الخميس 19 سبتمبر 2024 الموافق لـ 15 ربيع الأول 1446
Accueil Top Pub

حيـــاء

الذين ماتوا في الحربِ الأهليّة التي عرفتها الجزائر، كانوا جادين في موتهم، أي أنّهم لم ينهضوا بعد انتهاء المذبحة ليتقاضوا أجر الدّورِ. و لم تنبت لهم «فيلات» في أعالي العاصمة ولا في ضواحيها، ومنهم الذين لم يتركوا القبور التي تدلّ الملتاعين عليهم. لم يصبحوا أرباب عملٍ  ولا خُطباء يلقون الدروس على القادمين بعد انتهاء «الحفلة». لا بيوت لهم في «أليكانت» ولا شقق في اسطنبول ولا عشيقات صغيرات يغالطن شيخوختهم.
الذين ماتوا عبثاً، ماتوا حقاً، لم يستفيدوا من حقّ اللجوء إلى مكانٍ آخر ولا من حقّ الاختباء في «المحميّات». وفوق كلّ ذلك فإنّهم يتمتّعون بصفةٍ جزائريةٍ  كانت منتشرةً قبل ظهور شبكات التواصل الاجتماعي والهواتفِ الذكيّة، تسمى: الخجل أو الحياء.  من خصائصها، عدم الإشارة إلى الذات عند الحديث عن بطولةٍ.
الذين ماتوا في الحربِ العبثيّة، ماتوا لأنّ هناك من كان يعبث، والعابثون لا يخجلون عادةً، ومنهم من يؤكد القاعدة الآن من باب استغلال انعطافة التاريخ، ككلّ مرة. و منهم من يصعد إلى المنبر ليقدّم الدروس، دون أن يقول له أحدٌ: ضع شيئاً مناسباً في مصدرِ رأيك يا شريك الموت!
من غير المعقولِ أن تتطاول على حاملي العلوم والمعارف، لأنّ الثـراء أصابك في زمن الحربِ ونجوتَ لأنّك لم تكن على حقّ، و ليس من حقّك إن أصابك ما أصابك أن تسفّه «بروفيسورا» في الجامعة  وحجّتك التي لا تبوح بها أنّك ترى نفسك صانع رأي رغم أنّك «لم تتعلّم»! لذلك تطوّعت بإلقاء دروس حول ما يجب أن تكون عليه الصّحافة والسياسة والاقتصاد وحسمت في مشروع المجتمع.
وبعد
هل يجوز للذين كانوا يتباهون بالمسدسات، من أهل الصّحافة والثقافة وكوادر السيّاسة ، الذين كانوا يرعبون النّاس ويتظاهرون بأنّهم يقومون بأدوار خطيرةٍ في دهاليزِ الجمهورية، هل يجوز لهم اليوم تبشير النّاس الذين لم يموتوا أو الذين ولدوا بعد الموت، بجمهورية أخرى؟
هذا السؤال لا ينشد إجابة بقدر ما يتطلّع إلى بعث تلك الصّفة التي عُرفت قبل ظهور شبكات التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية وقبل بروز الأصابع التي تشير إلى أصحابِها.
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
قطارُ الباطل

سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على...

  • 29 أفريل 2024
صعلكة

  أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي...

  • 23 أفريل 2024
ضرورة التفكير في المجتمع

  سليم بوفنداسة انتفض المجتمع المدني في ولاية خنشلة ضدّ "الراقي الزائر"، الذي أثار الجدل على مواقع التواصل، ودعا...

  • 16 أفريل 2024
المخفيّ

حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان...

  • 26 فبراير 2024
اختراق

شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة...

  • 19 فبراير 2024
خِفّـــة

يبحثُ المتحدّثُ عن العبارة التي ستبقى  في أثير الله الأزرق بعد أن يفنى الكلام، عبارةٌ واحدةٌ تكفي كي...

  • 12 فبراير 2024
وصفُ السّعادة!

تجري الحياة في فضاءات أخرى وليس على المُستطيل الأخضر، رغم المُتعة التي توفرها كرة القدم، باعتبارها مسرح فرجةٍ في...

  • 05 فبراير 2024
القيمة والشّعار

يخترقُ المنتوج الثقافيّ الحدود واللّغات، بجودته أولًا وأخيرًا، وقد يفوق تأثيره التوقّعات، لذلك...

  • 01 جانفي 2024
كبارُ "الباعة"!

سخر كمال داود من الصّفة التي يطلقها العرب والمسلمون على ضحايا العدوان الهمجي على غزّة، ووجد الوقت...

  • 18 ديسمبر 2023
مقبرةُ جماعيّة للإنسانيّة

في هذه الأرض المزدحمة، حيث يتعايش الأحياءُ والموتى، تُحفر القبور على عجلٍ في الأسواق السّابقة...

  • 11 ديسمبر 2023
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com