السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

يــريــد

يعتقد أن باستطاعته القيّام بما لا يخطر على بالٍ وأنّ بإمكانه أن يصير «ما يريد»، لا حدود لطموحه في طلب أيّ شيءٍ حتى وإن كانت تعوزه الأداة، لأنّ المشكلة إن وجدت فهي  في الأداة وليس فيه.
 لذلك لا يتردّد في طلب مناصب يقول إنه سيبلي فيها البلاء العظيم حتى وإن خذلته قدراته، و يسعى إلى ثراءٍ لا تبرّره موارده ولا نشاطاته، فقط لأنّه «يريد».   
يشربُ من خياله حتى يمتزج في سكرته الواقع بالمتخيّل ويحدث الالتباس بين ما حدث فعلاً وما تمناه. هكذا ربّت الثوراتُ «الجزائريَّ»، الثورات الصّحيحة منها والكاذبة، الثورات التي وقعت فعلاً والتي جرت في الخيالِ الصّادق لأبطالها اللئيم لمدبّريها، وفق عرفٍ جرت عليه الثورات يقتضي جعل الفاعلِ ضميراً مستتراً يقع  تقديره على جماعة.
لذلك يشهر هويّته الغاضبة في أيّ مكانٍ في العالم، كلّما واجه صرامة قانونٍ أو سجّل محرز!
ولذلك يختلفُ عن جيرانه الذين عجنتهم المدنيّة في رحاها وجعلتهم يُقبلون على الحياة بحذر من يعرفُ، من البدايةِ، أنّ النّصيبَ قليلٌ.
يعمد المعالجون النفسانيون في جلسات العلاج إلى تجريد المرضى من أسلحةِ الخيال، لتحريرهم من مصادر أمراضٍ نفسيّة أو بسيكوسوماتية، وتحتاج جماعات وشعوب إلى ذات الأسلوب، خصوصاً الشعوب التي يرتفع منسوب خيالها نتيجة معايشتها الطويلة للمتولجيات.
وإذا ما راجعنا الدفاتر القديمة للسيد «جاك لاكان» فإن «المتخيّل» يضع الإنسيّ قريبا من شقيقه الحيوان، لذلك وجب موازنته، وفق مثلّث عالم النفس الفرنسي الأبرز.
ولتجريد الجزائريين من سطوة «المتخيّل» لا بدّ من علاجٍ سياسيّ ونفسيّ في آن، يتم بموجبه الفصل بين الواقع والوهم، بإعادة تعريف العمل، مثلاً، بالقول إنه الجهد الذي لا يمكنك أن تأكل دون القيّام به، وأنّ «القفز» الذي كان يقوم به جدُّنا في الغابة غير مناسبٍ للحياة المعاصرة، وأنّ الدولة ضابطة ومنظّمة للحياة العامة، وليست عجينة تشكّل كلّ مرّة، وليست كلمات تجري على لسان مسؤولٍ سابق لم تسعفه الستون سنة الأولى من حياته المديدة في جني ما تمنى أو عسكريّ متقاعد أو تاجرٍ غشّاش أو أستاذٍ مبتزّ أو صحفيّ اختلطت عليه الوظائف.
يحتاج «الجزائريّ» ببساطة إلى تخليصه من خياله و مصالحته مع الواقع.
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com