يختلف الوباء الذي يضرب الأرض الآن عن أشقائه وشقيقاته، ليس في سرعة اكتشافه فحسب ولكن لأنّه جاء في عصر انفجار الاتصالات فتحوّل إلى «عرض» على المسرح الكوني، عرض قد يصبح المتفرّج فيه ممثّلا رئيسيا.
وبقدر ما هو امتحان للبشريّة
و دعوة لها لمراجعة رصيدها من اليقين والغرور فإنه مناسبة للإصغاء إلى صوت الحقّ الذي يصدر عن العلماء وحماة الأرض الذين كثيراً ما كانوا عرضةً لسخريّة وازدراء صنّاع القرار وتجّار الدمار.
ولا شكّ أنّ الفرصة مواتيّة عندنا ليسكت بعض النّاس من أولئك الذين أوتوا الكثير من الكلام ويعتقدون أنهم قادرون على تغيير العالم باللّغة، كشأن «كتّاب» يقدمون «الحريّة» على الحياة في دعواتهم للجماهير إلى التظاهر تحديا للفيروس والنظام معاً، في مواقف رومنسيّة تنال من صورة المثقّف المهزوزة أصلاً في هذا البلد.
فالوقت غير مناسب لإعلان البطولة والحراك لن يغسل عظام الملوثين ولو ساروا إلى نهاية أعمارهم المديدة، و صورتك هي ما أنت عليه حقاً في عبورك السّريع على الأرض وليس ما تقوله بعد أن يفرغ بالك من همّ المعيشة، وما تكتبه لا يساوي شيئاً أمام اجتهادات الذين صانوا حياتك وأطالوها وحموك من الطاعون والجذام والسلّ ...فأسكت قليلا وأنصت إليهم !
نعرف أنّ الجزائر تعاني من مرضٍ في الشرعيّة أنتج مشكلة في الثقة، وهذا المرض قديم وعلاجه لا يحتاج إلى وصف لأنه يتمثّل في الديمقراطية، بكلّ بساطة.
لكنّ الديمقراطيّة لا تعني أبداً أنّ البلاد بلادك وتفعل فيها ما تشاء، وتعريض الناس للخطر ليس وجهة نظر كما يحاول أن يلقّننا بعض فقهاء الفايسبوك.
وحين تكون «مثقفاً» وقد تكون مثالاً للآخرين يفترض أن تكون قادراً على ترتيب الأولويات، خصوصاً في لحظات التأزّم التي قد تفتقد فيها الجماهير إلى العقل وتستعيد طبائعها البدائيّة وربما كنتَ مفيداً وأنت تلقي بالرأي الراجح متخفّفا من أناك ومن صوّرك التي لا تتوقف عن نشرها (بالمناسبة لماذا تنشر صوّرك في هذا الوقت الحرج ؟) ومتخلصاً من إيديولوجيتك المتطرّفة التي تنافس بها الوباء سيء الذكر نفسه.
ملاحظة
قد يكون خطاب المثقّف إضاءة في زمن الكارثة وقد يكون خطابه كارثة!
سليم بوفنداسة