السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

حيـــاء

الذين ماتوا في الحربِ الأهليّة التي عرفتها الجزائر، كانوا جادين في موتهم، أي أنّهم لم ينهضوا بعد انتهاء المذبحة ليتقاضوا أجر الدّورِ. و لم تنبت لهم «فيلات» في أعالي العاصمة ولا في ضواحيها، ومنهم الذين لم يتركوا القبور التي تدلّ الملتاعين عليهم. لم يصبحوا أرباب عملٍ  ولا خُطباء يلقون الدروس على القادمين بعد انتهاء «الحفلة». لا بيوت لهم في «أليكانت» ولا شقق في اسطنبول ولا عشيقات صغيرات يغالطن شيخوختهم.
الذين ماتوا عبثاً، ماتوا حقاً، لم يستفيدوا من حقّ اللجوء إلى مكانٍ آخر ولا من حقّ الاختباء في «المحميّات». وفوق كلّ ذلك فإنّهم يتمتّعون بصفةٍ جزائريةٍ  كانت منتشرةً قبل ظهور شبكات التواصل الاجتماعي والهواتفِ الذكيّة، تسمى: الخجل أو الحياء.  من خصائصها، عدم الإشارة إلى الذات عند الحديث عن بطولةٍ.
الذين ماتوا في الحربِ العبثيّة، ماتوا لأنّ هناك من كان يعبث، والعابثون لا يخجلون عادةً، ومنهم من يؤكد القاعدة الآن من باب استغلال انعطافة التاريخ، ككلّ مرة. و منهم من يصعد إلى المنبر ليقدّم الدروس، دون أن يقول له أحدٌ: ضع شيئاً مناسباً في مصدرِ رأيك يا شريك الموت!
من غير المعقولِ أن تتطاول على حاملي العلوم والمعارف، لأنّ الثـراء أصابك في زمن الحربِ ونجوتَ لأنّك لم تكن على حقّ، و ليس من حقّك إن أصابك ما أصابك أن تسفّه «بروفيسورا» في الجامعة  وحجّتك التي لا تبوح بها أنّك ترى نفسك صانع رأي رغم أنّك «لم تتعلّم»! لذلك تطوّعت بإلقاء دروس حول ما يجب أن تكون عليه الصّحافة والسياسة والاقتصاد وحسمت في مشروع المجتمع.
وبعد
هل يجوز للذين كانوا يتباهون بالمسدسات، من أهل الصّحافة والثقافة وكوادر السيّاسة ، الذين كانوا يرعبون النّاس ويتظاهرون بأنّهم يقومون بأدوار خطيرةٍ في دهاليزِ الجمهورية، هل يجوز لهم اليوم تبشير النّاس الذين لم يموتوا أو الذين ولدوا بعد الموت، بجمهورية أخرى؟
هذا السؤال لا ينشد إجابة بقدر ما يتطلّع إلى بعث تلك الصّفة التي عُرفت قبل ظهور شبكات التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية وقبل بروز الأصابع التي تشير إلى أصحابِها.
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com