السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

مردودٌ

يجني كاتبٌ مثل "ميشيل والبيك" مليوني أورو من عائدات روايةٍ واحدة فقط، ويُحصّل النّاشرُ و المكتبيّون 10 ملايين بالتّمام والكمال، دون احتساب غلّة التّرجمة، وفق تحقيقٍ بثّته القناة الفرنسيّة الثانيّة نهاية الأسبوع الماضي.
بمعنى أنّ رواية واحدة قد تكون كافيّة ليفرغ بال كاتبها من همّ المعيشة، وينصرف إلى شؤون أخرى، أما الأرقام فتشير ببساطةٍ إلى عنوانٍ اقتصاديّ للأدب في بلدانٍ نميلُ، عادةً، إلى عقدِ مقارنات لا تستقيم معها.
يُعدّ الأدب، في مجتمعات المعرفة، نشاطاً اقتصاديا، يمكن الوقوف على عائداته بحسابٍ بسيطٍ لأرقام السّحب والأسعار المُعلنة عند كلّ طبعة. ولا يحتاج الكتّابُ لتحقيق الانتشار إلى إطلاق نداءات على مواقع التواصل أو نشر صوّرهم في وضعيّات لا يُحسدون عليها، أو الشكوى في وسائل الإعلام، فالكاتب المذكور أعلاه، مثلاً، يرفضُ أصلاً المقابلات الصحفيّة.
ولا تستدعي مقاربة مسألة المقروئيّة جلد الذات، بل فحص الحالة التي نتقاسمها مع شعوبٍ وأممٍ أخرى، جراء أحداثٍ تاريخيّة أثرت في اهتمامات المجتمع، في مقدمتها الاستعمار كمتسبّب رئيسي ، عكس ما يُشيعه ممجّدوه هناك وأتباعهم هنا.
ويفترض أن يقرأ الكُتّاب، قبل غيرهم، هذه الوضعيّة قراءةً صحيحة، تعفيهم من الألم و من السكيزوفرينيا ومن الخطابات التّعيسة التي تُرافق الكتابة، والناتجة ربّما عن توهّم أدوار اجتماعيّة، لا يجود بها الواقع في الحالة الجزائريّة.  
و لا يمكن إجبار النّاس على القراءة وشراء الكتب، ولا يُمكن دفعهم إلى الاهتمام بالكتّاب والتصرّف معهم كنجوم الكرة و الغناء، مثلما يحلو لكثيرٍ منهم التّصريح والتّلميح، لأنّ كيمياء النجوميّة عندنا تستثني من خلطتها النشاطات المرتبطة بأفعال لا تهمّ النّاس كالكتابة، وحتى الشّهرة التي تصيب كتاباً، تعود عادة إلى مواقفهم السيّاسيّة والتصريحات، جالبةُ السُّخط، التي يطلقونها وليس إلى انتشار أدبهم بين النّاس.
هذه المعاينة لا تدعو إلى التّخلي عن الأدب أو عدم الاكتراث بممارسيه، ولكنّها تشير إلى عدم تجاوب المجتمع مع الآداب والفنون لأسبابٍ يطول شرحها، وإلى عدم تحقيق مردود اقتصادي لهذا "النّشاط" ويكفي أن تطلّع على أرقام نشر الكتب (والظاهرة لا تخصّنا وحدنا) لتقدّر حجم التّعاسة التي يكون عليها كاتبٌ يتحدّث بحماسةٍ، في زماننا، عن سيرته ومسيرته وأثره!
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com