السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

فطام

تجري معركةٌ خفيّة تخجلُ من تسميّة نفسها، هذه الأيام، على هامش ما يحدثُ في الجزائر، يمكن رؤية دخّانها على منصّات التواصل الاجتماعي وفي بعض وسائلِ الإعلامِ، حيث يدفع «زعماء رأي» نحو الراديكاليّة وقطع الطريق على «أيّ حلٍّ» و إثارة قضايا حسّاسة في قلبِ الحراكِ الشّعبي الذي اندلع طلباً للحريّة و الديمقراطيّة
و إسقاط نظامٍ فاسدٍ.
دخانٌ شمّ الجزائريون رائحته في مراحل مفصليّة من تاريخهم المعذّب، ومن تأثيراته الجانبيّة أنّه يشيع المخاوف والأحقاد ويعيد النّاس إلى أعراشهم الغابرة، وكأنّ الخطوات التي قطعوها في البناء الشّاق للدولة الوطنيّة كانت ضرباً من العبث.
 ومن أعراض هذه الحالة، رفض الديمقراطيّة من طرف «فقهاء» ديمقراطيّة  يخشون ما تأتي به الصناديق، لكنّهم لا يتردّدون في قبول الحكم إذا تسلّموه  كهبةٍ من الجيش.
لقد كان «زعيم الأقليّة السّاحقة» الذي «اخترعه» عبد العزيز غرمول عنوان مرحلةٍ تميّزت بالفساد، حيث ينجح البطل الوصوليّ في شراءِ جميعِ النّاسِ في صعوده الأسطوري إلى القمّة، و رسم الروائيّ مخطّط ميكانيكا المجد في فترةٍ تحوّل فيها الانتهازيّ الفاسد إلى زعيم مهاب الجانب ويحظى بالقبول الاجتماعيّ أيضاً.
و يبدو أنّ العنوان الخارق لهذه الرواية يصلح لمراحل قادمة من حياتنا، حيث تسعى «أقليات ساحقة» إلى فرضِ منطقها على الأغلبيّة، مستغلّة «طيبة» الشعب  الذي يسير طلباً لشيءٍ آخر، معتمدة «الابتزاز» كأسلوب أثبت نجاعته في معارك سابقةٍ بين العصبِ.
و واضح أنّ المعركة المضمرة التي تجري داخل ملحمة الحريّة التي يخطّها الجزائريون لتغيير أحوالهم، ستكون حاسمةً بغضّ النّظر عن تكاليفها، وعن التضليلِ الذي يخفي تفاصيلها وحقائقها، ولا يتعلّق الأمر هنا باستعراضٍ لنظريّة مؤامرةٍ، بل بتطبيقاتها في واقعٍ جزائري ترفض فيه بعض «النّخب» الانفصال عن القوة الاستعماريّة السّابقة، مثلما ترفض هذه القوّة ترك الجزائريين وشأنهم، وإذا كان «المجنّدون» في المعركة يعرفون ما يفعلون، فإن ما يثير الأسف هو مشاركة البعض دون أجرٍ معلومٍ أو عن حسن نيّة.  
من المفيدِ للجزائريين وهم يتخلّصون من «النظام الفاسد» أن يخرجوا من شرنقة هذه القوّة ويفتحوا أبوابهم على ريّاح العالم، لأنّ «الحريّة المشروطة» لم تعد كافيّة للعيش في هذا العصر السعيد، ولأنّ المبتزّ لن يتوقّف عن فعلته حتى يتلقى حجرة من المانحِ.
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com