى، ومع ذلك تجد اليوم من يحاول وضع "الكاتب الجزائري"  أمام "تشالنج" لا يختلف عن "تشالنج كيكي" ! من خلال مطالبته بإبداء مواقف يوميّة في الحياة العامّة و الانخراط في طقوس "فقهاء شبكات التواصل الاجتماعي" المتفرّغين للشتم.
 وظيفةُ الكاتب هي الكتابة و ليس النّواح في المآتم والغناء في الأعراس، وعلينا الانتباه إلى أن البحث عن أدوارٍ للكاتب خارج مداره ، عمليّة عبثيّة تنطوي على مفهوم رسالي كلاسيكي، مثلما علينا الكفّ عن تحميل الكاتب فوق ما يحتمل ومحاسبته على نحوٍ بشعٍ، إذ لا يُعقل أن يُقابل اسم الكاتب أو صورته عند كلّ نشرٍ بتعليقاتٍ الشاتمين الذين يقدّمون أنفسهم  كآلات لكشفِ الكُفرِ والإيمانِ، ولا يتردّدون في إطلاق أحكام جائرةٍ على الشّخص  والنّص، في تجاوب مع ما تثيره ميديا الإثارة، التي زوّدت في السّنوات الأخيرة، زبائنها التكفيريين بأسماء كبار الكتّاب في البلاد.
وبعد
 لعلّ التخلّف (بما في ذلك التخلّف العقليّ) الذي شخّصه "الكاتب" في شبابه، هوّ العقبة التي يواجهها في نهاية الرّحلة، حين يجد نفسه جالساً لبيع كتبه في مجتمعٍ لا يكتفي بعدم القراءة، بل يضيف سوء التقدير إذا لم يتمكّن من التنكيل.

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com