السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

العينُ ضدّ اللّغة

عبرت الكتبُ العظيمة اللّغات والعصور ووصلت إلى القرّاء في كلّ مكان، دون حاجةٍ إلى فعلِ الترويج الذي رسّخته ثقافة السّوق في حياتنا.
قبل ظهور التلفزيون وشبكات التواصل الاجتماعيّ، كان الكاتبُ الكلاسيكيّ يكتفي بالكتابة  و كان الناشر يبحثُ عن الكاتبِ الحقيقيّ في أكوامِ المخطوطات.
بعد ذلك، تغيّرت الأوضاع، أصبح الكاتبُ لا يكتفي بالكتابة، بل يحدّث النّاس، ثم صار يقومُ بأفعالٍ أخرى، سيغضبُ كثير من الكتّاب «المعاصرين» إن وصفناها !
صحيح أنّ الحياة تغيّرت بعد الانفجار التكنولوجي، وبعد انتشار ديانة السّوق التي حوّلت الإنسان نفسه إلى سلعةٍ،  وبات المجد يصيبُ الكاتب في حياته.
 لكن ثمّة بعض المشاهد الغريبة في حياتنا الثقافيّة تدفع إلى التساؤل، خصوصاً حين يتعلّق الأمر بحالات تماهٍ مع مجتمعات أخرى، مجتمعات معرفة «تتعاطى» الكتاب منذ قرون بل ووضعته في قلب صناعة حقيقيّة يدخل الإشهار في سلسلتها، كأن يتحوّل الكاتب نفسه إلى «مروّج» يتقمصّ نجوم الكرة والغناء ويشرع في مخاطبة الجماهير ونشر صوّره في وضعيات مختلفة مع الكتاب، في خطابٍ جديدٍ موجّه للعيْنِ الغبيّةِ المتجاوبة مع الإبهار ودسائسه، العين  التي يسرف في مخاطبتها تجّار عصرنا.
من الأحسن للكاتب، من باب الكرامة، أن يكتفي بالنصّ كرسالة للقرّاء المتخيّلين والموجودين فعلاً وأن يحجم عن تعويضِ الحلقات المفقودة في طريق الكتاب نحو المتلقي والتي يفترض  أن يتولاها الناشرون وشبكات التوزيع ووسائل الإعلام.
هناك قواعد وأخلاقيات نفتقد إليها، في الكتابة والنشر والتوزيع، يلعب بموجبها كلّ دوره وينال نصيبه من الفوائد والتّعب، وقبل ذلك يجب تعريف أطراف الفعل بدقّة، أي أن يكون الكاتب كاتباً والنّاشر ناشراً..
و الحدّ الذي «لا يجوز» النزول دونه في تعريفهما هو إتقان فعلين أساسيين في نشاطهما: الكتابة والقراءة، حين يتعلّق الأمر بالأدب. وقد اهتدى ناشرون في الغرب إلى الاستعانة بكتّاب محترفين لترميم نصوصٍ أدبيّة أو إعادة صياغتها وفق سياسات النشر، أو كتابة شهادات وقصص مشاهير مباشرة، رغم ما تثيره الحالة الأولى من جدل.
في حالتنا الجزائرية، تسبّبت سنوات الريع في فوضى أضرّت بالكتاب والكاتب وبالنّاشر الحقيقي، ومن نتائج ذلك، عدم توزيع الكتب في الواقع والتلويح بأغلفتها في أثير الله الأزرق.  
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com