يستهدفُ مئاتُ «اليوتبرز» العاطفة الجزائريّة طلباً للمشاهدات، فأصبح رياض محرز يدرُّ الملايين على الأشقاء في مشارق الأرض ومغاربها، إذ يكفي أن يجلس أحدهم في بيته ويمتدح «ابن الصّحراء» حتى تتساقط على مائدته مئات الآلاف من إعجابات الشّعب الفخور.
وحين يركن رياض وصحبه إلى الرّاحة يلجأ لصوصُ العاطفة إلى امتداح الجزائريين وطباعهم وتاريخهم وطبيعتهم، لتحصيل نفس النتيجة.
والغريب أنّ هؤلاء « اليوتبرز» من دوّل يفوق عدد سكّانها أو يعادل عدد سكّان الجزائر، لكنهم يفضّلون الاستثمار في أرضنا العذراء نتيجة التصحّر الإعلامي في بلد لم يعد يملك معلّقاً واحداً يُحسن التعليق بالعربيّة (أو الدارجة) على مقابلة كرة!
لقد خبر جيرانُنا سذاجتنا في الواقع، حين كنّا نقايضهم المواد الغذائيّة المدعّمة بالتّبغ المغشوش والحشيش، فلا بأس أن يجرّبوها في الافتراض ويجنون الثّمرات من كلمات تشبعُ حاجتنا البائسة إلى التقدير.
لكنّ الخطير في الحالة أنّ المتلقي الجزائري «الطّيب» أصبح مستهدفاً من الذّباب الالكتروني ومصالح استخبارات دوّل تُسمّى بحكم الانتماء المغشوش بالشّقيقة، أي أنّ أمننا بات مهدّداً، خصوصاً حين تجد كتاباً ومشتغلين في الإعلام بين مبتلعي الطّعم.
والذّنب بكل تأكيد ليس ذنب دوّل اختارت أسلوبها في التموقع في السّاحة الدوليّة وارتضت أن تدفع للقوى التي تحميها ما يُذكر فيُنكر وما يُخجل ذكره، ولكنّه ذنب من تخلّف ولم يحسن استغلال فرص التقدّم التي توفرت له.
والآن فإن المراجعات العميقة أصبحت ضرورة ، مراجعات بلا جراح كما تأمل قوى استعمارية وكما يتمنى «أشقّاء»، لا تقف عند الإصلاح الداخلي ولكن تشمل التعامل مع الخارج.
فالأخذ بأسباب القوة بالرّهان على تكريس قواعد الديمقراطيّة والاستحقاق، سيمكنّ من إبراز النّخب الحقيقيّة في مختلف المجالات، النّخب التي أصبحت «تشتغل» لحساب قوى لا تكتم عداءها للجزائر، سواء بطريقة واعيّة تحرّكها النقمة وأخواتها أو بطريقة غير واعيّة تحت عنوان الحاجة والسذاجة.
ومثلما يوفّر إصلاح الاقتصاد أسباب العيش الكريم و الرّفاه لأبناء البلد «المتألّقين» في مجالاتهم وغير المتألقين ويقيهم من الاستجابة للإغراءات و الاستمالات فإنّ إصلاح نظام التعليم سيمكّن من بناء إنسان عارف غير قابل للاستغباء تماماً كما يتيح بناء منظومة إعلاميّة قوية غير مزيّفة فرصة للتصالح مع الذات وعدم تسوّل صورة من الخارج، فلا تقع الجماهير في فخاخ «اليوتبرز» ولا يوقّع الدكتور الجزائريّ الذي لا يشقّ له غبار على بيان لا يعرف من حرّره!
سليم بوفنداسة