السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

حديث ضعيف

لا يعرف الناس ماذا حدث بالضبط، لكنهم يقدّمون رواية عن ذلك وقد يقترحون الحلول. روايات كثيرة قد تُروى عن حادثة واحدة ويقول لك كل راو أن الحقيقة كل الحقيقة هي ما صدر عنه.
نحن هنا في «حالة جزائرية» وفي الجزائر فقط يصعب عليك أن تجد شخصا  يقول لك “لا أعرف”  أو “ لا أدري”.
حتى المشاهدين والمستمعين الأعزاء يتظاهرون بأنهم يعرفون كل شيء وهم يجيبون عن أسئلة لا يعرفون أجوبتها في المسابقات الإذاعية والتلفزيونية، فيصطنعون التفكير العميق كأنهم يعرفون الجواب  وحجبه عنهم النسيان الماكر.
يعرف العارفون ماذا حدث بالضبط في غرداية  وماذا يحدث في “كواليس النظام” وحتى في دهاليز الديبلوماسية الدولية. ويعرفون من يقف وراء من  ومن يعادي من  و من يتآمر مع من ومن يخدع من ومن يلعب مع من. يعرفون ما يقال خلف الأسوار وما خفي من أسرار، هكذا دون أي جهد أو توثيق أو بيّنة.
لا تؤخذ روايات الناس العاديين على محمل الجد، لكن حين تنتقل إلى وسائل الإعلام تصبح مشكلة. لا يكلف الصحفيّ نفسه عناء الانتقال إلى غرداية – مثلا-  لنقل الأخبار أو إجراء روبورتاج ومحاورة الناس، لكنه لا يتردّد في تقديم تحليل “عميق” من مكتبه غير الوثير في العاصمة، يبدو من خلاله وكأنه هو كاتب سيناريو ما حدث. لا يكلف الصحفي نفسه مشاق التحري في القضايا المطروحة، بل لا يطرح حتى أسئلة على معنيين بأمر يريد الاشتغال عليه ومع ذلك  يدلي بفتواه، وانتقلت العدوى إلى “محللين” جامعيين يفترض أنهم  مشبعون بالروح العلمية التي تجبرهم  على فحص الحقائق الميدانية والوقائع قبل الحديث عنها، خصوصا حين يتعلّق الأمر بأحداث معقدة تتداخل فيها معطيات اجتماعية ودينية وسياسية وتُحجب فيها معلومات أساسية.
لذلك تغيب “المعلومات» عن أغلب الأحداث التي تعرفها الجزائر وتكثر «الروايات».
هذا الوضع تمتدّ جذوره إلى ثورة التحرير، حين كان “رجال النظام” يعتمدون السرية كعقيدة في نشاطهم وفيهم من عاش عمرا مديدا ورفض الحديث عن بعض الحقائق التاريخية. ولا زالت “ثقافة السرية”  عرفا ساريا داخل نظام الحكم، حيث تستأثر قلّة بمعرفة المعلومات والحقائق وتترك الروايات و الأحاديث الضعيفة للصحافة والساسة والمحللين وعموم الشعب العظيم.
ملاحظة
وحدها الديمقراطية تجبر الساسة على قول الحقائق  وتحرم  الصحافيين من اختلاقها.

 

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com