السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

كبْحٌ

تُثير المسائل التاريخيّة صُداعاً مزمناً في الجزائر، بسبب معالجات إعلاميّة غير مهنيّة أو استغلال سياسويّ يقدّم قراءات انتقائيّة أو يتناول وقائع بعيدة بمعطيات راهنةٍ أو يتبنى رواية غير دقيقة لبعض الأحداث.
و هكذا تتحوّل "مادة تاريخيّة" إلى موضوع ساعة بين جماهير مواقع التواصل الاجتماعيّ، إذ يكفي أن يُلقي أحدهم بحجرٍ في البحيرة حتى يشتعل الجدلُ الذي قد ينتهي بتبادل التّهم وبخطابات كراهيّة بين مختلف مكوّنات المجتمع.
 ويعود السّبب الأوّل في ذلك إلى عدمِ احترامِ الاختصاص، سواء في مسائل علميّة خطيرة على صلة بالصّحة العموميّة أو ظواهر طبيعيّة أو في قضايا وأحداث تاريخيّة، فتجد من يُنكر وباء وفق براهين غير علميّة، و من يبشّر في وسائل إعلام بزلازل مدمّرة، وأصبحنا نرى كيف بات أيّ كان يقتحم تخصّصات معقّدة وينزلُ فيها دلوه من دون توجّس.
وتبدو الحاجة ملحّة، اليوم، لضبط أداء وسائل الإعلام حتى تؤدي مهامها وفق القواعد المعمول بها عالمياً، خصوصاً حين يتعلّق الأمر بمهنة حسّاسة كالصّحافة، التي من المفيد أن نكرّر بأنّها استبيحت لسنوات طويلة وأصبحت مُمارستها متاحة لأيّ مواطن ضاقت به السّبل، ولا يحتاج في ذلك، في حالات مؤكّدة، إلى مستوى تعليميّ أو ثقافيّ وحتى مهارة.
و كذلك الشّأن بالنّسبة لإنشاء وسائل الإعلام، وهذه ليست دعوة للتضييق على الحريات بل إشارة إلى المخاطر التي قد تتسبّب فيها ممارسةٌ غير مهنيّة للإعلام والأضرار التي قد تسبّبها للأشخاص
و للمجموعة الوطنيّة.
إذْ لا يُعقل أن تُناقش وسيلةُ إعلامٍ بحجم تلفزيون قضايا اجتماعيّة مع طبيبِ أسنان، أو تُسند تنشيط حصصٍ إلى "يوتبر" لا علاقة له بالمهنة، أو تُكلّف داعيّةً بإجراء تحقيقات يعرض فيها أطفالا فقراء على الجمهور طلباً لإعانة، دون تقدير الضّررِ الذي يُلحقه بضحاياه عن حسن نيّة، مثلما لا يعقل أن يُناقش صحافيون لمجرّد أنّهم يحملون الصّفة مسائل استراتيجيّة أو سياسيّة  بأساليب المقاهي، دون تكليف أنفسهم عناء الاطلاع  أو الاستعانة بأهل الاختصاص.
وبالطّبع فإنّ معالجة القضايا التاريخيّة في وسائل الإعلام تحتاجُ إلى معارف وقواعد وإلى متدخلين مختلفين من ذوي الاختصاص، بل و إلى أبحاثٍ قد تستغرقُ سنوات و لوجيستيك لإعادة بناء الوقائع، وليس إلى كاميرا وصحفيّ يُؤمّن على ما يقوله  متحدّثٌ، خصوصاً في مجتمعات هشّة، أو مجتمعات ما قبل المعرفة التي تأخذ ما يُثار في وسائلِ الإعلام على  محملِ الجدّ !
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com